الذي خلق ودبر كل ما في السماوات والأرض هو وحده من له الحق والقدرة على تدبير شؤونك
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
أحيانًا يأتي الحديث عن خلق الله وعن تدبيره لشؤون خلقه خلق السموات والأرض وما بينهما وتدبيره لشؤونهما، ثم ينتقل إلى الحديث عن التشريع والهداية، أو يأتي الحديث مسبقًا عن التشريع والهداية، أو عن القرآن الكريم كما هنا، وهو مصدر التشريع ومصدر الهداية من الله سبحانه وتعالى، ثم يتعقبه بالحديث عن تدبيره لشؤون خلقه كلهم، السموات والأرض وما بينهما، فهو الذي خلق، وهو الذي يدبر. إذا كان هو الذي خلق السماوات والأرض وهو الذي يدبر شؤونهما، هو الذي خلق الإنسان {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} (السجدة: من الآية7)
هو أيضا الذي له الحق أن يدبر شؤون الإنسان، وشؤون الإنسان تختلف نوعا ما عن شؤون السماوات والأرض والمخلوقات الأخرى الجمادات.. تدبير شأن الإنسان يحتاج إلى هداية، يكون في جانب منه بشكل هداية، بشكل إنذار عن طريق كتب تنزل من عند الله سبحانه وتعالى وعن طريق رسله الذين بعثهم.
هذه الجبال وهذه الأشجار هل هي تحتاج إلى نبي أو إلى كتاب؟ الله هو خلقها، وهو يدبر شؤونها، هو أيضا خلقنا خلق الإنسان، وخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، ألم يقل الله هكذا في آية أخرى؟
فإذا كان خلق السماوات والأرض يستتبعه تدبير ممن خلقه، كذلك أنت أيها الإنسان الذي خلقك وبدأ خلقك من طين لا بد أن يدبر شؤونك وأنت تختلف عن الجبال عن الأشجار، عن المخلوقات الأخرى، تدبير شؤونك في جانب منه هو الجانب الأكبر يتمثل في: هداية من الله: إنذار، تشريع، توجيه، إرشاد، تعليم عن طريق كتب الله، وعن طريق رسله.
هكذا تأتي آيات القرآن الكريم مترابطة وموضوعها قد يكون للسورة الواحدة موضوعا واحدا تدور حوله تتمحور آياتها كلها حول ذلك الموضوع، ليس هكذا: آية جنب آية لا علاقة لهذه بهذه.
هو يريد أن يقول لنا – حسب ما نفهم وهو أعلم سبحانه وتعالى- : أنه كيف تنتظر أيها الإنسان أن يكون الواقع هكذا: أن الذي خلقك يهملك.. هل يمكن أن يهملك؟ هو خلقك والذي خلقك هو حكيم، هو رب العالمين، وأنت كبقية مخلوقاته، ألا ترى تدبيره لمختلف مخلوقاته ماثلًا أمامك، ألا نرى حركة الشمس والقمر والكواكب، ألا نرى حركة هذه المخلوقات بكلها، ألا نرى أن كل يوم هو في شأن، كل يوم هو في شأن، ذلك التدبير الواسع جدًا للمخلوقات على هذا النحو: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (السجدة:5) {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (الحج: من الآية47).
تدبير واسع جدًا، وشؤون واسعة جدًا جدًا، في اليوم الواحد يدبر الله فيه من الأمور ما لا يستطيع الناس أن يدبروا مثله إلى في ألف سنة.. لماذا وأنت المخلوق المستخلف في هذا العالم؟ لماذا وأنت من خلقت على أحسن تقويم؟ لماذا وأنت من أنيطت بك مهام كبيرة وواسعة ومسؤوليات عظيمة جدًا؟ تريد أن تنفر وحدك من بين كل المخلوقات الأخرى التي الله الذي خلقها ويدبر شؤونها إلا أنت وحدك وأنت المخلوق الأساسي وأنت المخلوق الرئيسي؟ وأنت العنصر المهم في هذا العالم؟ أتستنكر من الله أن يدبر شأنك؟! أتستغرب أن ينزل كتبًا إليك وأن يبعث رسلًا إليك؟ لماذا؟!
يجب أن ترى نفسك أيها الإنسان باعتبار أنك المخلوق الرئيسي في هذا الكون، في هذا العالم، الذي سُخر له هذا العالم بكله، أن تنظر إلى نفسك بأنك أحوج إلى ربك من أي مخلوق آخر في أن يتولى تدبير شؤونك ويهديك. الذي {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (السجدة:5) هل يمكن أن يهملك؟ بل تريد منه أن يهملك، إنه يدبر شؤون تلك المخلوقات الصغيرة.. تلك النملة وتلك الفراشة وتلك الشجرة.. المخلوقات الصغيرة هو الذي يدبر أمرها، وهي هي من مسؤوليتها محدودة ومهمتها محدودة ووجودها محدود.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
معرفة الله – وعده ووعيده
الدرس الثاني عشر
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ4/2/2002
اليمن – صعدة