الاقتصاد آخر أوراق العدو.. والبنوك المحلية تعاني من تخمة الدولار في خزائنها
رشيد الحداد / صدى المسيرة
العدوان يهاجم العملة الوطنية مجدداً ومطالَبُ بضربِ المضاربين بالدولار بيد من حديد
بعد أن خسرَ العدو كافة أوراقَهُ عاد لابتزاز الشعب اليمني عبر الورقة الاقتصادية التي أسقطها الصمود الشعبي التأريخي أمام جبروت امبراطوريات المال السعودي التي تهاوت منذ بدأ العدوان على اليمن أرضاً وإنْسَاناً وتأريخاً وحضارة واقتصاداً، إلّا أن العدو ومع تعاظم هزائمه استغل مؤخراً الأَجْوَاء الإيجابية التي سادت خلال الأَيَّام القليلة الماضية في محادثات الكويت وحالة الاستقرار الاقتصادي النسبي الذي تعيشهُ البلاد ليهاجم الاقتصاد مجدداً إلَـى التفاصيل:
منذ أربعة أشهر ترفض البنوك المحلية قبول أية ودائع بالدولار واليورو؛ بسبب التخمة التي تعانيها من العملات الأجنبية المتراكمة منذ بدأ العدوان أَوَاخر مارس العام الماضي، ورغم المحاولات التي بذلت لترحيل تلك الأَمْوَال الفائضة إلَـى البنوك الدولية لتعزيز أرصدة اليمن فيها، إلّا أن العدو يرفض كُلّ المحاولات ويشدد في حال السماح بنقل تلك الأَمْوَال إلَـى البحرين باعتبارها مركزاً مالياً في المنطقة على أن تتوقف الطائرة التي ستحمل الأَمْوَال في مطار بيشة السعودي، وهو ما يرفضُهُ الجانب اليمني وتتخوف منه شركاتُ التأمين الدولية التي ستتولى القيام بترحيل وتحويل وتعزيز أرصدة اليمن في البنوك الدولية.
ووفق مصادر اقتصادية فان مزاعم ارتفاع الطلب على الدولار في السوق من قبل التجار والشركات العاملة في الاستيراد بحجة توفير احتياجات الشهر الكريم مبرراً مشكوكً منه؛ كون المشكلة الأَسَـاسية ليس في وفرة أَوْ شحة العملة الصعبة في السوق ولكن في كيفية تحويلها ونقلها إلَـى البنوك الخارجية في ظل الحصار والعدوان.
التلاعب بأَسْــعَـار الصرف
ليست المرة الأوْلَى التي تتعرض فيها أَسْــعَـار صرف العملة الوطنية (الريال) للمضاربة أمام العملات الأجنبية فالعدو وقبل شهر من تدسين عدوانه التأريخي وجه مرتزقته في الداخل بسحب 800 مليار ريال يمني من البنوك والشركات واعد الآلاف من المرتزقة للقيام بمهمة خاطفة لإنهاك القيمة الشرائية للعملة الوطنية خلال الأَيَّام الأوْلَى للعدوان، إلّا أن العدوان تزامن مع آخر أيام الأُسْبُوْع (الخميس) والذي في العادة تغلق البنوك التجارية والإسْلَامية أَبْوَابها مبكراً ومع ذلك حاول مرتزقة العدو المضاربة بأَسْــعَـار الصرف عبر شراء كميات محدودة من العملة الصعبة من شركات ومحلات الصرافة محاولين إثَارَة الرأي العام ودفع المودعين في البنوك وأَصْحَاب رؤوس الأَمْوَال إلَـى استبدال العملة الوطنية بالدولار، وهُو ما سيؤدي إلَـى انهيار أَسْــعَـار صرف الريال اليمني إلَـى أَدْنَى المستويات في ظرف أيام، إلّا أن تلك المحاولات أُفشلت في حينه بتعميم صادر عن البنك المركزي بمنع بيع الدولار والاستمرار في شرائه بالأَسْــعَـار الرسمية وظلت تلك الاجراءات سارية خلال السته الأشهر الأوْلَى من العدوان، وبعد ادراك العدوان بان خطته قد فشلت عاد إلَـى تنفيذ خطة أُخْــرَى تمثلت في المضاربة بأَسْــعَـار الدولار وشرائه بأَسْــعَـار تفوق قيمته الرسمية وبالفعل استغل خفافيش الظلام الأوضاع واستمروا في شراء الدولار بصورة سرية بمبالغَ كبيرة في ظل تهويل الإعْـلَام المعادي للواقع وادعائه انهيار أَسْــعَـار صرف الريال باستمرار، وهو ما دفع ضعفاء النفوس إلَـى الانسياق وراء تنفيذ تلك الخطط. كما عمد العدو إلَـى تصدير منتجات وسلع مختلفة وتهريب كميات كبيرة من المشتقات النفطية بهدف سحب العملة الصعبة من البلاد في إطار محاولاته احداث انهيار اقتصادي ومالي.
محاولات العدو
محاولات متعددة لم تكن نهايتها الأزمة المفتعلة بعد استهداف العدو ميناء الحديدة والايحاء للتجار الموالين للعدو بالتلاعب بأَسْــعَـار المواد الغذائية تحت مبرر توقف الاستيراد وارتفاع الدولار ولا ادعاء الإعْـلَام المعادي بان البنك المركزي اوقف تغطية المواد الأَسَـاسية بالدولار ولا الادعاء بتعرض البنك المركزي للنهب والاستيلاء على المال ولا اتهام البنك المركزي بإصدار نقدي جديد على الرغم من أن البنك يصدر النقد من الخارج ولا يطبع في الداخل، وأخيراً ادعى العدو وأَدَوَاته الذين يسعون للحصول على أية ورقة نصر حتى وإن كانت على حساب الفقراء والكادحين والصابرين والصامدين غير مكترثين بتداعيات أية انهيارات حقيقية على الوضع الإنْسَاني المتفاقم ولا على مستقبل البلاد برمتها، بل احتفت أَدَوَات العدوان وحكومة الرياض كالعادة بالحدث، معتبرة ذلك انتصاراً كبيراً لها، وهو ما يؤكد وقوفها وراء التلاعب المؤقت بأَسْــعَـار الصرف من أجل تحقيق أَهْدَاف لم تتحقق بواسطة الأسلحة الفتاكة في مختلف الجبهات ولذلك حولت تلك الحكومة التي تدّعي الشرعية بطون الكادحين إلَـى ساحات جديدة غير أَخْلَاقية لها.
400 محل دون ترخيص
قبل شهرين من الآن التزمت البنوك المحلية التجارية والإسْلَامية منها بتغطية واردات القطاع الخاص بالعملة الصعبة كما أكّد تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي بصنعاء أن البنوك المحلية لاتزال قادرة على فتح اعتمادات في البنوك الدولية حتى الآن رغم مضي أَكْثَر من 400 يوم على العدوان والحصار الذي يفرضه العدو السعودي الأَمريكي على بلادنا.
كما أقر البنك المركزي سد الفجوة في القطاع المصرفي الناجمة عن العدوان والحصار والتي تسببت بانخفاض نشاط البنوك والشراكات العاملة في مجال التحويلات المالية والصرافة نتيجة وجود أَكْثَر من سعر للصرف في السوق النظامي والسوق العشوائي غير المنظم، وفي محاوله لإيجاد آليات وضوابط للعمل المصرفي اتفقت جمعية الصرافين مع البنك المركزي اليمني في 21 مارس الماضي على تحديد سعر العملة الوطنية في السوق الموازي إلَـى 250 ريالاً للدولار للشراء و251 للبيع من 215 ريالاً، كما حدد سعر الريال السعودي عند 65.20 للشراء و65.70 للبيع من 58 ريالا في السابق للحدّ من المضاربة بالأَسْــعَـار وإعَادَة ثقة العملاء بالشركات والمصارف العاملة النشطة في مجال التحويلات المالية، إلّا أن القرار اتاح هامشا واسعا للمرتزقة بمواصلة حربهم الاقتصادية ومواصلة المضاربة بأَسْــعَـار الصرف حيث افتتح أَكْثَر من 400 محل صرافة في العاصمة وعدد من المحافظات دون تراخيص لشراء الدولار واستقبال حوالات مالية من السعودية بأَسْــعَـار مرتفعة عن السوق النظامي وعن السعر المحدد. وفي ذات الاتجاه تحول الكثير من تجار الجُملة إلَـى صرافين وتعمدوا شراء الدولار بأَسْــعَـار تفوقُ السعر الرسمي أَوْ حتى سعر السوق. ولذلك في ظرف أيام ارتفعت بشكل متسارع من 270 إلَـى 280 إلَـى 300 إلَـى 320 ريالاً للدولار في السوق السوداء وفي المقابل ارتفع سعر صرف السعودي إلَـى 80 ريالاً.
دور الرقابة
في ظل حالة عدم الاستقرار التي تعيشُها أَسْوَاق الصرافة الحلية تصاعدت المطالب الشعبية بصد تلك المحاولات الهادفة إلَـى احداث اختراق في الجبهة الاقتصادية وتوظيفها سياسياً بقيام البنك المركزي بدوره الرقابي واجهاض تلك المحاولات واغلاف كافة محلات وشركات الصرافة غير المصرح لها بالعمل المصرفي والتي لا تخضع للقانون وسحب تراخيص الشركات العاملة في المجال المصرفي واتخاذ العقوبات الرادعة تجاه المتلاعبين بأَسْــعَـار صرف العملة الوطنية.
أحلام العدو السوداء
على مدى عام وأربعة أشهر من عمر العدوان والحصار استهدف العدو وأَدَوَاته المواطن اليمني البسيط منذ الوهلة الأوْلَى فمنع وصول الغذاء والدواء والوقود وقطع الكهرباء واستهداف ابار ومحطات وخزانات الماء ولم يكتفِ بممارسة القرصنة البحرية واحتجاز مئات السفن وتحويل مسارها إلَـى موانئ دول مجاورة، بل استهدف الطرقات العامة والجسور في محاولة لمنع وصول أية أَسَـاسيات للحياة من غذاء ودواء، وكلما شعر العدو بالفشل زادت وحشيته فبعد أن حاصر 26 مليون إنْسَان يمني من أَسَـاسيات البقاء حاول استهداف كُلّ ما له علاقة بالعيش الكريم، فتعرضت صوامع الغلال التي تعد مخازن غذاء رئيسية للمحافظات للاستهداف الممنهج وتعرضت مخازن الغذاء الثانوية المتواجدة في مختلف مديريات الجمهورية على وجه الخصوص الواقعة على الشريط الحدودي للاستهداف الممنهج، ولحق العدو مخازن الغذاء باستهداف الأسواق؛ أملاً بأن تتوقف الحياة وتتحقق أحلام العدو السوداء الممثلة بفرض الجوع واقعاً، إلّا أن تلك المحاولات فشلت في احداث أية اختناقات تموينية في السوق المحلي، فأَسْــعَـار القمح والدقيق والارز والسكر ظلت دون تغيير في أَسْــعَـارها باستثناء بعض الارتفاعات الطفيفة الناتجة عن ارتفاع تكاليف النقل الناتجة عن أزمة المشتقات النفطية التي فرضها العدوان السعودي، كُلّ ذلك أَدَّى إلَـى ارتفاع الاعتماد على الأَسْوَاق الخارجية وارتفاع فاتورة الاستيراد وعمق التبعية الاقتصادية للأَسْوَاق الخارجية.
الحصار والدولار
من الطبيعي جداً أن يوقف الحصار البري والبحري والجوي المفروض على اليمن استنزاف العملات الصعبة والاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لتوقف الاستيراد ولذلك ظل الاحتياطي النقدي الأجنبي في الحدود الآمنة على مدى عام من العدوان رغم تناقصه، كما ظل العرض النقدي من العملة السعودية متواجدة بكثافة في السوق المحلي وارتفع حجم الاحتياطي النقدي من عملة العدو السعودي إلَـى أعلى المستويات خلال الأشهر الأوْلَى من العدوان الذي حاول العدو شراء عدد من المناطق العسكرية بالمال، إلّا أنه فشل ولذلك صرف عدة مرتبات بالعُملة السعودية وتوقف بعد أن ادرك عدم الجدوى، يضاف إلَـى أن مئات الملايين التي يتقاضاها مرتزقة العدوان والمليشيات في مختلف المحافظات استبدلت بالريال اليمني وآل مصيرها تلك الأَمْوَال التي تدفقت من القصور الملكية السعودية إلَـى البنوك المحلية.
ووفق التقارير فقد انخفض الاحتياطي النقدي الأجنبي من 4.2 مليار دولار نهاية عام 2014م إلَـى 2.1 مليار دولار نهاية عام 2015م، أي بنسبة انخفاض 50% بينما كان الشعب اليمني يستهلك 14 مليار دولار في السنوات الماضية وتصل الاعتمادات التي يفتحها البنك المركزي للتجار إلَـى 3 مليارات دولار من غير البنوك التجارية والإسْلَامية.