الأوراق الرخيصة سهلة الإتلاف
موقع أنصار الله || مقالات ||عبدالقوي السباعي
منذُ بدء العدوان على الوطن اليمني الأرض والإنسان، أصبح المرتزِقة من العناصر المتطرفة الداعشية في حزب الإصلاح الإخواني، والراديكالية من الواجهات المؤتمرية العفاشية، والانتهازية الرجعية من المجاميع الانفصالية الجنوبية، أدَاةً رئيسيةً من الأدوات التي وظفها ولا يزال يوظفها تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني، والتي تمكّن من خلالها التواجد والسيطرة والتدخل في المناطق المختلفة والمحافظات المحتلّة لفرض قراره وبسط نفوذه، ولتحقيق أهدافه المعلنة وغير المعلنة هنا أَو هناك.
ويظهر هذا الأمر بوضوح في مناطق سيطرة تلك القوى العميلة، فمنذُ البداية عندما فتحت الرياض ذراعيها وحدودها وفنادقها أمام تدفق الخونة والعملاء من قيادات الارتزاق والمقاتلين المرتزِقة والمأجورين من اليمنيين والأجانب لقتال قوات الجيش واللجان الشعبيّة، ثم تأكّـد للجميع أن هذا التحالف يعمل على استخدامهم كأوراق يلعب بها ويمتهنها كيف يشاء ويقذفها متى شاء وأنّى شاء، ويزج بهم في محارق الهلاك المتعددة، منها ما هو ضد أبناء جلدتهم من مجاهدي الجيش واللجان، ومنها ما هو بين تلك الأدوات ذاتِها، كما هو الحاصل اليوم في أبين وتعز، ناهيك عن استخدامها كأوراق داعمة لتوجّـهه في سوريا والعراق وفي ليبيا، حَيثُ تبين للجميع إرسال هذا التحالف لآلاف المرتزِقة إلى كثير من المناطق خارج حدود اليمن، كجزءٍ من اتّفاقياته غير المعلنة مع كواليس المخابرات الأمريكية وخطط وبرامج البنتاغون الأمريكي ودهاليز قرارات البيت الأبيض.
هذا السلوك الذي بات يمثل سمةً أَسَاسيةً من سمات السياسة السعودية والإماراتية، ومن ورائها السياسة (الصهيوأمريكية)، تسعى من خلاله إلى الحفاظ على ما تعتبره مصالحها ومصالح حلفائها الاستراتيجية في المنطقة، في محاولةٍ أن يكون لها كلمة أَو دور على خارطة الهيمنة في العديد من المناطق والصراعات التي تنخرط فيها، من دون أن تتعرض مجدّدًا لخسائرَ بشرية أَو استراتيجية كبيرة، كتلك التي حدثت حين انخرطت بشكلٍ مباشر بقوات نظامية برية ببعض الجبهات والمعارك مع الجيش واللجان الشعبيّة في البدايات الأولى من العدوان، والتي خرجت منها منكسرة ومهزومة بكل المقاييس العسكرية، ويبدو أن الرياض وأبوظبي تحاولان في هذا المجال وضع صياغة جديدة للأدوار التي يفترض أن تؤديها تلك الأوراق الرخيصة، بدلاً عنها والاستفادة من كونها تعتقد أنها باتت قوى إقليمية فاعلة، فخلال ستة أعوام من العدوان استثمرت ذلك في تشكيل الميليشيات المسلحة الخَاصَّة بها والموالية لها، والتي باتت أَيْـضاً تشكل اليوم أكبر أدوات الهدم للدولة اليمنية الحديثة.
هذا التوظيفُ الخليجي للعملاء والخونة والمأجورين والمرتزِقة، جاء بعد السيطرة التامة والفعلية على قياداتٍ ميدانية مباشرة من اليمنيين المرتزِقة، وعملت منذُ وقتٍ مُبكر على فصل تلك المليشيات عن قياداتها ومرجعياتها المحشورة في دهاليز فنادق الرياض وأبوظبي، وبغضِّ النظرِ عمّا يمثله هذا التوظيف من تعارضٍ صارخٍ مع القيم الأخلاقية والإنسانية، حَيثُ تستغل السعودية والإمارات حاجة المرتزِقة اليمنيين التابعين لها للمال لإرسالهم إلى الموت وقت ما أرادت ذلك، بل وحتى إرسالهم إلى جبهات صراع لا علاقة لهم بها، وعما يشكله أَيْـضاً من انتهاك لمبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول، والتي تلزم الدول بالامتناع عن تنظيم وتشجيع الأعمال الإرهابية على أراضي دولة أُخرى وانتهاك سيادتها، وبصرف النظر عن كُـلّ ذلك، فَـإنَّ هذا السلوك يجعل من الرياض وأبوظبي عنصرين أَسَاسيين من عناصر عدم الاستقرار الإقليمي في الكثير من المناطق التي تتدخل فيها، سواءً في اليمن أَو غيرها، وباتت دولاً منبوذة إقليميًّا ودوليًّا، وهذا الأمر تؤكّـده ردودُ الأفعال المحلية والعربية والدولية الحازمة على ما يمثلهُ هذا التوجّـه من خطورة ليس على بلادنا بل سيؤدي إلى مزيد من زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم ككل.
إن قوى تحالف العدوان ومن خلال سلوكها هذا المسلك والإصرار على تحويل المقاتلين اليمنيين والمتطرفين الموالين لها إلى مرتزِقة يتم الزج بهم إلى ساحات القتال المختلفة، ترسل رسالة واضحة للعالم بأنها الراعية الحقيقية للتطرف والإرهاب، وأصبحت أنظمة مثيرةً للفتن والصراعات في محيطها والعالم، وأنها لا تتوانى عن انتهاك أية قيم أخلاقية أَو أعراف دولية إذَا رأت في ذلك مصلحةً لها، كما أنها تكشف من خلال هذا السلوك لكل مرتزِقتها والموالين لها حقيقة أنهم مُجَـرّد أدوات ودمُى تحَرّكها وفق مصالحها، وأوراق مؤقتة سهلة الإتلاف والحرق في أي وقتٍ تراه قد استنفذت منها كُـلّ حاجياتها، غير أن الرياح قد تهب بما لا تشتهي السفن، فقوى العدوان لم تتعلم من دروس وتجارب التاريخ، إذ قد تصبح مثل تلك المليشيات والتنظيمات التي تدعمها في حديقتها الخلفية، المسمار الذي يُدَقُّ على نعش نهاياتها، وهذا بالضبط ما أصبحت تعانيه السعودية اليوم في محيطها الداخلي، فباتت تصدر الفتاوى الدينية والتعميمات الأمنية التي تستهدف هذه المليشيات والتنظيمات وتجرمها وتكفرها، رغم كُـلّ الخدمات التي قدمتها وتقدمها في ميادين العمالة والارتزاق.