النهضة الاقتصادية في خطابات السيد القائد

 

يبين السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن كثير من الحلول للمشاكل الاقتصادية تدخل في إطار المفهوم الإيماني الحضاري، الذي يتجه إلى البناء الداخلي، وعوامل القوة بكل أشكالها وأنواعها، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}،ويؤكد أن على الشعب اليمني أن يتحرر من كل تأثيرات العدو السلبية، وأن يدرك أن جزءاً أساسياً من انتمائه الإيماني والديني هو يتعلق بالموضوع الاقتصادي، بالنهضة الاقتصادية، بالعمل على توفير كل عوامل القوة من الداخل، بالعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي، ويبين أن المسؤولية تأتي على الجميع، ليجدد التأكيد أن النهضة الاقتصادية هي ذات علاقة بالنسبة لنا بإيماننا، بل أنها من أهم ما يحتل موقعاً متميزاً وأساسياً في المنظومة الإيمانية، ولذلك فإننا معنيون بالاهتمام بهذا الجانب، حيث يقول في خطابه بمناسبة الذكرى السنوية لجمعة رجب، 1441هـ:

“كثير من الحلول لمشاكلنا الاقتصادية تدخل في إطار هذا المفهوم الإيماني الحضاري، الذي يتجه إلى البناء الداخلي، الذي يتجه إلى عوامل القوة بكل أشكالها وأنواعها: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، أولئك الآخرون الذين كانوا يحاولون أن يرسِّخوا مفاهيم سلبية في ذهنية أبناء شعبنا العزيز، فيرى في نفسه شعباً عاجزاً لا يمكنه أن يربي دجاجةً، ولا أن يوفر أي شيءٍ من متطلبات الحياة ومستلزمات الحياة، وأنه بحاجة إلى أن يستورد كل شيءٍ من الخارج، ويجعلون هذا البلد رهينةً للاعتماد في كل شيءٍ على الخارج، هم ظلموا هذا الشعب، وعلى هذا الشعب أن يتحرر من كل تأثيراتهم السلبية، من كل مفاهيمهم الظلامية، وأن يدرك أن جزءاً أساسياً من انتمائه الإيماني والديني هو يتعلق بالموضوع الاقتصادي، بالنهضة الاقتصادية، بالعمل على توفير كل عوامل القوة من الداخل، بالعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وهنا تأتي المسؤولية على الجميع: على الحكومة والمسؤولين، على أبناء الشعب كذلك، الجميع معنيون في أن يكون هذا توجهاً عاماً، كثيرٌ من البرامج والخطط، وكثيرٌ من السياسات التي اعتمدت في الرؤية الوطنية فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي بحاجة إلى تعاون فعلي بين الحكومة والشعب، بين المسؤولين وبين أصحاب رؤوس المال والأعمال، بين أبناء الشعب بشكلٍ عام، النهضة الاقتصادية هي ذات علاقة بالنسبة لنا بإيماننا، بل هي من أهم ما يحتل موقعاً متميزاً وأساسياً في المنظومة الإيمانية، ولذلك نحن معنيون بالاهتمام بهذا الجانب”.      

ويؤكد السيد القائد السيد في المحاضرة التاسعة عشرهـ، ضمن سلسلة المحاضرات الرمضانية للعام 1442هــ.

بالقول:

  • “عندما نلحظ أن من مسؤولياتنا أن نكون أمةً مستقلةً، لا تخضع للطاغوت، لأعدائها المضلين، من الطواغيت المجرمين، المتسلطين، المستكبرين، وأن تبني مسيرة حياتها على أساس هدي الله وتعليماته سبحانه وتعالى، وهذا الذي يحقق لها الاستقلال الفعلي والحقيقي، معنى ذلك: أنها ستدخل في صراع مع أعدائها، ولا بدَّ لها بأن تسعى لأن تكون أمةً قوية، والله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال: من الآية60]”.
  • “القوة الاقتصادية، الاقتصاد في موضوع القوة المادية يدخل كعنوان أولي ورئيسي، فالأمة تحتاج: إلى العناية باقتصادها، وأن تسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن تستثمر ما أعطاها الله من النعم على نحوٍ يجعلها أمةً قوية، يتوفر لها احتياجها الرئيسي: من غذاء، من دواء، من سلاح، من كافة الاحتياجات: الطبية، والملابس، وما يدخل في عمرانها، ما يدخل في مختلف احتياجاتها.

أن تسعى لأن تكون أمة تصنع، وتزرع، وتنتج، وأن تمتلك أيضاً ما تحتاج إليه من خبرة، من علم ومعرفة في هذه المجالات، أن تسعى هي لأن تكون أمة تحقق التقدم التكنولوجي، والتقدم على كل المستويات.

هذا أمرٌ مطلوب، ومن منطلقٍ إيماني، من منطلقٍ إيماني، من أجل أن تكون أمةً قوية: تجاهد في سبيل الله، تدفع عن نفسها خطر الأعداء، تحقق لنفسها الاستقلال الحقيقي، فلا تبقى مرهونةً ورهينةً تحت سيطرة الأعداء وتحكمهم في كل أمورها”.

ويضيف بالقول:

“عندما تكون الأمة معتمدةً في توفير غذائها واحتياجاتها الأساسية من بلدان أخرى، هذا نقص حتى في موضوع أمنها القومي، البلدان الأخرى تحسب في حساب أمنها القومي: أن توفر احتياجاتها الأساسية، الضرورية، داخلياً، وأن تحقق لنفسها الاكتفاء الذاتي في ذلك، فهذا المفهوم هو مفهوم مهم جدًّا، كفيلٌ- إذا استوعبته الأمة وانطلقت على أساسه- أن يكون عاملاً مهماً للنهضة”.

وفي هذا الصدد، يبين السيد القائد أن: “من أهم المتطلبات اللازمة لذلك: أن نسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن نهتم بالإنتاج الداخلي؛ لأن اعتمادنا على توفير كل احتياجاتنا من الخارج، بما فيها الاحتياجات الأساسية والضرورية، يمثِّل ورقة ضغطٍ لدى أعدائنا علينا، وهذا شيءٌ معروف، وكما شرحنا سابقاً: أنَّ الدول الأخرى تهتم وتعتبر هذا من ضمن أمنها القومي: توفير احتياجاتها الأساسية.

فلكي ندعم توجهنا في تحقيق الاستقلال، والحرية، والكرامة، والتحمل لمواجهة الحصار، والأعباء، ومؤامرات الأعداء، لا بدَّ أن نهتم بالإنتاج الداخلي، وأن نسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن نسعى لتوفير الاحتياجات الضرورية، وهذه مسألة معروفة عند الدول”(المحاضرة الحادية والعشرون، 1442هـ).

وفي سياق عدم ربط الجانب الاقتصادي بنهضة الأمة، يبين السيد القائد سبب ذلك في أن موضوع النهضة في داخل الأمة بكله قد شطب، وأن الأمة لم تمتلك مشروعاً لتنهض أبداً، حيث أتى عليها حكام متسلطون وحكومات فاسدة وجائرة، يقول:

“نحن نمتلك من القيم الدينية والمبادئ والتشريعات الإلهية ما يساعدنا حتى على أن يكون الانتاج عندنا انتاجاً متميزاً، يحرم عندنا الغش، يجب أن يكون عندنا اهتمام بإنتاج الأشياء بشكل صحيح وسليم، قيم دينية، ولكن المشكلة غياب هذه القيم، وعدم ربط الجانب الاقتصادي بنهضة الأمة؛ لأن موضوع النهضة في داخل الأمة- بكله- شطب، لم تمتلك أمتنا مشروعاً لتنهض أبداً، أتى عليها حكام متسلطون وحكومات فاسدة وجائرة، وكثيرٌ من الشخصيات الذين يتبوؤون مواقع المسؤولية في بلداننا اهتماماتهم شخصية: هذا مهتم بأن يكون له رصيد في البنك، ومهتم أن يكون له من موقعه في المسؤولية منصباً، أو عائداً مادياً، وثروةً، وشركةً، ومؤسسةً… وهكذا ينمّي حاله الشخصي؛ فيصبح هذا الزعيم أو ذاك الرئيس يمتلك مليارات في الدول أرصدة في بنوكها، ويمتلك مشاريع استثمارية هائلة له شخصياً، لم يتجه إلى تأسيس بنية اقتصادية محلية، يطور فيها الإنتاج الزراعي لشعبه، وينظم فيها الإنتاج الزراعي لشعبه، ويدعم المزارعين، وينظم عملية الاستيراد، وينظم عملية التسويق، وينظم كل هذه العمليات”.

وفي خضم ذلك، يؤكد السيد القائد أننا بحاجةٍ إلى أن نكون أمة قوية في مواجهة التحديات والأخطار، وأن ننهض اقتصاديًا، وأن نكون أمةً قوية في اقتصادها، يقول:

“نحن بحاجة لأن نكون أمة قوية في مواجهة التحديات والأخطار، وأن ننهض اقتصاديا”.

“أننا كأمة مسلمة بحاجة إلى أن نكون أمةً قوية في اقتصادها، أمةً تمتلك الحس الانتاجي، التركيز على الانتاج، التركيز على حسن التصرف والرشد والحكمة في التصرف فيما هناك من إمكانات وماديات”(الحادية عشر، 1440هـ).

 وفي هذا السياق، يشير السيد القائد إلى أن هناك بلدان إسلامية دخلت عالم النهضة الاقتصادية كماليزيا، وسنغافورة، وعندما نقيم تلك التجارب الناجحة وواقعنا سنجد أننا نمتلك فرصاً أكبر، وإمكانات تساعدنا لو نستفيد منها أكثر، ويبين أن المشكلة هي مشكلة إدارة، ومشكلة سياسة، ومشكلة وعي عام، ومشكلة تعليم…ومشاكل كثيرة: يقول:

“هناك بلدان إسلامية لا بأس- يعني- دخلت عالم الإنتاج، عالم النهضة الاقتصادية كماليزيا مثلاً، كسنغافورة، ولها تجربة، ماليزيا لها تجربة، كيف نهضت؟ لربما لو نأت لنقيم أي البلدان تمتلك قدرات، إمكانات، ظروفاً اقتصادية من حيث مثلاً الثروة النفطية، الثروة الغازية، الثروة الزراعية، الإمكانات هذه، البنية التي تلزم لها يعني، نحن أم ماليزيا؟ قد نجد عندنا فرصاً أكبر، وإمكانات تساعدنا لو نستفيد منها أكثر، ولكن المشكلة مشكلة إدارة، مشكلة سياسة، مشكلة وعي عام، مشكلة تعليم… مشكلات كبيرة جدًّا” (المحاضرة الحادية عشر، 1440هـ).

 

 

 

قد يعجبك ايضا