المبادرة الخبيثة ونقطة التحول!
موقع أنصار الله || مقالات ||سند الصيادي
رغم عدم القبول بها على الأرض في وقتِها، وَسخريةُ التعاطي معها من جانب الاحتلال الصهيوني، إلَّا أن مبادرة الملك السعوديّ السابق عبدالله بن عبد العزيز عام 2002م، أَو ما سُمِّيَت غَصْباً بـ”مبادرة السلام العربية”، ونصَّت على دولتين بحدود 67م، إلَّا أن هذه المبادرةَ كانت خبيثةً بما يكفي للوصول إلى هذه المرحلةِ من الارتهان وَالخيانة.
لقد أعطت مبادرةُ السعوديّة الأريحيةَ والمعنوياتِ الكاملةَ للكيان، وقد كان قبلها -وَرغم توسع احتلاله لأرض فلسطين- ينزعج من المواقف العربية التي تلغي وتنكر وجوده في خارطة المنطقة وتتعاطى معه ككيان غاصب وَطارئ وليس له أي حق في البقاء على حفنة من تراب فلسطين.
وبموجب هذه المبادرة انتزع الكيانُ اعترافاً كان ينشُدُهُ طويلاً، ثم استند عليها كخلفيةٍ تمهِّدُ لسقفٍ جديدٍ من الأطماع وَالتنازلات؛ لأَنَّها منحتهم الاعترافَ بهم رسميًّا في المنطقة بلا مقابل ولا ضمانات وهو ما كان غائباً عن مبادئ الصراع تاريخيًّا.
لم يجهد هذا الكيان نفسَه حتى في قراءة اشتراطاتها وَبنودها التي كانت تبدو في المقابل فضفاضة لدى اليائسين العرب من جدوى الاستمرار في المقاومة، وهو ما عبرت عنه تلك الخبيثةُ في ديباجتها التي ادّعت اقتناعَ الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقّق السلام أَو الأمن لأيٍّ من الأطراف.
لقد جسّدت هذه المبادرةُ مَثلَاً شعبياً متداولاً مفادُه أن “من يقبل بدفع التسعين ريالاً لن يرفض دفع المية ريال”، وَهذا ما حدث، فقد تحقّقت البنودُ التي لصالح الكيان فقط بحذافيرها، وَرُميت مطالبُ المنبطحين كلها عرض الحائط.
بقي أن ننوّهَ إلى أن هذه المبادرةَ التي لا فائدة عربية تُذكَرُ تحقّقت منها، إلَّا أنها مهّدت لما بعدها من التنازلات وَالمواقف التي كان آخرها صفقة القرن.
لم تكن الخيانة الأولى وَإنما نقطة تحول جديدة في مسار التبعية الأمريكية الصهيونية لكثير من الأنظمة العربية التي أفلت أَو التي لا تزال تتوارث الولاء… وَلولا تنامي محور المقاومة وعدم القبول بهذه المبادرة وَكُـلّ صفقات الخنوع العربي، وَوقوفه شوكة في حلق المشاريع والأماني الصهيونية، لما بقي لأحرارِ فلسطين بقعةُ أرض ينطلقون من خلالها.