استعداداتٌ مهيبة لمولد الرسول الأعظم.. اليمنيون يبهرون العالم

|| صحافة ||

تشهدُ كُـلُّ المدن والقرى والعُزل والأحياء “الحُـــرَّةِ” استعداداتٍ غيرَ مسبوقة فاقت التوقعات، لاستقبال المولد النبوي الشريف عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم.

واكتست صنعاءُ ومختلفُ المدن اليمنية بالألوان البيضاء والخضراء، وازدانت الشوارع باللوحات المضيئة الخضراء المتوهجة بحب ساكنيها لرسولهم وقائدهم ومعلمهم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، فمن يصعد إلى جبال عصر أَو نقم وتباب صنعاء ويعتلي أسطح منازلها الكبيرة في ليالي المولد النبوي الشريف لن يتمالك نفسه من روعة المشهد وجماليته وسكونه وروحانيته، وستذرف عيناه الدموع خشوعاً في حضرة المصطفى -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- الحاضر في الوجدان الشعبي المعبر عن حبه العميق وشوقه وتلهفه لاستقبال يوم ولادته.

كذلك مظاهر الأرياف في القرى والعزل والمديريات والمحافظات والمدن والأحياء في المساجد والمدارس وفي كُـلّ المؤسّسات والقطاعات الحكومية والخَاصَّة، عبر الزينة الخضراء تعبيراً عن الابتهاج والسرور وعمق التولي والاتباع لرسول الله منهجاً وسلوكاً قولاً وفعلاً، في ميادين الجهاد والمواجهة لقوى البغي والطغيان والضلال وفي الجوانب المدنية والخدمية والتعاملات اليومية وتفاصيلها الحياتية.

 

ألعاب نارية خضراء

وأطلق أبناءُ الشعب اليمني، ليلةَ أمس الأحد، الألعاب النارية التي أنارت سماء اليمن؛ تعبيراً عن فرحتهم بقدوم ذكرى المولد النبوي الشريف، في العام 1443هـ.

وشهدت العاصمة صنعاء وعواصم محافظات صعدة وحجّـة والحديدة وعمران والمحويت وريمة وذمار والبيضاء والجوف وتعز وإب، إطلاق ألعاب نارية كثيفة وبمختلف الأحجام والألوان زادت سماء اليمن نوراً وبهجة وسرورًا بقدوم مولد خير البرية أحمد.

وتناقلت وسائلُ إعلام محلية وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات وصورًا أظهرت الألعاب النارية وهي تغطّي سماءَ المدنِ وبعضِ القرى والعزل، وفرحة الأطفال خلالها من على أسطح المنازل وفي الحارات والأحياء والساحات الخَاصَّة باستقبال ضيوف رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-.

منطقة عصر المطلة على العاصمة صنعاء من جهة الغرب من زارها ليلاً، فستسبق دموعه المعبرة عن الفرحة سجوده الخاشع مهابة وعظمة وقدسية، وكأنه في حضرة المصطفى يوم وصل المدينة المنورة ناشراً لدعوته ومقدماً لرسالته ومقيماً لحجته وسط من يحبهم ويحبونه، هاتفاً بأن لا معبودَ سوى الله، وأن لا مخافة إلا من الله وحده، مُحْيِيًا لمبادئ الإباء والعزة والشجاعة أمام الأعداء، وباعثاً لقيم الرحمة والتكافل بين المسلمين، كما هو سليل نبوته ومعدن رسالته وحفيد أحفاده قائد الثورة اليمنية والمسيرة القرآنية اليوم.

وامتلأت منطقة “عصر” بالسيارات والأهالي في وقت الليل منذ مطلع الشهر المنصرم، وتحولت إلى منتجع سياحي يشاهد منه أضواء صنعاء وزخرفها العامر بذكر محمد صلى الله عليه وآله.

ويقول المواطن عبدالرحمن المالكي، الذي كان متواجداً في المنطقة مع أهله وأصدقائه: “جئنا إلى هنا لنزداد تذكراً لرسول الله، ومشاركة إخوتنا المواطنين فرحتَهم بمولد خير البرية أحمد، ولنمتِّعَ أعيننا بجمال وروعة المشهد الأكثر جمالاً من أي مكان آخر، مُشيراً إلى أن جمالَ صنعاء وزينتها يزدادُ من يوم إلى يوم روحانيةً وسكينةً وكأن رسول الله حاضرٌ في أوساط سكانها”.

 

ميدان السبعين.. ساحة الرسول الأعظم

أما في ساحة “الرسول الأعظم” في ميدان السبعين، فيتم استقبال ضيوف رسول الله الوافدين من مناطق مختلفة من بلادنا، ومن خارجها، حَيثُ تم استقبال وفد كبير من مشايخ وقبائل يام بن همدان بنجران منذ مطلع الأسبوع، في مشهد عكس مدى التلاحم الإيماني بين هؤلاء الوفود واليمنيين، وارتباطهم الوثيق برسولنا الأعظم.

ولساحة الرسول الأعظم في صنعاءَ المنورةِ نكهةٌ جمعت بين قدسية المناسبة وصاحبها ومن تبعه من أنصار العصر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي –رحمه الله-، وَالشهيد الرئيس صالح علي الصماد ورفاقه، وكل شهداء محور المقاومة -رحمةُ الله عليهم أجمعين-، وبين قداسة ميدان الصمود الذي يحتضن المناسبة ومختلف المناسبات بكل فعالياتها منذ بدء العدوان على شعبنا اليمني، تتخلّلُه جماليةُ المنظر وروعةُ الألوان والأطياف الضوئية المتراقصة مع زوامل وأهازيج الانتصارات التي يصنعها سواعدُ أحباب رسول الله وأنصاره في جبهات وميادين الجهاد ومواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ ومن معه من المنافقين والخونة والعملاء.

ويقول أحد ضيوف رسول الله من أبناء نجران: “رسولُ الله لكل المسلمين، وكان من الواجب أن يحضر إلى هذا الميدان كُـلُّ من يؤمن برسالة محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-“، مؤكّـداً أنه لا يمكن لأحد أن يمنعَنا من التعبير عن فرحتنا وسعادتنا بقدوم هذا اليوم الفارق في تاريخ البشرية، يوم ولد فيه خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بعثه الله رحمة للعالمين.

من جهته، يقول المواطن عبدالله الدولة: “نحتفل في هذا العام بمولد رسول الله بالتزامن مع انتصارات عظيمة وكبيرة في مختلف الجبهات فتزامنت الفرحة بفرحتين، فرحة الميلاد وفرحة النصر على الأعداء، مُشيراً إلى أن تلك الانتصارات ثمرة من ثمار التمسك برسول الله والتعظيم له والاتباع لما جاء به، مؤكّـداً أن ما بعد الاحتفال هذا العام لن يكون كما كان قبله، وأن صنعاء وكل الأراضي اليمنية “الحرة” باتت ملاذًا للمظلومين وقبلةً لكل الشعوب المنتظرة لقدوم شعب الأنصار الحامل لراية الإسلام بجوهره الصحيح والسليم”.

 

 المناطق الريفية.. حضور استثنائي

ويرث أحفادُ الأنصار في الأرياف والقرى اليمنية قبل المدن وعواصم المحافظات ما سلك عليه الأجدادُ من استقبال وفرح برسول الله، حَيثُ ازدانت القرى والأرياف بالألوان والإضاءات الخضراء، ورشت سيارات المواطنين بهذه الألوان، كما مارسوا العادات القديمة المتعارف عليها في مثل هذه الاحتفالات.

ويؤكّـد أبو خليل الشرفي -مدير عام مديرية مزهر في محافظة ريمة غربي اليمن- أن أبناء قبائل المديرية ومختلف مديريات المحافظة يحيون ذكرى مولد خير خلق الله محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- منذ مطلع الشهر الماضي، بالفعاليات والأُمسيات الثقافية والشعرية والإنشادية، وتجري التجهيزات والتحضيرات في مختلف الساحات لإحيَاء الفعالية الكبرى وتسيير قافلة كبرى لرفد الجبهات بالرجال والمال؛ تعبيراً عن ولائهم وصدق مبايعتهم لرسول الله في المنشط والمكره للتصدي لقوى الظلم والطغيان الأمريكي السعوديّ على اليمن منذ سبعة أعوام، مُشيراً إلى أن المشاركة المجتمعية واسعة وغير مشهودة من قبلُ.

ويذكر أبو خليل في تصريح لصحيفة “المسيرة” أن الفعاليات والمناسبات الرسمية بمناسبة المولد النبوي الشريف في الأعوام الماضية شبهُ محدودة، وكانت تقام في منطقة الكبة المتاخمة للمربع الغربي لمحافظة الحديدة، لكن في هذا العام بفضل الله هناك حراك مجتمعي وقبلي وإشرافي ورسمي لاستقبال المولد النبوي، وهناك استعدادات تنظيمية، وستقدم لضيوف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كُـلّ ما يمكن أن يقدمه المضيف لضيوفه من الغذاء والماء ومختلف الخدمات الأَسَاسية وسيكونون في مقام وحضرة خير خلق الله ليزيدهم هدى وقوة وعزم وإرادة في مواجهة العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ على بلدهم.

 

المناطقُ المحرّرة حديثاً في رحاب رسول الله

ومن اللافت خلال هذا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، هو الانطلاقةُ الكبيرةُ للمحافظات التي تم تحريرُها من قوى العدوان والمرتزِقة والجماعات التكفيرية لا سِـيَّـما في محافظات مأرب والجوف والبيضاء وشبوة.

وتشهدُ هذه المناطقُ استعداداتٍ وتجهيزاتٍ واسعةً وكبيرةً لاستقبال هذه المناسبة، حَيثُ استطاع أهلها وسكانها التعبير عن عمق ارتباطهم برسول الله واتباعهم له بعد أن كان التعبير عن فرحتهم بيوم مولده بدعة في ظل حكم التكفيريين والقاعدة وداعش وسيطرتهم عليها.

ويقول محافظ محافظة مأرب، اللواء علي محمد طعيمان، خلال اطّلاعه على سير أعمال الإعداد والتجهيز للاحتفال المركزي بالمولد النبوي الشريف في مدينة حريب، الذي تشهدُ لأول مرة زخمَ الإعداد منذ خمسين عاماً: إن الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام يأتي تزامناً مع انتصارات يحقّقها أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في مختلف الجبهات، داعياً أبناء مأرب إلى المشاركة الواسعة والمشرفة في الاحتفالية المركزية للمحافظة في مديرية حريب، وإيصال رسالة قوية عن حب أبناء المحافظة وارتباطهم بالنبي الكريم والسير على نهجه والتأسي بقيمه ومبادئه وأخلاقه والمضي على الدرب المحمدي.

وتشهد شوارع وأحياء مدينة حريب كغيرها من المدن وعواصم المديريات المحرّرة منذ أَيَّـام ورشات عمل متواصلة، تنفذها السلطةُ المحلية والأهالي في تلك المحافظات والمناطق، حَيثُ تزيَّنت الشوارع والطرق العامة بالإضاءة والأقمشة وتركيب لوحات ضوئية عملاقة، في المداخل وأماكنَ متفرقة، إلى جانب لوحات كبيرة تحمل شعارات وعبارات ترحيبية بالمولد النبوي في مختلف الشوارع والمدن.

كما تشهد بقية مديريات مأرب والبيضاء وشبوة ذات التجهيزات والاستعدادات للاحتفال بهذه المناسبة العظيمة على قلوب اليمنيين منذ قرون، وتجهز ساحاتها لاستقبال ضيوف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، العازمين على تحرير شعبهم ووطنهم من أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء أوليائه ومحبيه، كما هو الحال في مختلف المحافظات من صعدة إلى عمران والجوف وحجّـة والحديدة والمحويت وريمة وذمار وإب وتعز والضالع منذ ثورة الـ 21 من سبتمبر الفتية القرآنية.

 

حركةٌ تجاريةٌ موسمية كبيرة

وفي هذه المناسبة العظيمة، شهدت الأسواق اليمنية حركة تجارية كبيرة في متطلبات ومستلزمات وأدوات الزينة من إضاءة وأقمشة ولوحات فنية وكل ما يعبر عن فرحة الشعب اليمني واستقباله ليوم المولد النبوي الشريف للعام 1443هـ.

ويقول صاحبُ محل الزينة واللوحات الفنية، أمين مسفر الضبيبي: إن هناك إقبالاً كبيراً وواسعاً هذا العام من قبل المواطنين والجهات الرسمية على اللوحات الفنية واللمبات المضيئة ذات اللون الأخضر والأقمشة والأعلام المعبرة عن المناسبة، إضافة إلى تزاحم أصحاب السيارات ومختلف أنواع المركبات ووسائل النقل أمام المحل لرشها بالرنج الأخضر أَو باللواصق الخضراء.

ويؤكّـد الضبيبي أن نسبة الإقبال هذا العام تضاعفت على العام الماضي بنسبة تفوق الـ200 %، مُشيراً إلى أن الزبائن من مختلف الشرائح المجتمعية، معتبرًا هذه المناسبة وفّرت فرصةً كبيرةً لتشغيل العديد من الأيادي العاملة في مجالات عديدة وعادت بمكاسبَ مالية وأرباحٍ وفيرةٍ على عدد من التجار الكبار والصغار، وكذا محلات الزينة والكهرباء والخياطة والورش التي غنمت هذا الموسم بالتجهيزات وتوفير كُـلّ المتطلبات التي يقبل عليها أبناء شعبنا اليمني في هذه المناسبة من كُـلّ عام.

 

صحيفة المسيرة

 

قد يعجبك ايضا