“الأخبار” اللبنانية تكشف بالوثائق.. فلسطينيون وإماراتيون يبيعون القدس
لا يبدو، بالنسبة إلى دول خليجية ومعها شخصيات فلسطينية نافذة باتت تعمل ضمن أطرها، أن أهل القدس تكفيهم ما تفعله إسرائيل بحقهم في معركة البقاء ليل نهار، والهدف هو تكرار نكبة شبيهة بنكبة فلسطين، التهجير عن القدس. في سبيل ذلك، تتحول حياة الناس هنا إلى سلسلة من الصعوبات اللامتناهية، ويبادر أولئك إلى “تعزيز” الصمود المقدسي بطريقتهم التي تلبي الهدف الإسرائيلي، أي تحويل المدينة المحتلة إلى عاصمة إسرائيلية ديموغرافيا… لعل ذلك ينهي أحد أهم الملفات العالقة في طريق التسوية، أو قل بيع أهمّ ما تبقى من فلسطين.
كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية في عددها الرقم 2895 الصادر اليوم (الجمعة 27/5/2016) وبالوثائق جريمة بمستوى النكبات الكبرى التي تعرضت لها فلسطين عامة والقدس بصورة خاصة، ملخصها شراء عقارات لفلسطينيين مقدسيين بأموال إماراتية، وتسريبها بعد ذلك لـ”الإسرائيليين”.. وقد أعد هذا الملف الصحافي الأستاذ عبدالرحمن نصار، وحمل عنوان: “فلسطينيون وإماراتيون يبيعون القدس”.
وقد تناول الأستاذ نصار هذا الملف الهام والخطير بثلاثة عناوين جاءت على الشكل التالي: الأول، “نهش البلدة القديمة… المسجد الأقصى محاصر بالأموال الإماراتية”؛ الثاني، “فادي السلامين: أسطورة النخبة الفلسطينية وبطل الجنسية الإسرائيلية”؛ الثالث، “ما بين “ثريا الدحلان” و”إمبراطورية الثريا” الأمنية”، إضافة لخمسة عناوين توضيحية هي: “ماذا فعلت السلطة؟”؛ “الحركة الإسلامية” على علم بالعملية”؛ “السعي إلى المجد والشهرة”؛ “الغد العربي” .. منصة إعلامية فاشلة” وأخيرا “ربط خيوط القصة”.
قدم نصار لملفه بالقول: “من المضحك المبكي أن إحدى الخطوات لـ”تعزيز” صمود أهل القدس العربية هي تسهيل ومساعدة سماسرة أو شخصيات فلسطينية ناشطة على شراء عقارات من مقدسيين، تحت عنوان أن شراءها من الذين باتوا لا يستطيعون العيش في البلدة القديمة، مثلا، سيساهم في الصمود بوجه التوسع الإستيطاني، وعلى حين غرة تباع (هذه العقارات) لجمعيات “إسرائيلية” في وقت مناسب، فيستيقظ اهل الحي على وجود المستوطنين بينهم بدعوى أنهم صاروا ملاكا قانونيين. تماما كما حدث مع نحو ثلاثين شقة، في وادي حلوة في سلوان، قبل قرابة عام، أو مثل ما يحدث في حالات بيع مباشرة (الأسبوع الأول من ايار 2016) بعدما بات الأمر سهلا ولا أحد يلاحق أو يحاسب”…
ويضيف نصار في تقديمه لهذا الملف الخطير والمثير للسخرية ممن يدعون في مؤتمراتهم وبياناتهم “دعم صمود الفلسطينيين في أرضهم”، أو ممن “يدعون تمثيلهم”… يضيف نصار في تقديمه، “في تلك الأيام (2014) سارعت “الحركة الإسلامية – الجناح الشمالي” في الأراضي المحتلة إلى توجيه أصابع الإتهام بصوت عالٍ إلى الإمارات بصفتها واقفة خلف تمويل هذه العملية، واعدة بتقديم دلائل.
“تكشفها الأيام”. كذلك هددت السلطة الفلسطينية بملاحقة المشترين الفلسطينيين (الطرف الثالث) دون أن تشير إلى من يقف وراءهم، أو ماذا تفعل مع من تمسكه منهم… ومنذ ذلك اليوم يبدو أن هناك من سكت وهناك من أسكت”.
وتكشف وثائق تفصيلية حصلت “الأخبار” عليها، ونشرتها ضمن هذا الملف، بشأن بيع أحد العقارات المقدسية في البلدة القديمة في القدس ل”الإسرائيليين”، عن فضيحة كبيرة تطاول أطرافا عدة.
في البداية كانت فرضيات هذا التحقيق مبنية على وقائع سابقة، أي أن الوثائق والعقود والسجلات التي تثبت عملية بيع جرت بين شخص فلسطيني يحمل الهوية “الإسرائيلية” وإحدى العائلات المقدسية الشهيرة، ثم تنازل هذا الشخص عما اشتراه لشركة إماراتية، جعلنا نصرخ: “حصلنا على الأوراق التي تثبت بيع القدس لإسرائيليين بأموال إماراتية”. لكن الذي اكتشفناه خلال البحث والتحري والفرضيات الناتجة منه كانت أكبر من ذلك بكثير؛ فالعقار (محل البيع) لم يسلم لمستوطنين حتى صدور التحقيق، برغم ان عملية بيعه جرت في الخامس من تشرين الثاني 2014، أي بعد شهر واحد من حادثة اقتحام المستوطنين شقق سلوان (30 أيلول – 5 تشرين الاول 2014) كما ان الوسيط الذي اشترى العقار اشهر من نار على علم لدى كل من السلطة واسرائيل والجمهور الفلسطيني. وسبب دخوله شخصيا في هذه الصفقة كان مثار استفهام ومن الإسئلة المحيرة. في ظل ان مشغله يستفيد منه في امور بالنسبة اليه اصعب من بيع بيوت القدس لاسرائيل.
بالتدقيق أكثر في العقار والعناوين المقدمة في عقود البيع والشركة التي تقف خلف عملية البيع كان الباب يفتح وراءه عشرة ابواب والأسماء تتوالى برغم ذلك فان الاسئلة في هذا التحقيق بقيت اكثر من الاجابات.
وقد كشفت الوثائق أن شخصية امريكية من اصل فلسطيني تحمل الجنسية “الإسرائيلية” هي فادي السلامين الذي أسس شركة مع عمته مريم (حسين نصار) سلامين، تلعب دورا في شراء تلك العقارات، من خلال شركة “السرينا العالمية للتجارة والاستثمار”.
فادي السلامين، رجل دحلان
“إن عملية بحث واحدة عن سيرة فادي السلامين، الذي يعرّف نفسه بأنه ناشط سياسي فلسطيني وخبير في العلاقات الدولية والاقتصاد، كافية أن تدعو إلى الغثيان، من كثرة ما سيواجه الباحث من صور ومقالات وأخبار مشتتة ومتناقضة. وسط ذلك، كل ما يقدمه كارهو هذا الشاب الثلاثيني
الوسيم، لا يدينه بوضوح، وإنما يثير مستوى معيّنا من الشكوك حوله، بات يحتاج إلى حسم، خاصة في ظل توسع نشاتطاته واعتقاد كثيرين أنه “امل” آت الى فلسطين.
“تغيب اي ابحاث حقيقية ومنهجية عن سيرة الشاب الفلسطيني فادي السلامين ويتيه كثيرون في تعريف شريكه اليهودي في مجموعتهم YFC التجارية، فيتخيلون انه يورام كوهين رجل “الشاباك” الشهير…”. وهو يملك هوية شخصية زرقاء باللغة العبرية، وهي الهوية الخاصة بالاسرائيليين… وكذلك يحمل جواز سفر اسرائيلي، علما انه مولود ببلدة السموع بمنطقة الخليل، ما يعني احقيته بالحصول على الهوية الخضراء وجواز سفر السلطة الفلسطينية. فكيف حصل السلامين على الهوية “الإسرائيلية”؟..
فكيف يمكن لفلسطين ان تغفر للسلامين سقوطه الكبير بشراء مبنى في القدس بمبلغ مليوني ونصف المليون دولار، ليتنازل عنه لشركة اماراتية العنوان دحلانية الانتماء وأين في القدس التي “ادخل اليها العرب وابناؤها كل زناة الليل والنهار”.
ما بين ثريا الدحلان.. والثريا الاماراتية
يتابع نصار ملفاته بالحديث عنما بين “ثريا الدحلان” وامبراطورية الثريا الاماراتية، فيقول في تقديمه لهذا العنوان: “تبدو معظم الشركات الأمنية والاستشارية العاملة في العالم، أو الشرق الأوسط، كمؤسسات لا كيان لها، خاصة أنه لا يقودك البحث والتدقيق في أعمالها وتراخيصها وملكيتها إلى أجوبة شافية، بل الى مزيد من الاسئلة. لكن آلية عمل هذه الشركات ومنها “الثريا” التي ورد اسمها ضمن التحقيق الخاص بتسريب عقارات في القدس، محكومة بالنفوذ السياسي والأمني الذي يوفره أصحابها في بلدان النشاط، وهذا يؤمن لنا ما يشبه “فلترا” تستطيع به ربط المعلومات المتوافرة مع خريطة النفوذ السياسي، للحصول على بعض الاستنتاجات.
أن هذا الملف الذي قدمه للقاريء العربي والفلسطيني الصحفي الاستاذ عبدالرحمن نصار جدير بالاهتمام والمتابعة والعمل بجد على نشره على نطاق واسع لكشف وفضح كل المتورطين العاملين في خدمة المشروع الاستعماري “الإسرائيلي” والذين ينطق بعضهم بلغة الضاد وبلهجة فلسطينية أو اماراتية او غيرها.
وكالة القدس للأنباء