الأولويات الثلاث .. وما يجب!
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالرحمن الأهنومي
وَضَع قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي – عليه السلام – ثلاث قضايا رئيسية وأساسية كأولويات ضرورية للمرحلة الراهنة، وأولها وأهمها هو التصدي للعدوان باعتباره عدوانا أمريكيا تقف وراءه إسرائيل، ولكونه عدواناً إجرامياً بلا أي مبرر يخوله استباحة المحرمات وارتكاب الجرائم المروعة والوحشية بحق اليمنيين.
وفي هذه الأولوية لا بد لنا كإعلاميين أن نعيد إنعاش الذاكرة بما فعل العدوان الذي شن أكثر من 300 ألف غارة بالصواريخ والقنابل المدمرة والفتاكة على المدن والأحياء والمنازل والمنشآت والأسواق والعزاء والأعراس، قتل فيها الأطفال والنساء والشيوخ والرجال في منازلهم وأسواقهم ومدارسهم ومستشفياتهم وأعراسهم ومآتمهم وفي نومهم وصحوهم وفي الطرقات وفي الجسور وفي القرى وفي البيوت وفي كل مكان، وبما فعله العدوان من خراب ودمار في البنى والمعائش وسبل الحياة ومقوماتها التي استهدفها عمدا وقصدا وتنكيلا بالشعب اليمني وعدوانا وظلما وبغيا وتجبرا وغطرسة.
لا ننسى أيضا بأن العدوان أحكم الحصار على شعب كامل طوّقه بالنار وبإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية ومنع الواردات من الحبوب والأدوية والاحتياجات الأساسية، ومنع السفر من اليمن وإليه ونكل باليمنيين تنكيلا لم يسبق إليه أحد في تاريخ الحروب كلها، وكذا الاستهداف للاقتصاد ومقوماته وتدمير ركائزه وقطع المرتبات ونقل البنك وطبع العملة، وكلها مسارات عدوانية عمل عليها تحالف العدوان ليجوِّع اليمنيين ويضعهم جميعا على حافة الموت جوعا وحصارا، بالتوازي مع ذلك نهب الثروات اليمنية وسرقتها والذهاب بعائداتها إلى بنوكه المعروفة.
لا ننسى أن العدوان مارس على الشعب اليمني حربا قذرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، إذ حشد الإرهاب والقاعدة وداعش والمأجورين من دول عديدة ومن اليمن أيضا، واستجلب القتلة من كل الأصقاع للقتال ضد الشعب اليمني، وجلب أحدث الأسلحة وأفتكها من أمريكا ودول الغرب ليقتل ويدمر بها اليمنيين واستخدم الصواريخ والقنابل المحرمة في حربه المستمرة، علاوة على استخدامه للحرب الدعائية والتضليلية والتحريضية على الشعب اليمني وعمل على تصوير الشعب اليمني بأنه شعب خطير يمثل تهديدا على العرب وعلى المسلمين وعلى الإسلام وعلى الكعبة وأن الحرب عليه هي حرب شرعية من صميم العروبة والدين، بالإضافة إلى كل ذلك قام باحتلال المحافظات والجزر والسواحل وعمد إلى نهب الثروات وسرقتها وما زال يفعل ذلك وتحت حراسة المرتزقة أنفسهم.
لا ننسى أن العدوان الذي وعد المناطق التي احتلها ومنها مدينة عدن بأن تكون جنانا خضراء من الخدمات والماء والكهرباء والبنى تعاني بشكل مضاعف عما تعانيه المحافظات الحرة، فلا عدن صارت دبي ولا شبوة تحولت إلى عاصمة اليمن السعيد، بل صارت عدن مدينة الاغتيالات والموت والبؤس والحرمان وانقطاع الكهرباء والمياه ومدينة الفوضى، وشبوة مسرحا للاحتراب الدموي بين فصائله وعلى حساب حياة المواطنين اليمنيين.
يجب التذكير بما فعله العدوان الذين تقوده أمريكا من عاصمتها وعبر غُرف عملياتها المشتركة مع المملكة السعودية ودويلة الإمارات، الأداتان المنفذتان والممولتان للعدوان، في كل يوم وفي كل لحظة وفي كل مقام ومناسبة، فما فعلوه ليس قليلا بحق الشعب اليمني بل جرم رهيب وكبير ولا تأتي عليه الصحف والمدونات مجتمعة.
لا حصر لجرائم تحالف العدوان الأمريكي السعودي ولا حد للخراب والدمار والقتل الذي ارتكبه بحق اليمنيين، لكن الوقائع تشهد والأوضاع كذلك تشهد بأنه لم يأت ليفعل الخير لليمنيين بل جاء ليحتلهم وينهبهم ويقتلهم ويموتهم جوعا وحصارا، ولم يشن الحرب على الشعب اليمني لأجل إعادة شرعية أحد، فقد سحقها وداسها في فنادقه واستبدلها بأحذية وعملاء جدد ينصبهم بمرتبات شهرية ويوكل إليهم مهمة تبرير ما يفعل وشرعنة ما ينهب ويرتكب من جرائم، ثم يستبدلهم بالتوالي كأحذية لا قيمة لها.
وبالتالي، فإن مواجهة هذا العدوان ضرورة يرتبط بها مصير الشعب اليمني ولأجيال متعاقبة، وهو أيضا دين تقضي به شريعة الله في أرضه، وهو قيمة وطنية وإنسانية وفطرية، ومن يجد في غير ذلك موقفه فهو معلول إنسانيا وأخلاقيا ويعاني من انحراف في دينه وفي قيمه وفي وطنيته.
الأولوية الثانية التي وضعها قائد الثورة هي السعي للحفاظ على الاستقرار الداخلي، والحفاظ على الجبهة الداخلية؛ لأن جزءاً كبيراً من مؤامرات الأعداء يتجه إلى استهداف الجبهة الداخلية في البلد، والتركيز على زعزعة الاستقرار الداخلي تحت كل العناوين، وفي هذه الفترة بالذات قام العدوان بتطوير حالة إعلامية دعائية هدفها ضرب معنويات الشعب اليمني وإحباطه وإفقاده الأمل والثقة بالله ودفعه إلى تبني موقف يمهد لمؤامراته ويقبل باحتلاله للبلد وهيمنته وسيطرته عليه، وبغية التأثير المعنوي السلبي على المواطنين ودفعهم لمزيد من التأفف والشكوى والتذمر من مسار مواجهة الحرب العدوانية والتصدي له والصمود في مواجهته، لكأن في الاستسلام والخضوع نجاة لليمنيين!
ولعلها أخطر المراحل في ما يسمى “الجيل الخامس للحروب”، إنها الحرب على الوعي وعلى الضمير والهوية الوطنية وعلى النفوس والقناعات، وهي ما يجب مواجهتها ودحضها بقوة المنطق وبصدق الموقف والتحرك.
أما الأولوية الثالثة فهي السعي لتصحيح وضع مؤسسات الدولة، وضع مؤسسات الدولة وضع مُزْرٍ ومؤسف، كما يصفه السيد القائد، فالتركة ثقيلة من الماضي، والوضع صعب جراء الحصار الشديد الخانق والتعقيدات كبيرة، لكن الجهود مبذولة وسيحقق الله بها الإصلاح إن شاء الله، والمطلوب هو التحرك بمسؤولية وعدم البقاء ضمن سياق التبكيت والتهييج والنظرة السلبية، فكل ذلك لن يؤدي إلى نتائج ناجعة، فالاستسلام للألم وتركه يعصف بالجميع استسلام قاتل ومميت، علينا الخروج من براثن ذلك كيف نجعله يذهب من دون رجعة، هنا قد نصبح في حالة من الاستعداد لتقبل أي احتمالات جديدة، أو العمل وفق مسارات رحبة تغير من صورة الواقع الصعب، وكما غير أبطالنا في الجبهات مسار المعركة الصعبة على كبر حجم الحرب وعدلوا مساراتها ورجحوا كفتها، فنحن نستطيع بإذن الله، وصدق الله القائل “يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”.