المشاركة المجتمعية: أبجديات التنمية على هدى الله
تقارير| فؤاد الجنيد
ستة أعوام من العدوان والحصار، تحمّل فيها الشعب اليمني أصناف المعاناة في شتى المجالات، كانت كافية لانبلاج فجر يبعث على الاعتزاز بعد رحلة متوازية من الحماية والبناء، والبذل والعطاء، والسعي والتوفيق، فجرٌ يقشع تلك الظلمة الجاثمة التي تجاوزها الشعب بكل صبر وتحدٍ، مدركاً أن الكرامة والعزة لن تأتي بالتمني، بل بتحمل أصناف المعاناة في سبيل تحقيقها.
يدرك اليمنيون جميعهم، أن الحل والرهان بعد الله، هو الرهان على إيمانهم ووعيهم بحقيقة هذا العدوان، وأن تعزيز عوامل الصمود هو الخيار الوحيد أمام شعب الكرامة الذي سيعجل بساعة الحسم، من هنا دشن اليمنيون ثورتهم الزراعية إدراكاً منهم أن معركتهم اليوم في الدفاع عن اليمن واستعادة استقلاله وبناء دولته تعتمد على ركيزتين أساسيتين: أولها الدفاع عن الأرض والعرض، وصد المعتدين والغزاة في مختلف الجبهات وحماية كل ذرة من تراب اليمن، وثانيها معركة بناء إقتصاد قوي يستند على الإمكانات المتاحة، ورأس المال البشري والفكري ليحول التحديات إلى فرص، ولوجاً إلى بوابة الإكتفاء الذاتي والاستقلال الغذائى.
إن مقومات الوصول إلى الإكتفاء الذاتي يتطلب أولاً تعزيز آليات المشاركة المجتمعية في تحقيق التنمية المستدامة، وتفعيل دورها في تحسين الخدمات للمجتمع المحلي. ولأنها تتطلب أفراد مجتمعين مؤهلين وممكنين معرفياً، تأتي الحاجة الملحة إلى إكساب أبناء المجتمع المهارات والخبرات اللازمة لتحفيز وتمكين المجتمعات، وتعريفهم بوسائل المشاركة المجتمعية التي يجب إتباعها في اعداد الخطط التنموية الإستراتيجية من خلال اللجان المجتمعية والجمعيات التعاونية، وبما يضمن تطوير القدرات البشرية والمادية والفنية للمجتمعات المحلية بما يمكنها من التوظيف الأمثل لمواردها الذاتية وصولاً الى تحقيق التنمية الشاملة.
وترجمةً لرسالتها، عملت مؤسسة بنيان التنموية عبر أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل على سد هذه الفجوة من خلال برامج التدريب والتأهيل التي استهدفت أبناء المجتمع في مئات المبادرات في مختلف المجالات، إلى جانب وضع الخطط الاستراتيجية بما يلبي إحداث ثورة مجتمعية بانطلاق ذاتي، من خلال أساسيات التنمية القائمة على هدى الله تعالى، بصفتها مكون رئيسي في العملية التطويرية للمجتمعات التي تسعى للخروج من عزلة الحرمان إلى الحياة الكريمة، ومن خلال منهج تدريبي علمي ثري بالموجهات القرآنية وموجهات أعلام الهدى، وتعمل هذه الخطط على دفع عجلة التنمية المحلية، وتعزيز مبادئ الحكم والادارة الرشيدة، وتؤدي إلى الارتقاء بمستوى ونوعية حياة السكان في ضوء ما هو متاح من فرص وامكانات، مع الأخذ بعين الاعتبار المعوقات المحتملة وسبل التغلب عليها، وصولاً إلى خطط واقعية تعكس طموحات وآمال أبناء المجتمع، وتحقق أهدافهم في تحقيق تنمية مستدامة.
إن الحراك الأخير المتزامن مع إنطلاق المرحلة الثانية من الثورة الزراعية، إلى جانب 7000 متطوع ومتطوعة، يستهدف تحفيز وتفعيل وتشكيل أطر مجتمعية في القرى والعزل وصولا الى المديريات للمساهمة في إحداث تنمية حقيقية في المجالات المختلفة، بالتوازي مع قيام الجهات المعنية في تعزيز مشاركة أبناء المجتمع المحلي في دعم مشاريع البنى التحتية للتخفيف من معاناة المواطنين في ظل الظروف اﻹستثنائية التي يمر بها الوطن. وتعزز ضرورة الاستفادة من تجارب اليمنيين عبر التاريخ في تنفيذ المبادرات التعاونية، وكذا الاستفادة من تجربة التعاونيات التي حققت انجازات ملموسة في مختلف المستويات الخدمية والتنموية.
ولا ريب أن النجاح في إقامة المشاريع التنموية اللازمة لبناء المجتمع يعتمد على سلامة التخطيط وحضور المشاركة المجتمعية التي أصبحت حجر الأساس في مشاريع التنمية، كونها تحقق مصلحة متبادلة ونتائج ايجابية للفرد والمجتمع على حد سواء، فهي تنمي الشعور بالمسؤولية، وتزيد ثقة المواطنين في أنفسهم، وتفعل مبدأ الكفاءة في التنفيذ العملي بناء على المدارك والمعارف والتمكين المعرفي، بالإضافة إلى استفادة المحليات من خبرة ممثلي المجتمع، الذين لهم قدرة واضحة على ادراك مسببات مشاكلهم التنموية.