ضيافةُ الله وبلوغُ التقوى
موقع أنصار الله || مقالات || نوال أحمد
إن شهرَ رمضان المبارك هو موسم وَربيع القرآن الكريم، وفيه الليلة التي نزل فيها القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، كما قال سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَـى في كتابه الكريم (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).
شهر رمضان يخوض فيه المؤمنين عملية تطهير وتنقية لقلوبهم من شوائب الدنيا وعلاقاتها المادية، حَيثُ تكون القلوب فيه متهيئة ومفتحة أبوابها لاستقبال آيات النور وحديث الهدى، وشهر رمضان المبارك هو ربيع القرآن وميلاده، وهو الشهر الكريم الذي يضاعف الله فيه عمل كُـلّ إنسان أضعافاً كثيرة، وما علينا في هذا الشهر الكريم إلا أن نسعى في جعل أنفسنا نفوس زاكية عامرة بالتقوى والإيمان واليقين.
شهر رمضان هو الشهر الذي قد امتدحه الله في كتابه الكريم ورفع من درجة أيامه ولياليه؛ لأَنَّها أَيَّـام وليالي الشهر الذي أنزل فيه -القرآن- هذا القرآن الكريم الذي فيه النور لمن يعيش حالة التيه والعمى، وفيه البينات والشواهد لمن أراد أن يحصل على العلم والبصيرة، وفيه الهدى لكل من أراد الفهم والحقيقة وكسب المعنويات ((إِنَّ هَذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْـمُؤْمِنِينَ)) فيقرأ الإنسان المؤمن آيات الله بقلبه ليشعر أنه منها وفيها وعليها، فَـإنَّ من يقرأ القرآن بهذه البصيرة كان له فرقانا يميز له الحق من الباطل، ويعرف به طريق الخير من الشر، ومن يقرأ آيات القرآن الكريم بتأمل وتدبر فمعناه الانفتاح على حقيقة القرآن بعيدًا عن كُـلّ الحجب والانتماءات والارتباطات.
من يريد معرفة الله فَـإنَّ الله سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَـى قد تجلى لعباده في كتابه ولكن أكثر الناس لا يبصرون، فكل آية من آيات القرآن الكريم والذكر الحكيم تكون تعبيرا عن سنن إلهية، واسم من أسماء الله الحسنى، كُـلّ آية من كتاب الله هي تعبير عن حكمة بالغة، وبصيرة ورؤية واضحة، تكون مفتاحاً من مفاتيح الوصول إلى حقائق كتاب الله، القرآن الكريم هو بمقام الأُستاذ الذي يعلم ويربي ويزكي الإنسان، وينبغي أن نسلط هذا القرآن الكريم على أنفسنا حتى نعرف من نحن وكيف يجب أن نكون، لنستلهم من هداه ورؤاه وسننه في كيف نزكي أنفسنا وكيف نفكر ونخطط ولنوجه حقائقه إلى واقعنا النفسي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي وعلى كُـلّ المستويات.
وفي هذا الشهر الكريم الذي هو محراب الصوم والعبادة ونفحاته الروحانية، ونحن في هذه الليالي المباركة التي نعيش أجواءها القرآنية النورانية مع علم الهدى ونبراس التقى الحاضر بيننا، سيد قلوبنا الحريص على هداية وتربية هذه الأُمَّــة التربية الإيمانية القرآنية، السيد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي يحفظه الله ويرعاه، الذي يحمل هَمّ هذا الدين وهموم أبناء أُمَّـة جده رسول الله في الحرص على إنقاذهم وتخليصهم من غياهب وزنازين الضلال إلى حَيثُ الهدى والبصيرة، الحريص على انتشال الغافلين والتائهين من بحور الظلمة والعمى إلى عالم النور والاستقامة، رغم انشغالاته الكبرى وهو يقود أكثر من عشرين جبهة في مواجهة أعداء الله إلا أنه يحرص في كُـلّ ليلة من ليالي هذا الشهر المبارك على أن يخصص جزءًا من وقته في إلقاء الدروس والمحاضرات التي هي غذاء روحي لكل ذي لبّ، وهي جرعات معنوية ترتاح بها النفوس وفيها دواء القلوب، فيها الهدى والنور والشفاء لما في الصدور، وفي شهر الصيام الحمدُ لله رب العالمين على نعمة الهداية وعلى هذه القيادة القرآنية التي أحيت الأُمَّــة بالقرآن وبآياته وبيناته الواضحات جعلت كُـلّ الحقائق تتجلى في واقع هذه الأُمَّــة ليبصر من أراد البصر وآتاه الله البصيرة، فيحيا من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.