تجسيد الولاية في الجانب الاقتصادي (2)

تقرير ||  

عليكم أن تهتموا بالجانب الاقتصادي:

       وفي الوقت الذي يتحدث فيه الشهيد القائد بالقول:

“إن من المعروف أن نقول للآخرين: إن عليكم أن تهتموا بالجانب الاقتصادي فتجعلوا الشعوب قادرة على أن تقف على أقدامها مكتفية بذاتها فيما يتعلق بقوتها الضروري؛ لتستطيع أن تقف في مواجهة أهل الكتاب، أليس هذا من المعروف؟”.

     فإنَّه يُؤكِّد في سياق حديثه عن كمال الإيمان أن الذي اتضح جلياً أن الكثير من الحُكَّام لا يُمكنهم أنَّ يقوموا بتربية الأُمَّة، التربية الإيمانية، التي تترقى بها في درجات كمال الإيمان، حيث يقول:

“فالذي اتضح جلياً أن الكثير من حكام المسلمين بما فيهم حكام هذا العصر لا يمكن بواسطتهم ومن خلالهم أن يقوموا بتربية الأمة تربية إيمانية تترقى بهم في درجات كمال الإيمان، ونحن نجد أنفسنا، وكل واحد منكم شاهد على ذلك، بل ربما كل مواطن عربي في أي منطقة في البلاد العربية شاهد على ذلك “.

     ويُؤكِّد الشهيد القائد أن من كمال الأيمان أن تكون الأُمَّة مُكتفيةً في قوتها الضروري، ومُعتمدةً على نفسها، حيث يتساءل:

“أليس من كمال إيماننا في مواجهة تهديد أعدائنا هو أن نكون أمة مجاهدة؟ أليس من كمال إيماننا أن نكون أمة مجاهدة أن نكون أمة مكتفية معتمدة على نفسها في قوتها الضروري؟ إذا فيصبح القوت الضروري، يصبح الاكتفاء الذاتي للأمة من كمال الإيمان، من كمال الإيمان. ولكن من الذي يربينا هذه التربية من حكامنا فيهتم باقتصادنا، ويهتم بإيماننا، ويهتم بكل الأشياء التي تهيئ لنا أن نكون أمة تقف في وجه أعدائها، بل أمة تستطيع أن تتحمل الضربة من عدوها؟ للأسف البالغ وصلنا إلى الدرجة هذه: أن الشعوب لا تحلم بأن تواجه، بل ترى نفسها لا تستطيع أن تتحمل الضربة لفترة قصيرة!”.

       ويُضيف بالقول:

“أنت كان يجب عليك أن تبني شعبك إلى درجة أن يكون مستعدا أن يواجه، إذاً على أقل تقدير ابنوا شعوبكم لتكون – على أقل تقدير – مستعدة أن تتحمل الضربة.. أليس هذا هو أضعف الإيمان؟ أو يريدون من الناس في أي شعب عربي أن يتحولوا إلى لاجئين، وأن يموتوا جوعاً قبل أن يموتوا بالنار”.

     ويردف بالقول:

“هل انطلقوا لتصحيح الوضع الاقتصادي للأمة حتى تحصل الأمة على اكتفاء ذاتي؟ هل انطلقوا إلى تربية الأمة في مجالات متعددة أو بطريقة سرية لتكون قادرة على أن تقف على قدميها في مواجهة اليهود والنصارى.أليس أنهم لو فعلوا ذلك لكان عزاً لهم هم؟ إذا ما كنت زعيم شعب وأنت تعرف أن شعبك وضعيته هي بالشكل الذي يمكن أن يتبنى مواقف، وأن يقف على قدميه في مواجهة أعدائه، ألست حينئذ سيمكنك أن تقول ما تريد, وستكون قويا في مواجهة الآخرين، ولن تملى عليك الإملاءات من قبل الآخرين؟ لكن متى ما ضعف الشعب متى ما ضعفت وضعيته الاقتصادية وغيرها، متى ما ذابت نفسيته وذاب الإيمان في واقعه أصبح زعيم الشعب نفسه لا يستطيع أن يقول كلمة قاسية، لا يستطيع أن يقول كلمة صادقة، لا يستطيع أن يقف على موقف ثابت، وهذا ما شاهدنا، ألم نشاهد هذا من كل الزعماء في البلاد العربية؟.قد يقولون هـم بأنـهم رأوا شعوبهم ليست إلى الدرجة التي يمكن له هو أن يقول, أو أن يقف, أو أن يتحـدى, أو أن يرفض.. لكن بإمكانك أن تربي هذا الشعب, بإمكانك أن تبني هذا الشعب اقتصاديا حتى تُأمّن له الاكتفاء الذاتي. الإيمان, كمال الإيمان في مجال مواجهة أعداء الله مرتبط به تماماً ارتباطا كبيراً، الاهتمام بالجانب الاقتصادي ستكون الأمة التي تريد أن تنطلق في مواجهة أعدائها، وأن تقف مواقف مشرفة في مواجهة أعدائها قادرة على ذلك؛ لأنها مكتفية بنفسها في قوتها الضروري، في حاجاتها الضرورية.

إذاً فالتاريخ شهد, والحاضر شهد على أن كل أولئك لا يمكن أن يربوا الأمة تربية إيمانية ناهيك عن أن يصلوا بها إلى أن ترقى في درجات كمال الإيمان”.

      ونتيجةً طبيعيةً لغياب التربية الإيمانية للكثيرِ من الزعامات، وحُكَّام المُسلمين، فقد انطلقوا، وتحركوا، ليسكتوا النَّاس عن الحديث ضد أعداءِ الله، في محاولةٍ لمسحِ مشاعرِ العِداءِ لـ(أمريكا وإسرائيل)، بدلاً من قيامهم بالتحرك لتصحيحِ الوضع الاقتصادي للأُمَّة، حتى تستطيعُ أنَّ تبني نفسها، في شتى المجالات، يقول الشهيد القائد:

“ألم ينطلقوا ليسكتوا الناس عن الحديث ضد أمريكا وإسرائيل, وطلبوا من الناس أن اسكتوا، هل هذا منطق إيماني أو منطق ماذا؟ منطق من في قلوبهم مرض، أن يصل الحال بهم إلى هذه الدرجة”.

     ويضيفُ بالقولِ:

“هل عندما يقولون لنا: اسكتوا هم ينطلقون لوضع حلول أخرى؟ هل انطلقوا لتصحيح الوضع الاقتصادي للأمة حتى تحصل الأمة على اكتفاء ذاتي؟ هل انطلقوا إلى تربية الأمة في مجالات متعددة أو بطريقة سرية لتكون قادرة على أن تقف على قدميها في مواجهة اليهود والنصارى”.

      ويُردف بالقولِ:

“لكن هؤلاء لما عملوا على أن يمسحوا من الأمة، مشاعر العداء لليهود والنصارى، أولئك لأنهم أعداء والعدو لا بد أن يعمل ضدك – كما أشار القرآن – لا بد أن يعمل بكل جد اتجهوا إلى أن يجعلوا حتى قوتنا تحت رحمتهم، أذلونا وقهرونا إلى هذه الدرجة”.

زعامات وحُكَّام الأُمَّة أولياءٌ لليهود والنصارى:

    يُبيِّن الشهيد القائد حقيقة أولئك الحُكَّام، ويُشير في درس (يوم القدس العالمي) إلى أنَّ زعامات، وحُكَّام الأُمَّة، هم أولياءٌ لليهود، والنصارى، وأصدقاءٌ لأمريكا، وإسرائيل، ويتساءلُ:

“أليست كل الدول العربية الآن تعتبر أمريكا صديقة! وأمريكا هي إسرائيل…”.

      ليُؤكِّد بالقول:

“ليسوا جادين في مقاومة إسرائيل، ليسوا جادين في محاربة اليهود والنصارى، هم أولياء لليهود والنصارى، هم أصدقاء لأمريكا، أصدقاء لبريطانيا، أصدقاء حتى بعضهم أصدقاء لإسرائيل لا شك في ذلك”.

      وعندما غاب الفهم الصحيح للسلطة، والنظام السياسي في الإسلام، فقد ضاعت الأُمَّة، وحكمها أشرارُها، عُملاء اليهود، والنصارى، وامتلكوا قرارها، وتحكَّموا بمصيرها، وسيطَّروا على مُقدَّراتها، وثرواتها، وهذا ما كان يحذر من خطورته الشهيد القائد.

      وفي هذا السياق، يُبيِّن الشهيد القائد أن من أخطر الأشياء على الأُمَّة أن تُذَّل بواسطة من يحكُمها، يقول:

“من أخطر الأشياء على الأمة أن تذل بواسطة من يحكمها، لكن الأمة إذا لم تكن واعية، إذا لم تكن واعية فعلاً، تكون هي التي تعبر عن نفسها بأنها ليست جديرة إلا بمن يسوقها بالعصا، ويذلها ويقهرها”.

     وفي هذا الصدد، وبالرغم من كل الثروات التي تمتلكها الأُمَّة العربية، والإســلامية، الكفيلة بأنَّ تجعل هذه الأُمَّة أقوى أُمَّة على وجه الأرض، إلاَّ أنَّها مازالت تفتقد إلى القيادة الحكيمة التي تتولى أمورها وتهتم بأنَّ تبنيها وتنهض بها، وتجعل منها أُمَّة قوية، ومؤثرة في حركتها، فعندما تفقد الأُمَّة القيادة الحكيمة، والمؤهلة من قبل الله سبحانه وتعالى، فلن تستطيع أن تعمل شيئاً، مهما كان لديها من مقومات نهوضٍ أُخـرى، ولهذا فأنَّ توافر القيادة يعد من أهم مقومات النهوض للأُمَّة في كل مجالات حياتها.

     وفي خضمِّ ذلك، يُؤكِّد الشهيد القائد أن القرآن الكريم قد هدى إلى موضوع القيادة بشكلٍ واضحٍ، ومفصِّلٍ، يقول:

“القرآن الكريم هدى حتى إلى القيادة التي يجب أن تكون هي القيادة للأمة كيف يجب أن تكون، ومن أين تكون…”.

      ويُبيِّن أنَّ الله عزَّ وجلَّ، يُقدِّم المنهج، والقيادة، كمشروعٍ مُتكاملٍ، يقول:

“{فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ}(البقرة: من الآية213) إذاً أليس هنا قدم [المنهج والعلم] القيادة مشروع متكامل، مشروع متكامل؛ لأن من مقومات الوحدة بشكل صحيح هو ماذا؟ [منهج وقيادة] هل يمكن نتصور أمة يقال توحدت ولا يكون توحدها على أساس [منهج وقيادة]، معروف حتى قَبَلياًّ يكتبون [قاعدة] يعني ماذا؟ منهج، أليست هكذا؟ ويختارون شخصاً كبيراً لهم معناه ماذا؟ قيادة”.

     

الهوامش:

السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، سورة آل عمران، الدرس الثالث.

السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، في ظلال دعاء مكارم الأخلاق، الدرس الثاني.

السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، يوم القدس العالمي.

السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، سلسلة دروس شهر رمضان المبارك، سورة المائدة، الدرس الثالث والعشرون، 1424هـ -2003م.

السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، سلسلة دروس سورة آل عمران، الدرس الرابع، 2002م.

قد يعجبك ايضا