عصابات الاحتلال تواصل استباحة دماء المسافرين: “سنباني” جديد في مصيدة طور الباحة
|| صحافة ||
نكأت عصاباتُ الاحتلال السعوديّ الإماراتي جِراحَ اليمنيين بجريمة مروَّعةٍ جديدة استهدفت مسافرًا على الطريق العام، وفي نفس مسرحِ الجريمة البشعة التي ارتُكبت قبل فترة وجيزة بحق الشاب عبد الملك السنباني وبذات الطريقة، وبأيدي القَتَلَةِ أنفسِهم الذين ما زالوا يحظَون بحماية ودعم العدوّ برغم الاستنكار الشعبي الواسع، ما يكشف عن حقيقة تعمد فرض هذه الوحشية كأمر واقع في إطار المخطّط التدميري لاستهداف جميع أبناء البلد.
ضحيةُ الجريمة الجديدة، وليست الأخيرة، هو الشابُّ عاطف سعيد محمد الحرازي (35 عامًا) الذي كان يعملُ مع منظمة “أطباء بلا حدود” كممرِّضٍ في أحد المستشفيات التي تدعمها المنظمة بمحافظة إب.
وبحسب المنظمة، فقد كان الحرازي على متن رحلة خَاصَّة إلى عدن برفقة عدد من أصدقائه، لكنه لم يصل إلى وِجهته؛ لأَنَّه قتل في الطريق.
الجريمةُ حدثت في نقطة “طور الباحة” التي يتمركز فيها عناصرُ مرتزِقة ما يسمى “اللواء التاسع” التابع لمليشيا “الانتقالي” المدعومة من دول تحالف العدوان، وهو المكانُ سيءُ السُّمعة الذي ارتُكبت فيه جريمةُ اختطاف وقتل الشاب عبد الملك السنباني قبل أسابيعَ قليلة.
وبحسب العديد من المصادر المحلية والإعلامية، فَـإنَّ الجريمة الجديدة طابقت جريمة قتل “السنباني” في الكثير من التفاصيل، فالقتلة قاموا بإيقاف السيارة التي كان “الحرازي” على متنها لتفتيشِها بنفس الطريقة المهينة والاستفزازية، وعندما اكتشفوا وجودَ مبلغٍ مالي بحوزته، حاولوا نهبَه بالقوة، لكن الحرازي رفض تسليمَ المال، فرد القتلةُ فورًا بإطلاق الرصاص عليه وقتله بين رفاقه.
الجريمةُ جدّدت التأكيدَ على أن مأساة “السنباني” لم تكن “تصرفًا فرديًّا” أَو مُجَـرَّدَ جريمة جنائية كما حاول إعلام العدوان وأدواته تصويرها للتهرب من السخط الشعبي، إذ لم يعد هناك شك في أن التقطع للمسافرين واختطافهم وقتلهم يمثل سلوكًا منظما، وأحد أنواع جرائم الحرب التي تُرتكب بشكل مُستمرٍّ من قبل تحالف العدوان وأدواته.
وباتت النقاطُ العسكرية التي يتمركز فيها عناصر المرتزِقة كابوسًا مروَّعًا للمسافرين الذين يضطرون لدخول المناطق المحتلّة، حَيثُ تفرض عصابات المرتزِقة جبايات على المسافرين للعبور، وتقوم بنهب الأموال التي بحوزتهم، والاعتداء عليهم إذَا رفضوا، كما تقوم باعتقال الكثير من المسافرين بناءً على “الهُـوِيَّة” و”اللقب” والزج بهم في سجون سرية يتعرضون فيها للتعذيب والتنكيل بتهمة أنهم “قيادات عسكرية”!.
مقتلُ مختطَفٍ في أحد سجون مأرب
وتجدّد جريمة قتل “الحرازي” تسليطَ الضوء على هذا الجانب من جرائم الحرب المنظمة، والذي كانت مأساة “السنباني” قد جذبت الكثير من الانتباه نحوه؛ لأَنَّ الشهيدين يضافان إلى قائمة طويلة وصادمة من ضحايا البلطجة المدعومة سعوديًّا وإماراتيًّا بحق المسافرين اليمنيين في مختلف المناطق المحتلّة.
ومن ضحايا هذه القائمة أَيْـضاً، المواطن “صادق القسيمي” الذي أفادت مصادرُ حقوقية بمقتله هذا الأسبوع في أحد السجون التي يديرها مرتزِقة “حزب الإصلاح” في مأرب.
وقال الناشط والمختطف المحرّر، أمير الدين جحاف، أمس: إن “القسيمي” وهو من أبناء مديرية بني مطر بصنعاء، كان قد اختُطف قبل سنتين وهو عائد من سيئون، وتعرض للتعذيب داخل سجون مأرب سيئة السمعة، ويرجح أن وفاته جاءت؛ بسَببِ المعاملة التي تعرض لها.
وكان “جحاف” نفسه قد تم اختطافُه من الطريق في مأرب أثناء توجُّـهِه للسفر لإكمال دراسته خارج البلد، وقد وثّق تجربته القاسيةَ في كتابِ “رحلةٌ خلفَ القضبان” الذي سرد فيه تفاصيلَ ما يتعرض الكثير من المسافرين المختطفين من التعذيب والمعاملة المهينة والوحشية على أيدي قوات المرتزِقة.
ولا يزال مِلَفُّ اختطاف وتعذيب وقتل المسافرين من قبل مرتزِقة العدوان من المِلفات التي لم يُسلط عليها الضوءُ بشكل كافٍ على الرغم من ثبوت وتكرار هذه الجرائم على امتداد سنوات، وهذا من مظاهر التواطؤ المخزي بين المجتمع الدولي وتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي الذي يدير ضباطه وعملاؤه سجون التعذيب التي يزج بالمسافرين فيها.
القتَلَةُ يحظَون بالحماية
وتكشف جريمة قتل “الحرازي” في نقطة طور الباحة، أن مرتكبي جرائم اختطاف وقتل المسافرين يحظون بدعم كبير من تحالف العدوان، فبرغم السخط الواسع الذي أثارته مأساة الشاب السنباني، ضد تحالف العدوان ومرتزِقته، إلا أن القتلة ما زالوا طليقين ومتمركزين في النقطة ذاتها، ومُستمرّين بارتكاب الجرائم وكأن شيئاً لم يكن.
وفي هذا السياق، كان محامي عائلة الشهيد السنباني قد كشف خلال الأيّام الماضية أن القتلة رفضوا المثولَ أمام النيابة، وأن قيادةَ ما يسمى “اللواء التاسع” رفضت القبضَ عليهم وتسليمهم، كما امتنعت ما تسمَّى “السلطة الأمنية” التابعة للمرتزِقة في محافظة لحج عن فعلِ أي شيء لضبطِهم، في مظهرٍ فاضحٍ يعكسُ حجمَ الدعم الذي تحظى به العصاباتُ الإجرامية المدعومة من تحالف العدوان لمواصلة التنكيل بالمواطنين.
وكانت وسائلُ إعلام العدوان والمرتزِقة قد حاولت طيلةَ الفترة الماضية التشويشَ على جريمة قتل السنباني، وإثارةَ أكاذيب تحمِّلُ الضحية مسؤوليةَ ما تعرضت له، وتبرِّئُ القتلة، وتحاول فصل الجريمة عن سياقها الواضح المتعلق بالفوضى التي يمولها ويشرف عليها تحالف العدوان في المناطق المحتلّة.
لكن والد الشهيد السنباني كشف حقائقَ واضحة تؤكّـد أن ولدَه قُتل بعد أن تعرض لتعذيب شديد، وقال: إن تقرير الطب الشرعي أكّـد وجودَ آثار قيود في كفي الضحية، وآثار خنق.
ونُشرت صورةٌ لجثمان السنباني تُظهِرُ بوضوح آثارَ التعذيب الجسدي الذي تعرض له.
ضرورةُ فتح مطار صنعاء
وتجدّد جرائمُ تحالف العدوان وأدواته بحق المسافرين في المناطق المحتلّة، التأكيدَ على ضرورة فتح مطار صنعاء الدولي أمام المسافرين؛ لأَنَّ معظمَ هذه الجرائم تأتي؛ بسَببِ إغلاق المطار، إذ يضطر المواطنون المغادرون والقادمون من وإلى مطارَي عدن وسيئون لعبور الطرق التي تتواجدُ بها نقاطُ عصابات المرتزِقة بمختلف تشكيلاتها، ما يعرِّضُهم للاختطاف والقتل بشكل متكرّر.
وبات واضحًا أن تحالُفَ العدوان يتعمد استمرار هذه المعاناة والجرائم في إطار مخطّط الفوضى والدمار الذي ينفذه في اليمن منذ أكثر من سبعة أعوام، ولا يكتفي بذلك بل يحاول استغلال هذه المآسي التي يصنعها هو كأوراق ضغط ضد صنعاء، بتواطؤ فاضح من المجتمع الدولي والأمم المتحدة.
ويمتنع الكثير من المغتربين اليمنيين في الخارج من العودة عبر مطارَي عدن وسيئون؛ لأَنَّ عصابات الاحتلال تقوم برصد المسافرين منذ وصولهم إلى المطار، والتنسيق مع النقاط التابعة للمرتزِقة لاختطافهم ونهب ممتلكاتهم وقتلهم على الطريق.
وبالمثل، يواجه المحتاجون للسفر إلى الخارج مخاوفَ كبيرةً من التوجّـه إلى مطارَي عدن وسيئون؛ كي لا ينتهي بهم الأمر قتلى، أَو مختطفين في سجون عصابات الاحتلال السعوديّ الإماراتي، وبسبب ذلك يفضِّلُ الكثيرون عدمَ السفر نهائيًّا برغم حاجتهم الماسَّة إليه.
صحيفة المسيرة