الحماية الأمريكية هل تكفي لمنع جحيم الغضب المتصاعد ضد الإمارات؟!
|| صحافة ||
لا شيء ستفعله طائرة اف 22 رابتور الأمريكية والتي وصل الإمارات سرب منها سوى كونها رسالة معنوية تقدمها واشنطن للحليف الإماراتي بعد عودته إلى التورط مجددا في الميدان اليمني وهي لم تغادره كلياً في واقع الأمر .
يقول خبراء عسكريون إنه ما من حل ناجع متاح في الوقت الحالي أمام صواريخ كروز والطائرات المسيَّرة ، ولا تستطيع دولة ما أن تبقي طائراتها 24 ساعة في الجو لمهام الحماية والمراقبة وان تنفق ملايين الدولارات قبل أن تقتنص طائرة مسيَّرة لا يزيد ثمنها عن بضعة آلاف من الدولارات لا يعرف متى ومن أين ستأتي وأين تهاجم، والأمر بنظر أولئك لا يعدو كونه سوى مواصلة للنهج الأمريكي في نهب خزائن الأموال الخليجية والإماراتية تحديدا هذه المرة .
ويضيف هؤلاء الخبراء: يريد الأمريكيون من الإمارات ان تواصل القتال في اليمن وفي مارب تحديدا بعد عقم الحلول السعودية والأمريكية في الاعتماد على الإخوان ومجاميع القاعدة وداعش للقتال دفاعا عن مدينة مارب، آخر معاقل التحالف السعودي الأمريكي ، لذا فهم يواصلون خداعها مجددا حول قدرات طائرة اف 22 رابتور، والإماراتيون يعون كذلك أن الخطوة دعائية اكثر منها فعلية ومؤثرة في الميدان ، ولذا فهم يواصلون التفاوض مع صنعاء.
وبحسب مصدر عسكري رفيع فإن الإماراتيين اعادوا فتح قناة اتصال مع صنعاء وهو ما يفسِّر توقفاً مؤقتاً للهجمات اليمنية على الأراضي الإماراتية ، ويفسِّر كذلك توقف جبهة مارب الجنوبية بعد تقدم أحرزته قوات العمالقة بدعم جوي إماراتي كثيف ولوجستي كبير ، وعودة الضغط مجددا إلى جبهات شرق وجنوب غرب مدينة مارب .
ووفقا لهذا المصدر فإن صنعاء متصلبة في موقفها مع الإماراتيين وهم تلقوا مجددا شروط صنعاء بالانسحاب الفعلي والكلي من اليمن وتفكيك ميليشياتها، ومن ثم فتح ملف التعويضات، إذا كانت فعليا تريد استعادة أمنها الذي فقدته خلال يناير الماضي ولايزال هشا في ظل مراوغة عيال زايد وعجزهم عن مقاومة الضغوط الأمريكية والرغبات الإسرائيلية بالاستمرار في الميدان اليمني الذي لا ناقة لهم فيه ولا جمل .
ويضف المصدر أن صنعاء أوصلت إلى القيادة الإماراتية رسالة مفادها ان استمرارها في اللعب بالنار ونسج الأكاذيب ليس في صالحها، وان الفرص الممنوحة لها منذ توقف القتال في الساحل الغربي لم تعد متاحة، وعليها ان تدرك ان اليمن لن يكون لوحده في تسديد الضربات بل ستكون في مواجهة محور بأكمله يرغب في تدمير النموذج الإماراتي لتوجيه ضربة قاصمة لمسار التطبيع الذي يروَّج له من خلال الإمارات.
خلال عمليات الإعصار اليمني من الأول وحتى الثالث ظهر أن الإمارات غير مستعدة لتلقي الضربات ، صراخها وعويلها وصل إلى أقصى العالم ، لم يكن قادة الإمارات يتوقعون صلابة الموقف اليمني وجرأة الرد الذي طال الأمريكيين بشكل مباشر في قاعدة الظفرة ، وهذا الوضع انسحب على الأمريكيين أنفسهم.
وفي هذا السياق ينقل مصدر استخباراتي أن الأمريكيين فوجئوا بجرأة الرد اليمني على عملية الإمارات في شبوة ، وانهم كانوا يتوقعون أن استهداف قواعدهم قد يأتي إثر عملية اغتيال كبيرة ومؤثرة ، كما حدث مع الإيرانيين – عندما قصفت ايران القواعد الأمريكية في العراق بشكل مباشر للمرة الأولى عقب اغتيال قائد قوة فيلق القدس السابق الحاج قاسم سليماني مطلع العام 2020م ، وهي تجنبت القواعد الأمريكية طيلة سنوات المواجهة في سوريا – وليس بعد عملية عسكرية سيطرت فيها قوات تابعة للإمارات على رقعة سهلة ومكشوفة من الأرض في مديريات بيحان وعسيلان وشبوة وجزء من حريب مارب .
دخول ألوية الوعد الصادق على خط ضرب الإمارات ، واستضافة واضحة ومكشوفة لمعارضة النظام السعودي في مؤتمر بالضاحية الجنوبية ، مؤشر كبير على أن المرحلة القادمة ستشهد عملا منسقا ضد دول الحلف الأمريكي يتجاوز البيانات إلى الفعل العسكري على الأرض بما يعيد صناعة الفوضى ولكن ليس على الشاكلة التي كانت تطمح إليها الولايات المتحدة الأمريكية بعد حرب تموز 2006م ، بل لصالح شعوب المنطقة .
قطار التطبيع مع ” إسرائيل ” وصل محطته النهائية بتساقط الأنظمة الخيانية علانية ، بما في ذلك السعودية التي باتت تستقبل وفودا وفرقا رياضية صهيونية وحاخامات وتسمح بمرور الطائرات الصهيونية من أجوائها ، وبالنسبة إلى التطبيع الرسمي والدبلوماسي يرهن ولي العهد السعودي تلك الخطوة بمسألة جلوسه على العرش ودعم الولايات المتحدة له في مواجهة عمومته وأبناء عمومته الأحق منه بالملك .
وفي هذا السياق كان لافتا حديث السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في كلمته بمناسبة جمعة رجب بأن مواجهة التطبيع في المنطقة تكتسب بعدا دينيا بالدرجة الأولى قبل أن يرى اليه من الزاوية السياسية والقومية والحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني .
والى جانب الموقف الذي اعلنه السيد عبدالملك وقفت الصحف الصهيونية أمام إعلان الجمهورية الإسلامية في ايران عن الصاروخ الجديد ” فاتح خيبر ” باعتباره يستحضر البعد الديني في المواجهة مع اليهود .
وكلا الموقفين الصلبين برأي المحللين الصهاينة مقلقان للغاية ، ويجتذبان إليهما آلاف الشباب المسلم في المنطقة والعالم التواقين لتحرير فلسطين بمعزل عن مواقف الحكومات والمصالح السياسية والاقتصادية الضيقة لحكامها .
وبالعودة إلى الإمارات ثمة حديث عن خلاف يستعر بين حكامها مع حكام أبوظبي التي تمسك بالملف الخارجي انطلاقا من كونها الإمارة الأغنى ، عقب تقارير أمنية تكشف أن المخاطر الأمنية والعسكرية المحدقة بالإمارات تضاعفت بشكل كبير وسريع منذ توقيع اتفاقية التطبيع مع العدو الصهيوني ، وفتح البلاد أمام الأنشطة الأمنية للموساد الإسرائيلي وتدفق أعداد كبيرة من اليهود إلى دبي تحديدا ، وزادت من تلك المخاطر عودة الإمارات إلى الميدان اليمني ، مع سوء تقدير للرد اليمني والقوة التي باتت صنعاء تحتكم إليها ، وجرأة قيادتها في الاستهداف بما في ذلك القاعدة الأمريكية في دويلة الإمارات .
وبحسب تلك التقارير فإن أي تخفيف لا يشمل تقليص العلاقة مع “إسرائيل” والوصول إلى تسوية مع صنعاء لن يدفع إلى تحسن الأمور بشكل سريع ، بالنظر إلى الموقف الأمريكي الذي يقتصر حاليا على توفير ملاجئ لجنوده أمام الهجمات والصواريخ اليمنية ، وليس في جعبته حلول تقي الإمارات الهجمات اليمنية وهجمات فصائل مدعومة من ايران تتحضر هي الأخرى للمشاركة في الهجوم على الإمارات على خلفية التطبيع والحرب في اليمن وفقا للتقرير.
وفي هذا السياق تقول مصادر عسكرية يمنية إن أبو ظبي تحاول كسب الوقت لمحاولة تحصين سمائها وأراضيها ضد الهجمات ، غير أن ما يقدم لها مجرد أنظمة أمريكية فشلت في حماية السعودية وأخرى أثبتت فشلها في معركة سيف القدس ولا يراد لها ان تنكشف تماما إذا ما وضعت في مواجهة الصواريخ والمسيَّرات اليمنية المتطورة بمراحل عن تلك التي بأيدي فصائل المقاومة الفلسطينية .
كما ان سياسة التعتيم لإبقاء الإمارات وجهة اقتصادية وسياحية تثبت مع كل صورة يجري تسريبها فشلها ، وفي الحليف السعودي العبرة القريبة ، حيث وصلت الرياض بكبر مساحتها إلى نقطة ارتفاع صراخ الوجع لديها عقب ضربتي الدوادمي وبقيق وخريص وانكشفت عالميا ، أما بالنسبة للإمارات فصغر مساحتها لا تمكنها من فعل ذلك مطولا ، وبات انفجار قنينة غاز حدثا عالميا تتناقله الصحافة الأجنبية التي لا يمكن السيطرة عليها ولا كتم أنفاس مراسليها.
صحيفة الثورة