المعارف الإلهية أساس الانطلاقة المستقيمة في الحياة

والله -سبحانه وتعالى- أنعم علينا كأمةٍ مسلمة بالقرآن الكريم وبالرسول العظيم -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- وكان من أهم وفي مقدِّمة ما نستفيده من الرسول ومن القرآن الكريم هو أن نحصل على العلم النافع، على المعرفة الصحيحة، على الهداية؛ حتى نكون أمةً واعية، أمةً راشدة، أمةً تنطلق في مسيرة حياتها، وتتحرك في مسيرة حياتها، في أعمالها، في مواقفها،

في سلوكياتها، في برامجها، في مشاريع هذه الحياة الواسعة، في كل مجالات هذه الحياة، على أساسٍ من تلك المعارف؛ فتكون انطلاقتها انطلاقة صحيحة، انطلاقة مستقيمة، انطلاقة حكيمة، انطلاقة راشدة، انطلاقة موفَّقة، وتبني مسيرة حياتها على أساسٍ من المسؤولية، كأمةٍ تؤمن بالله -سبحانه وتعالى- رباً، وملكاً، وإلهاً، ومشرِّعاً، وموجِّهاً، وتؤمن بالمعاد، وتؤمن بالحساب، وتؤمن بالجزاء، وتؤمن وتعي بأن وجودها في هذه الحياة هو وجودٌ هادف، وليس وجوداً عبثياً، كما يتوهم البعض من البشر الذين يظنون أنَّ هذه الحياة ليس وراءها أي أهداف، ولا أي غاية مهمة، وإنما وجد الإنسان- بحسب توهمهم وبحسب نظرتهم- في هذه الحياة يعيش ليأكل، ويأكل ليعيش، لا أقل ولا أكثر!

الله -سبحانه وتعالى- خلق السموات والأرض بالحق، وخلق الإنسان في هذه الحياة بالحق، والإنسان في هذه الحياة يعيش مستخلفاً في هذه الأرض، ومتحمِّلاً لمسؤولية، منظوراً ومرقوباً برقابة الله -سبحانه وتعالى- له مسؤولية، ولوجوده هدف، وبعد هذا الوجود في هذه الحياة هناك الحياة الأخرى، وهناك الحساب، وهناك الجزاء، والإنسان يعيش في هذه الحياة تحت رقابة الله -سبحانه وتعالى- خاضعاً لرقابة الله -سبحانه وتعالى- أربعاً وعشرين ساعة، لا تغيب عنه هذه الرقابة الإلهية المباشرة، والرقابة أيضاً بواسطة الملائكة، بواسطة الوسائل الإلهية التي تحصي على هذا الإنسان كل أفعاله، وكل تصرفاته، والله -سبحانه وتعالى- رسم لنا في هذه الحياة- كبشر- رسم لنا منهجاً نعتمد عليه، نلتزم به، نحتاج إلى أن نتعرف على هذا المنهج، وأن نرتبط بهذا المنهج،

فالإنسان- بشكلٍ أساسيٍ- يحتاج إلى العلم وإلى المعرفة، والمعارف الإلهية هي تقدِّم لهذا الإنسان الرؤية الصحيحة، والمنهجية الصحيحة، وترسم له مسيرة حياته بشكلٍ تام، وتجعل له أو تؤسس له المنطلقات الصحيحة والأسس الصحيحة التي ينطلق من خلالها في شتى معارف شؤون هذه الحياة، حتى في العلوم الطبيعية، العلوم الطبيعية هدى الله يقدِّم لها الأسس، ويرسم لها الغاية، ويجعل منها علوماً هادفة، وعلوماً مثمرة، وهدى الله هو الذي يحضن للمسيرة البشرية حضارتها؛ حتى تكون حضارةً صحيحة، قائمةً على أساسٍ من المبادئ، والقيم، والأخلاق، والأهداف العظيمة.

والإنسان إذا انطلق بجهل في هذه الحياة، هو يتحرك بالتالي في أعماله، وفي مواقفه، وفي سلوكياته التحركات الخاطئة، التي تترك الأثر السلبي على هذه الحياة، إن منشأ كلِّ الانحرافات، وإن منشأ كلِّ التصرفات الخاطئة، وإن منشأ كلِّ المواقف الباطلة: هو الانحراف عن المعارف الإلهية الصحيحة، عن التوجيهات الإلهية الحقيقية، هو الاعتماد: إمَّا على مفاهيم باطلة، وإمَّا على تصورات جاهلة، ينطلق فيها الإنسان لا يستند فيها إلى الهداية الإلهية والمعارف الإلهية الصحيحة.

السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي

كلمة السيد بمناسبة اختتام المراكز الصيفية 3 ذو الحجة 1440هـ

قد يعجبك ايضا