لبيك يا رسول الله
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبد القوي السباعي
لبيك يا رسول الله.. يا مُحمدٌ يا ابن عبدالله, ما أحسن الاسم وما أجمل وأعظم المسمَّى، مُحمدٌ الرسول الأعظم, مُحمدٌ النبي الأكرم، مُحمدٌ المطهر الرائق, صفي الله على الخلائق، ومختارهُ في العلم السابق، منتهى أنباء السماوات، ومبلغ أسباب الرسالات, من إذا ذكرتهُ القلوب انشرحت بين الضلوع, وخشعت الهامات في خضوع, وانهمرت على الخدود الدموع.
لبيك يا رسول الله, ترددها الألسن المفعمة بالوجد, والأفواه الممتثلة بالعهد, وتُجسدها الأنفس البريئة، والقلوب المستقيمة، التي تجاوزت حدود الشوق, وذابت في ذلك العشق غير المسبوق.
لبيك يا رسول الله, صرخة مدوية من حناجرٍ تتحرق لهفةً وشوقاً إليك.. مهابةً وحباً لك, وظمأ لمنهاجك، ورغبة عارمة لسلوكك، لأنك معينها الذي لن ينضب, لأنك القدوة والمعلم الهمام, أنت القائد والإمام، أنت الحُجة والمنهج الذي يهدي به الله من اتبع رضوانه سُبُل السلام.
لبيك يا رسول الله, رغبةً لا تعادلها رغبة, ولم تأتِ من قبل بمثلها حُقبة, ورهبةً ممن استلهم المعنى وتبيّن الحجة, ووفاءً لمن تركنا على خير محجة, فعلّم الألسن كيف تلهج بالذكر، والقلوب كيف تسمو بالشكر، والأجساد كيف تتجمل بالصبر، والأنفس كيف ترتقي بالطهر.
لبيك يا رسول الله, إيماناً ويقيناً وإتلافاً, لا مواربة فيها ولا إسفاف, لأنك من علّم القادة أسس العدالة وقواعد الإنصاف، أنت من علّم الأمم مبدأ القناعة والكفاف, ونهج الطهارة والعفاف، وأنت من حبب للبشر مسار الفضيلة, ورسم خطوط النجاة من مغبة كلّ رذيلة.
لبيك يا رسول الله, لأنك من بُعث بالرسالة الجامعة، وشيّد أركان الدولة اللامعة، وأرشد بالبصيرة من الوقوع في الجهالة، وهدى بالنور القرآني من الضلالة، وارتقى في درجات الكمال حتى بلغ الوسيلة، وصعد في سُلّم الفضل حتى حاز كلّ فضيلة.
لبيك يا رسول الله, وكلّ شيء هُنا في اليمن يقول: لبيك يا رسول الله, بكل صدقٍ منها, لأنك الحب الذي يسكنُ قلوبهم ويتغلغل فيها, لأنك الحب الذي يعيش في أحاسيسهم وكأنك جزءٌ منها، فأنت حبٌّ سرمدي، تسري أنواره بين شغاف قلوبهم فتملؤها نوراً وضياءً وهدى.
لبيك يا رسول الله, لأنك الشعور الذي يتولد فيهم عاماً بعد عام، تعظُمُ وتكبُرُ مناسبةُ ذكرى مولدك, في نفوس الأحرار, رجالهم ونساءهم, صغارهم والكبار، روحانياً وثقافيّاً واجتماعياً، وها هم اليوم يتنافسون في الاحتفاء بك.. بالاقتداء بك, سلوكاً وإحساناً, يجسدون في الواقع حُبَّك؛ ولاءً وجهاداً وَاتِّباعاً.
لبيك يا رسول الله, نقولها لأن حبنا لك نحن اليمنيون فطرةٌ نقية, وحجّـة قوية, ومنحة عصية, لمن لم يستطع أن يحرّر نفسَه من قبضة العبودية, تخطها اليوم الملايين, ضيوفك الوافدين, كرسالة جماهيرية لأدعياء الدين والوطنية, وأذيال كلّ نكصٍ وتبعية, تقولها لزمر النفاق ومنظري الفتاوى البدعية.
لبيك يا رسول الله, نقولها وأعناقنا تشرئب, ودموع عشقنا تنسكب, ومُضغ قلوبنا تسابق أقدامنا إلى الميادين في طرب, فأي بشري مكتمل هو أنت؟.. أي قلب كقلبك؟.. بل أي سُمو كسموك؟.. تحتارُ الأحرف كيف تدمج أحلى الكلمات فيك؟, وتحتارُ الأفكار حين تريدُ أن تُعبر عن بعض معانيك.
لبيك يا رسول الله, أقولها وعلى حنجرتي تقف حشرجةً تدفع بي إلى البكاء, عن ماذا أتحدث؟.. فقد جاوزتني البلاغة والفصاحة والذكاء.. محتارٌ أنا.. مُحتارةٌ هي أحرفي, وحُق لها أن تحتار فكيف لأحرفٍ قاصرة من سوء تقصيرها؟, أن تفي بقدرك يا حبيب رب السماء, بأبي أنت وأمي يا رسول الله.. بأبي أنت وأمي يا عظيم العظماء.