في وداع الفريق الشامي
موقع أنصار الله || مقالات ||أحمد يحيى الديلمي
بالأمس القريب ودّعت صنعاء -واليمن بشكل عام – المناضل الجسور الفريق يحيى محمد الشامي ، رجل الدولة الأول الذي عرفه الناس جميعاً بمواقفه الصلبة وقوة بأسه.
من المضحك المبكي أن قنوات العدوان – بما في ذلك قنوات المرتزقة – فسرت ما حدث على هواها إذ قالت العربية وفاة مهندس الانقلاب الحوثي ، وذهبت قنوات أخرى إلى اختلاق عناوين ما أنزل الله بها من سلطان، كل ذلك يوضح مدى إفلاس هذا الإعلام ووصوله إلى مرحلة الهوس والتخبط وإلا فهم يعرفون من هو يحيى الشامي، الذي ظل كما عهدناه وفياً للدولة، قائماً بكل أعباء المسؤولية عندما تسند إليه أي مهمة، وكما قال لي ذات يوم أنا أحترم قرار الدولة، وبالفعل كان يترجم هذا القول عملياً في كل المهام التي تولاها ، إذ يكفي أن نشير هنا إلى موقفين :
الأول: عندما تولى محافظة صعدة في المرة الأولى، فلقد استغرب أحد الأجانب حينما ذهبنا معاً إلى صعدة وقمنا بزيارة سوق الطلح، كان قد سمع أن سوق الطلح تُعرض فيه جميع الأسلحة بما في ذلك الثقيلة، ولكنا وجدناه خالياً تماماً ولم نجد حتى معبراً واحداً، سألنا: أين ذهبت الأسلحة؟ قالوا المحافظ الجديد منع تداول الأسلحة في المدينة وكل المناطق، وتأكد الأمر بالنسبة لي حينما وجدت كبار مشائخ صعدة أمام الرئيس السابق صالح، يشكون من الشامي ويصفونه بالإمام لأنه عطّل مصالحهم.
الثاني : عندما تولى محافظة مارب وتم اختطاف مجموعة سُياح أجانب، قام بتطويق المنطقة وطلب منهم الإفراج عن السياح خلال ساعات محددة وإلا فإنه سيضطر إلى ضرب المنطقة بشكل عام، وبالفعل جاءوا إلى مارب وسلموا السياح الذين لم يمسهم أي سوء، هذا التصرف أغضب علي محسن تماماً، لأن الرجل كان قد أوعز لأصحاب المنطقة بخطف السُياح لكي يغدق عليهم بالمال وعلى نفسه كما هي العادة، فلقد كانت الدولة تبادر إلى صرف مئات الملايين مراضاة للخاطفين بحجة أنها طريقة سلمية لإخراج الرهائن، بينما كان الأمر يأخذ طابعاً آخر وهو السلب والنهب، فما يُعطي للقبائل لا يساوي إلا 20% من المبلغ الذي تم صرفه من الدولة والباقي يذهب إلى جيب الفندم علي محسن، هكذا كانت تدار الدولة بهذه المهزلة وبهذا السفه والأسلوب الخبيث الذي أفقدها أهم شيء وهي الهيبة ، بينما كان المرحوم يحيى الشامي يحاول أن يجسد الدولة بكل معانيها، وعندما سألته كيف تتعاطى مع الدولة بهذا الأسلوب والأمور كلها سائبة، أجاب: هذه مسؤولية أمام الله وأمام الوطن، لا يهمني كيف يتصرف الآخرين، إذاً فالرجل كان مقياساً لرجل الدولة المسؤول صاحب القدرة على ترجمة معاني الدولة بكل قيمها وهيبتها ومكوناتها، لم يهتم بما يمارسه الآخرون من أساليب ديماغوجية حاولت إضعاف الدولة وسلب مقدرات الشعب، بل ظل متمسكاً بمبدأ أن المسؤولية أمانة والأمانة لابد أن تترجم طلباً لرضا الله سبحانه وتعالى، وهكذا كان في كل المواقع التي أسندت إليه، حيث كان الطلبة في زمن التجنيد الإجباري يتهافتون جميعاً للحاق بالقوة التي تحت إمرته وهو اللواء الثاني مدرع لأنه كان يتعاطى معهم بأخلاق ويعتبرهم نواة لبناء المستقبل، ولا يتصرف في التغذية التي تعطى لهم كما يعمل الآخرون الذين كانوا يختصرون الصرف اليومي إلى الربع ويستحوذون على ثلاثة أرباع، ولا يهمهم إن جاع الطلبة وتضوروا من الجوع، ووصل الأمر هذا حتى إلى الكليات العسكرية والأمنية .. أكتفي بهذا وأقول رحم الله فقيد الوطن يحيى محمد الشامي وأسكنه فسيج جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون ..