بركات السماء والأرض مرتبطة بإصلاح الأنفس والأوضاع أولا

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

نحن نقول في بعض الأحيان أن الناس يحاولون أن يفكروا في بديل إذا أمكن، يجربوا في هذه ال مناطق إذا كان بالإمكان زراعة بعض أنواع الأشجار الأخرى التي يمكن أن تكون بديلًا عن القات، ربما مع تغير الظروف وال مناخ من عام إلى عام قد يتحول ال مناخ في هذه ال مناطق إلى مناخ بارد جدًا قد لا يصلح للقات، ربما السعودية يتغير وضعها الاقتصادي فتصبح هذه الشجرة لا قيمة لها؛ لأن المعلوم هو أن ما جعل للقات قيمة كبيرة هو أنه يمشي إلى السعودية، أليس كذلك؟

التخازين في البلاد قليل، أليس معظم الناس يخزنون مجانا؟ يحاولون أن يفكروا أن يبحثوا عن أنواع أخرى، وليس من منطلق أنهم فيما إذا ضرب الله هذه الشجرة، نحن لسنا بحاجة إليها، سنفكر في نوع آخر وعندنا بديل آخر! لا.

أعتقد بأنها من جهة ـ والله أعلم ـ هذه الشجرة قد تكون نعمة كبيرة للناس في هذه الظروف فقط، في هذه الظروف الخاصة، في حالة قلة الأمطار، في حالة عدم تمكن الناس من زراعة أشياء كثيرة، حيث لا دعم من جانب الدولة للمزارعين.

هذه الشجرة التي تعيش في مختلف أنواع التربة، وتتحمل العطش بنسبة كبيرة، وتأتي في السنة بأكثر من محصول، تعتبر نعمة كبيرة على الناس، والناس يفهمون هذا أنها نعمة كبيرة، حتى كثير يقول: لو لا نعمة الله علينا بهذه الشجرة لكانت وضعية الناس سيئة.

التعداد السكاني متزايد كل سنة، أصبحت الأسر ما بين عشرين شخص إلى خمسة عشر شخصًا، ما بين ثلاثين إلى عشرة إلى اثنا عشر. فيأتي الرزق بواسطة هذه الشجرة.

إذًا أشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة، حتى وإن كان في الواقع أن وضعيتنا تفرض علينا أن نهتم بزراعة الأشياء التي هي ضرورية بالنسبة لنا كالحبوب، والبقوليات الأخرى، ولكن هذا يحتاج إلى دعم من الدولة، وأيضًا يحتاج إلى دعم إلهي.

نحن قد فسدنا، نحن فسدنا فلم تعد البركات بالشكل الذي كنا نسمع عن أجيال سابقة، الأمطار قلَّت، أليس كذلك؟ الأنهار أيضًا قلت وانتهى بعضها، وتلك ال مناطق التي كان يعتمد الناس فيها على الآبار الارتوازية أيضًا قلت المياه فيها بشكل كبير.

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} (الروم: من الآية41) فلم ير الناس أنفسهم متمكنين من زراعة الحبوب، و من زراعة البقوليات الأخرى حتى يوفروا أو يؤمنوا غذاءهم لأنفسهم، يؤمنوا لأنفسهم الغذاء، السماء لم تعد تعطي بركاتها، الأرض لم تعد تعطي بركاتها، فسدنا كلنا، كبيرًا وصغيرًا، كما قال الإمام علي (عليه السلام) “إذا فسد السلطان فسد الزمان”.

أو لسنا نسمع من الدولة نفسها أنهم يشكون من الفساد المالي، والفساد الإداري، والفساد في القضاء، وفي الجانب الأمني وفي مختلف المجالات، في الجانب التعليمي، في الجانب الصحي، في مجالات كثيرة، ألسنا نسمع وهم يشكون؟ ألستم تسمعون برنامج يقدم [من هو المسئول] أليسوا يعالجون فيه أو يتحدث من المسؤول عن أخطاء في هذا المجال، أو هذا المجال، أو هذا المجال، فساد على مستوى الدولة والشعب؟

لكن ماذا؟ يبدو وكأن الله سبحانه وتعالى منحنا جرعة إسعافية مؤقتة لسكان الأرياف، القات، من شمال الي من إلى معظم ال مناطق الغربية هذه، معظم ال مناطق الغربية في محافظة صعدة ومحافظة حجة، وإب، وهكذا، يعتمد الناس فيها على القات، في محافظة صنعاء وعمران والمحويت والجوف يعتمدون فيها على القات

مع أننا نصيح من زراعة القات أنه ليس هو ما يجب أن نعتمد عليه باستمرار، هذه شجرة إذا ظل الشعب معتمدًا عليها باستمرار فبالتأكيد لا يستطيع أن يكون له موقف من أعداء الإسلام، هذه الشجرة لا تستطيع أن تمضغها إلا بعد أن يكون بطنك ممتلئًا وأنت شابع، أما إذا كنت جائعًا فهل تستطيع أن تمضغ القات؟ لا.

إذًا فبالنسبة للقات، بالنسبة لشجرة القات، مناسب أن تكون لنا نظرة صحيحة بالنسبة لهذه الشجرة، هي في الواقع نعمة، لكن أعتقد أنها أشبه شيء بنعمة مؤقتة من جانب الله سبحانه وتعالى في فترة التيه، هذه الأمة خاصة نحن اليمنيين في فترة التيه كما كان بنوا إسرائيل، والله سبحانه وتعالى رحيم. فالقات بالنسبة لنا كأنه أشبه شيء بطائر السلوى الذي منحه الله بني إسرائيل أيام التيه، ال من والسلوى.لنعد إلى أنفسنا فنصلحها، نصلح أوضاعنا، ليعيد الله سبحانه وتعالى بركات السماء والأرض إلينا من جديد؛ لأنه في الواقع بالنسبة للقات، محصول القات عندما تبيع فيجتمع لديك مبلغا من المال، ماذا ستعمل بهذا المبلغ؟ ألست ستشتري حبوبا، وتشتري موادًا غذائية، تشتري فول من الصين وفاصوليا من الصين وعدس من تركيا، وتشتري بقوليات من خارج، وحب من خارج، تشتري ملابس من خارج، تشتري بهذا كله من خارج، أليس بالإمكان أن يعمل الناس ليتوفر ما يحتاجون إليه داخل بلدهم؟ لكن متى؟ متى ما حاولنا أن نصحح وضعيتنا فنخرج من حالة التيه، حتى لا نعد محتاجين إلى طائر السلوى، كما احتاج بنوا إسرائيل.

هل كان طائر السلوى ممكن أن يكون بديلًا عن الأغنام والأبقار والإبل؟ مؤقتًا، نعمة مؤقتة، فالقات هو نعمة مؤقتة، ولكن في نفس الوقت يجب أن نشكر الله عليها. في نفس الوقت يجب ألا يترسخ لدينا بأنها هي الشجرة التي يجب أن تبقى. فأزرعها أنا ويزرعها أولادي من بعدي، ثم أولادهم وهكذا.

ما د منا مفتقدين إلى تأمين غذائنا فلا نستطيع أن نعمل شيئًا، ولو كانت كل الصحاري قات، ولو كانت كل الجبال قات، لا نستطيع أن نقف موقفًا واحدًا ضد أعداء الله، أصبحت حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجة المسلمين إلى السلاح، هل تفهمون هذا؟ حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجتنا إلى السلاح في ميدان وقفتنا ضد أعداء الله.

الغذاء، القوت الضروري لا تستطيع أن تقف على قدميك وتصرخ في وجه أعدائك وأنت لا تملك قوتك، وإنما قوتك كله من عندهم.

ولكن نحن نقول إن اتخاذ المواقف هو في نفس الوقت من مقدمات العودة إلى الله سبحانه وتعالى، أو بداية العودة إلى الله لنعد إلى أنفسنا، فنراه سبحانه وتعالى يطلب منا ويأمرنا بأن نكون أنصارًا لدينه، وأن نعتصم جميعًا بحبله، وأن نكون أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن ال منكر، تدعو إلى الخير، تقوم بهذه المهمة في الناس جميعًا.

فأملنا كبير في الله سبحانه وتعالى أن يعيد إلينا بركات السماء والأرض، فيستطيع الناس أن يعودوا إلى زراعة الحبوب، وزراعة مختلف الأصناف من الثمار التي هم بحاجة ماسة إليها.

إذا كنا نعتقد أو كانت أنفسنا مطمئنة هكذا إلى أن هذه الشجرة أصبحت هي الشجرة الرئيسية التي نزرعها فيزرعها أبناؤنا من بعدنا إلى آخر أيام الحياة، هذه نظرة خاطئة فعلًا، هذه نظرة خاطئة.

ولكن لا نعتبرها مصيبة، ولا نعتبرها طامة في ظروف كهذه، لا، هي نعمة في ظروف كهذه، هي رحمة من الله، رحمة من الله كما رحم بني إسرائيل بطائر السلوى في فترة التيه، وهم تائهون في صحراء سيناء، فكثير من الناس يلعنون هذه الشجرة، يلعنونها وينسبون إليها كل سوء! هي رحمة، هي نعمة، ولكن في نفس الوقت ليحذر أولئك الذين يعملون على أن يبدلوا نعمة الله كفرًا، وأن يحلوا قومهم دار البوار، من يبيعون القات فيدخلون في مبايعات محرمة، يدخلون في مبايعات فيها الكثير من الأيمان الفاجرة، فيها الكثير من الكذب.

لا يجوز للناس أن يبدلوا نعمة الله كفرًا، ماذا لو ضرب الله هذه الشجرة، ونحن في أوضاع كهذه؟ ماذا سنعمل؟ لو حاول الناس أن يزرعوا حبوبًا من جديد، فحتى لو قلنا بالإمكان أن يكون هناك مضخات فالماء في الأرض قد ضرب أيضًا، الله بيده كل شيء، هو مالك الملك، إذا كنت تعتقد بأن بإمكانك أن تستغني عن المطر، هي مؤشرات خطيرة، نقول للناس لا بد من عودة إلى الله، وحتى لو قلنا الحكومة نفسها تعمل شيئًا ماذا يمكن أن تعمل؟

أن تعمل مضخات، الماء في الأرض مشرف على الانتهاء، تعمل سدودًا، السدود تحتاج إلى أمطار، ثم إذا جاء سد، يكون الناس بحاجة إلى اغترافه لبيوتهم ومواشيهم، بالدرجة التي لا يكادون يوفرون إلا القليل للزراعة، ثم في هذه الجبال الشاهقة أين مواقع السدود الكبيرة التي يمكن أن تكون سدودًا كبيرة تكفي لسقي المزارع وحاجات البيوت والمواشي؟

لا مجال إلا العودة إلى الله سبحانه وتعالى، فنشكر الله على هذه النعمة، نبتعد عن الأيمان الفاجرة، عن الكذب، عن الغش، عن الخيانة، لا يلهينا العمل في التجارة في هذه الشجرة عن ذكر الله تعالى، عن أن تؤدي بنا إلى التقصير في طاعة الله تعالى، هذه نعمة سنحولها إلى كفر.

نشكر الله سبحانه وتعالى عليها وفي نفس الوقت نحاول أن نهيئ أنفسنا بالشكل الذي نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يعيد علينا بركات السماء وبركات الأرض، {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} (الأعراف: من الآية96) هذا وعد من الله سبحانه وتعالى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (نوح: 12) أليس هذا من وعود الله سبحانه وتعالى؟{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} (الجـن: 16).

والحياة مرتبطة بالماء، الأرزاق مرتبطة بالماء، بل حريتنا مرتبطة بالماء، بل نصر ديننا مرتبط بالماء، والماء بيد من؟ خزائنه بيد الله تعالى، فالله سبحانه وتعالى متى ما رجعنا إليه فهو رحيم بنا، هو من يرح منا حتى ونحن في حالة الإعراض عنه فيسعفنا بجرعات اقتصادية، ليست كالجرعات الاقتصادية التي تأتي من قبل الحكومة كرفع أسعار ونحوها، بل يعطينا أشياء يهيئ لنا المعيشة بأشياء في حالة مؤقتة حتى نصحح وضعيتنا، وحتى يمكننا أن نعود إلى وضعنا الطبيعي، وضعنا الطبيعي الذي يمكِّننا من أن نعتمد على أنفسنا، فيما يتعلق بغذائنا، فيما يتعلق بحاجاتنا ـ ولو على الأقل ـ الضرورية.

حتى البيضة تأتي من خارج، الدجاجة تأتي من خارج، كل ما بين أيدينا كل ما في مطابخنا، كل ما في أسواقنا كله من خارج، من عند أعدائنا، أليست هذه وضعية سيئة، وضعية خطيرة جدًا.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

سلسلة دروس معرفة الله- نعم الله

 الدرس الخامس

ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 22/1/2002م

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا