مفارقة
موقع أنصار الله || مقالات || حميد رزق
ما أصلبهم وأقوى عزيمتهم، مذهلون، رباطة جأش في مواجهة العالم، نعم، يخوض العالم -عدى دول قليلة- حرباً على اليمن وعليهم، ويستخدمون فيها أحدث وسائل التكنلوجيا وأهم منظومات التسليح الحديثة، يحاربهم العالم، ويدعمون حروباً داخلية ضدهم بمئات الملايين من الدولارات، فتن صنعت في طريقهم، مذهبية ودينية وعرقية، كل التهم الصقت بهم، سعوا بكل الوسائل لتشويههم، ويمولون مجموعات ارهابية وقاعدية لتقتلهم، وتغتال عناصرهم، وتفخخ أماكنهم، وتشن عليهم حرب عصابات، ويحاصر أعدائهم البلد ليربكوا تحركاتهم ويلهونهم عن مواجهة العدوان، ويستهدفون بالقصف كل ما يمت بالصلة اليهم، حتى القبور والمساجد والأضرحة، عشرات الجبهات فتحت لهم، داخلية وخارجية، حوصر اعلامهم وأغلقت قنواتهم والقنوات الرافضة للعدوان وقصفت مقرات تلفزيوناتهم، وكل ما يمكن تخيله في أي حرب بشعة.
ومع كل ذلك صامدين، صابرين، واثقين بالنصر، وكأنهم يروه أمام أعينهم عياناً بياناً، ويوفرون الأمن في مناطق سيطرتهم والحد الأدنى من الخدمات، وليس هذا فحسب، فقد انتقلوا من الصمود والصبر الى الهجوم، وفتحوا عدة جبهات في الحدود السعودية، وسيطرا على الكثير من المواقع، وقهروا جيش النظام السعودي في المواجهات المباشرة، فأذهلوا العالم، وأربكوا كل الخطط ضدهم.
***
أي ايمان لديهم، أي جلد، أي صبر، من أين كل هذه الثقة والقوة والقدرة على تحدي العالم الذي اشترته الرياض بأموال نفطها، كأن الإيمان تم سكبه الى عقولهم سكباً، وسُكَت قلوبهم على الثقة والطمأنينة، ونزع منهم كل شك وتردد وضعف، يحبون الموت كحبنا للحياة، يتسابقون اليه كسباقنا على دنيا نصيبها أو إمرة ننكحها، يرون ربهم أمامهم فيريهم الطريق الى النصر، مع أني لا أؤمن بالكثير من مُسلماتهم وعقائدهم لكنهم مؤمنون بها، وهذا هو الأهم وهو سر انتصارهم “الايمان المطلق الغير قابل لأي تشكييك”.
لولاهم لكنا نذبح اليوم في شوارع صنعاء كما يذبح الكثيرون في المدن التي تسيطر عليها القاعدة والمجموعات المتطرفة الأخرى، لولاهم لكان مسلسل الاغتيالات مستمر، ولملئت الشوارع بجثث المواطنين والجنود وكل من لا يدين للإرهاب بالولاء، ولكانت صنعاء كالمكلا، ولكانت عمران كرداع أيام القاعدة، ولكانت ذمار كأبين في عهد أنصار الشريعة، لولاهم أن أغلب مناطق اليمن كالمناطق التي تسيطر عليها داعش في العراق وسوريا***