الفهم الخاطئ للدين إساءة إلى الله سبحانه وخسران على الإنسان
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
عندما يقول: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران105) ما هذا وعيد؟ هو عندما يقول: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِيـنَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ} بالتأكيد أنه قادر على أن يرسم منهجاً لا يختلف الناس عليه أبداً إذا ساروا عليه، وهو قال هذا في القرآن، هو قال هذا، عندما تحدث عمن اختلفوا بعد الأنبياء أنهم إنما اختلفوا من جهة أنفسهم، بغي، حسد، أشياء من هذه، دوافع أخرى.
يعني ما سببه قصور من جانب الله، تقصير في آيات الله، هو يقول: {فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ} (الجاثية17) {مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (آل عمران105) {مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُـمُ الْبَيِّنَاتُ} (البقرة213) طيب بينات على ماذا؟ هل معناها بينات ليختلفوا؟ فكيف تنهى، وتتوعد المختلفين وتأتي تقدم لهم بينات تفرق بينهم؟ ما من صح هذا.
بينات معناها إذا ساروا، بينات على منهج، على طريقة إذا ساروا عليها لا يختلفون في الدين، لا يتفرقون في الدين نهائياً؛ لأن الدين أساساً نزل لحل الخلافات {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِـدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ} (البقرة213) فما نختلف فيه نحن من شؤون الحياة هذه، في حركتنا في الحياة، وتعاملنا مع بعضنا بعض، جاء الدين ليحسم الخلاف هو، ليجعل الناس أمة واحـدة، فكيف يمكن أن يبيح الاختـلاف هو؟ وكيف يمكن أن يرسم هو طريقة للاختـلاف، ويوجه الناس إلى طريقة تؤدي إلى الاختلاف؟
ثم قالوا بعد عندما رأوا أنهم يخطئون، كل واحد يرى الثاني مخطئا؛ لأنه حتى نفس المجتهدين كل واحد يرى الثاني مخطئا رغماً عنه، هو يرى أن القضية التي رآها صحيحة أليس هكذا؟ فهو بالطبع يرى أن الطرف الثاني مخطئ، لكن قالوا خلاص مادام المسألة بهذا الشكل فكلنا مصيبين! صُلح، نتصالح أنه نكون كلنا مصيبين!
طيب إذا اتصالح لك عشرة علماء، اتصالح عشرة علماء هم في نفس الوقت يجيزون لكل واحد منهم أن يتحرك في الساحة، وفق الرؤية حقه، ويجوز للآخرين أن يقلدوه! هنا ما حلوا الإشكالية بالنسبة للعامة، وهي الأمة، نسبة العلماء من الأمة تكون نسبة قليلة، تكون أقل ربما واحد في المليون، أو أقل، نسبة العلماء بالنسبة لعامـة الأمة قد تكون واحد في المليون.
طيب إذا نحن اتصالحنا عشرة علماء، عشرين عالماً على أن كل مجتهد مصيب، ونجلس فيما بيننا هكذا، لكن ما كل واحد مننا يشتغل على كيفه؟ ما كل واحد يدعو على كيفه هو؟ ما كل واحد يجيز لنفسه أنه يلف معه مجاميع ممن يقلدونه؟ صارت الأمة متفرقة بشكل كبير بطريقتهم هذه، عندما يقولون: أن كل مجتهد مصيب، سواء قالوا: مصيب للحق، وهم يريدون مصيب للحق الذين يقولون بهذه، والآخرين لا، مصيب في عمله من حيث هو أما فيما توصل إليه فقد يكون خطأ، هؤلاء الذين عادهم ـ مثلما تقل ـ محافظين.
عندما نقول: مصيب طلع نفس الشيء، أن الدين يتفرق، ونجعل كل قضية في نفس الوقت، نجعلها حق، ونجعلها صواب! هذا يعارض هذا، هذا القول معارض لهذا، ونجعلها صواب كلها! يطلع في الأخير لا شيء، يطلع في الأخير الباري فقط مثلما بين نقول أنه يأتي يختم، مثل عندما يكون جالس في مكتب طلَّع ذياك رأي من عنده، طلع ذياك ورقة من عنده، ختمها له، وجاء الثاني وختم له! ما بلى يختم فقط [إرادة الله تابع لإرادة المجتهد] كما يقولون!
طيب بالتأكيد يكون لها آثار سلبية في واقع الحياة، والدين هو جاء ليبني الحياة بشكل صحيح، يبني الأمة بشكل صحيح، قالوا: مصيب أو مهما قالوا، يحتاج يظهر الخطأ، الخطأ يحتاج تظهر آثاره، لو اتفقوا كلهم أنهم مصيبين هكذا واتصالحوا فيما بينهم، في الأخير تتباين رؤاهم، وما عاد تراهم يلتقوا على موقف واحد.
تأتي قضية هذا يرى أنه لازم أن يتحرك الناس فيها، قال آخر: لا، وجاء ذاك الثاني وطرح له رأي فيها، وهكذا.
ما الأمة ستضطرب عندما يضطرب من يوجهوها؟ ما العلماء أساسا هم المعنيين بتوجيه الأمة؟ فإذا اختلف العلماء اختلف توجيههم للأمة، فتباينت مواقفها، فضعفت، يطلع غلطة كبيرة جداً تتنافى مع منهجية القرآن التربوية للأمة، يربي الأمة على أساس أن تكون أمة واحدة، تنطلق في مواقفها بشكل سريع، على جاهزية تامة، أمة على جاهزية تامة.
ما تجلس تضطرب في ماذا تعمل، وتحاليل ماذا نعمل، ماذا نعمل؟ وهل يجوز، وهل مـا يجوز! والعدو يغرقهم بالإشكاليات، مثلما الآن، قد هو ذا قد دخل أفغانستان وفلسطين والعراق، وبلدان أخرى يهددها، وعاد المحللين شغالين في ماذا يعمل الناس! ورؤى متباينة في ماذا يعملون، ما قد ارتسمت طريقة!
فتلاحظ أنه لا بد أن يكون هدى الله بالشكل الذي يجعل الأمة على جاهزيـة تامـة بحيث هي تغرق العدو هي، تغرقه ما هو يغرقها بمشاكل، نجلس نتناقش حول مشكلة ماذا نعمل أمامها، وأخـذ ورد! نختلف، تكون الأمة بوضعية بالشكل الذي إذا واجهها العدو يفرقها أكثر، تتفرق أكثر، عندما تكون هكذا، يختلفون أمام أي قضية تأتي من جانب العدو.
وجلسوا يأخـذوا ويردوا، وطلَّع لهم مشكلة ثانية وعادهم ما قد تخلصوا من الأولى، واختبصوا في هذه، وطلَّع وحدة ثالثة، وأغرقهم، لمّا في الأخير يحبطوا، ويستسلموا، ما هذا حاصل؟ إنه لازم أن يكون هناك طريقة؛ لأن الناس هم عبيد لله، وهو ملكهم، وهو المدبر لشئون عباده، لا بد أن يكون لديه طريقة إذا ساروا عليها ما يحصل شيء من هذا على الإطلاق.
ومثلما قلنا أكثر من مرة: أن كل قضية هي تعود إلى الله، عندما نكون نتحدث فيما بيننا وجوزنا حاجـة، جوزناها، أو قلنا: قد هي سابر، افهم بأنك ترد القضية إلى الله، في الأخير ترى من فوق هل هي تليق بجلال الله، هل هي تتناسب مع حكمته، مع علمه، مع ملكه، مع ألوهيتـه، مع ربوبيته، مع رحمته، مع عدله، الخ، أو أنها لا تتناسب.
أي قضية طلعها إلى عند الله؛ لأن كل شيء أقول فيه جائز، أو حتى تقول: مباح، أنت ترده إلى الله، هل أباح هذا هو، هل أجاز هذا؟ ثم ترجع إلى القرآن الكريم ستجد بأنه قد يطلع الباري على أساس كلامك أن هذا جائز، أباح هذا، وأجاز هذا، يطلع الباري متناقض في شرعه هو، وفي هديه هو.
عندما تفترض الأمة هذه فيما هي عليه أن الباري ما عمل لها حل كان يقيها ألا تصل إلى ما وصلت إليه، هذا يمس بعدل الله أيضاً، يمس برحمته، يمس بملكه، يمس بحكمته.
أي أن الوضعية التي الأمة فيها الآن بالتأكيد أن هناك حل لها، إذاً الأمة هي انصرفت عنه، أو لم يقدم لها مع تعاقب الأجيال؛ لأن ما من جوزنا، ما من صح أن تجيز على الله أن يترك عباده هكذا، ما من جاز أبداً أن تجوّز على الله أنه هكذا ترك الناس هكذا، وترك الدنيا هكذا، وما قدم لهم أي حل إذا ساروا عليه ما يمكن أن يحصل هذا الذي هم فيه من المعاناة، من الذلة، من الضعة، من التمزق، والتفرق.
هذه قضية هل يمكن أن نجوّزها على الباري؟ لأن الله يقول عنا بأننا عبيده، فنحن عندما يقول هو ملكنا ونحن عبيده، طيب هو الـذي يختص، والذي لـه، ومن حق الناس عليه أن يرسم لهم الطريقـة؛ باعتبارهم عبيده، يرسم لهم طريقة لا يظلموا، وهو يقول في القـرآن الكريم: {وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ} (آل عمران108) ما هكذا يقول؟
يرسم طريقة؛ لأننا عبيده، وهو يتحدث بأنه رحمن رحيم، ما رحمن رحيم هي تمشي إلى رحمن بعبيده، رحيم بعبيده، حكيم في تصرفه مع عبيده، وتدبيره لشئونه يقوم على أساس الحكمة، وهذه كلها أليست تصرفات مع خلقه؟ ومن أهم مخلوقاته في الدنيا هو الإنسان، من أعظم المخلوقات في الدنيا هو الإنسان الذي توجه إليه كثير من التدبيـرات الإلهية، والتوجيه الإلهي، هو الإنسان نفسه.
فعندما تأتي تصنف الحالة التي الناس فيها ما أنت ستصنف بأنهم متفرقين؟ لأن آراءهم متشتتة متباينة؛ لأنهم ممزقين إلى شعوب، وطوائف؛ لأنهم، لأنهم، فكان هذا هو سبب ضعفهم، أليست هكذا؟ أبسط واحد يحلل سيطلع هذه.
إذاً لا بد أن تفترض أن هناك طريقة بعكس هذه تماماً، أي أن الله رسم طريقة ما يختلفوا، ما يتمزقوا، ما يتحولوا إلى طوائف، ما يكونون آراء متفرقة، ومتباينة، طريقة تجعلهم على مستوى عالي من الجاهزية، لا بد أن تفترض هذه.
ترجع إلى القرآن الكريم تجد فعلاً أنها بالشكل هذا، أنه رسم الطريقة بهذا الشكل التي تجعل الأمة على هذا النحو: أمة واحدة، أمة قوية، أمة ما تظلم، ما تقهر نهائياً، أمة ما يغرقها العدو في مشاكل، هي نفسها تستطيع أن تحبطه من أول يوم.
لاحظ الآن كيف وضعيتنا؟ ألسنا الآن كل ما بدر شيء من جانب العدو اختلفنا عليه، فيزداد الناس ضعفاً كلما تقدم العدو إليهم. لاحظ أمام شعار فقط، نزل شعار إلى الساحة ما احنا اختلفنا؟ ناس يقول: لا، وناس يقول: إلا! وهكذا، افترض أي حاجة في وضعية الأمة هكذا _ أي قضية يطرحهـا العدو من جانبه _ ستكون بالشكل الذي يتفرق الناس، من جهة أن هذا رأى هذا، وهذا ما رآه، وما هناك شيء يعتبر حسم في الموضوع، ما هناك لديهم قضية قائمة، كلنا معرضين عن أن يكون هناك قضية قائمة تجعلنا بالشكل الذي يأتي شيء من جانـب العدو نستطيع تلتقي كلمتنا عليه، ما هناك تردد ولا اختلاف ولا اضطراب.
هنا يكون واجب كبير على الإنسان فيما يتعلق بتنزيه الله قضية هامة أن يكون عملك بالشكل الذي يكون دائماً تجعل تنزيه الله مقياساً؛ لأنها هي الغاية الكبرى هو تنزيه الله، وتقديسه، والشهادة على كماله؛ ولهذا يتحدث في القرآن الكريم عن تسبيح كل الكائنات، يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض، قضية تنزيه الله قضية هامة.
فإذا الإنسان مؤمن بقضية هي بالشكل الذي يمس بكمال الله، تؤدي إلى إلحاق نقص بجلال الله، وحكمته، وقدسيته، معنى هذا أنك ارتكبت جريمة كبيرة، جريمة كبيرة جداً، ليست قضية بسيطة.
نحن قلنا في موضوع الدين، موضوع الدين لا زم أن يكون عملك في تقديم الدين بالشكل الذي يعرف الناس الدين، بحيث ما يروا عند الله تقصير، يكون معرفتهم للدين بالشكل الذي يدينوا بشيء هو الذي يليق بجلال الله، يكون فيه تنزيه لله، لا يكون الناس في الأخير هم ـ إذا ما قدمت القضية بهذا الشكل ـ يكونوا في الأخير قد عندهم فهم يحملوا الباري المسئولية هو، وهذه حاصلة عندنا.
عندما تسمع حديث عن صراع الحق والباطل، وقوة أهل الباطل، وغلبة أهل الباطل وإمكانياتهم الهائلة يقولون: هكذا حال الدنيا، الباري أراد أن تكون الدنيا هكذا!
إذا أحد يريد يتحرك ويقول الحق وما حق، يقول لك: أهل الحق يكونون ضعاف، أهل الحق ما بينجحوا، والحق ما بيسبر في الدنيا هذه! وأن الباري جعلها هكذا، جعل الدنيا على هذا الشكل!
ما معنى هذا أننا نحمل الباري المسئولية؟ نحمله مسئولية هذه الأشياء، هو الذي جعل الناس بشكل ما بيرضوا يقبلوا الحق! وهذه فكرة قائمة، فهم قائم، هو الذي جعل الدنيا بهذا الشكل ما فيها مكان للحق، ما بلى باطل باطـل، ما يستقيم فيها إلا أهل الباطل، أهل الحق ما ينتصروا، أهل الحق ضعاف، أهل الحق ما بيسبر لهم شيء، هذه مقولات حاصلة!
طيب فمعنى هذا أن الله هو الذي هيئ للباطل الساحة، هو الذي خلق الإنسان على وضعية ما يقبل الحق أبداً! ما معنى هذا أن الخطأ جاء من عنده؟ طيب هذه عندما ترجع إلى القرآن الكريم تجدها قضية باطلة من أفظع القضايا في بطلانها.
إن الله يقدم ما لديه، وعود لأهل الحق لأن ينتصروا، وعود لمن ساروا على هديه، وعود للناس إذا ساروا على هديه كيف ستكون حياتهم، كيف ستكون سعادتهم في الدنيا، كيف ستكون سعادتهم في الآخرة.
قدم الحق بالشكل الذي إذا سار الناس عليه لا يبقى للباطل مكان. الباطل أساساً ما هو شيء مطبوع في الدنيا، مطبوع، هو يعتبر شاذ، يعتبر شاذ، هو الشذوذ في الدنيا، الباطل هو الشذوذ أساساً، ما هو الشيء الأصلي فيها، المعصية هي الحالة الشاذة، الباطل هو الحالة الشاذة بالنسبة لفطرة الإنسان، بالنسبة لسنن الكون، بالنسبة للهداية الإلهية، الهداية الإلهية لا تقوم على أساس أنه لازم أن يطبع في الدنيا نصفها باطل، يطبع لك نصف باطل، ويقول لك في الاختيار: نصف باطل، ونصف حق، نصف طاعة، ونصف معصية، ويخليك في الوسط، ونقول هذا هو الاختيار، يا إما تروح في الحق، يا إما تروح في الباطل.
ما هي بالشكل هذا، خلق الإنسان، وخلقت الدنيا بالشكل الذي الباطل يعتبر شاذ فيها، ما هناك حاجة للباطل بكله نهائياً؛ ولهذا يتحدث عن الباطل بقوله: {وَقُلْ جَـاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الإسراء81) هو الحالة الشاذة، هو الذي لا مكان له في الواقع، لكن أنتم تجعلون له مكان في نفوسكم، وتطبعون الحياة به {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} (الروم41).
طيب فالمفاهيم الأخرى المعكوسة سمعناها هذه أيام كنا نتحرك في حزب الحق [أهل الحق ما بيسبر لهم شيء، وأهل الحق يكونوا ضعاف، وأهل الحق ما بينتصروا، وأهل الحق ..]!
هل أن الله طبع الدنيـا بهذا الطابع، وطبع الإنسان بهذه الطبيعة، فهو جعل الإنسان بشكل ما يقبل الحق، وجعل الدنيا بشكل لا مكان فيها للحق؟ معنى هذا تطلع إشكالية كبيرة في هذه بالنسبة لله، ما هو سيطلع سؤال كبير على الله سبحانه وتعالى؟ أنه كيف هذا، ترسم هدى وأنـت رسمت أمامه عوائق كبيرة لا يمكن أن يتخطاها، فشلنا، لا نستطيع، لا نستطيع على الإطلاق، وأنت رسمت في الحياة، أنت قضيت وحكمت أن تكون على هذا النحو: لا مكان فيها للحق!
فلماذا تتحدث معنا بالحق، وتقول: نقاتل من أجل الحق، وندعو للحق، وما هناك مكان له؟ ما من كان هذا سؤال كبير على الباري؟ سيكون معنى هذا ماذا؟ أنه تصرف غير حكيم، تصرف ما فيه أي شيء من مظاهر الرحمة، ولا فيه أي شيء، وحتى لو افترضت أن بعده جنة ونار، ما تكفي في كونه حكمة أبداً، ما تكفي في كونه حكمة.
طيب هم قدموا المسألة بالشكل هذا، إنما فقط فلسفوها فيما بعد قالوا: سهل يعني قد الجنة هناك بعد هذه قد هو ثواب كبير، قد هو يغطي النقص ذاك فقد هو مصلحة للإنسان.
لكن الباري هو يتحدث عن نفسه بأنه ملك، وهو مدبر، وهو حكيم، ما من أمكن يعمل هذه القضية إنسان خلي عنك الله سبحانه وتعالى، مثلما قلنا بالأمس هل يمكن واحد من الناس يأتي يصلح مبنى كبير ويمليه موظفين، ويسلمهم قراطيس وأقلام يشخططوا، يقول واحد ما معكم؟ قالوا: فقط نحن نشتغل لأجل يعطونا معاشات!
طيب من بعد المعاشات والمبنى هذا والأقلام والأوراق هل هناك غاية أخرى؟ أو فقط هو جمعهم هنا لأجل يعطيهم معاشات؟ هل يمكن لشخص يعمل هذه؟ يأتي رئيس الوزراء يبني مبنى كبير ويمليه موظفين ويعطي لكل واحد منهم في الشهر أربعين ألف، وفي الأخير يقول لـك: ماذا تعملون هنا؟ قالوا: نشخطط هكذا، ونجمع قراطيس في الدواليب! لأجل ماذا؟ قالوا: لأجل يجي لنا مرتبات، والذي لا يعمل هكذا لن يجي له شيء!
طيب هنا ألست ستسأل ما هي الفائدة من هذا؟ ما المقصود من وراء هذا؟ هذا هو السؤال، ماذا وراء هذا، لازم هناك غاية.
لهذا الباري ما جعل الجنة نفسها أو النار هي الغاية من وراء التشريع، من وراء الخلق، لا، بل هي في نفس الوقت من الآن وسيلة للإنسان أن يندفع في العمل؛ ولهذا يأتي بالحديث عن الجنة، بالحديث عن النار، أليس ليرغب ويرهب الناس هنا في الدنيا لينطلقوا في العمل هنا في الدنيا فهي وسيلة.
طيب يوجد غاية أخرى، يوجد غاية كبيرة جداً، الغاية تتمثل في استقامة الحياة على هدي الله، وتنتهي القضية كلها عندما يستقيم الإنسان على هدي الله، يتجلى بشكل رهيب، وبشكل دقيق جداً حكمة الله، ورحمته، وحسن تدبيره، وقدرته، يتجلى كماله، من خلال هذا يتجلى كمال الله سبحانه وتعالى.
لكن تركنا هذه وقلنا ماشي هو الذي طبع الدنيا بهذا الطابع، والدنيا هي هكذا، هي دار امتحان وابتلاء، وأهل الباطل يكونون فيها هم المسيطرون، وما هناك مكان فيها إلا للباطل!
ما يصح هذا على الله أبداً، هو في القرآن الكريم يقول: لا، {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} هم الذين طبعوها بالفساد، هو خلقها عندما تأتي تشوف خلقها تجدها وكأنها كنز، أو كأنها درة ثمينة بكلها، وأودع فيها كل ما هو يعتبر ميدان واسع للإنسان أن يرتقي إلى أرقى العلوم، في مجالات الصناعة، وغيرها.
ما كلها هنا في حركة الدنيا وأجوائها؟ وجودها بهذا الشكل، هي تعتبر درة ثمينة غالية لها قيمتها عند الله، غير صحيح عندما يقول لك: ما تساوي عند الله جناح بعوضة، لها قيمتها عند الله؛ لأن الحكيم لكل شيء قيمته، ما هو باعتبار حاجتـه إليه، كونه في نفسه ذو قيمة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
مديح القرآن- الدرس الرابع
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ 31/5/2003م
اليمن – صعدة