مخاطر الهيمنة الأمريكية على المنطقة العربية

 يقول الكاتب والصحفي السوري حسين العودات أن “الهيمنة الأمريكية لا تستهدف العرب وحدهم، وإنما تمد يدها للعالم كله، شماله وجنوبه، لاتوفر لا الحلفاء ولا الأعداء، وتعبر بصدق عن همجية الاحتكارات الرأسمالية ووحشيتها، وإيمانها بشريعة الغاب، واستخفافها بالشرائع والقوانين والأعراف الدولية، وتزداد هذه الوحشية عتواً وتصاب بالعمى أكثر فأكثر عندما يتعلق الأمر بالقضايا العربية، بسبب التأثير الصهيوني وأهداف إسرائيل الحليف الاستراتيجي والتاريخي لها. وفي ضوء ذلك فإن المواجهة الشاملة لهذه الهيمنة الطاغية هي الوحيدة الكفيلة بتحقيق النصر النهائي عليها، من خلال الوقوف الجاد والحازم بوجه هذه الإمبراطورية العمياء المدججة بالسلاح، التي تسعى لجعل العالم كله يدور في فلكها ويخدم مصالحها، ويتخلق بأخلاقها ويؤمن بقيمها ويستجيب لأهوائها)).

 

وحينما نعود إلى بداية انطلاقة الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) نجده يدرك جيداً الشهية الأمريكية للهيمنة المطلقة على المنطقة العربية والعالم بكله وما أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلا وسيلة ضمن وسائل تهيئة العالم للمخطط الأمريكي الذي هندس له اليهود كونهم من يتحكمون بأمريكا ودول الغرب بكلها وهم من يحركون هذه الدول لأنهم كما يوضح السيد حسين عندهم طموح كبير للهيمنة على العالم.. لكنهم يعتبرون الهيمنة على المنطقة العربية مفتاح الهيمنة على العالم بكله من خلال ثرواتها الهائلة من النفط وموقعها الجيوسياسي الهام..

ومن هذه الرؤية انطلق الشهيد القائد ليحذر اليمنيين والعرب بأن المرحلة مرحلة عمل وتحرك ولم يعد هناك أي خيار سوى التحرك الفاعل وبكل الوسائل لأن ثمن السكوت والقعود هذه المرة سيكون باهضا فإذ لم يتحرك الناس سيدوسهم الامريكيين  ((إذاً فلنتأكد جميعاً بأنه آن – فعلاً – أن نرفع صوتنا وأن يعد الجميع أنفسهم لأن لا يدوسهم الأمريكيون بأقدامهم، وهم كعادتهم في كل بلد يخادعون، يخادعون، والعرب بسطاء في تفكيرهم، العرب سطحيون في نظرتهم))

 

مخاطر الهيمنة الأمريكية

تتميز منطقتنا العربية بموقعها الاستراتيجي وبثرواتها الهائلة والتي هي بدون شك مطمع كبير ليس لأمريكا وحدها بل لكل القوى الكبرى في العالم لأن من يهيمن عليها سيهمن على العالم وهذا ما أشار له السيد حسين في الدرس الرابع من دروس رمضان حيث يقول: ((نقول نحن مثلاً: الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بالقرآن الكريم ، أنعم علينا بموقع هام جداً من الناحية الجغرافية من ناحية الثروات الهائلة التي نرقد عليها في باطن الأرض التي نحن فيها في الجزيرة العربية هذه ما ينبغي أن نكون نحن أضعف الناس، لا ينبغي أن نكون أول كافرين بهذه النعمة، نعمة على ظاهر الأرض القرآن الكريم، ونعمة في باطن الأرض الثروات الهائلة، نعمة في الموقع بكله؛ ولهذا يتسابق الآخرون عليه؛ لأنه موقع يعرفون بأن من يسيطر عليه يسيطر على العالم، الإسرائيليون الذين دولتهم ما تزال جديدة ولها فترة قصيرة عندهم طموح أن يهيمنوا على المنطقة هذه، لأنهم يعتقدون أن الهيمنة على المنطقة هذه يعني هيمنة على العالم بكله وهذه حقيقة باعتبار موقعه باعتبار ثرواته الهائلة.))

من مخاطر الهيمنة الأمريكية على شعوب أمتنا العربية والإسلامية وعلى منطقتنا الثرية بالخيرات ما يلي:

أولاً : اتخاذ المنطقة العربية قاعدة للهيمنة على العالم

يقول السيد حسين (رضوان الله عليه) في الدرس (الرابع من دروس رمضان): ((الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بالقرآن الكريم ، أنعم علينا بموقع هام جداً من الناحية الجغرافية من ناحية الثروات الهائلة التي نرقد عليها في باطن الأرض التي نحن فيها في الجزيرة العربية هذه ما ينبغي أن نكون نحن أضعف الناس، لا ينبغي أن نكون أول كافرين بهذه النعمة، نعمة على ظاهر الأرض القرآن الكريم، ونعمة في باطن الأرض الثروات الهائلة، نعمة في الموقع بكله؛ ولهذا يتسابق الآخرون عليه؛ لأنه موقع يعرفون بأن من يسيطر عليه يسيطر على العالم، الإسرائيليون الذين دولتهم ما تزال جديدة ولها فترة قصيرة عندهم طموح أن يهيمنوا على المنطقة هذه، لأنهم يعتقدون أن الهيمنة على المنطقة هذه يعني هيمنة على العالم بكله وهذه حقيقة باعتبار موقعه باعتبار ثرواته الهائلة)).

لقد كان هدف الهيمنة على المنطقة العربية هدف أساسي في الاجندات الأمريكية وسعت بعد احدث الحادي عشر من سبتمبر إلى تحقيق هذا الهدف على أرض الواقع تحت ذريعة ما أسمته (مكافحة الإرهاب) ونتيجة لضعف الأنظمة العربية وخيانتها لشعوبها إضافة إلى انعدام الوعي الشعبي العربي تجاه المخاطر الأمريكية فقد نجحت أمريكا في بسط هيمنتها على المنطقة واستطاعت التأثير في سياسات بقية الدول الكبرى وتمكنت بالفعل كيف من التأثير على القرارات الدولية واستطاعت ان تسير بقية الدول ضمن اجندتها حتى الدول المعروفة بمناوئتها لأمريكا كالصين وروسيا لم تستطيع أن تتخذ قرارات تتعارض مع الرغبة الأمريكية على المستوى السياسي ولا على المستوى الاقتصادي حتى ما يخص المصالح الاستراتيجية لهذه الدول كونها تخشى التأثير الأمريكي على تدفق النفط العربي إلى أسواقها أضافة إلى تقليص حصتها من السوق العربية الاستهلاكية الكبرى، وبالتالي فقد نجحت أمريكا في جعل بقية الدول تابعة لسياساتها حتى فيما يخص العدوان على الشعوب العربية كما حدث في العراق ويحدث في سوريا واليمن فلم يكن هناك أي معارضة من قبل هذه الدول للحروب التي تشنها أمريكا على منطقتنا بل وجدناها تحاول تستثمر في هذه الحروب وتتماشى مع رغبات الأدوات الأمريكية في المنطقة كالنظام السعودي والنظام الإماراتي …إلخ.

ثانياً: استهداف هوية الأمة وثقافتها

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تحركت أمريكا ووضعت يدها على المنطقة العربية وأدخلت شعوبها في أزمات وحروب لا نهاية لها بينما تفرغت لنهب الثروات العربية فبعد احتلال العراق تم نهب ثرواته ومخزونه الاحتياطي من النفط وأطنان من الذهب وما تزال تنهب الثروة العراقية تحت يافطة إعادة أعمال العراق وتفعل نفس الشيء في سوريا وليبيا واليمن وبقية الدول العربية ومنها السعودية التي استحوذت أمريكا على كل عوائدها الاقتصادية ومع هذ لم يتوقف السلوك الأمريكي على نهب ثرواتنا ولا على توظيف الموقع الاستراتيجي لمنطقتنا والهيمنة على منافذنا البحرية بل تعدى ذلك وطال هوية الأمة وثقافتها وقيمها ومبادئها ومقدساتها وعملت أمريكا تجرد الأمة إسلامية من إسلامها وفرضت أجندات ثقافية وتربوية تتماشى مع مطامعها وغيرت المناهج واستبدلت الكثير من المقررات الدراسية كما سعت لتحريف بوصلة العداء للأمة باتجاه أعداء وهميين وأزالت كل ما يعزز العداء لإسرائيل من كل الأطر الثقافية والسياسية في الدول العربية بل مهدت لما نشاهده اليوم من تطبيع وخيانة.

لقد تساءل الشهيد القائد مبكراً عن الذي جعل الأمة ضحية للخداع الأمريكي حتى استطاعت أمريكا اذلالنا وقهرنا ونهب ثرواتنا واعتبر ذلك نتائج فصل الأمة عن دينها يقول: (( ما الذي جعلنا نُظلم؟ ما الذي جعلنا نُقهر ونحن ملايين؟ نمتلك الإمكانيات الكبيرة، نمتلك الجيوش، نمتلك الثروات الضخمة والهائلة في باطن الأرض وظاهرها، نمتلك رقعة استراتيجية مهمة؟ لأن ديننا لم يسلم لنا, فوجدنا أنفسنا لم نسلم من الذل، لم نسلم من القهر, لم نسلم من النهب)).

ويضيف في محاضرة [ يوم القدس العالمي] : (( اليهود يعرفون، يعرفون أثر الإيمان عندما يكون هناك في الأمة إيمان، وهم يعرفون أنهم إذا استطاعوا أن يمسخونا كفاراً هم لا يريدون أن نكون يهوداً.. وقالوا هم في وثائقهم المسماة [بروتوكولات حكماء صهيون] أنهم لا يريدون أن يكون المسلمون أو النصارى يهوداً, أنهم لا يستحقون أن يكونوا يهوداً ولكن يكونوا كفاراً يكونوا ضالين، يكونوا كذا إلى آخره ليفقدوا النصر الإلهي والتأييد الإلهي وما يمكن أن يعطيه الإيمان)).

 

إننا اليوم نحارب في كل شيء نحارب اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وثقافيا وأصبحت الحرب كما يقول السيد حسين (رضوان الله عليه) تصل إلى مفرداتنا العربية ((إن علينا – أيها الإخوة – أن نتحدث دائماً عن الجهاد، حتى أولئك الذين ليس لديهم أي روح جهادية عليهم أن يتحدثوا عن كلمة (جهاد)؛ لأن كلمة [جهاد] في نفسها، كلمة [جهاد] في معناها هي تتعرض لحرب، أصبحنا نحن نُحارب كأشخاص، وتُحارب أرضنا كأرض، وتُحارب أفكارنا كأفكار، بل أصبحت الحرب تصل إلى مفرداتنا، أصبحت ألفاظنا حتى هي تُحارب، كل شيء من قِبَل أعدائنا يتوجه إلى حربنا في كل شيء في ساحتنا، إلينا شخصياً، إلى اقتصادنا، إلى ثقافتنا، إلى أخلاقنا، إلى قِيَمِنا، إلى لغتنا، إلى مصطلحاتنا القرآنية، إلى مصطلحاتنا العربية.  ))

ثم يقول:

((علينا أن نتحدث دائماً حتى لا نترك كلمة [إرهاب] بمعناها الأمريكي أن تترسخ في بلادنا، أن تسيطر على أذهان الناس في بلادنا, أن تسبق إلى أذهان الناس، علينا أن نحارب أن تترسخ هذه الكلمة، لأن وراء ترسخها ماذا؟ وراء ترسخها تضحية بالدين, وتضحية بالكرامة وبالعزة وبكل شيء. حينئذٍ سيُضرب أي عالم من علمائنا سيقاد علماؤنا بأقدامهم إلى أعماق السجون، ثم يعذبون على أيدي خبراء اليهود، الذين يمتلكون أفتك وسائل التعذيب على أساس ماذا؟. [أنه إرهابي]. فيكون الناس جميعاً هم من أصبحوا يسلمون بأن كلمة [إرهابي] هي كلمةٌ مَن أُطلقت عليه – بحق أو بغير حق – هو من يصبح أهلاً لأن يُنَفِّذ بحقه من؟ المسلمون أو من؟ الأمريكيون أو عملاؤهم ما يريدون عمله فيعذبون علماءنا.)

 

ثالثاً: ترويج الثقافية الأمريكية (العولمة)

يقول السيد حسين (رضوان الله عليه) عن خطورة اليهود في عملية التلبيس والخداع: ((اليهود خطيرون جداً إذا ما اتجهوا إلى جانب الشر، وهذا هو الصفة الغالبة عليهم.. أخيراً وخاصة بعد الإسلام أصبح هو الصفة الغالبة عليهم الآن في كل بقاع الدنيا, الاتجاه إلى الشر إلى المكر, إلى الخداع, إلى التضليل, إلى لبس الحق بالباطل، قدرة رهيبة جداً في هذا الموضوع)).

ويضيف القول بأن ما ضرب العرب في صراعهم مع الكيان الصهيوني سوى الخداع والمكر اليهودي : ((إنهم يخدعون الرؤساء والمرؤوسين، ويخدعون الصغار والكبار، وهذه المقابلات التلفزيونية التي نراها توحي فعلاً بأنهم قد خدعوا إلى الآن، بأن الكبار هنا في بلدنا قد خدعوا إلى الآن وهناك حملة شديدة ضد اليمن دعائية، وأنهم خدعوا والدليل على أنهم خدعوا أنهم يقولون للناس أن يسكتوا، بينما هؤلاء الأعداء هم من يحركون وسائل الإعلام أن تهاجم اليمن وتهاجم السعودية وإيران وبلدان أخرى، أليس هذا هو الخداع؟ أليس هذا هو الموقف المخزي؟ أن يكون زعماء أعدائنا، زعماء الدول التي هي عدوة لهذه الأمة ولدينها هم من يحركون شعوبهم، هم من يحركون الكُتّاب والصحفيين ووسائل الإعلام لتقوم بحملات ضد هذا البلد أو هذا البلد أو الأمة بكلها، أليسوا هم من يبحثون عن رأي عالمي يؤيد مواقفهم ضد هذه الأمة، فكيف ينطلق هؤلاء الزعماء ليقولوا لشعوبهم اسكتوا، أليس هذا هو الخداع؟ ألم يُخدعوا إذاً؟.))

قد تعددت وسائل الخداع الأمريكي فمن تسويق مفهوم العولمة .. إلى حوار الحضارات وصولاً للبعبع الأمريكي (مكافحة الإرهاب) والهدف من ذلك كله ليس سوى خداع أبناء الأمة وإيجاد جيل جديد يشكك بقدرة الأمة وتاريخها وتراثها، ويعمل على تدمير إرادة شعوب وتفكيكها، وضرب نسيجها بتأجيج الخلافات الطائفية والمذهبية، وتحويلها إلى مجرد مجتمعات استهلاكية للحضارة لأمريكية وتقاليدها وقيمها ومنتجاتها، وإلى مجرد قوة إنتاجية صرفة وسوق استثمارية واستهلاكية، وإعادة تربيتهم وتثقيفهم بالثقافة الأمريكية المعولمة والاستهلاكية، وتغيير مناهجهم التربوية واستراتيجياتهم الثقافية وأنماط سلوكهم وسلم قيمهم الأخلاقية والروحية.

ولذلك استطاع اليهود ان ثقافة منحلة وسلوك الفساد على أنه الثقافة والتمدن والتحضر لدرجة أن أصبحت المسلمات يقلدن اليهوديات والغربيات ولم يعد احد يستطيع أن يفرق بينهن وقد أشار السيد حسين لهذا الموضوع في محاضرة [لا عذر للجميع أمام الله]: ((السفور في النساء، تجد النساء في القاهرة وفي معظم العواصم العربية، وبدأ في صنعاء بشكل كل سنة أسوأ من السنة الماضية، أصبح شيئاً طبيعياً، لا تفرق بين المرأة المسلمة وبين المرأة اليهودية، لا تفرق بينهن شكلهن واحد، ثقافتهن واحدة، زيهن واحد، أليس هذا من إفساد اليهود؟.))

ويضيف في محاضرة [لتحذن حذو بني إسرائيل] )) سافر إلى القاهرة، أو إلى عمَّان، أو إلى دمشق، أو إلى بغداد، أو إلى أي بلد عربي إسلامي تجد المرأة العربية المسلمة لا تفرق بين مظهرها وشكلها وبين المرأة الأوربية المسيحية أو اليهودية، حتى النساء في فلسطين وفي (البوسنة) ترى المرأة التي تصرخ وتبكي على ابنها وهو قتيل، أو جريح، أو تبكي على بيتها وهو مهدم على أيدي اليهود هي في شكلها لا تختلف عن أم ذلك اليهودي، عن زوجة ذلك اليهودي الذي هدّم بيتها وقتل ابنها.))

كما نشطت أمريكا في ميادين الحرب الناعمة لضرب زكاء النفوس وتحت عناوين ” الموضة” اصبحت حتى الأزياء تخدم أهدافهم بتفاصيلها المثيرة والتي يقبل عليها الشباب والشابات بدون وعي لعواقب وآثار التفسخ الأخلاقي على المجتمع ((اليهود يعرفون بأنك أنت الذي تفكر بأنك لا تستطيع أن تعمل شيئاً ضدهم أنه متى ما أفسدوا أسرتك، أولادك الصغار. أليس أولادك الصغار من أضعف من تتصور بأنه ممكن أن يعملوا شيئاً ضد إسرائيل؟ أليس هذا مما يتبادر إلى أذهاننا؟ لكن هم يعرفون بأن إفسادهم شيء مهم بالنسبة لهم، وبالنسبة للحفاظ على مصالحهم، وإلى الاستمرار في عملهم في تحويل الأمة إلى أمة كافرة، هم عندما يحرصون على إفساد أسرتك.. أليس ذلك يعني أنهم يعرفون أن إفساد أسرتك هو في صالحهم، أليس كذلك؟.)).

 

قد يعجبك ايضا