مبدأ الاستقلال حصانة من العبودية والإذلال
عندما نأتي إلى مبدأ من المبادئ الإيمانية المهمة جدًّا في الإسلام، وهو مبدأ الاستقلال بمفهومه الإيماني، المنبثق عن مبدأ التوحيد لله -سبحانه وتعالى- الذي يجعل من هذه الأمة أمةً مستقلةً حرةً، لا تعيش حالة التبعية لأعدائها من الكافرين، الذين لهم في اتجاهاتهم، في أفكارهم، في برامجهم، في اهتماماتهم، مسارات منطلقة أولاً بحسب ما هم عليه من ضلال، من كفر، من باطل، ثم في نظرتهم العدائية لهذه الأمة، في موقفهم العدائي المؤكد من هذه الأمة.
الأمريكي والإسرائيلي الذي يتجه اليوم بعضٌ من أبناء الأمة لموالاته، ماذا يريده لنا كأمةٍ مسلمة، حتى لمن يتَّبعونه؟ أليس يريد لهم الهوان والضعة؟ أليس يحقد ويحتقر هذه الأمة؟ يحقد عليها ويحتقر أبناءها، ما يريده لهذه الأمة هو الشر، هو الضعف، هو الضياع، هو الهوان، هو أن تبقى أمةً ضعيفةً تحت سيطرته، تفتقر إليه في كل شيء، يعبث بها، يتحكم بمقدراتها وخيراتها، ينهب ثرواتها، يستغل أبناءها،
يجعل منهم العوبةً بيده، يعملون له ما يشاؤه هو ويريده هو فيما يحقق مصلحته هو وليس مصلحة هذه الأمة، هذا ما يريدونه، هذا المبدأ مبدأ الاستقلال أننا كأمة لا يجوز ولا يمكن أبداً بحكم هذا الانتماء الإيماني أن نعيش حالة التبعية لأعدائنا، وأنه لا بدَّ أن نحقق لأنفسنا الاستقلال، ونسعى في هذا الاستقلال أن يكون استقلالاً ثقافياً، استقلالاً لا نعيش فيه حالة التبعية بأي شكلٍ من أشكالها، لا تبعيةً ثقافيةً وفكرية، لنا مفاهيمنا، لنا ثقافتنا، لنا فكرنا، ثقافتنا المنبثقة من آيات الله -سبحانه وتعالى- هذا المبدأ المهم، هذا المبدأ العظيم الذي يبنينا كأمةٍ مستقلة، ويحصننا من العبودية والإذلال والاستعمار لصالح أعداء الأمة، مبدأ إيماني، مبدأ مهم، مبدأ عظيم، ومبدأ بنَّاء، يجعلنا نتجه في هذه الحياة بشكلٍ عمليٍ وبنَّاء، ويحمينا من خطر كبير من جانب أعدائنا حتى لا نخضع لهم في حالةٍ من التبعية.
نجد فيه أيضاً عنصر قوة، يجعلنا ندرك ما معنى أن نكون أقوياء كأمةٍ لتستطيع أن تحقق لنفسها هذا الاستقلال الذي يحاربنا عليه العدو، العدو يحاربنا بكل أشكال المحاربة؛ ليضمن السيطرة علينا، السيطرة التامة، السيطرة الشاملة.
هنا نجد أن مفهوم الإيمان، وأن الهوية الإيمانية، وأن الانتماء الإيماني له أهمية كبيرة جدًّا كعنصر قوة، وكحاجة نحتاج إليها كأمةٍ مسلمة، فنلتفت من خلال هذه المناسبة إلى هذا المفهوم، إلى مدلول هذا الانتماء، إلى هذه الهوية بكل ما تعنيه، بكل علاقتها بواقع حياتنا.
عندما نعود إلى الإيمان كمنظومة متكاملة في مبادئه، في قيمه، في أخلاقه، ونجد أن واحداً من أهم قيم هذا الإيمان هو العزة، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: من الآية8]، ونعرف ما معنى أن نكون أعزاء، ما يعنيه لنا هذا في واقع حياتنا، في علاقتنا بالآخرين، في معركتنا مع الآخرين، ندرك قيمة هذا الإيمان، ماذا يريده الله لنا به؛ لأن الله هو الغني، غنيٌ عنا، غنيٌ عن إيماننا، لكن نحن من نحتاج إلى الإيمان؛ لأن الإيمان تتحقق به العزة، الإيمان في مبادئه وقيمه وأخلاقه تتحقق به العزة، يحقق لنا العزة بكل ما تعنيه، لا نعيش حالة الذل والهوان لصالح أعدائنا، لا نعيش حالة التبعية والارتهان والخنوع لهم والاستسلام لهم. |لا| بل نعيش حالةً من العزة والمنعة والكرامة؛ وبالتالي نتحرر من كل حالات الذلة والهوان والاستسلام والخنوع لأعداء الأمة.
هذه الحالة التي نرى عليها من يوالون أمريكا وإسرائيل، نراهم أمام أولئك في حالةٍ من الذلة، في حالةٍ من الخزي، في حالةٍ من الهوان، أولئك ينظرون إليهم باحتقار، يسمونهم بأسماء متعددة متنوعة، من مثل: البقرة الحلوب… وغيرها، يمتهنونهم، يسخرون منهم، يستغلونهم بشكلٍ واضح ومكشوف، ويتعاملون معهم بلا احترام، بلا كرامة، بلا مقدار، بلا قدر.
ولذلك نحن معنيون في أن نلتفت إلى هذا الانتماء في مدلوله العظيم، وما يحققه لنا مما تطمح إليه النفس البشرية، أوليس من مصلحتنا أن نكون في عزة؟ عزة من الله -سبحانه وتعالى- بتأييده، بمعونته، بنصره، عزة بكرامة وعظمة قيم هذا الدين، هذا الإيمان فيما يعنيه، فيما يتركه من أثر، فيما يصون به هذا الإنسان.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من محاضرة: ذكرى جمعة رجب 1441 هـ