السيد نصرالله: ترسيم الحدود تحدده الدولة ولا صلة له بملف التطبيع
موقع أنصار الله – لبنان – 25 ربيع الأول 1442 هجرية
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن المقاومة في لبنان تلتزم بما تحدده الدولة في موضوع ترسيم الحدود ولا صلة لذلك بملف التطبيع.
وقال السيد نصر الله مساء اليوم الأربعاء في كلمة متلفزة بمناسبة يوم شهيد حزب الله: “اخترنا مثل هذا اليوم للاحتفال بمناسبة شهيد حزب الله لأنه في مثل هذا اليوم قام أمير الاستشهاديين أحمد قصير باقتحام مقر الحاكم العسكري الصهيوني في صور وأدى إلى مصرع أكثر من 100 ضابط وجندي إسرائيلي”.
وأضاف “أنا اعتبر أنها العملية الأضخم في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وهي أن يقوم شاب لوحده بإلحاق الهزيمة بهذا العدد بضباط وجنود العدو وكلنا يتذكر وجه شارون الكالح في تلك اللحظة”، قائلا: “نحن نأمل أن يأتي اليوم الذي نرى فيه استشهادي أو أكثر بتنفيذ عملية أكبر وأضخم ضد العدو.
وتوجه الأمين العام لحزب الله بالعزاء لليمن قيادة وشعبا باستشهاد الأمين العام لحزب الحق ووزير الشباب والرياضة الأستاذ حسن زيد، كما توجه بالعزاء للسوريين قيادة وشعبا باستشهاد سماحة الشيخ عدنان الافيوني مفتي دمشق وريفها.
وجدد العزاء للشعب الفلسطيني والأخوة في الجهاد الإسلامي في الذكرى السنوية لاستشهاد القائد بهاء أبو العطا، كما عزى الفصائل الفلسطينية باستشهاد الأسير المجاهد كمال أبو وعر في السجون الإسرائيلية، وبارك للأخ الأسير ماهر الأخرس انتصاره على القيود والسجانين، الذي صنعه بإرادته الصلبة.
وفيما يخص ترسيم الحدود أوضح السيد نصر الله أن المقاومة لا تدخل في ترسيم حدود برية أو بحرية، ومنذ عام 2000 قلنا أن هذه مسؤولية الدولة اللبنانية، لافتا أن المقاومة تعتبر أن من واجبها الدفاع عن الحدود التي تحددها الدولة اللبنانية، وأن تعمل على المساعدة في تحرير المناطق المحتلة.
وقال “بعد عام 2000 ذهبت الدولة اللبنانية إلى مفاوضات غير مباشرة حول نقاط النزاع والخلاف مع العدو الإسرائيلي واستعادت جزءا منها”.
ولفت إلى أن الدولة اللبنانية هي التي قالت أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وجزء لبناني من قرية الغجر هي أراضٍ لبنانية محتلة.
وأضاف نصرالله “مسألة الحدود البحرية بدأت بعد ظهور النفط والغاز خصوصا بعد احتمال أن تكون المنطقة البحرية الجنوبية غنية بهذه الموارد”، قائلا “نحن كمقاومة لم نرسم خطوطا ونعتبر هذه المسؤولية على عاتق مسؤولي الدولة”.
وأوضح أن البعض في المنطقة حاول أخذ مسألة ترسيم الحدود إلى ملف التطبيع كونها تزامنت مع مسار التطبيع مع العدو في المنطقة، واصفا ذلك بالكلام الفارغ.
وأشار إلى أن بعض الأشخاص ربطوا ملف ترسيم الحدود بحصول مفاوضات سرية بين أمريكا وإيران، مؤكدا أن هذا غير صحيح لأنه في الأصل لا وجود لتفاوض بين إيران وأمريكا في زمن ترامب.
وبين أن كل هذه الإشاعات هدفها رمي قنابل دخانية للتعمية عن الخائنين المطبعين المستسلمين، وأن أي كلام حول تمهيد للتطبيع مع العدو الإسرائيلي هو ظلم وافتراء ولا يستحق أن نصدر بيانا لننفي فيه هذا الكلام.
وأردف نصر الله أن موقف المقاومة من إسرائيل واضح، وجودها سرطاني غير شرعي، وهم مجموعة من العصابات المغتصبة لفلسطين.
وأضاف “لدينا الثقة الكاملة بإدارة الرئيس ميشال عون لملف ترسيم الحدود، ونعرف صلابته وحرصه على تحصيل حقوق لبنان”. وتابع “اختلفنا مع الرئيس عون في تشكيل الوفد، وكان رأينا أن يكون الوفد عسكريا فقط من الطرفين”.
وقال إنه من الواضح أن الوفد اللبناني المفاوض يلتزم بحذر وبشدة بالضوابط الموضوعة لتحقيق المصلحة القصوى للبنان، مشددا أن على الوفد المفاوض أن يعرف أنه في موقع قوة وليس في موقع ضعف، والعدو أيضا يعرف أن لبنان يملك عناصر قوة حقيقية.
وأكد نصر الله أن من يريد أن يمنعنا من الاستفادة من مواردنا الطبيعية يعرف جيدا أننا قادرون على منعه أيضا من الاستفادة من موارده، قائلا “سمعنا الكثير من التهديدات والتحليلات خلال المناورة الإسرائيلية الأخيرة في شمال فلسطين المحتلة”. وأضاف “كنا نتابع المناورة الإسرائيلية الأخيرة عن قرب، والعدو افترض خلالها دخول قوات من المقاومة الإسلامية إلى الجليل”.
وأوضح أنه عندما يضع العدو خطة دفاعية عن منطقة الجليل عام 2017، وعام 2020 يضع خطة مشابهة، فهذا دليل على أن المقاومة في لبنان تنقل الإسرائيلي من الهجوم إلى الدفاع، لافتا إلى أن مجاهدي المقاومة أوصلوا لبنان إلى مرحلة تغيرت فيها نظرة العدو الإسرائيلي، فصار يتوجس من الهجوم على لبنان. وتابع “طموح العدو الإسرائيلي اليوم محدود بريا، وبات يضع خططا دفاعية ويعيد النظر فيها ويكرر مناوراته”.
وأشار إلى أن إصرار العدو على تنفيذ هذه المناورة بالرغم من وباء كورونا، فهذا تأكيد على أن القوات البرية الصهيونية تعاني من أزمة حقيقية، مؤكدا أن القوات البرية الصهيونية تعاني من أزمات الثقة بالقيادة والاستعداد للذهاب إلى الأمام ومن انعدام الانضباطية، وقال إن الخلل والفراغ الهائل في الجانب المعنوي في القوة البرية فرضت الحاجة للمناورة الأخيرة كي تستعيد معنوياتها.
وأضاف السيد نصر الله أن القوة البحرية الإسرائيلية مسافة عملها محدودة، وصاروخ واحد عام 2006 أخرجها من المعركة، مبينا أن في أي معركة في المستقبل ستكون القوة البحرية الإسرائيلية أعجز من تحقيق أهدافها، وسلاح الجو الإسرائيلي أثبت أنه ليس كافيا لتحقيق النصر.
وتابع “نتيجة الاحتمالات والتحليلات حول المناورة الإسرائيلية، المقاومة الإسلامية كانت قبل انطلاق المناورة وحتى نهايتها في حالة استنفار” لافتا إلى أنه كان يهمنا أن يعرف العدو الإسرائيلي أننا في حالة استنفار، وأكدنا له جهوزيتنا، وإذا فكر في القيام بأي حماقة فإن ردنا سيكون حاسما وسريعا جدا”.
واستطرد قائلا “في سوريا اتخذت أقصى الاحتياطات من قبل القيادة السورية والحلفاء، وكانت الرسالة واضحة للعدو بأننا حاضرون وجاهزون للمواجهة”.
وحول الانتخابات الأمريكية قال السيد نصر الله إنها فضحت معنى “الديمقراطية” التي تدعو إليها أمريكا العالم، وإن الأمريكيين لا يحق لهم التنظير بالحريات والديمقراطية لا داخل أمريكا ولا خارجها.
وأضاف “الجمهوريون أو الديمقراطيون، بالنسبة إلينا لن تتغير النظرة إلى الإدارة الأمريكية، والطرفان يتسابقان إلى حماية كيان العدو”. مشيرا إلى أن الثابت الأول لدى الأمريكيين هو تفوق العدو الإسرائيلي، ويجب عدم تعليق آمال على تغير السياسة الأمريكية تجاه المنطقة”.
وتابع “الإدارة الأمريكية الحالية هي الأكثر قبحا ووقاحة وتكبرا وعنجهية حتى على حلفائها كالسعودية، مؤكدا أن حكومة ترامب هي الأكثر إجراما، ووضعت العالم كله على حافة الحرب.
وأوضح نصرالله أن ترامب فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، متسائلا: أين هي اليوم صفقة القرن؟
وأردف أنه لم تنكسر إرادة الشعب الفلسطيني رغم كل الآلام، وإيران لم تنكسر رغم كل العقوبات، مضيفا أن سوريا والعراق لم ينكسروا، وترامب فشل في فنزويلا وكوبا، والعنوان العريض له في فترة حكمه هو الفشل.
وقال “نحن فرحون بالسقوط المذل لترامب، خصوصا بعد ارتكابه جريمة العصر باغتيال القائدين الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس”.
وأضاف “في ظل حكومة عدوانية على هذا المستوى العالي من العنجهية وإمكانية الذهاب إلى الحرب، شعوبنا ومحور المقاومة ثبتوا وأفشلوا مشاريع ترامب”.
وأكد السيد نصر الله بالقول “إرادتنا أقوى من طغيان وعنجهية ترامب، وأمريكا ليست قدرا محتوما، وشعوب العالم تستطيع أن تقف وتقول لا لأمريكا”.
ولفت إلى أنه مع شخص مثل ترامب كل شيء محتمل في الفترة المقبلة، وقد يأخذ ترامب قرارات خطيرة وهذا أدى لعزل وزير الدفاع، وإما أن تكون المسألة شخصية بينهما، مشيرا إلى أن عزل وزير الدفاع قد يكون لاستخدام القوات الأمريكية المسلحة داخل أمريكا، أو قد تكون لإجراء عمل خارج أمريكا.
وأردف أن كل الاحتمالات مفتوحة، داعيا محور المقاومة شعوبا وقيادات ودول إلى الحذر والانتباه خلال الشهرين المقبلين، وقائلا “علينا أن نكون حاضرين لرد الصاع صاعين إذا ذهبت الحماقة الأمريكية أو الإسرائيلية إلى عمل ضد محور المقاومة”.
وأفاد أن مشكلة أمريكا الجوهرية مع حزب الله مرتبطة بالمقاومة، أن هذه المقاومة تشكل قوة في لبنان، مبيننا أن العدو يشعر بقلق كبير بسبب المعادلة الذهبية في لبنان “جيش وشعب ومقاومة”.
وأضاف “أفشلنا مشروع القضاء على سلاح حزب الله بعد الحرب الأهلية وعام 2005 وفي حرب تموز 2006 وفي اغتيال الحاج عماد مغنية وفي المؤامرة عام 2008” كما أفشلنا مشروع القضاء على المقاومة عام 2011 في أحداث سوريا، وعند احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية قبل أعوام.
وأكد أن الأمريكيين أدركوا فشلهم في القضاء على المقاومة بكل الطرق التي استخدموها، فعملوا على تقليب الشعب اللبناني والبيئة الشيعية على المقاومة، موضحا أن الأمريكيين يحاولون استخدام الورقة الاقتصادية للضغط على المقاومة وبيئة المقاومة.
وقال السيد نصرالله إن الأمريكيين يحاولون تحميل حزب الله والمقاومة مسؤولية الانهيار والفساد في لبنان عبر الأكاذيب التي ينشرونها، لافتا إلى أنه لا البيئة الشيعية انقلبت على المقاومة، وحتى البيئة العامة في لبنان رفضت نزع سلاح المقاومة.
وأضاف أن مليارات الدولارات التي أنفقتها أمريكا في لبنان على الجمعيات غير الحكومية لتحريض الناس على المقاومة اختفت، مشيرا إلى أنه دائما هناك كلمة حق يراد بها باطل، وأنا أدعو الذين شاركوا في الحراك والتظاهرات أن يبحثوا عمن يقود هذه التحركات.
وأوضح أن وعي اللبنانيين وصدق حزب الله ساعد في إفشال المخطط الأمريكي ضد المقاومة في لبنان، قائلا إنه لا أحد يستطيع أن يقول حزب الله فاسد ونهب المال العام.
ولفت إلى أن المسار المتبقي عند الأمريكيين لاستهداف المقاومة هو العقوبات على أصدقاء وحلفاء حزب الله، مبيننا أن العقوبات الاقتصادية على حزب الله وإيران وسوريا لم تؤثر علينا، قائلا “نعم تعرضنا للأذى لكننا نصبر ونتحمل”.
وبشأن الوزير با سيل قال نصرالله “وضع الوزير الصديق جبران باسيل على لائحة العقوبات الأمريكية يأتي ضمن مسار بدأ بوضع الوزيرين يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل”، مضيفا أن الوزير باسيل تواصل معنا بعد تفاوض الأمريكيين معه، وبلغنا أن الأمريكيين طلبوا منه إنهاء العلاقة مع حزب الله، وأن باسيل أكد أنه سيرفض الطلب الأمريكي لأنه مس بالحرية واستقلال البلد، ووصف نصر الله موقف الوزير باسيل بالشجاع، خصوصا بعد أن قال كل ما حصل علنا.
وتابع “نتمنى من جميع القوى اللبنانية أن تتضامن مع الوزير جبران باسيل الذي أثبت حريته واستقلاليته”.
وحول الرد على القرارات الأمريكية، أوضح نصر الله أنه يكون بتطوير العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله بما يحقق مصلحة البلد، وأنه يجب أن يفهم الأمريكيون أنهم غير قادرين على فرض خياراتهم على القوى السياسية اللبنانية.