تحت الخبر
موقع أنصار الله ||مقالات ||محمد منصور
في أعنف هجوم على أعداء اليمن، أرسل السيد العلم عبدالملك الحوثي، رسالة بدم الشهيد الصمَّـاد ودماء شهداء نابلس: ارحلوا عن اليمن، كما يشاء أهلها وإيمَـانهم بانتزاع حقوقهم، ارحلوا كما نشاء وليس كما تريدون، أنتم دخلتم اليمن بإرادتكم العدوانية الإجرامية وستخرجون تحت وابل الإرادة اليمنية وعنفوانها الكبير.
في يوم الصماد، رسم السيدُ عبدالملك خطوطَ اليمن الكبرى التي لن يتراجع عنها شعبنا مهما كلفنا ذلك من صبر ومعاناة وربما دماء جديدة، لا نقاش حول سيادة اليمن، وكلّ الوجود الأجنبي والخليجي يجب أن يغادر، لا نقاش حول ثروة اليمن فهي لليمنيين فقط ولن يسمح لأحد بأي نقاش حول هذا الموضوع.
الأمر الثالث تكلفة العدوان على اليمن مسؤولية الرياض عاصمة العدوان والممول الأكبر له، والسيد كان شديدَ الوضوح في هذه النقطة عندما قال للسعوديّين: طائراتكم هي من قصفت شعبنا وأقلعت من مطاراتكم وتمويلها من خزائنكم؛ لذلك أنتم وحدكم مسؤولون عن ذلك، وفاتورة ما خربتموه في اليمن مسؤوليتكم وحدكم أنتم والإماراتيين.
تلك الرسائل التي أطلقها السيد العلم ابن بدر الدين الذي اتهم أمريكا مباشرةً بالسعي لعرقلة المباحثات في مسقط أعلن خيارات اليمن المشروعة في إزالة الاحتلال وعودة ثروات اليمن لليمنيين، أما تكلفة العدوان ففاتورة ذلك في دفتر الشيكات السعوديّ، نقطة أخيرة وهي استنتاج أقرب للحقيقة وهو لماذا رغم بعض الانفراجات وتحديداً في ميناء الحديدة لماذا صعّد السيد من لهجة اليمن، الإجابة في ظني المتواضع تتعلق بفلسطين، أمريكا وبريطانيا والسعوديّة والإمارات قوى محتلّة لأجزاء من بلدنا، الانفراد بالشعب الفلسطيني سيدفعنا إلى تسريع الانفراد بكم وطردكم من اليمن، فأنتم في الأخير جزء من المشروع الصهيوني، ارحلوا قبل أن يجريَ ترحيلكم.
النقطة الثانية نتحدث عنها وهي ذكرى استشهاد الرئيس صالح الصماد ورغم فداحة الخسارة برحيل مجاهد كبير إلَّا أن تحليلاً واقعياً ومعمقاً لهذا الفقدان يطرح الكثير من الإشارات التي تعكس في مجملها القيمة الحقيقية لمرحلة مواجهة هذا العدوان البائس، نحن نتحدث عن سقوط شهيد بدرجة رئيس في ميدان المواجهة، هذا دليل على صواب التوجّـه لا يمكن لبلد قرّر بالحق مواجهة عدوان اشترك فيه معظم العالم أن ينتصر دون أن يكون قادته على وعي تام بأنهم في لحظة ما يمكن أن يدخلوا بشرف إلى قائمة الاستشهاد، هذا استنتاجٌ بالغ الأهمية، الأوفياء والمخلصون لدينهم وبلدهم عندما يدفعهم القدر لسلم القيادة يتصرفون كناس عاديين جِـدًّا وتلك كانت سليقة الشهيد الصماد.
الاستنتاج الآخر المهم هو الساعات التي أعقبت استشهاد الصماد، أن الرياض كانت واثقة من أن صنعاء سقطت في دوامة ارتباك حاد يصعب التكهن بزمن الخروج منه لكن الأمة التي ينتمي إليها الشهيد الصمَّـاد كانت ملتزمةً لقيمها وخياراتها الأخلاقية العليا، لذلك ودع المشاط رفيق دربه الرئيس الصماد، وكلّ رموز الدولة اليمنية المجاهدة وكان مشهد دفن الشهيد الصمَّـاد هو الرد الأول على هذه الجريمة، حولت صنعاء بقيادة وإشراف السيد العلم عبدالملك الحوثي، مراسم تشييع الصمَّـاد إلى كابوس حتى اللحظة لم تتمكّن الرياض من الخروج منه وعلى عكس ظنون الأعداء بأن اغتيال الصمَّـاد ستتبعه اغتيالات معنوية في صفوف القيادة وفي محاور الجبهات تدفق دم الشهيد الصمَّـاد في أوردة المحاور السياسية والعسكرية والإعلامية وحتى اليوم يمثل دم الصمَّـاد الطاهر منصة إطلاق لعنفوان اليمن وشموخه.
بلد يقاتل العالم في أكثر من أربعين جبهة ويحاصره العالم من الجهات الأربع وفي نفس الوقت يفقد رئيسه، مجموعة ظروف لا يتخطاها إلَّا بلد لديه كُـلّ مقومات العظمة، لنا أن نشير أَيْـضاً إلى أن صفات الصمَّـاد الحميدة والكثيرة تتوزع اليوم في صفوف رفاق دربه، يكفي هذا اليمن فخراً أن في دفتر تضحياته التي كسرت هذا العدوان شهيد بدرجة رئيس ويكفي هذا اليمن العظيم شرفاً أن دم أخياره الكُثر ومن بينهم دم الصمَّـاد أنجز نصرًا وسيادة وحرية واستقلالاً.
هذه هي النتائج التي سيتوقف التاريخ أمام خصوبتها الإيمَـانية والإنسانية كَثيراً، فقدنا الصمَّـادَ جسداً وأفقدنا بدمه كُـلّ من اعتدى وتآمر على هذا البلد توازُنَه وجزءًا كبيرًا من خيراته العفنة.
دخل الصمَّـاد مربعَ القيادة فقيرًا وخرج منها فقيرًا أَيْـضاً ولكن غنيٌّ بميدالية الشهادة، إنها معادلة الأوفياء والمؤمنين بجد فقرٌ في الدنيا وغنى خالدٌ في الآخرة.