الذي جعل الأمة ضحية لسلاطين الجور هو جهلها في ماضيها بولاية الأمر، وبأهمية ولاية الأمر

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

إن من انصرفوا عمن وَجَّه الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) الإشارة إليه لتعيينه بعد رفع يده وبعد صعوده معه فوق أقتاب الإبل إنهم للأسف الشديد لا يعرفون ماذا وراء (هذا). إن كلمة (هذا) تعني هذا هو اللائق بهذه الأمة التي يُراد لها أن تكون أمة عظيمة، هذا هو الرجل الذي يليق أن يكون قائداً وإماماً وهادياً ومعلماً ومرشداً وزعيماً، لأمة يراد لها أن تتحمل مسؤولية عظيمة، يُنَاطُ بها مهام جَسِيْمة، هذا هو الرجل الذي يليق بهذه الأمة، ويليق بإلَهِهَا أن تكون ولايته امتداداً لولاية إلهها العظيم، هذا هو الرجل الذي يليق بهذا الدين العظيم أن يكون من يهدي إليه، أن يكون من يقود الأمة التي تعتنقه وتَدِيْنُ به وتتعامل مع بقية الأمم على أساسه يجب أن يكون مثل (هذا) رجلاً عظيماً لِيَلِيقَ بدين عظيم، بأمة عظيمة، برسول عظيم، بإلهٍ عظيم، وبمهام عظيمة وجَسِيمَة.

ولكن ماذا حصل؟ إن أولئك الذين انصرفوا عمن وجَّه الرسول الإشارة إليه هم للأسف – كما أسلفنا – لا يفهمون ماذا وراء (هذا)، والمسلمون من بعد في أغلبهم لم يفهموا أيضاً ماذا وراء قول الرسول (هذا)، وعمن يعبر الرسول بقوله (هذا) إنه يعبر عن الله، لم يكن أكثر من مبلغ عن الله بعد نزول قول الله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}.

وها نحن ما نزال في هذا الزمن أيضاً لا نفهم ماذا وراء قول الرسول (هذا). ولا نفهم ولم نسمح لأنفسنا أن يترسخ في مشاعرنا، في عقيدتنا من الذي يمتلك أن يقول للأمة (هذا)، فإذا بنا نفاجأ بآخرين يريدون أن يفرضوا علينا (هذا أو هذا).

وهل يُتَوقَّع من أمريكا، هل يُتَوقَّع من تل أبيب أن تقول للأمة (هذا) إلا إشارة إلى رجل لا يهمه سوى مصلحة أمريكا؟ يكون عبارة عن يهودي يحكم الأمة مباشرة، أو أمير يهودي أو شبه يهودي يحكم إقْلِيماً معيناً فيكون الجميع كلهم ينتظرون من الذي ستقول له أمريكا أو تل أبيب (هذا).

وهاهم الآن يثقفوننا بهذه الثقافة. يوم كانت المخابرات الأمريكية هي التي تغير بالسِّرّ، فتُطلِّع هذا أو تضع هذا أصبحت الآن تخاطب الشعوب نفسها، تخاطب الشعوب بأننا سنضع حاكماً على العراق أمريكياً، حاكماً عسكرياً.

أمريكا تستطيع أن تغير [صدام]، تستطيع أن تعمل انقلاباً بشكل سرّي كما عملته في كثير من البلدان، لماذا لا تعمل ذلك؟ لأنها تريد أن نفهم جميعاً أنها من سيكون لها الحق في أن تقول (هذا)، إنها تريد أن يترسخ في مشاعرنا جميعاً، في أذهاننا جميعاً أنها هي التي تملك أن تقول لنا (هذا)، وسيمشي (هذا) يوم أن ضيعنا قول الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) مشيراً إلى الإمام علي: (هذا)، ولم ندرِ – كما أسلفنا – عمّن يُعبِّر (هذا).

أيها الإخوة نحن نقول: إن هذا اليوم، إن الموضوع المهم في مثل هذا اليوم هي: ولاية أمر الأمة، ولقد تعاقب على هذه الأمة على مدى تاريخها الكثير الكثير ممن كانوا ينتهزون ولاية أمرها ويتقافزون على أكتافها جيلاً بعد جيل وإذا ما رأوا أنفسهم غير جديرين بأن يكونوا ولاةً لأمر هذه الأمة فإنهم سلكوا طريقة أسهل من أن يكون – ولن يستطيع أن يكون – بمستوى ولاية أمر هذه الأمة، فسلكوا طريقة أخرى هي: تَدْجِيْن الأمة لتتقبل ولاية أمرهم، هي: تَثْقِيْف الأمة ثقافة مغلوطة لتتقبل ولاية أمرهم، فكان الضحية هو: المفهوم الصحيح العظيم لما تعنيه ولاية الأمر في الإسلام، فبدا مثل معاوية أميراً للمؤمنين، ويزيد أميراً للمؤمنين، ويقول هذا أو ذاك من الخطباء أو العلماء أو المؤرخين: تجب طاعته! يجب طاعته، لا يجوز الخروج عليه، يجب النصح له!! وما زال ذلك المنطق من ذلك الزمن إلى اليوم، إلى اليوم ما زال قائماً.

نسينا جميعاً أن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يوم أشار إلى ((علي)) فإنه في نفس الوقت الذي يشير إلى شخص [علي] إنه يشير إلى ولاية أمر الأمة، إلى ولاية الأمر المتجسدة قيمها ومبادئها وأهدافها ومقاصدها في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه).

هؤلاء لم يكلفوا أنفسهم عناءً كثيراً أن ينقلوا تلك المفاهيم الصحيحة لولاية الأمر إلى الأمة، لا، بل قالوا: إن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) قال: [سيكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يَسْتَنُّونَ بسنّتي. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟. قال: أَطِعْ الأمير وإن قَصَمَ ظهرك وأخذ مالك]!!.

كم هو الفارق الكبير بين هذا الحديث المكذوب على رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) بين تلك الثقافة المكذوبة على رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) التي تُقَدِّم ولاية الأمر بالشكل الذي يكون بإمكان أي طامع، أي انْتِهَازِيّ، أي فاسق، أي مجرم، أي ظالم أن ينالها، في الوقت الذي يقول الله لنبيه إبراهيم بعد أن سألها لذريته: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}(البقرة: من الآية124).

فتنزل [ملزمة]، تنزل ملزمة، محاضرات من وزارة الأوقاف التي وزيرها زيدي، من إدارة الوعظ والإرشاد إلى محافظات زيدية تتحدث عن طاعة ولي الأمر بهذا المنطق، وليس بمنطق قول الله تعالى: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} وليس بمنطق قول الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يوم الغدير: ((من كنت وليه فهذا وليه)) فيما تعنيه هذه الإشارة العظيمة من إشارة إلى القيم والمبادئ التي يجب أن تكون هي المعايير والمقاييس التي تؤهل من يصح أن يقال له أنت الذي تَلِي أمر هذه الأمة.

[ملزمة] جمعوا فيها كل ما صنعه علماء السوء، كلما افتراه المتقربون إلى الطواغيت، كلما افتراه علماء البلاط جمعوه في [ملزمة] لتنزل إلى المرشدين في [دورة] يتثقفون بها ليستمروا في تثقيف الأمة من بعد؛ إمعاناً في تجهيل الأمة، وهذا هو ما جعل الأمة مهيأة لأن تكون ضحية ليس فقط لأن يليها [جاهل ظالم] من أبنائها بل أن يَلِيَ أمرها [يهودي صهيوني] من ألَدِّ أعدائها من إخوة القردة والخنازير، بتلك الثقافة الخاطئة التي ما تزال إلى اليوم قائمة، التي ما تزال إلى اليوم لها دعاتها، ولها المبالغ من الأموال العامة التي تُرْصد لنشرها وتثقيف الأمة بها.

هذا شيء مؤسف – أيها الإخوة – وإن الأمة لأحوج ما تكون إلى أن تفهم ما هي ولاية الأمر في دينها، ما هي ولاية الأمر في إسلامها، ما هي ولاية الأمر في قرآنها. يجب أن تفهم، وإذا لم نتفهم فسيفهمنا الأمريكيون وعملاؤهم ليقولوا لنا: هكذا ولاية الأمر، وهكذا يكون ولي الأمر، وستراه يهودياً أمامك يَلِي أمرك.

إن الجهل، إن جهل الأمة في ماضيها بولاية الأمر، وأهمية ولاية الأمر هو الذي جعلها ضحية لسلاطين الجور، وإن الجهل الذي امتد من ذلك الزمن، وفي هذا الحاضر هو نفسه الذي سيجعلها ضحية لأن يملك تعيين ولاية أمرها وتثقيفها بمعاني ولاية الأمر فيها، وتعيين من يَلِي أمرها، هم اليهود الصهاينة من الأمريكيين والإسرائيليين.

إن الأمة أحوج ما تكون إلى ثقافة صحيحة بكل ما تعنيه الكلمة، ثقافة ((حديث الغدير))، ثقافة ((حديث الولاية)) ((أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)). إن هذا الحديث مع تلك الآية القرآنية تعطي ثقافة كاملة لهذه الأمة تحصنها من الثقافة التي تُقَدَّم إليها لتكون قابلة لأن تُفرض عليها ولاية أمْرٍ يهودية.

إن من واجب من يسمون أنفسهم اليوم – وهم في الرمق الأخير – من حكام هذه الأمة الذين تتجه أمريكا وتعلن أنها متجهة لتغييرهم في هذه المنطقة لو أنهم يعملون معروفاً واحداً بعد أن فشلوا في أن يقدموا للأمة أي شيء يدفع عنها خطر ذلك العدو الهاجم عليها، خطر ذلك العدو المحدق بها بعد أن أعلنوا عجزهم عن عمل أي شيء في هذا المجال عسكرياً أو اقتصادياً أو ثقافياً لم يعملوا أي موقف، لو أنهم يعملون قضية واحدة – حتى لا يكونوا ممن يظلمنا في حياتهم وبعد مماتهم – لو يعملوا لهذه الأمة أن يحصنوها حتى لا تُظلم من بعد تغييرهم، وحتى لا يكون في مستقبل هذه الأمة من يلعنهم بعد تغييرهم، أن يثقفوها فيما يتعلق بموضوع ولاية الأمر، بثقافة الإسلام، بثقافة ((حديث الولاية)) الذي هو صحيح عند المسلمين جميعاً.

وإذا لم يعملوا ذلك فما هو المتوقع؟ عندما يغيرون، وعندما يتجه اليهود فيفرضون علينا ولاية أمرهم فإن من يحكمون اليوم على طول البلاد الإسلامية وعرضها سيكونون هم من يتلقون اللعنة من البَر في هذه الأمة والفاجر، البر في هذه الأمة، المؤمن في هذه الأمة سيلعنهم بأنهم هم من هيأ هذه الأمة لأن تصل إلى هذه الوضعية السيئة، وإلى أن يكون في الأخير من يحكمها يهودي، والفاجر في هذه الأمة، والمصلحيُّ في هذه الأمة هو أيضاً من سيلعنهم عندما يأتي اليهود فيديرون أوضاع الأمة بشكل أحسن مما يديره هؤلاء، سيقولون:[والله هؤلاء أحسن من أولئك، أولئك الذين كانوا هم ملاعين، هم الذين كانوا اليهود وليس هؤلاء].

وهذا هو المتوقع أيها الإخوة، وهذا هو المتوقع. إن اليهود اليوم يعملون على أن يقدموا أنفسهم كمخلِّصين للشعوب، ولديهم في الداخل في كل بلد عربي من يعمل على خلخلة مؤسسات أي دولة عربية، على ضعضعة مؤسساتها، على انتشار الفساد المالي والإداري داخل مؤسساتها، حتى يخفق الجميع، وحتى يظهر الجميع عاجزين! ثم بالتالي يأتي اليهودي فيدير أوضاع البلاد بشكل أفضل؛ ليقول للناس، وليقول الناس قبل أن يقول هو: [والله كان الأولين الذين هم يهود ما هم هؤلاء].

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

حديث الولاية

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 18 ذي الحجة 1423هـ   الموافق: 21/12/2002م

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا