ما نحتاجه في تعاملنا مع الكتاب هو الحفاظ على استقامتنا به والسير على هديه
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
الكثير من الناس الآن ممتلئة أفكارهم بمفاهيم معوجَّة، فمن كان هناك لديه مفاهيم معوجة، فمعنى هذا أنه لابد أن يعود إلى القرآن، القرآن هذا القيِّم، الذي يقوِّم أي اعِوَجاج، يقوِّم أي اعِوَجاج في النفوس، أي اعِوَجاج في الآراء، في المفاهيم، في الأفكار، في الطرق، فهو يقوِّمها.
وحتى نفهم أن هناك اعِوَجاجات كثيرة، عندما تجد حملة العلم لا يتحركون، ولا يضجون حتى في هذه اللحظة الخطيرة جدًا عليهم، وليس على الكتاب، الكتاب في نفسه الله قد حفظ الكتاب في نفسه، لكن نحن بحاجة إلى أن نحفظ أنفسنا، ونحفظ التزامنا، ونحفظ استقامتنا به. وإذا لم نحفظ استقامتنا بالالتزام به، والسير على هديه، وهو قيِّم، سنصبح معوجين في حياتنا، وتصبح معوجة كل نتائج مواقفنا هذه السيئة.
كيف لا يعترضون، ولا يضجون على أن هناك توجه يهودي للسيطرة على مناهج المسلمين! أنا أتصور هذه أنها عند الله كبيرة جدًا، أنها مظنة أن يحصل للأمة هذه ضربات شديدة، وأنها في نفس الوقت فضل عظيم لمن ينطلقون ليعارضوا هذه الفكرة التي يتبناها اليهود، يعارضوها بجدية.
ونحن يجب أن نتحرك لنعارضها بجدية، ونفضح الأمريكيين بها في نفس الوقت، لكن للأسف متى ما قلنا بعض الأشياء، لا يتفهم بعض الناس ما هي التي يتحركون بها في الأوساط! نحن قلنا: نتحرك أمام هذه الفكرة، بأن نقول للناس، نقول للناس، ونشيعها في أوساط الناس: أن هذا يدل على أن الأمريكيين ماذا؟ ليسوا صادقين في قولهم: أنهم يريدون مكافحة إرهاب، وأنهم إنما يلاحقون الإرهابيين هنا وهناك؛ لأن المدارس الحكومية في مختلف بلدان الدنيا هذه لا تنتج متشددين، لا تنتج ملتزمين بالإسلام! فلماذا بادروا إليها ليحتووها، ويغيروا المناهج التعليمية، ويصيغونها على ما يريدون؟ مع أنه منهج لا يطلَّع ملتزمين بالدين؟!
هل لأنه منهج يطلع إرهابيين؟ لا، ما يطلع إرهابيين على ما يقولون هم. فهذا فضحهم، ويبين لكل ما لا يفهمون: أن الأمريكيين متجهين لتغيير ثقافة الأمة هذه؛ ليبنوا جيلًا يتولاهم، يحبهم، يجلهم، يمكنهم من الهيمنة عليه، بدل من أن يكونوا أولياء لله، ومحبين لله، وأن يمكنوا كتاب الله من أن يحكم عليهم. يكون البديل هم اليهود، فهم يريدون هذه، يريدون الاحتلال لأفكارنا، لنفوسنا، لبلادنا، لقيمنا، لكل ما يربطنا بديننا.
هم يريدون هذه، وإلا لما اتجهوا إلى المدارس الحكومية التي لا تخرج مناهجها ولا ملتزمين، التزام ببعض الأشياء، ما هذا معروف؟ أم أنه ليس معروفًا؟ تحدثوا في أوساط الناس، نحن نقول: إذا كنا أذكياء نعرف كيف نعمل سننجح أمام أي قضية ينزلها الأمريكيون.
إذا كنا أغبياء سيقهروننا بغبائنا، هم ما تغلبوا علينا اليهود إلا لغبائنا، هل تفهمون هذه؟ لأننا دائمًا لا نهتدي بالقرآن، أؤكد على كل واحد أن يتحدث في هذه النقطة، أن هذا يفضح الأمريكيين بأنهم قالوا: يريدون مكافحة الإرهاب فقط! هم يريدون احتلال، وهيمنة، وحرب للدين؛ وإلا لما اتجهوا إلى تغيير المناهج في المدارس الحكومية التي لا تخرج حتى ولا مصلين. أليس هذا معلومًا؟
هذا أرجوه من كل شخص أن يتحرك فيه، كل شخص يتحرك فيه، هذه نقطة أعتقد مهمة. وإذا كنا إلى درجة ألا نتحدث عن النقاط المهمة فعلى الأقل نتوجه، نتحدث بين مجابرنا كمطلب، فلان طلب منا أن نقول: كذا، كذا، من بين الكلام الكثير الذي يتحدث به الناس.
نقول: الآن افتضح الأمريكيون، افتضحوا، الذين قالوا إنهم لا يريدون إلا أن يحاربوا الإرهابيين! تجد جامعة الإيمان ما تحدثوا حولها، صحيح؟ ما كان المفروض -على زعم أنها تخرج إرهابيين- أنهم يزيحوا المناهج حقها؟ اتجهوا إلى المدارس الحكومية التي فيها مئات الآلاف من الطلاب، أي فيها جيل، فيها شعب، فيها شعب بأكمله. في يوم من الأيام يخرجون بثقافة أخرى.
يعني لسنا فاهمين لحد الآن أن هذا يعتبر فضيحة للأمريكيين؟! ما معنى فضيحة؟ يعني يفضح كلامهم بأنهم فقط يريدون أن يحاربوا الإرهابيين. وأنهم يريدون الاحتلال، وحرب الدين نفسه، وصياغة جيل يكونون عبيدًا لهم، يهيمنون عليهم كما يريدون، ويثقفوهم كما يريدون، وإلا لما اتجهوا إلى المدارس هذه الواسعة، وإلى المناهج، في مصر، والسعودية، وقطر، والبحرين، والكويت، والعراق، واليمن.
ما كان هم يضحكون على الناس بأنهم قالوا إنهم ملاحقين إرهابيين فقط؟ أليسوا هكذا؟ الآن صدقنا نحن؟ إذا ما بين نصدق نحن؛ ولهذا تجد في قول الله تعالى: {وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِه} (الزمر33) أنها نقطة هامة جدًا، نقطة هامة جدًا أن تكون أنت أول مصدق بما تأتي به، مصدق بما تتحرك فيه أنت، وإلا فيجلس واحد مرقِل، يجلس واحد مبهطل، يجلس واحد غير مهتم، ما عنده حركة، ولا عنده تفاعل جاد.
إذا واحد مثلًا ما هو مصدق بالقضية، وقد يكون الكثير من الناس هكذا متحركين وما هم مصدقين؛ لأنه يوجد داخلهم عوج كثير في نفوسهم، وفي أذهانهم، [خليهم البادي منهم، لكن معهم هه: الله أكبر الموت لأمريكا].
نحن نقول: يجب أن تفهم، يجب أن تفهم، أن عليك أن تعتقد عقيدة أن دين الله لا يحده حدود، وليس أمامه عوج، وأنه يجب أن تنظر نظرة القرآن، وإلا فقد يكون الإنسان فعلًا عقيدته باطلة في الله؛ لأن كل الأفكار لدينا هي تقصر المسافات، تقصر الرؤى، يصير معناها أنه ماذا؟ أن هذا الدين غير قادر، ومن وراء هذا الدين وهو الله سبحانه وتعالى أن ينصر دينه، أن يعلي كلمته، أن يظهره على الدين كله. تفهمون أنها حالة خطيرة؟ تحدثنا عنها أكثر من مرة.
الإنسان يكون عنده: [وين هي أمريكا! ووين احنا من امريكا!،] ثم يفتر، ما هو في الأخير يفتر واحد؟ يرجع يفتر؟ لماذا؟ لأنه ليس ممن {جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِه} كان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) والله يذكر هنا في نفس هذه السورة عندما قال: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} (الكهف6)؛ لأنه مصدق بهذا الحديث هو، ينطلق بجدية، ينطلق باهتمام، ينطلق برؤية لديه عالمية، مع أنه كان في مدينة واحدة، في المدينة المنورة، ورؤيته رؤية القرآن، ونظرته نظرة القرآن، وهو يعلم أنه رسول للعالمين جميعًا.
فهو في زمنه يخطط، ويتحرك فعلًا في رسالته يتحرك ليبني أمة، ولبناء أمة تكون قادرة على أن تتحرك بهذا الدين على العالمين، ليظهر على كل الديانات، ليظهر على كل الثقافات، ليظهر على كل المجتمعات الأخرى الباطلة؛ {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (التوبة33).
إذًا فعليك كواجب؛ لأن الله يريد منا أن نعمل، أن نعمل، نحارب أمريكا، إسرائيل، هي الدنيا هي صغيرة في عالم الله، اعتبر أننا نحن وإياهم داخل بيت فقط، داخل بيت واحد، يعني بيت واحد من ضمن هذه البيوت الكثيرة، الكواكب الكثيرة في هذا العالم الفسيح.
نتصارع نحن وإياهم، نتكلم، نرفع شعارات، منشورات، نعد أنفسنا، يحصل ما حصل. ابعد من ذهنك أمريكا كبيرة؛ إسرائيل كبيرة، بالعناوين الكبيرة، هي عوج، هي تعتبر عوج، وهي التي دائمًا تقعد الناس فعلا، هي التي تقعدهم، لا يأتي عوج أبدًا إلا من داخل النفوس، تخلي الناس يقعدوا، فلا يعودوا يتحركوا لشيء، أو يتحركوا ببرودة، وتثاقل.
أول شيء نفهم نحن، نفهم نحن، الذين كنا نسمع على مدى السنين هذه الماضية، أنهم قالوا: ملاحقين إرهابيين! ألم نكن نسمع هذه؟ أليس هذا تصرف من هو ليس مفكر في إرهابيين؟ هو مفكر في احتلال الكل؟ سحب الأسلحة هذه كل ابوها، يسحبوها كلها، ويعملوا على سحبها، والهيمنة على المناهج؛ ليغيروا المناهج، ويثقفوا هذا المجتمع الكبير، في المدارس الحكومية: الأساسية، الثانوية، الجامعة.
أليس هذا عمل من لديه فكرة أن يحتل؟ إذًا يجب أن نفهم نحن على الأقل، نفهم نحن أولًا أننا فعلًا أمام أعداء يريدون أن يحتلوا، ويحاربوا ديننا فعلًا؛ لأنه عندما نسكت سنسكت عن أعداء رهيبين يتجهوا لأن يجعلوا هذا القرآن قراطيس، وقد جعلوه لحد الآن قراطيس، نحن وإياهم، لم نعد نجعل له قيمة في الحياة، ولا في حركتنا على أساسه.
أيضًا زيادة {تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} وهذه نقطة ثانية: {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ}، والله يتحدث معهم عن كتابهم، التوراة {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى} (الأنعام91) ثم قال بعد: {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا}. إذا كانوا عملوا هذا بالتوراة وهو الكتاب الذي أنزل عليهم فكيف بالقرآن الذي هم أعداء له، ما هم سيخفون كثيرًا؟ ما بتقرأوا في الأخبار، في الصحف، أنهم يريدون أن يغيروا آيات الجهاد، يبعدوها؟ هذا من الإخفاء، وآيات في بني إسرائيل، هذا من الإخفاء كثيرة جدًا.
عندما يبعدوا حوالي ثلث القرآن، أو نصف القرآن، يخفوه ما يبعدوه منه، ما يستطيعوا يخفوه، ويخفوا المصحف نفسه. ما هذا يدل على أنهم حرب للدين؟ لكن تجد أن الناس لا يهتمون بهذا، لا يدرون ماذا وراءها؟ بعضهم لا يهمه أمر الدين، يحرقوه، أو يدمروه!
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
آيات من سورة الكهف
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: الجمعة 29/8/2003
اليمن – صعدة