استشهاد الإمام علي بسيف محسوب على الإسلام إنما هو نتيجة لانحراف السقيفة الذي سبق
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وصلى الله وسلم على أمير المؤمنين وسيد الوصيين، خليفة رسول رب العالمين، الإمام علي بن أبي طالب، وعلى أهل بيت رسول الله، ورضي الله عن شيعتهم الأخيار في كل زمان ومكان.
السلام عليكم أيها الأخوة ورحمة الله وبركاته
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا جميعاً أن يتقبل منكم مشاركتكم بهذا الحضور الكبير لنحيي ذكرى حزينة، لنتحدث عن مأساة، مأساة للدين، مأساة للأمة، إنها فعلاً لذكرى حزينة، وكيف لا نحزن والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قد قال في حديثٍ أن ذلك الذي يقتل الإمام علي ابن أبي طالب (صلوات الله عليه) هو أشقى الأمة، جلب الشقاء على هذه الأمة من ذلك الزمان إلى اليوم.
الإمام علي عليه السلام بفضله بمقامه، بسبقه، بكماله، بعنائه الكبير، وجهاده المستمر المرير في سبيل إعلاء كلمة الله، تحت راية رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
كيف لا تكون ذكرى حزينة أن نرى ذلك البطل، ذلك العظيم، ذلك العَلَم يسقط شهيداً، هل كان سقوطه ذلك في مواجهة مع أعداء الإسلام فكان السيف الذي قُتِل به من خارج هذه الأمة؟. إنه وللأسف الشديد، والذي يدل على الشقاء الذي وقعت فيه هذه الأمة أن الإمام علي صلوات الله عليه يسقط شهيداً في عاصمة دولته، في باب محرابه، في فِنَاءِ مسجده، وسط هذه الأمة، وبسيفٍ محسوب على هذه الأمة، وبمؤامرات من قبل من أصبح فيما بعد خليفة يحكم هذه الأمة، والكل تحت عنوان [إسلام ومسلمين].
إن هذا يدل على ماذا؟. يدل على انحراف عن الخط السوي، عن الصراط المستقيم ؛لأن من المعلوم أن دعوة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أن رسالته، أن تربيته، أن منهجيته كانت بالشكل الذي تخلق ساحة للعظماء، تخلق أمناً للعظماء، تخلق التفافاً تحت رايات العظماء لا أن يصير الحال إلى أن نرى أولئك العظماء يتساقطون واحداً تِلوَ الآخر داخل هذه الساحة، فالإمام علي (عليه السلام) يسقط شهيداً، والإمام الحسن عليه السلام يسقط بعده شهيداً، والإمام الحسين عليه السلام يسقط بعده شهيداً، والإمام زيد عليه السلام يسقط بعده يسقط شهيداً وهكذا واحداً تِلوَ الآخر، ما الذي حصل؟. إن لم يكن في هذا ما يدل على أنه وقع انحراف خطير فلا أدري ما هو الشيء الذي يمكن أن يدل بعد هذا.
الذي يتأمل كتاب الله يجده يأمر الأمة يأمر المسلمين أن يكونوا مع الصادقين، فلماذا أصبح الصادقون يتساقطون واحداً تلو الآخر؟!. ولماذا أصبحت تلك الأمة التي خُوطِبَت بأن تكون مع الصادقين تعتدي على هؤلاء، وفي نفس الوقت التفوا مع الكاذبين، يسقط الإمام علي (عليه السلام) شهيداً وتلتف الأمة بعده –رغبة ورهبة- تحت راية معاوية وفي صف معاوية.
هل كان ذلك وليد تلك اللحظة، وليد ذلك الشهر الذي سقط فيه الإمام علي (عليه السلام) شهيداً؟. لا. إنه الانحراف الذي بدأ في يوم السَّقِيفَة، والذي يرى البعض بل ربما الكثير يرون في تلك البداية وكأنها بداية لا تشكل أية خطورة، لكن شاعراً كـ[الهَبَل] مرهف الحِس، عالي الوَعي، راسخ الإيمان، يمتلك قدرة على استقراء الأحداث وتسلسل تبعاتها يقول في كلمة صريحة في بيت صريح :
وكل مُصابٍ نَالَ آل محمدٍ فليس سوى يوم السَّقِيفَة جَالبُه
عندما نرى الإمام علياً (عليه السلام) يسقط شهيداً فلا يكفي أن نحزن، لا يكفي أن نبكي، لا يكفي أن نتألم بل لا بد أن نأخذ العبرة، أن نتساءل: لماذا نرى الصادقين يسقطون شهداء داخل هذه الأمة؟؟. ولماذا رأينا فيما بعد وعلى امتداد التاريخ الكاذبين الظالمين الطغاة المحرفين للدين، المنتهكين لحرمات الله هم من يحكمون هذه الأمة؟؟!. وباسم رسالة هذه الأمة [الإسلام]، وباسم رسول هذه الأمة [خليفة رسول رب العالمين، أمير المؤمنين] وعناوين من هذه؟.
سنظل نحزن نحن وغيرنا، ونظل نبكي نحن وغيرنا ما لم تكن نظرتنا للأحداث على هذا النحو، وسنظل نشاهد الأحداث المريرة، ونتألم لحادث بعينه للفترة التي هو فيها، دون أن نأخذ العبر ودون أن نأخذ الدروس، إن هذا يعتبر خللاً كبيراً لا يمكن للأمة أن تعرف كيف ترسم طريقها، لا يمكن للأمة أن تعرف كيف تسلك المنهج الذي تمثل بسلوكه الالتفاف مع الصادقين، الانضواء تحت رايات أعلام الدين، لا بد من استقراء الأحداث، لا بد من معرفة الأسباب ، لابد من معرفة الخلفيات.
وهذه قضية ليست جديدة، نحن عندما نربط سقوط الإمام علي (عليه السلام) شهيداً بحادثة السقيفة على الرغم من قربها فليست قضية مستبعدة فنحن نسمع اليوم من يقولون عن اليهود: إن الذي جعل اليهود على هذا النحو يتعاملون مع هذه الأمة بهذه القسوة هو ثقافتهم، هو تأثراً بثقافتهم تلك الثقافة التي عمرها قرون طويلة قد لا تقل عن ثلاثة آلاف سنة، فعندما تسمع محللين من هذا النوع يقولون لك :إن تلك الثقافة قبل قرون من الزمن هي التي جعلت اليهود على هذا النحو في نظرتهم للبشرية، في تعاملهم مع الأمم، في انزوائهم على أنفسهم بأرواح شريرة، بقسوة بالغة، بنظرة ملؤها الحقد والكراهية للبشرية وبالذات للمسلمين إنما ذلك نتيجة انحراف حدث قبل قرون؛ لأن ما هم عليه الآن ليس امتداداً لشريعة موسى عليه السلام في أصلها في جوهرها في حقيقتها، ولا تطبيقاً لشريعة عيسى عليه السلام بالنسبة للمسيحيين في أصلها وجوهرها وحقيقتها وما تدعو إليه ، لا يمكن لدين من أديان الله سبحانه وتعالى أن يكون أثره في أمة من الأمم على هذا النحو الذي نرى عليه اليهود اليوم، على هذا النحو الذي نرى عليه النصارى اليوم، إذاً فالكل متفقون، بل لقد سمعنا بعض المحللين من قساوسة المسيحيين يقول: إنما جعل المسيحيين على هذا النحو هو تأثر بثقافة يهودية اخترقت صفوف المسيحيين. فقال: [لدينا مسيحيين يهود، وأنتم عندكم مسلمين يهود لكنكم لا تجرءون على أن تقولون هذا، فكما لدينا مسيحيين يهود أنتم لديكم أيضاً مسلمين يهود] ؛لأن اليهود عملوا في الخطين داخل المسيحيين من قبل وداخل هذه الأمة وما زالوا يعملون على هذا النحو إلى اليوم.
بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب نحن نجيب على تساؤل أو نطرح تساؤل: لماذا استشهد الإمام علي (عليه السلام)؟؟. لماذا قُتل الإمام علي (عليه السلام) وعلى هذا النحو: في المسجد، في شهر رمضان، في ليلة القَدْر، بسيف محسوب على المسلمين، رجل محسوب على هذه الأمة، وبمؤامرة شخص حكم فيما بعد هذه الأمة؟!!. إنه الانحراف السابق، الانحراف الذي أدى إلى ماذا؟. على الرغم من تأكيدات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لأولئك الذين كانوا على يقين من صدقه، كانوا على يقين من نبوته، كانوا على يقين من حرصه على المؤمنين، كانوا على يقين من حرصه على هداية هذه الأمة، وأن لا ترتد هذه الأمة، وأن لا يسيطر الضلال على هذه الأمة، ولقد قال لهم (صلوات الله عليه وعلى آله) : ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)). وقال لهم أيضاً وقال للناس جميعاً من بعدهم ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يَرِدَا عليّ الحوض)) والإمام علي عليه السلام هو رأس أهل البيت عليهم السلام.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
ذكرى استشهاد الإمام علي (عليه السلام)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 19/رمضان/1423هـ
اليمن- صعدة