استعمارٌ قديمٌ جديدٌ وأكثرُ فعاليةً
موقع أنصار الله ||مقالات ||محمود المغربي
بعد قرون من التجارب الاستعمارية الغربية؛ بغرض فرض السيطرة على الشعوب وجعل الأمور في نطاق النفوذ والمصالح للدول الغربية الكبيرة مثل بريطانيا وفرنسا وغيرهما أدرك صناع السياسَة في تلك الدول أن الطرق الاستعمارية القديمة أصبحت مكلفة وغير مجدية كما أنها تصنع نوعاً من المقاومة والممانعة لكل ما يأتي من أفكارٍ وثقافات من المستعمر.
وقد عمل الطامعون على إيجاد طرق استعمارية جديدة أكثر فعالية في الدول المستهدفة على أن تكون تلك الطرق البديلة مقبولة ولا يمكن مقاومتها من قبل الشعوب والدول المستعمرة بل يجب ألا تعلم تلك الشعوب بأنها خاضعة للاستعمار الخارجي ومسلوبة القرار والسيادة الوطنية.
ولم يكن هناك من طريقة لتحقيق ذلك إلا بصناعة أنظمة عميلة وفاسدة وفاشلة تكون واجهة للمستعمر الخارجي وترفع شعاراتِ الوطنية والدين بحيث لا يمكن المساس بها من قبل الشعوب وتضمن استمرارَ السيطرة الغربية على ثروات وعقول تلك الدول والشعوب.
طريقتهم الجديدة حقّقت نجاحات كبيرة منقطعة النظير في المنطقة العربية أكثر من غيرها بل استطاعت بريطانيا أكثر وأكبر الدول الغربية نفوذاً واستعماراً خلق كيانات وأنظمة جديدة في مناطق الثروات والمقدسات العربية والإسلامية مثل منطقة الخليج، وعملت على دعمها مادياً وعسكريًّا وأضفت إلى بعضها قداسةً دينيةً بعد أن استطاعت تقسيمَ الأُمَّــة إلى بمذاهب وطوائف جديدة تناسبها ووضعت حبال كُـلّ مذهب وطائفة بيد أحد زعامات تلك الكيانات حتى يسهل التحكم بكل مذهب وطائفة وحتى تكون هناك علاقة طردية بين تلك الكيانات والمذاهب والطوائف وكل طرف يشكل حماية وعمقاً للطرف الآخر.
وعلى سبيل المثال تم ربطُ الكيانِ السعوديّ بالوهَّـابية والكيان القطري بالإخوان المسلمين والكيان الإماراتي بالصوفية وهكذا استطاعت بريطانيا الحفاظَ على وجودها الاستعماري في المنطقة حتى اليوم وبشكلٍ أقوى رغم خروجها من المنطقة قبل أكثر من خمسين عاماً إلا أنها لا تزال تستعمرُ الأرضَ والفكرَ العربي وتنهب الثرواتِ العربية والإسلامية وعندما تشعر أن هناك نظاماً أَو فصيلاً دينياً لم يعد يحقّق لها المصالح المطلوبة يتم استبداله بآخر أكثرَ ولاء كما حدث مع الوهَّـابية التي أصبحت ورقة محروقة بعد أن أَدَّت الغرضَ منها لمئة عام ليتم استبدالها بهيئة الترفيه التي تتناسبُ مع الدور المرسوم للسعوديّة كمتطلبات للمرحلة المقبلة.