ولائم المحلفين في “الريتز” وخبز السفير!
موقع أنصار الله || مقالات ||عبدالرحمن عبدالله الأهنومي
لم يُقَدّر لحكومة “فيسي طيسي” المولودة في غرف “ريتز كارلتون” في عاصمة السعودية أن تمد تحالف العدوان والمرتزقة والأدوات بأسباب الحياة ، وقد انفضت جلسات المقيمين في “كارلتون” على أسوأ ما بدأوا به ، وأعاد مشهد المحلفين في إحدى صالات “الريتز” الجميع إلى قواعدهم، لتبدأ مرحلة جديدة من الصراعات البينية بين أدوات العدوان ومرتزقته، ولتشتعل المعارك الكلامية والميدانية بين الأدوات والأبواق.
قد يطول الحديث في التداعيات والانعكاسات المتصلة بإعلان حكومة “فيسي طيسي” ، لكن الأمر الأهم هو أن ما أرادت به السعودية مداراة إخفاقها وفشلها في تحقيق أهداف حربها على اليمن ، صارت فضيحة يشاهدها العالم ، سواء ظلت الحكومة حبيسة الغرف والأجنحة الفندقية أم باشرت بعض المهام الشكلية ، فالحصيلة واحدة لكل الأحوال بالنسبة لها ، وعلاوة على التصدعات الواسعة بين “الإصلاح – الانتقالي” فإن الأول ينظر للسعودية بأنها تتآمر عليه وتسعى لتصفيته وبالتالي فهو يوفر عوامل بقائه ويحتفظ بعناصر القوة لنفسه ولمواجهة السعودية ذاتها ، أما الانتقالي فهو يجد نفسه كأداة إماراتية طيعة ولابد أن تكون على خصام مع السعودية، ولهذا فنحن أمام مشهد إضافي من الهزيمة المسجلة باسم نظام لم يعد يشعر بأزماته، ولم تعد له الجدوى في أي قرار أو خيار يمضى عليه ، بعدما بات مجردا من أوراقه وكلما يفعله اليوم ليس إلا بهدف التغطية على هزيمته وخيبته وخيبة الأهداف التي أرادها.
في المقلب الآخر.. جاءت توليفة المناصفة “السعوإماراتية” لتطرح الأحلام المستحيلة التي ولدت في ظل الغرام الطاغي بــ”الغنوب العربي” أرضا، وبات مشروع الانفصال الذي تزعّمه “الانتقالي” بعد انخراطه في توليفة “الريتز سيزون” مجرد حبرٍ على ورق، وضاعت أهازيج استعادة مجد دولة الجنوب في ردهات التوافق “السعوإماراتي” وممرات الفنادق الفاخرة في الرياض، وتناثرت أوراق الحكم الذاتي وباتت ميتةً الضرب فيها حرام ، أما في المجمل فلم يتوقف الشارع اليمني إلا لمشهد المحلفين وهم يؤدون الأيمان المغلظة في صالة فخمة في فندق “الريتز كارلتون” ساخرا من الملهاة الكوميدية التي يحدثها سفير السعودية وفريقه..لا تعنيه الاجترارات المملة للمزاعم وترهات (الشرعية ومراسمها التي تقيمها في صالات وبلكونات وممرات فنادق الرياض).
ثم على مبدأ فاقد الشيء لا يعطيه ، ولاعتبارات تتصل بالمكان الذي ولدت فيه حكومة المنفى رقم 5 أولا ، ثم بالتطورات التي تزامنت مع أداء اليمين البهلوانية في إحدى صالات “الريتز سيزون” ، حيث كانت المحافظات الجنوبية تقول بأن الاتفاق بين طرفي الارتزاق والعمالة قد مات في أيام حكومة المناصفة الأولى، وصولاً إلى اليمين المؤدى من مقر الإقامة الدائمة لكبار المرتزقة والعملاء في العاصمة السعودية الرياض ، وليس من عدن التي تسيطر عليها أدوات الإمارات ومرتزقتها ، تساقطت العناوين وتهاوت الشعارات التي اتكأت عليها جماعات الارتزاق والعمالة ، سواء تلك التي رفعت شعارات الانفصال وإنشاء دول وكيانات ودغدغت مشاعر المريدين ، أم تلك التي تحدثت عن رفع الأعلام والبيارق وقادمون يا صنعاء ، فمن فقد قراره لا يمكنه النقاش في القادم لا في شأنه الخاص ولا في الشأن العام ، وفاقد الإرادة لا يمكن التعويل عليه..!!
ورغم محاولات السعودية إضفاء بعد تحالفي مع الإمارات على الحكومة المعلنة ، فإن الأخيرة لم تكن قادرة على إخفاء عدم رضاها عن التقاسم مناصفة ، فهي التي تريد فصل ما بيد عملائها في المحافظات الجنوبية والشرقية عما بيد الإخوان المسلمين- وجماعة الدمية هادي ، والشيء نفسه بالنسبة لعملاء الإمارات الذين روجوا منذ وقت مبكر لدولة الجنوب وبالغوا في تسويق الأحلام الوردية عن كيان “الجنوب العربي” ، صحيح أنهم شاركوا في الحكومة المشكلة في فنادق الرياض إلا أنها مشاركة بالإكراه لا بالرضا ، أما في الحقيقة فإن التشكيل كان حاجة سعودية ملحة، استجابت لها الإمارات مؤقتا ولن تلبث طويلا حتى ترتد عنها ، المشهد الميداني والصوري معا يدفعان إلى الجزم بأن ما جرى ليس إلا محاولة لنقل المحافظات التي تسيطر عليها أدوات السعودية والإمارات من قطوع الأدوات الطيعة إلى قطوع الأدوات المنفذة للأوامر والتوجيهات التي تأتي من “واتس” السفير يتم تنفيذها دون تحرج وبلا نقاش، أما المشادّة التي تجري اليوم بين أطراف الارتزاق الثنائية في طبعة أخيرة ، فهي ليست على المحاصصة السياسية والعسكرية ، بل على الامتيازات المادية وغرف الإقامة والنوم والراحة في الفنادق ، أما بقية الأمور فقد صارت بيد السفير وطاقمه وجواسيسه.
وأخيرا .. يُعَدُّ الحديث حول ما ستصنعه حكومة المنفى والافتراضات المتعلقة بهذا الشأن لهواً وعبثاً واحتقاراً للإنسانية، لأننا أمام مجموعة من المخبرين والعملاء ونزلاء الفنادق غير المحترمين ، كما أنهم هجين من أطراف غير وطنية متناحرة ومتصارعة وتضمر السوء والشر لبعضها لا يجمعها مشروع أخلاقي وطني ، تتشبث بالمناصب الشكلية لرغبات غير يمنية ، أما ما تصدره وسائل إعلام المقيمين في فنادق الرياض من أخبار يومية فهو أمر باعث على السخرية ، إذ أن الأخبار المصدرة يوميا عبر مواقع وقنوات وصفحات لا تتحدث عن شخص موجود في اليمن بل عن مقيمين بإقامات دائمة في فنادق الرياض الفاخرة ، ولا يضاهي هذا الحال السخيف إلا سخافة بعض المنتظرين في صنعاء لكبار المرتزقة والعملاء القاطنين في فنادق الرياض أن يعالجوا مشاكل المرتبات والدولار والحصار وغيرها من القضايا المهمة والمصيرية .