المرتزقةُ بين سندان الخيانة ومطرقة الارتهان
موقع أنصار الله ||مقالات ||منير الشامي
يدركُ المرتزِقةُ جيِّدًا بمختلف مليشياتهم العفاشية والانتقالية والإخوانية أنهم مُجَـرّد أدوات بأيدي العدوين السعوديّ والإماراتي، يحركونهم عندما يكونون بحاجة إليهم لتحقيق مصالحهم الضيقة في وطننا ويوقفونهم إذَا انعدمت المصلحة وسيحتفظ العدوّ السعوديّ والعدوّ الإماراتي بتلك الأدوات رغم علمهم بقذارتها وأنهم أقذر منها ما دام وهناك مصالح خَاصَّة بهم يمكن أن يحقّقونها باستخدام تلك الأدوات وفق حساباتهم، ومتى ما استشعروا أن مرتزِقتهم لم يعد منهم فائدة سيتخلون عنهم فورًا ويتبرؤون منهم ويلعنونهم ويحملونهم مسؤولية انتكاساتهم وَفشلهم وإخفاقهم.
تلك حقيقة ليست خافية على أحد، ولا يمكن أن ينكرها أياً كان حتى المرتزِقة أنفسهم بل يتحدثون عنها ويؤكّـدونها، حال قادة المرتزِقة ومجلسهم ومليشياتهم وما يعيشونه من أجواءٍ ملبدة بالرعب والقلق والخوف والعار خلال المفاوضات الجارية التي ترعاها سلطنة عمان الشقيقة بين وفدنا الوطني ووفد العدوان هو حال مخزٍ ومرزٍ، فرعبهم يزيد كُـلّ يوم وقلقهم يتضاعف كُـلّ دقيقة وخوفهم يشتد من نجاح المفاوضات والتوصل إلى اتّفاقٍ مبدئي أياً كان شكله أَو مضمونه؛ لأَنَّهم يعلمون جيِّدًا أن التوقيع على أي اتّفاق إنما يعني الإعلان بانتهاء دورهم ودنوا لحظة الاستغناء عن خياناتهم.
فأسيادهم يصفونهم بالشرعية طوال ثماني سنوات وأنهم السلطة المعترَف بها دوليًّا ومع ذلك تركوهم جانباً في اللحظة الأولى التي تحَرّكوا بجدبة للبحث عن مخرج يحفظ ماء وجوههم الجافة من مستنقع الحرب في اليمن؛ كون المصلحة التي يريدون تحقيقها لم تعد بيد مرتزِقتهم؛ ولأن وجودهم في هذه المفاوضات يتعارض مع مصلحتهم فهم -أي السعوديّ والإماراتي- وصلوا إلى قناعةٍ تامة بأن وقف الحرب يصب في مصلحتهم بينما مصلحة المرتزِقة في استمرار الحرب ولذلك تركوهم جانباً وضربوا بشرعيتهم عرض الحائط وذهبوا بأنفسهم لتحقيق مصالحهم.
ووسط هذا الواقع بدأ الكثير من ناشطي المرتزِقة يدعون إلى ضرورة قيام مجلس القيادة المعين من الرياض وأبو ظبي برفض أي اتّفاق يتم الإعلان عنه بين وفدنا ووفد العدوان متجاهلين أن المعينين في المجلس هم مُجَـرّد جنود تابعين لابن سلمان وبن زايد ومهمتهم تلقي التوجيهات منهما وتنفيذها دون نقاش أَو إبداء أدنى اعتراض، وحتى لو افترصنا أنهم امتلكوا الشجاعة لإبداء اعتراضهم على ذلك فهم يدركون أن الرد عليهم سيكون بمطرقة الارتهان بإقالتهم من وظائفهم وحرمانهم من باقي موائد أسيادهم التي يتفضلون بها عليهم ولذلك سيكون ردهم على أي اتّفاق يتم الخروج به سمعنا وأطعنا خوفاً من مطرقة الارتهان، دون أن يفكروا لحظة واحدة أن سندان الخيانة أشد فتكاً وقوةً من مطرقة الارتهان وهنا أقول لهؤلاء الخونة هل سألتم أنفسكم ماذا لو استخدم أسيادكم سندان الخيانة عليكم وتم التوقيع على اتّفاق يلزمهم بنداً من بنوده على تسليمكم لحكومة صنعاء كمجرمي حرب?
وهذا أمر وارد وليس مستبعداً فما أنتم فاعلون حينها؟! أليس الأجدرُ بكم أن تتحَرّكوا نحو مصالحكم كما تحَرّك أسيادكم نحو مصالحهم دون اكتراث بكم؟!
أليس عودتكم إلى صف وطنكم وتوبتكم عن خيانته وانتهاز فرصة العفو العام قبل أن يلغى خير لكم وأشرف لكم من تخلي أسيادكم عنكم ورميكم في سلة مهملاتهم وأكرم لكم من تسليمكم لصنعاء كمجرمي حرب!
أنتم لستم أغبياء وتعلمون أن لا مستحيل في السياسة فالسياسة قد تجعل ما تعتبرونه عندكم مستحيل أن يكون واقعاً، وأن كُـلّ ما يجول بخواطركم من مخاوف قد تجعلها السياسة واقعاً مفروضاً يستحيل الهروب منه فلا تحاولوا طمأنة أنفسكم بسراب وبادروا باختيار القرار السليم قبل أن يقرّر أسيادكم بالتضحية بما تبقى منكم في معبد مصلحته فلا قيمة لكم عند عدو استعملكم لكنكم ستستردون قيمتكم إن عدتم إلى حضن وطنكم فهو مفتوح لكل أبنائه البارين به والعاقين له إن تابوا فبادروا وتخلصوا من مطرقة الارتهان قبل أن يقع عليكم سندان الخيانة.