أهمية الارتباط بالزهراء (عليها السلام) كأرقى نموذج عالمي

ركز القرآن الكريم بشكل كبير على عرض النماذج الإنسانية الراقية ذات التأثير التربوي والأخلاقي والثقافي الذي يساهم في ارتقاء الفرد المسلم الارتقاء الإيماني، وهي ولا شك النماذج التي ينشد إليها الإنسان بحكم فطرته التي فطره الله عليها، في مسيرة حياته لتطبيق الدين والالتزام به، وهذا التركيز القرآني جاء بغية تربية المجتمع الإنساني وتنشئته التنشئة الإيمانية الصحيحة والوصول به إلى أسمى مراتب الكمال الإيماني.

نماذج إصلاح المجتمع الإسلامي

تقوم مهمة الدين الإسلامي على أساس التشريع وتنظيم وإصلاح أفراد المجتمع البشري ككل باعتباره دينًا عالميا غير محصور بشعب معين أو أمة ذات صفات معينة، وتأتي هذه المهمة من حقيقة أن الدين مجموعة من التشريعات والنظم والقيم الأخلاقية الإلهية العليا التي يجب أن يتحلى بها كل البشر ناهيك عن أفراد المجتمع المسلم، في حياتهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم مع بعضهم البعض، لذلك استعرض القرآن الكريم في هذا السياق المهم قصص العديد من الأنبياء والرسل عليهم السلام، ولم يكتف بهذه الفئة وإنما زاد عليها، مقدمًا لنا نماذجَ إيمانية أخرى لم تكن مرتبطة بالرسالة الإلهية ولكن أهمية الأدوار التي قامت بها كانت تمثل ضرورة بالغة لذكرها لنقوم بعد ذلك باستحضارها وتطبيقها تطبيقا عمليا في حياتنا وواقعنا مثل حديثه عن أهل الكهف وعن الصديقة العذراء مريم وأم موسى وغير ذلك.

وقد جاء الاستعراض القرآني لتلك النماذج في إطار قصصي شيق ومؤثر، للفت الانتباه ولم يأت من باب الترفيه مثلا أو تمضية الوقت وإنما أتى لنجعل من تلك النماذج الراقية قدوةً لنا لنأخذ منها الدروس ونستلهم منها العبرة ونستحضرها واقعا ملموسا لتطبيقه في حياتنا وأقوالنا وأفعالنا قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ) الممتحنة آية 6.

 

نماذج شيطانية:

 

وكما قدم القرآن الكريم لنا سيرة تلك النماذج الإيمانية الراقية، قدم لنا أيضا سيرة النماذج السيئة والمنحرفة لنأخذ منها العظة والعبرة، والتي حثنا الله على البعد والحذر منها سواءً بعدم طاعتها وموالاتها والخضوع لها، أو بالوقوف والتحرك ضدها ومواجهتها للتخلص منها، متى ما استدعت الظروف ذلك كونها نماذج شريرة تخالف الفطرة السليمة التي خلقنا الله عليها وتشكل بالتالي خطرًا على المجتمع الإنساني برمته، ولعل هذه النماذج هي النماذج التي يسعى الأعداء لفرضها علينا وربطها بنا بطرق متعددة لتسهل لهم السيطرة علينا. يقول قائد الثورة في كلمته بمناسبة اليوم العالمي للمرأة بمناسبة ذكرى مولد فاطمة الزهراء البتول عليها السلام: “جزء كبير من معركتنا مع أعداء الأمة يتجه إلى معركة التصدي للغزو الثقافي والفكري والاستهداف المعادي لهذه الأمة لمبادئها وقيمها وأخلاقها، في إيمانها، وهذه معركة مهمة وخطيرة للغاية، هذا الجانب فيه استحضار النماذج الصحيحة والارتباط بالقدوات الحسنة، هذا الجانب جانب رئيسي وأساسي للصمود في هذه المعركة، للمواجهة في هذه المعركة، للتماسك في هذه المعركة، للثبات في هذا الميدان، الأعداء هدفهم الرئيسي الذي يسعون لتحقيقه في معركتهم معنا كأمة مسلمة هو ماذا؟ هو السيطرة علينا، الأعداء يسعون إلى السيطرة عليك كإنسان مسلم، سواء كنت رجلا أو كانت امرأة”.

 

الزهراء (ع) أرقى نموذج عالمي:

 

تحدث قائد الثورة في كلمته أيضا عن سمو شخصية فاطمة الزهراء البتول عليها السلام وكيف قدمها لنا الإسلام بصورة سامية يصعب وصفها، باعتبارها النموذج النسائي الأرقى، مؤكدا على أهمية الاقتداء بها وبمسيرتها الإيمانية لمواجهة الاعداء، وكيف أن الأعداء في سياق استهدافهم للمجتمع المسلم يستهدفون المرأة المسلمة في المقام الأول كونها تشكل ركيزة مهمة في بنية المجتمع الإسلامي، لذلك يسعون بكل الطرق والوسائل إلى إبعادنا عن هذا النموذج الراقي وضربه سواءً باستنساخ نماذج نسائية سيئة تخدم أجنداتهم، أو بتظاهرهم بأن لديهم اهتمام كبير بالمرأة ويتحركون تحت عنوان حقوق المرأة مع أنهم العدو الأول للمرأة وتركيزهم على المرأة يأتي في سياق استهداف المجتمع الإسلامي وتفكيكه، يقول قائد الثورة: ” لماذا المرأة؟! المرأة في موقعها في الأسرة وبالتالي المرأة في موقعها في المجتمع الأعداء يسعون إلى التركيز في تفكيك المجتمع المسلم بدءًا بتفكيك الأسرة ودعامة الأسرة وأم الأسرة والقاعدة الأساسية للأسرة هي المرأة هي المرأة، من موقعها كأم ومن موقعها كزوجة لها دور أساسي جدا في الأسرة”.

 

نظرة الأعداء للمرأة واستهدافهم لها:

ينظر الأعداء الصهاينة الذين يقودون مجتمعات الغرب إلى المرأة نظرة سلبية تكشف استهدافهم الصريح لها قولا وفعلا، فهي من وجهة نظرهم رمز للشر ومخلوق بيد الشيطان وهي من أغوت آدم وورطته في المعصية، ثم تجد في سياساتهم العملية، وبرامجهم العامة ما يتجه نحو الاستغلال السلبي للمرأة وكأنها سلعة رخيصة بحيث حولوها إلى وسيلة للفساد الأخلاقي هادمين بذلك كرامتها ومستهدفين عفتها وطهارتها إلى أن أخرجوها من حيز الصيانة ومن دائرة كل التشريعات الإلهية التي تحميها وتصونها وتحفظها، فأسهموا إلى حد كبير في تفكيك المجتمع البشري وهم اليوم يتحركون لتفكيك مجتمعنا يقول قائد الثورة: “ثم هم يتجهون إلى مجتمعنا الذي لا يزال فيه قدر جيد من التماسك الأسري وهذا الترابط الأسري والتقديس للأسرة والارتباط الأسري، يتجهون إلى هذا المجتمع لتفكيكه كما فككوا بقية المجتمعات”.

من أجل ذلك وتحت العديد من العناوين المضللة التي يروجون لها مثل تشدقهم بحقوق المرأة، يحرص الأعداء أولا على استهداف المرأة وذلك بإثارة التناقضات داخل الأسر، والتباينات بين الرجل والمرأة، وتقديم المرأة كعالم مستقل عن عالم الرجل، وتحريكها باتجاه الحصول على حقوقها وأن تكون شريكا في هذه الحياة بنمط آخر لا يتناسب مع طبيعتها، وكل ذلك ما هو في الحقيقة إلا لتوسيع هوة التباين والتنازع والتنافس والاختلاف والتصارع، بين الرجل والمرأة مع أنها شريك طبيعي في واقع الحياة القائم بين الرجل والمرأة على الارتباط التلقائي والمباشر.

أ

قد يعجبك ايضا