المعركة الاقتصادية.. الأخطار والتحديات
موقع أنصار الله || مقالات ||زيد الشُريف
من يخوض غمار الصراع المتعدد مع دول الاستكبار في الحاضر هو أيضاً يخوضه من أجل المستقبل ولكن يجب عليه أن يحسب حساب المستجدات التي تفرض نفسها ولا تستأذن أحدا، لقد تعلمنا من خلال الثقافة القرآنية أن القرآن الكريم يربي الإنسان المؤمن على ثقافة الاستعداد لاستباق الأحداث قبل وقوعها خصوصاً في ميادين الصراع الشاملة بين الحق والباطل ويربي المسلمين على الإعداد والاستعداد والمسارعة للتصدي لكل الأخطار المحتملة التي تأتي من جهة الأعداء، لأن الحكمة – إضافة إلى الغريزة والفطرة والمسؤولية الإيمانية – عوامل تدفع بالإنسان إلى التصدي لكل ما يمثل خطورة عليه حتى ولو كانت تلك الخطورة لا تزال بعيدة عن المحيط الجغرافي وعن الوقت الزمني لأن الذي ينتظر الخطر حتى يدهمه وينال منه فهو في حكم التائه المتخبط الفاقد للحكمة والمسؤولية.
وبما أننا اليوم كأمة إسلامية بشكل عام وكشعب يمني بشكل خاص نخوض صراعاً شاملاً مع دول الاستكبار فإنه من المهم جداً في هذه المرحلة العمل على استباق الأزمة الاقتصادية (المجاعة) التي يحذر منها خبراء دوليون والتي ستطال معظم دول العالم ومن بينها أربع دول عربية في مقدمتها اليمن.
ليس بالضرورة أن يكون كل ما يقوله الخبراء الاقتصاديون الدوليون صحيحا بنسبة 100% بل يجب عدم تصديقهم نهائياً لأن الله تعالى هو ملك السماوات والأرض وهو من بيده ملكوت كل شيء وله الأمر من قبل ومن بعد وهو الذي تكفل برزق عباده وهو تعالى على كل شيء قدير، ولكن من خلال دراسة الواقع الذي نعيشه اليوم كشعب يمني نتيجة العدوان والحصار الأمريكي السعودي ونتيجة لشحة مياه الأمطار وغير ذلك من العوامل والمؤثرات التي أسهمت في تدهور الجانب الاقتصادي بشكل كبير في اليمن نجد أنه من المهم جداً العمل على البحث عن حلول ومعالجات تسهم في الارتقاء بالجانب الاقتصادي وفق رؤى حكيمة وسياسة رشيدة وبالإمكانيات المتاحة وبالاستعانة بالله والتوكل عليه لأن بقاء الوضع كما هو عليه وانتظار المجهول ينذر بكارثة اقتصادية حقيقية، وعندما تقع الكارثة تكون الخسارة كبيرة وفادحة في كل المجالات.. ولهذا لا بد من التحرك من الآن وكان المفترض – من قبل – أن يتحرك المعنيون في الجانب الاقتصادي والسياسي لوضع خطط اقتصادية تنموية عملية حكيمة تضمن للشعب اليمني استقراراً اقتصادياً ولو بشكل نسبي يتوسع بشكل أكبر مع مرور الوقت و يستمر لفترة طويلة من الزمن.
معلوم لدى كل دول العالم أن بناء الجانب الاقتصادي وتنميته والاهتمام بجوانبه المتعددة مثل الزراعة والتصدير والاستثمار للمنتجات المحلية المختلفة يضمن للدول وشعوبها العيش الكريم ولو كانت بعض الدول تمتلك القوة العسكرية وتفتقر للقوة الاقتصادية فهي في دائرة الخطر وكذلك العكس، أما عندما يتوفر البناء العسكري والاقتصادي فإن ذلك يمثل حصانة للشعوب من أي خطورة عسكرية أو اقتصادية وتحصن نفسها من كل الأخطار والتحديات بل وتعيش حياة كريمة قائمة على الحرية والاستقلال والعزة والكرامة، ونحن كشعب يمني نخوض غمار معركة شاملة في مواجهة دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي التي تسعى وتعمل منذ أكثر من سبع سنوات على استعمار اليمن ونهب ثرواته وإنهاكه عسكرياً واقتصادياً والوصول به إلى حالة الانهيار وهذا شيء واضح ومعروف لا غبار عليه، لهذا يتحتم علينا أن نعمل على منح الجانب الاقتصادي مساحة من العمل الذي يمكننا من تحقيق إنجازات اقتصادية توازي الإنجازات العسكرية ولدينا من الثروات ما يكفل لنا ذلك، لدينا الثروة السمكية والثروة الحيوانية والثروة الزراعية وغيرها الكثير من الثروات، وفوق ذلك لدينا الثروة البشرية التي تحتاج فقط إلى توجيه حكيم يدفعها للعمل بالشكل السليم لما فيه مصلحة الشعب والوطن، وبما يجعل العدو يفشل في عدوانه الاقتصادي كما فشل في عدوانه العسكري والأمني.
لدينا تجربة طويلة في ميدان الصراع الاقتصادي مع دول تحالف العدوان، حصار اقتصادي شامل وإغلاق للمنافذ والموانئ والمطارات واحتجاز السفن وتدمير المصانع وإنهاك العملة وغير ذلك والهدف تدمير الاقتصاد اليمني وإنهاك الحياة المعيشية للإنسان اليمني ليسهل عليهم استعمار اليمن، أما دور الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية فقد أثبت الواقع أنها لا تلبي حاجة الإنسان اليمني ولا تهتم لأمره بقدر ما يهمها المتاجرة بمظلوميته وتلميع نفسها في وسائل الإعلام، ومن خلال هذه التجربة المريرة يجب وجوباً شرعياً وإنسانياً ووطنياً وأخلاقياً العمل على تفعيل الجبهة الاقتصادية عملياً وليس فقط إعلامياً بحيث لا نترك المجال للعدوان ليصل إلى أهدافه الإجرامية ولكي لا نصل إلى المجاعة الشاملة التي نعيش 50% منها بسبب العدوان والحصار والفساد المالي والإداري والنفسي والأخلاقي، وأمامنا فرصة لتدارك أنفسنا قبل فوات الأوان من خلال تحرك شعبي ورسمي يلتفت فيه الجميع إلى بناء الجانب الاقتصادي بشكل عملي يلمس الناس آثاره في واقعهم ويجعل العدو يدرك أن رهانه على انهيار وضعف واستسلام الشعب اليمني من المستحيلات (ومن يتوكل على الله فهو حسبه).