دورٌ أسود لبريطانيا في العدوان على اليمن

||صحافة||

منذ إعلان العدوان الغاشم على اليمن في 26 مارس 2015 من العاصمة الأمريكية واشنطن، كانت بريطانيا تعلب دور القائد الفعلي للعدوان الإجرامي، وَكانت حاضرة في قلب مشهد مخطّط تدميره.

وفي رسم سيناريو العدوان الذي دمّـر أكثر من 70 % من البنية التحتية والمنشآت الحيوية، وقتل الأطفال والنساء، لعبت بريطانيا دوراً عسكريًّا واستخباراتياً، وتولت إدارة العمليات العسكرية التي استهدفت المدنيين، وعملت على تحديد إحداثياتها وإدارة عمليات الحرب العدوانية الجوية.

وتواصل بريطانيا إلى اليوم إبرام صفقات أسلحة مع دول العدوان السعوديّ الإماراتي، كما قامت بالكثير في دائرة الحرب والعدوان الوحشي على البلاد منذ حوالي سبع سنوات، والتي خلقت أكبر أزمة إنسانية في العالم؛ ولهذا فَـإنَّ أيدي البريطانيين ملطّخة تاريخيًّا بدماء اليمنيين، ومشاركتهم المحوريّة في العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي على اليمن، منذ عشرات السنين.

 

صفقات أسلحة

لقد كان الدور البريطاني في العدوان على اليمن واضحًا منذ البداية من خلال بيع بريطانيا للصفقات الهائلة من الأسلحة لدول تحالف العدوان على بلادنا، حَيثُ وصفت صحيفة (ديلي ميل) البريطانية في نوفمبر 2017م دور لندن في العدوان على اليمن، وأطلقت عليها (الحرب القذرة)، مؤكّـدة في تقرير لها أن بريطانيا استخدمت لوائح تجارية مشبوهة، لتتمكّن من تصدير كميات ضخمة من الأسلحة للسعوديّة دون أن يفتضح أمرها.

وتأكيداً على ذلك كشفت منظمة العفو الدولية وثيقة رسمية أثبتت تورط بريطانيا بارتكاب جرائم إنسانية في اليمن، حَيثُ تكشف الوثيقة التي حصلت عليها المنظمة قيام بريطانيا بتصدير قنابل نظام الليزر للتحكم عن بُعد وتم استخدام هذه القنابل في القصف الجوي على اليمن، موضحة أن القنابل ذاتها تباع لدويلة الاحتلال الإماراتي، مؤكّـدة أن هذه الوثيقة لوحدها دليل كاف لإدانة بريطانيا بتورطها في العدوان على اليمن، وما سبق يثبت أن بريطانيا شريك أَسَاسي في العدوان على اليمن.

من جهتها سلطت صحيفة “الغارديان” الضوء على الأسلحة البريطانية المشاركة في الحرب والعدوان على اليمن، قائلة إن لندن وردت قنابل مصنوعة في شركتي “رايثيون” (فرع بريطانيا)، وَ”بي إيه أي سيستمز”، والتي تنتج قنابل من طراز “بافواي” وَ”بريمستون”، وصواريخ “كروز شادو”، وتقوم “بي إيه أي سيستمز” بتجميع الطائرات التي تسقط هذه القنابل على اليمن، في حظائر بقرية تابعة لمقاطعة لانكشاي.

وأوضحت أن حجم مبيعات الأسلحة والخدمات للجيش السعوديّ خلال الفترة ما بين 2015 و2019،بما في ذلك الفترة التي شهدت بداية العدوان السعوديّ على اليمن في مارس 2015 بلغت ما يزيد قليلًا عن 15 مليار جنيه إسترليني (نحو 19 مليار دولار أمريكي).

وأضافت أنه في سبتمبر من العام 2022، قدرت الحملة ضد تجارة الأسلحة المناهضة للحرب أنه منذ مارس 2015، رخصت الحكومة البريطانية ما لا يقل عن 23 مليار جنيه إسترليني من الأسلحة للعدوان السعوديّ.

وتأتي صفقات الأسلحة في إطار سلسلة من الاتّفاقيات الرسمية بين بريطانيا والحكومات السعوديّة منذ عام 1973، لا تقدم وزارة الدفاع البريطانية ومقاوليها المعدات العسكرية فحسب، بل أَيْـضاً «البرمجيات البشرية»، حَيثُ يوجد في المملكة العربية السعوديّة حوالي 7000 فرد من موظفي الخدمة المدنية البريطانية والمعارين من أفراد سلاح الجو الملكي لتقديم المشورة والتدريب وتدريب وإدارة الطائرات المقاتلة التي توفرها بريطانيا وغيرها من المعدات العسكرية.

ومن المعروف أن بريطانيا كانت وما زالت مصدر التسليح ودعم للسعوديّة منذ ولادتها ومدّها السيطرة على معظم أجزاء الجزيرة العربية في 1920، ورغم تولي الأمريكيين مقاليدَ الهيمنة على مملكة آل سعود بعد انحسار الإمبراطورية البريطانية في خمسينيات القرن الماضي، فَـإنَّهم سمحوا للندن دائماً بالاحتفاظ بجزءٍ مهم من كعكة تسليح السلطة هناك وحمايتها، وتركوا لها مهمّة إنشاء وتدريب وتطوير قوات ما يسمّى «الحرس الوطني» المخصصة لحماية آل سعود من الانقلابات، وقد تولّى البريطانيون، منذ الستينيات، مدَّ سلاح الجو السعوديّ بمعظم مقاتلاته النفاثة، بما فيها تلك التي اشتملتها صفقة اليمامة الشهيرة.

وتقومُ طائراتٌ باعتها بريطانيا للسعوديّة، من طرازَي «تورنادو» و«تايفون»، بجلّ الطلعات الجوية اليومية لقصف اليمن.

 

عسكري واستخباراتي

وإلى جانب الصفقات المعقودة بين لندن والرياض على مستوى التسليح، والتدريب، والصيانة لحساب الجيش السعوديّ، والتي زادت بأكثر من ثلاثة أضعاف في الفترة ما بين عامَي 2012 – 2017، ناهيك عن الست السنوات الماضية من عمر العدوان، كانت الكوادر العسكرية البريطانية المتخصصة، لا سِـيَّـما تلك التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني التي كانت تتولى العمل بشكل مباشر وحاضرة على الدوام داخل مركز إدارة عمليات التحكّم والسيطرة العسكري السعوديّ، على تحديد بنك أهداف القصف، وطبيعة المهمّات، والأسلحة التي ستُستخدم فيها، والتنسيق مع كوادر «البريطانية لأنظمة الطيران» لتنفيذها، وتحضير القذائف والمعدّات والطائرات وفق البرنامج الزمني المتّفق عليه مع السعوديّين.

كلّ ذلك يعني ببساطة أن الجزء الجوي من العدوان على اليمن تتولّاه بريطانيا بالكامل: (الطائرات والقذائف وإدارة العمليات والصيانة والتدريب والتنفيذ، وربّما حتى بعض الأصابع التي تطلق الصواريخ على المواقع اليمنية).

وتشمل المشاركة أَيْـضاً البرمجيات والمستشارين، الذي يصل عددهم نحو 6300 فرد من الخبراء والمستشارين من أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني يتواجدون في السعوديّة لتقديم المشورة والتدريب، ويعملون في القواعد العسكرية السعوديّة؛ مِن أجل “صيانة الطائرات الحربية” التي استخدمت في الحرب، مؤكّـدة أن هذا الدعم البريطاني أسهم في استمرار الحرب الوحشية التي انتهكت القانون والمواثيق الدولية.

وأكّـدت صحيفة “الغارديان” أن المتعاقدين البريطانيين يقومون بنحو 95 % من المهام الضرورية لخوض العمليات الجوية السعوديّة في اليمن، مبينة أن هذا الدور الجلي في المجال الجوي، يؤكّـد أن بريطانيا من تتولى زمام أمور المعركة الجوية، التي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، إلى جانب الدور اللوجستي الأمريكي.

وفي أواخر نوفمبر 2017، كشفت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، في تقرير لها، عن الدور البريطاني في العدوان على اليمن، حَيثُ أكّـدت أن الجيش البريطاني يشرف على تدريب القوات السعوديّة بشكل سري، تحت اسم عملية “كروس وايز”، (عملية الطرق المتقاطعة) التي انكشفت بعد أن نشر الجيش البريطاني صوراً ومعلومات عن طريق الخطأ، وشملت عملية «كروس وايز» انخراط أكثر من 50 عسكريًّا بريطانيًّا بتدريب الأطقم العسكرية السعوديّة على المهارات الحربية والقتالية، من بينهم أفراد من قوات الكتيبة الثانية للفوج الملكي الاسكتلندي، وكانت مهمتهم تدريس تقنيات الحرب غير النظامية لضباط من معهد مشاة القوات البرية الملكية السعوديّة.

وتشير “الديلي ميل” إلى أن انكشاف هذه العملية جاء عن طريق الخطأ، عندما تم نشر ملخصٍ وصورٍ على موقع الفوج الاسكتلندي على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، والذي ظهر فيها مدرب بريطاني يقف أمام خريطة اليمن وهو يشرح استراتيجية هجوم محتمل، موضحة أن وزارة الدفاع البريطانية استدركت الأمر وقامت بعد 20 دقيقة بإزالة الصور.

وعن طبيعة الدور الذي كانت تؤديه القوات البريطانية في الحرب الوحشية التي يشنها العدوان السعوديّ على الشعب اليمني، أكّـدت صحيفة “الغارديان” في تحقيق استقصائي أن الشعب اليمني كان يتعرض يوميًّا لقنابل بريطانية تسقطها طائرات يقودها طيارون بريطانيون ويحتفظ بها ويعدّها الآلاف من المقاولين البريطانيين داخل السعوديّة، وذلك بعد أن تحالفت السعوديّة مع بريطانيا والولايات المتحدة، في العدوان.

وأضافت الصحيفة أن “بريطانيا لا تدعم العدوان بالأسلحة فحسب، بل ترسل جنوداً وأفراداً لنقل الخبرات اللازمة لمواصلة الحرب، إذ نشرت حكومتها أفراداً من سلاح الجو الملكي البريطاني للعمل كمهندسين ولتدريب الطيارين السعوديّين، بينما تؤدي شركة “بي أي إي”، أكبر شركة أسلحة بريطانية دوراً أكبر في هذا السياق، وتعاقدت الحكومة في الخفاء لتوفير الأسلحة والصيانة والمهندسين داخل السعوديّة”.

وتابعت الصحيفة أن الشركة البريطانية التي حصلت على عقد حكومي لتوريد السلاح للسعوديّة تعمل على تجميع الطائرات التي تُسقط القنابل أثناء العدوان.

وقالت “الغارديان”: إن “وصول هذه الأسلحة إلى السعوديّة لا يعني نهاية المهمة البريطانية، إذ يفتقر الجيش السعوديّ إلى الخبرة في استخدام هذه الأسلحة لخوض حرب جوية متواصلة، لذا فَـإنَّ الشركة -بموجب عقد آخر مع حكومة المملكة المتحدة- توفر ما يعرف باسم الخدمات داخل البلد”.

وأكّـدت أن نحو 80 من أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني يعملون داخل السعوديّة، وفي بعض الأحيان يساعدون لصالح “بي أي إي” في صيانة وإعداد الطائرات، ويدققون للتأكّـد من أن الشركة تفي بعقود وزارة الحرب، موضحة أن “هناك ضباط اتصال إضافيين تابعين لسلاح الجو الملكي داخل مقر القيادة والسيطرة يعملون على اختيار الأهداف في اليمن”.

أما عن دور بريطانيا في المجال الاستخباراتي في اليمن، فَـإنَّ النشاط التجسسي لعدد من ضباط جهاز الاستخبارات البريطاني وآخرين من المرتزِقة على أراضي الجمهورية اليمنية، يكشف عن ذلك الدور الخطير الذي تلعبه بريطانيا في اليمن، فهي تقوم بتجنيد العملاء وتزوِّدُهم بوسائل الاتصال والتواصل والأجهزة والبرامج والتطبيقات الفنية المتطورة؛ مِن أجل الرصد والتعقب وتحديد المواقع وتأكيد ورفع المعلومات والإحداثيات.

وما يؤكّـد ذلك أن جهاز الأمن والاستخبارات، تمكّن من القبض على خلية تجسسية تابعة لبريطانيا، مكونة من ستة أشخاص، تم تجنيدهم وتأهيلهم وتدريبيهم من قبل الجهاز الاستخباراتي البريطاني في مختلف المحافظات اليمنية، منها أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء وعمران وصعدة والجوف ومأرب والمهرة وحضرموت، فضلًا عن تجهيزهم وتزويدهم بوسائل الاتصال والتواصل والبرامج والتطبيقات الفنية المتطورة في مجال الرصد والتعقب وتحديد المواقع وتأكيد ورفع المعلومات والإحداثيات التي عملوا من خلالها على المساس بالأمن الوطني القومي للبلد خدمة لبريطانيا.

 

الوجودُ العسكري المباشر

وعن التدخلات العسكرية المباشرة للقوات البريطانية ووجودها في اليمن، أثبتت التقارير أن بريطانيا تعمل على زيادة الوجودي العسكري لها في اليمن بشكل مباشر إلى جانب الأدوات التي تستخدمهما والمرتزِقة، مؤكّـدة أن هناك تدفّقاً كبيراً للقوات البريطانية إلى محافظة المهرة، حَيثُ بدأت تظهر بريطانيا بشكل جلي على السطح من خلال التناغم في التحَرّكات الدبلوماسية والتكتيكات الاستخباراتية التي تبرّر لهذا التدخل.

وتأكيداً على ذلك حمل الإعلان البريطاني عن تعرض سفينة تجارية لهجوم قبالة ميناء نشطون في المهرة، الكثير من المؤشرات على مخطّط دولي جديد يستهدف هذه المحافظة الاستراتيجية، وسط معلومات عن توجّـهات دولية لتحويل مطار الغيضة الذي أصبح قاعدة عسكرية مغلقة للقوات السعوديّة والأمريكية والبريطانية إلى مركز للقوات الدولية تحت مبرّر مكافحة الإرهاب.

وفي السياق شهدت محافظة المهرة الآونة الأخيرة وصول قوات بريطانية وأمريكية إلى مطار الغيضة، وذكرت مصادر محلية أن القوات البريطانية انضمت إلى قوات سابقة متواجدة هناك، واستخدمت بريطانيا تسريباتٍ صحفيةً معهودة من قبل المملكة لتبرير تواجد قواتها الخَاصَّة في المهرة؛ وذلك بحجّـة القبض على مهاجمي الناقلة “ميرسر ستريت” الإسرائيلية في خليج عمان، وعادة ما تستخدم بريطانيا صحافتها لتسريب مثل هكذا معلومات عبر وسيط الصحيفة لديها، ولهذا ووفق تقارير دولية فَـإنَّ الدعم البريطاني للعدوان كان واضحًا، حَيثُ تم الكشف مؤخّراً، عن دور خطير تقوم به القوات البريطانية، التي تتمركز في مطار الغيضة في محافظة المهرة، فهذا المطار الذي لا تتجاوز مساحته 8 كم مربع، يضم غرفة للتجسس على الاتصالات، بحيث يقوم عناصرها بالتنصت على المكالمات الصادرة والواردة في جميع المناطق اليمنية دون تمييز منطقة عن أُخرى.

وفي السياق نفسه، تقوم فرق تجسس أُخرى تابعة لها بالتجسس على الاتصالات، من خلال عدد من السفن عبر الكابل البحري قبالة منطقة الغيضة.

التدريب العسكري والدعم اللوجستي، سواء للجنود السعوديّين أَو لميليشيات العدوان التابعة لها، الأعمال الاستخباراتية والتجسسية وجمع المعلومات العسكرية.

هذا وقد قام البريطانيون سابقًا، بأخذ بيانات شركة الاتصال أَيْـضاً، ما يساعدهم في تحديد أهدافهم التجسسية بطريقة دقيقة، وهذا إن دل على شيء، فعلى أن هذا النشاط غير القانوني وغير المشروع، يأتي في إطار استخباراتي ينتهك السيادة اليمنية، فهي تجعل من المحافظات الجنوبية المحتلّة قواعد انطلاق لهذه المهام، وقواعد تجنيد للعملاء، وفي سياق خدمة مشاريع دول العدوان على اليمن.

وفي السياق نفسه فَـإنَّ القوات البريطانية بدأت، الأيّام الماضية، ترتيبات جديدة لتوسيع نفوذها في محافظة المهرة، حَيثُ تشرف على عملية تدريب لعدد من مرتزِقة المجلس الانتقالي، داخل قواعدها العسكرية في مطار الغيضة، وعملية التدريب تأتي لإعداد وتأهيل العناصر لتنفيذ عمليات اغتيال وتجسس، في المحافظة الاستراتيجية.

وتأتي هذه التطورات، في ظل تصاعد التحَرّكات الأجنبية في المهرة، تزامناً مع مساعٍ بريطانية أمريكية لنهب ثروات المحافظة، وإفشال أية جهود لتحقيق السلام في اليمن.

ومنذ شيوع أنباء حول إصابة أفراد من القوات الخَاصَّة البريطانية على الحدود اليمنية السعوديّة عام 2019، والذي أكّـدت الصحيفة البريطانية “ديلي ميل” بعد حصولها على معلوماتها من مصادر عسكرية بوزارة الدفاع البريطانية أن القوات البريطانية التي تقاتل في اليمن، ولكنها تحظى بالسرية الكبيرة، أُصيبت بطلقات نارية في اشتباكات عنيفة مع الجيش واللجان الشعبيّة في الحدود، كاشفة عن تمركز ما يصل إلى 30 وحدة من القوات البريطانية في الحدود مع صعدة، مشيرة إلى أن الجرحى البريطانيين تم نقلهم إلى بريطانيا لتلقي العلاج.

وانتقل الكلام رويدًا رويدًا عن دور بريطاني مباشر داخل اليمن، من الكواليس إلى المؤتمرات الصحافية، ففي مارس من العام 2021 ألمح رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون إلى إمْكَانية مشاركة قوات بلاده في مهمة عسكرية تحت لواء “الأمم المتحدة” هناك، وبعد طول نفي، وعلى خلفية ما كشفته وسائل إعلام غربية حول موافقة لندن على انتشار عدد من عناصر القوات الخَاصَّة البريطانية داخل اليمن، تحت مزاعم تتصل بملاحقة المتسببين بالهجوم على ناقلة “ميرسير ستريت”، الذي أسفر عن مقتل أحد الرعايا البريطانيين في العام 2021، أقرّ سفير بريطانيا لدى اليمن في العام نفسه مايكل آرون بوجود عسكريين من جيش بلاده، على الأراضي اليمنية لأغراض لا تتصلُ بحرب اليمن، على حَــدّ زعمه.

وخلال السنوات الأخيرة، عزّزت القواتُ البريطانية تواجدَها قبالة خليج عدن وخليج عمان وفي ميناءَي نشطون وقشن بالمهرة، وفق ما كشفه موقع “ديكلاسيفايد” حول وصول قوات خَاصَّة بريطانية إلى مطار الغيضة بمحافظة المهرة جنوب اليمن مطلع العام 2021، وما كشفته صحيفة “ديلي اكسبرس” لاحقًا ضمن الإطار نفسه.

 

دورٌ دبلوماسي مشبوه

وبخصوصِ التدخل البريطاني في الحرب الدبلوماسية والعدوانية على اليمن، بأشكالها المختلفة، فَـإنَّ ذلك الدور يتجلى من خلال مجلس الأمن الذي افتضح مع مرورِ الأيّام أن بريطانيا صائغة القرارات المتعلقة باليمن، وهي صاحبة قرار الأمم المتحدة الذي وضع اليمن تحت البند السابع، لذا فَـإنَّ مجلس الأمن يخدم بالدرجة الأولى مصالح الدول الخمس الدائمة العضوية وبالأخص أمريكا وبريطانيا وفرنسا.

ولأن بريطانيا ما زالت هي الممسكة بالملف اليمني، ولا تزال المساحة الممنوحة لها للعبث في الملف اليمني متاحة وكبيرة، فَـإنَّ الأمر تعدى كون بريطانيا شريكاً أَسَاسياً في العدوان على اليمن إلى أكثر من ذلك وقد وصلت إلى حَــدّ محاولة التأثير على برلين للعدول عن قرار منع تراخيص تزويد السعوديّة بالسلاح، حَيثُ كشفت مجلة دير شبيغل الألمانية عن قلق بريطاني بالغ من تأثير القرار الألماني على قطاع الصناعات الدفاعية البريطانية والأُورُوبية، ونقلت المجلة عن وزير الخارجية البريطاني قلقَه من عدم تمكّن الشركات البريطانية من الوفاء بعدة عقود مع السعوديّة تتضمن نموذجاً جديدًا من المقاتلة يوروفايتر تايفون أَو تورنيدو، وهي من أبرز الطائرات التي استخدمت في قتل المدنيين باليمن.

وتتولى بريطانيا مِلَفَ اليمن في مجلس الأمن الدولي، حَيثُ نتج عن التدخل الدبلوماسي البريطاني في اليمن، آثارٌ كارثية، كان أسوأها فشل اتّفاق ستوكهولم بشأن الحديدة وموانئها، وقد خلقت طريقة إدارة المبعوث الأممي (البريطاني) آنذاك عوائق جديدة أمام حلحلة ملفات ستوكهولم، ناهيك عن ذلك الدور في تغاضي مجلس الأمن لجرائم الحرب التي ارتكبها العدوان بحق اليمنيين، بالإضافة إلى تصريحات السفير البريطاني التي دعا فيها إلى وقف ما أسماه “الهجمات” على مأرب والجوف، وجاءت في الوقت الذي وافقت فيه بريطانيا على بيع أسلحة للسعوديّة بقيمة 1.4 مليار دولار.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا