انتفاضة القدس.. بركان غضب يتمدد
وهي على ختام عام كامل منذ اندلاعها مطلع أكتوبر/ تشرين أول من العام الماضي؛ تواصل “انتفاضة القدس” وإن خبَا لهيبها بعض الشيء، شق طريقها على أيدي الشُبّان الفلسطينيين من خلال استمرار تنفيذ العمليات الفدائية ضد الاحتلال وقُطعان مستوطنيه، في حين تجاوزت فاشية وعنصرية الاحتلال كافة الخطوط الحُمر.
وشهدت الآونة الأخيرة إرهاباً متصاعداً من قبله بحق الفلسطينيين؛ سعياً منه لمواجهة الانتفاضة ومنع اتِّقادها بعنفوان أكبر؛ إذ تعددت أساليبه الإجرامية لمواجهتها ما بين الإعدامات الميدانية والقتل بدم بارد، وهدم بيوت منفذي العمليات، والاعتقالات، وغيرها.
وخلال الأسبوع الماضي فقط، استشهد خمسة فلسطينيين في كل من الخليل و القدس المحتلتين؛ بذريعة أنهم حاولوا تنفيذ عمليات دهس أو طعن جنود، ليرتفع عدد شهداء الانتفاضة لـ (245) شهيدًا ارتقوا منذ تشرين أول 2015، في القدس والضفة المحتلتين وقطاع غزة.
واستشهد صبيحة السبت الماضي الشاب “حاتم الشلودي” من الخليل، سبقه يوم الجمعة استشهاد الشاب سعيد عمرو 28 عامًا أردني الجنسية، بعد إطلاق النار عليه من قبل جنود الاحتلال المتمركزين بالقرب من باب العامود في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن.
كما استشهد في اليوم ذاته بالخليل الشاب” فراس خضور”، وأصيبت خطيبته رغد الخضور وهي شقيقة الشهيدة مجد الخضور، بعد إطلاق النار على سيارتهما التي كانا يستقلانها قرب مدخل مستوطنة “كريات اربع”، وبعدها بوقت قليل استشهد الشاب “محمد الرجبي” بعد إطلاق النار عليه من قبل جنود الاحتلال بعد مزاعم الاحتلال طعنه أحد جنوده بالقرب من شارع الشهداء وسط مدينة الخليل.
وعصر الخميس الماضي، استشهد الشاب “محمد السراحين” من “بيت أولا” شمالي الخليل بعد اصابته برصاص الاحتلال خلال اعتقاله على يد قوة خاصة، بحسب ما أفاد به الارتباط الفلسطيني، كما استشهدت عشية يوم العيد الطفلة “لمى موسى” (6) أعوام من بلدة “الخضر” ببيت لحم، والتي ارتقت دهسًا بمركبة أحد المستوطنين على الشارع الالتفافي القريب من البلدة.
القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أحمد المدلل، أكّد على أن “انتفاضة القدس” وهي تقترب من العام الأول على اندلاعها لم تتوقف بالرغم من أن لهيبها كان يخبو في بعض الأحيان ويتقِّد أحيانا أخرى، والمساعي والمحاولات الحثيثة من قبل الاحتلال الرامية لإجهاضها.
وأكّد المدلل لـ”الاستقلال” أن انتفاضة القدس اندلعت لتؤكد أن المواجهة مع الاحتلال ما زالت مستمرة، وأن دماء الشهداء الذين يرتقون في الشوارع والمفترقات لن تذهب هدراً، مشدداً على أن نهج المقاومة والانتفاضة لا بد أن يكون الأول والأخير للشعب الفلسطيني، في ظل انسداد العملية التفاوضية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال.
وأضاف أنه لطالما استمرت وتصاعدت جرائم الاحتلال ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا، ستتصاعد في المقابل المواجهة مع الاحتلال في كل مكان، كما يحدث حالياً في سجون الاحتلال من ملحمة بطولية يسطرها الأسرى المضربون عن الطعام.
ودعا أبناء شعبنا في الضفة المحتلة بكل مكوناتهم إلى الانتفاض في وجه الاحتلال، والعمل لتوسيع الانتفاضة بكل الطرق والأساليب الممكنة، مبيناً أن توسيع الانتفاضة يكمن في توفر إرادة شعبية قوية للانتفاض في وجه الاحتلال.
وتابع: “لتوسيع الانتفاضة يجب أيضاً على السلطة الفلسطينية أن تنفض يديها من المفاوضات العبثية، التي جاءت فقط خدمة للاحتلال، واتخذها كغطاء للاستمرار في جرائمه، كما يجب عليها وقف التنسيق الأمني ومطاردة المقاومين، والعمل على تغيير عقيدة الأجهزة الأمنية المشوهة لتصبح عقيدة تحمي وتدافع عن الشعب، لا سيفاً مسلطاً على رقبته لصالح الاحتلال”.
وطالب “السلطة وأجهزة أمنها لتكون رافعة وحامية لـ”انتفاضة القدس”، إلى جانب الأمة العربية والإسلامية التي يجب عليها دعم حقوق شعبنا واسناد الانتفاضة، على اعتبار أنها تأتي في سياق معركة شاملة لدحر آخر احتلال على هذه الأرض، وهذا يجب أن يدركه الجميع”.
من جانبه، أكّد الناطق باسم حركة “حماس” سامي أبو زهري أن دماء الفلسطينيين التي تراق على خلفية الإعدامات الميدانية التي ينفذها الاحتلال في مدن الضفة المحتلة ستكون وبالاً على الاحتلال، ووقوداً مباركاً لانتفاضة القدس.
وقال أبو زهري في تصريح صحفيّ إن هذه الجرائم لن تفلح في كسر إرادة شعبنا، داعياً إلى استمرار المواجهة والتصعيد ضد جنود الاحتلال والمستوطنين انتقاماً لدماء شهدائنا الأبرار.
بدوره، الكاتب والمحلل السياسي من غزة ثابت العمور، أوضح أن “انتفاضة القدس” وبعد مرور نحو عام على اندلاعها وصلت إلى مرحلة عدم التوقف، قد تتراجع أو تحكمها ظروف أو تكتيكات معينة لكنها مستمرة وهي تستنزف الاحتلال، لافتاً إلى أن قوة الانتفاضة تكمن في أن عملياتها ما زالت تحمل الطابع الفرديّ، الذي لا تستطيع دولة الكيان الصهيوني التنبؤ بها.
ورأى العمور في حديثه لـ”الاستقلال” أن “انتفاضة القدس” ستتصاعد خلال الأيام المقبلة رغم الإمكانيات والقدرات المحدودة والمتوفرة، وهي مستمرة طالما استمرت عربدة وتغول والاحتلال.
وقال: “الإعدامات الميدانية ستزيد في المقابل من وتيرة العمليات الفدائية، كما أن تصاعد الإعدامات الميدانية الممارسة تجاه الفلسطينيين من قبل الاحتلال تعكس حالة التخبط والرعب لديه، حيث بات جنوده يقتلون ويطلقون النار لمجرد الاشتباه”.
وشدّد الكاتب والمحلل السياسي على أن “الانتفاضة ستتواصل لأنها رد فعل طبيعي على جرائم الاحتلال المتواصلة، إضافة إلى أن نضال الفلسطينيين لن يتوقف في نضاله وأن تراجع في بعض الفترات، حتى في ظل اتفاق أوسلو المشؤوم، الذي ولّد سلطة فلسطينية يتيمة منزوعة القدرة والقوة استطاع الشعب الفلسطيني انتزاع مقاومته وانتفاضته، وعلى وقع “التسوية” قام بـ”انتفاضة القدس” التي شهدت أكبر عدد من العمليات الاستشهادية”.
“سرايا لقدس”