حظر المحظور مع بقاء الحصار على الوقود والغذاء والدواء.. العدوانُ يبحثُ عن الوهم
|| صحافة ||
مرةً أُخرى يؤكّـدُ مجلسُ الأمن أنه عبارةٌ عن أدَاةٍ لحماية تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ، إلى جانب الأمم المتحدة وباقي المنظومة المتغطية بعدة غطاءات إنسانية وحقوقية وسياسية وغيرها، غير أن هذه المرة يبدو العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي ورعاته وساتروه عاجزين إحداث تغيير يذكر، ولم يجدوا حيلة للنيل من صمود الشعب اليمني، ليظهروا متخبطين كما هو حال النظامين السعوديّ والإماراتي، الذي عادة ما يقصف المقصوف ويدمّـر المدمّـر، وهكذا هو حال مجلس الأمن في موقفه المعادي الأخير، حَيثُ لجأ إلى حصار المحاصر، وحظر المحظور، واستحضار المعدوم أصلاً إلى قائمة العقوبات الدولية.
مجلس الأمن وفي جلسته، أمس الأول الاثنين، حاول إعطاءَ دفعة معنوية لدول العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، بقرار حظر بيع الأسلحة لجميع قيادات أنصار الله، وهو قرار أثار السخرية في الأوساط السياسية والإعلامية واعتبره كثيرون مؤشراً على الفشل في تغيير المسار الذي يفرضه اليمنيون المناهضون للاستكبار الأمريكي، حَيثُ أكّـدوا أن المجلس حاول أن يرضي السعوديّة والإمارات بهكذا قرار لا يؤثر على شيء، سوى أنه كشف ارتهان المنظومة التي تتحَرّك باسم المجتمع الدولي لصالح الغطرسة الأمريكية الصهيونية.
صنعاء ترد: حظر المحظور يفضح المجتمع الدولي وتحالف العدوان
وفيما يرى المراقبون أن القرار المعادي الجديد لمجلس الأمن عبارة عن فقاعة جوفاء لا تملك أية رؤية أَو دراسة أَو هدف، سارعت صنعاء للرد على قرار مجلس الأمن، مؤكّـدة أن اليمن لم يكن بحاجة لشراء الأسلحة من الخارج، فضلاً عن الحصار الذي تفرضه أمريكا وأدوتها في دول العدوان والذي يمنع وصول البضائع الأَسَاسية كالوقود والدواء وغيرها.
وفي تغريدة ساخرة لعضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، أوصل رسالة لمجلس الأمن مفادها أن على مجلس الأمن البحث عن مسار آخر لإرضاء دول العدوان بدلاً عن القرارات التي تحظر دخول المعدوم أَسَاساً.
وقال الحوثي في تغريدة له: “ما به صفقات شراء للمواد الغذائية عاده بحظره للسلاح”، في إشارة إلى الحصار الخانق الذي تفرضه دول العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي والذي حَــدّ من دخول السلع الأَسَاسية التي يحتاجها الشعب اليمني.
وَأَضَـافَ الحوثي: “وإن كان في الوقت الحالي تملك الجمهورية اليمنية أسلحة حديثة لم تملكها من قبل فهذا بفضل الله وجهاد الشجعان اليمنيين الذين غنموها”، مؤكّـداً أن تحالف العدوان الأمريكي البريطاني السعوديّ الإماراتي فشل هو وكل حلفائه.
من جهته، أكّـد عضو الوفد الوطني المفاوض عبدالملك العجري أن قرارَ مجلس الأمن الدولي الأخير ليس إلَّا وجه آخر من أوجه المسارات العدائية التي يسري عليها مجلس الأمن في الخفاء والعلن.
وقال العجري في تغريدة له على تويتر: “قرار يحظر المحظور أصلاً، هل يعلم مجلس الأمن أن اليمن محظور عليه الغذاء والدواء والنفط حتى يفكر في حظر توريد السلاح؟!”.
وتساءل العجري بقوله: “ألم يكن أولى بمجلس النفاق العالمي وهو يتباكى على الإنسان الأشقر في أُوكرانيا أن يدعو لإدخَال المواد الدوائية والنفطية للشعب اليمني ولو للتستُّر على ازدواجية المعايير؟!”.
قرارٌ جاء للدفع المعنوي بالعدوان والحصار
وفيما يؤكّـد محللون سياسيون ومراقبون مهتمون بالشأن اليمني أن القرار الدولي الجديد تقوده دولة الإمارات القطب الثاني في تحالف العدوان على اليمن؛ نظراً لمشاركتها في المجلس المنعقد مؤخّراً، يشير محمد ناصر البُخيتي -محافظ ذمار، عضوُ المجلس السياسي لأنصار الله– إلى أن القرارَ يأتي في سياق المساعي الانخراط المتواصل لمجلس الأمن الدولي في مسارات العدوان والحصار على اليمن، فضلاً عن كونه قراراً يثيرُ السُّخرية ويؤكّـدُ الإفلاسَ السياسي والعسكري في صفوف تحالف العدوان ورعاته.
وقال البخيتي في تغريدة على تويتر: “قرارُ مجلس الأمن بتمديد حِرمان اليمن من شراء الأسلحة وحرمانه من حق الدفاع عن النفس باتّفاق أمريكا وبريطاني وفرنسا مع روسيا والصين يكشفُ حاجةَ العالم لنظام عالمي جديد يقوم على أَسَاس العدل”.
وخاطب البخيتي الدولَ التي صوّتت على ذلك القرار المخزي بقوله: “نقول للدول التي صوتت على ذلك القرار الظالم أنتم وقرارتكم تحت أقدامنا؛ لأَنَّنا نثق بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وهي رسالةٌ تؤكّـدُ أن صنعاءَ كانت وما زالت وستظل غير آبهة بالموقف الدولي الذي أثبت طيلة سبع سنوات من العدوان والحصار أنه مُجَـرّد غطاء مخادع للاستكبار الأمريكي الصهيوني في المنطقة والعالم.
وتابع البخيتي في تغريدة أُخرى: “عندما تخسر دول العدوان ومرتزِقتهم جولة يخرج نشطاء الإخوان والوهَّـابية ليبرّروا تلك الخسارة؛ بذريعة عدم تصنيف أمريكا لنا كإرهابيين وأن الإمارات وبريطانيا والسعوديّة والإمارات تقف إلى جانبنا”، مُضيفاً “اليوم مجلس الأمن بوضاعة قدرة يجمع على حرمان اليمن من حق الدفاع عن النفس وتصنيف من يفعل ذلك بالإرهاب”.
إلى ذلك، تحدث محللون أن بهذا القرار أنهى المجتمع الدوليُّ جولةً كان يسعى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس جرودنبرغ، لإجرائه في إطار مساعيه لتحقيقِ اختراق في مِلف الحرب والحصار على اليمن، قبل أن تبدأَ، مشيرين إلى أن جرودنبرغ بدأ جولة جديدة في المنطقة من العاصمة السعوديّة، وكان قد وعد خلال إحاطته الأخيرة في مجلس الأمن، بطرح مبادرات للسلام وفق 4 مسارات، غير أن مجلسَ الأمن قد نسَفَ كافة الجهود بتصويته على مشروع قرار تقدمت به الإمارات التي تترأس حَـاليًّا المجلس في دورته الحالية، وهي خطوة تعطي المبعوث الأممي حجّـةً جديدةً وتبريراً جديداً لاستمرار فشل مسارات السلام الأممية، مشيرين إلى أن القرار مع أنه لن يحقّق لدول الحرب سوى إنجاز إعلامي، إلا أنه قد يعقد مساعي جرودنبرغ لخطب وُدِّ صنعاء التي ترفض منذ توليه منصبَه السماحَ له بزيارة العاصمة، وهو ما قد يفقده أهميتًه كمبعوث دولي وينهي مستقبله مبكراً.
وتشير الخطواتُ الدولية في مجلس الأمن والمحكومة بالمصالح إلى غياب توجّـه دولي لدعم السلام في اليمن، خُصُوصاً بعد ظهور أطراف دولية، كروسيا التي أبرمت اتّفاقاً مع الإمارات بشأن أُوكرانيا، تخضع المِلف اليمني للمساومة وفق مصالح وأجندة خَاصَّة ومرتبطة بالصراع الدولي حَـاليًّا.
سياسيون: مجلسُ الأمن يتشارك الفشلَ والفضيحةَ مع دول العدوان
إلى ذلك، عبّر عددٌ من السياسيين اليمنيين عن استيائهم لقرار مجلس الأمن الدولي وسخريتهم أَيْـضاً، مؤكّـدين أن المجلس يواصل انحيازَه السافر للعدوان ويقف مع الجلاد ضد الضحية.
وقال المتحدثُ باسم الأحزاب اليمنية المناهضة للعدوان، الدكتور عارف العامري: إن قرار مجلس الأمن لم يأتِ بجديد، لافتاً إلى أن صنعاء تعيشُ في حصار منذ سبع سنوات على الأسلحة وعلى المواد الغذائية والمشتقات النفطية التي شكلت أزمة خانقة على الشعب اليمني، وأوضحت أن هناك قبحاً أخلاقياً لدى مجلس الأمن والمجتمع الدولي بشكل عام.
وقال العامري في حديثه للمسيرة: إن هذا القرار أقدمت عليه بريطانيا خدمةً للإمارات التي تتمركز في بعض المحافظات اليمنية وخَاصَّة جزيرة سقطرى، حَيثُ تبني حَـاليًّا أبراج متطورة لمراقبة الممر الدولي، مُشيراً إلى أن القرارات التي يصدرها مجلس الأمن هي نفس القرارات السابقة مثل 2216 الذي يمنعُ تصديرَ الأسلحة لكافة الأطراف في اليمن، ولهذا فَـإنَّ القرار غير جديد.
من جهته، أكّـد الناشط السياسي محمد السفياني أن توقيتَ هذا القرار يأتي في ظل محاولات الاستيلاء على مضيق باب المندب، وعلى طرق التجارة العالمية، منوِّهًا إلى أن العدوانَ بحاجة إلى هذه الممرات، وإيجاد الذرائع لاحتلالها، مُشيراً إلى أنه لا توجدُ له تبعات؛ لأَنَّ هناك اكتفاءً ذاتياً في اليمن من حَيثُ التصنيع وقطع الغيار، وأن هناك آثاراً بعيدةَ المدى لهذا الموضوع لكن لن يسعف العدوان الوقت؛ لأَنَّ صنعاء قادرة على التأثير على خُطُوط الملاحة والتي ستجبرهم على العودة إلى طاولة المفاوضات.
وعلى صعيد متصل، قال عادل راجح، وهو ناشطٌ سياسي: إن مجلسَ الأمن مشاركٌ في الحرب الدائرة على اليمنيين من خلال الحصار براً وبحراً وجواً، والذي جاء بتأييدٍ دولي، وأنها تشرعن بالاعتداء على الشعب اليمني، غير أن صنعاء استطاعت تطويرَ قدراتها العسكرية والتصنيع الحربي ومنها القوة الصاروخية والطيران المسير واستطاعت اكتساب السلاح من خلال المعارك الدائرة في الجبهات واغتنامها من الجبهات ومعسكرات التحالف، مؤكّـداً أن القرار لن يؤثر على الشعب اليمني، وأن قرارات الأمم المتحدة منحازة للسياسة الأمريكية.
بدوره، أكّـد الناشط السياسي الدكتور فرحان هاشم، أن القرار يأتي في ظل تقاطع المصالح الدولية ما بين دول العدوان من جهة والدول الكبرى في مجلس الأمن من جهة أُخرى؛ مِن أجلِ تحقيق مصالحها على المستوى الدولي، مُشيراً إلى أن الإمارات لعبت دوراً بدعمٍ أمريكي وبريطاني واضح، حَيثُ أن من صاغ القرار هو البريطاني وبضوء أخضرَ أمريكي، وَأن الإمارات تمكّنت من التحَرُّك في هذا الجانب بعد أن فشلت عسكريًّا، وهذا القرار لن يغيّر في المعادلة.
من جهته، أوضح الشيخ صالح صائل -أمين عام جبهة التحرير- أن اليمن قادر على المواجهة لمدة 50 سنة من خلال السلاح الذي يمتلكه، فلديه كُـلّ شيء، وهو قادر كذلك على إدخَال ما يريد، مؤكّـداً أن هذه التهديدات والمساومات لن تؤثر على اليمنيين، وأن المعتديين السعوديّة والإمارات المدعومة من قبل أمريكا وإسرائيل سيدفعون الثمن.
صحيفة المسيرة