الاتفاق الإيراني – السعودي.. الخاسرون والرابحون!
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالرحمن الأهنومي
أعلن يوم أمس من الصين عن اتفاق إيراني-سعودي ، يقضي بإزالة التوترات وإعادة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات بين البلدين ، ومن اللحظة الأولى لإعلان الاتفاق الذي جاء في بيان ثلاثي مشترك”صيني-إيراني-سعودي” ، بدت ردود الفعل تشير إلى خاسرين كثر من الاتفاق ، ورابحين كثر أيضا.
كان لافتاً الانزعاج الصهيوني من الوهلة الأولى ، فقد اعتبره مسؤولون صهاينة تهديداً وجودياً على كيانهم ، وآخرون اعتبروه ضربة لمساعي التطبيع والتتبيع لأنظمة المنطقة ، الإدارة الأمريكية حرصت فقط على تأكيد أنها كانت تعلم بمجريات المفاوضات ، وقد ركز أول تعليق من البيت الأبيض على هذه النقطة..تركيز أرادت به الإدارة الأمريكية أن تُظهر نفسها بألا شيء يحدث في المنطقة إلا وهي حاضرة فيه..فالمنطقة كلها مسرح للهيمنة الأمريكية ، وأرادت ألا يظهر هذا الاتفاق الذي رعته الصين وأعلن من بكين خارج الإرادة الأمريكية ، وأراد البيت الأبيض من بيانه ألا تظهر هذه الحقيقة فبادر بالتعليق على الاتفاق بالصيغة الموضحة.
لا يبدو أن الإدارة الأمريكية كانت تعلم فعلياً بمجريات التفاوض ولا بنتائجه ، ولربما تفاجأت بإعلان الاتفاق وتفاصيله يوم أمس ، وربما تفاجأت أكثر من توقيته ، والذي زامن التحشيد الأمريكي للدفع بالمنطقة نحو تصعيد عسكري أوسع ، وهي التي كانت تحضِّر فعلياً وتحشد أدواتها نحو حرب عسكرية على إيران ، والزج بالسعودية وبدويلات أخرى في أتون حرب ضد إيران خدمة للكيان الصهيوني الذي تعصف به أزمة مصيرية يريد تجاوزها بإشعال الحرب في المنطقة كلها.
حاول الكيان الصهيوني عبر قمم عديدة شد المنطقة كلها نحو حرب على إيران ، وحاول تشكيل تحالفات عسكرية وسياسية حربية من الأدوات والمطبعين والخونة ضد إيران ، وتحت عنوان “إيران عدو مشترك” ، عقدت قمة العار في النقب مؤخرا ، في وقت كان الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية يشدان حبال التصعيد في المنطقة ، لقد أراد الكيان الصهيوني جني ثمار التطبيع في دفع المطبعين إلى صدارة الحرب على إيران ، وأراد كذلك أن يتجاوز أزماته بإشعال الحرب الواسعة في المنطقة، والحال نفسه بالنسبة للإدارة الأمريكية التي تواجه جملة من الأزمات العميقة منها ما يتعلق بارتدادات الأزمة الأوكرانية ومنها ما يتعلق بالهزات الداخلية الناتجة عن ضعف إدارة بايدن ، وأرادت بتصعيد الحرب في المنطقة على نطاق أوسع تجاوز هذه الأزمات أو على الأقل شد الأنظار عنها.
ولهذا فإن الكيان الصهيوني الذي تتمزق حباله وتتقطع أوصاله بما يحدث داخله من صراعات ومواجهات بين عصاباته اليهودية ، هو أول الخاسرين من الاتفاق المعلن الذي قطع الطريق أمام الكيان الصهيوني في إشعال الحرب على إيران وحشد الأدوات الخليجية وزجها في هذه الحرب ، فقد جاء الاتفاق على خلاف الأجندات الصهيونية ، ومن المهم الإشارة إلى أن الاتفاق الذي أعلن فاقم الأزمة المتدحرجة داخل كيان العدو اليهودي ، وظهر ذلك من خلال التصريحات التي أطلقها زعماء التيارات اليهودية الذين يتواجهون مع نتنياهو وحمّلوه المسؤولية وعززوا من مواقعهم في مواجهته ، وذلك أمر يدحرج أزمة الكيان المتجه إلى الزوال.
ومن الخاسرين أيضاً هي الإدارة الأمريكية ، فالاتفاق أسقط من تحت الهيمنة الأمريكية المنطقة برمتها ، علاوة على أن الاتفاق تم برعاية الصين ، وأن أحد طرفيه هي السعودية التي ظلت رهينة للقرار الأمريكي منذ زمن بعيد ، واليوم تذهب لتوقيع اتفاق ومع إيران التي تعد خصماً قوياً لأمريكا وتهديداً للكيان الصهيوني ، وبالتأكيد لم تكن تسمح أمريكا باتفاق كهذا لو كان لديها القدرة على ذلك ، ولهذا حرصت فقط على ادعاء أنها كانت تعلم بالاتفاق والتفاوض ، وفي المجمل فقد خسرت الإدارة الأمريكية الكثير بسبب هذا الاتفاق.
أما الخاسرون البائسون فهم المرتزقة الذين تجندوا للقتال مع تحالف العدوان السعودي الأمريكي ضد بلدهم وشعبهم ، وقاتلوا وقتلوا طيلة ثمانية أعوام وهم يقاتلون مع السعودية تحت يافطة مواجهة إيران.. وحين اتفقت السعودية مع إيران خسر المرتزقة وخابوا وانكشفوا عرايا بدون أغطية ولا عناوين ، ولهذا فخسارتهم كبيرة وهم الخاسرون أساساً والخائبون وغداً سيكونون منبوذين وبلا أرض وبلا سماء.
أما الرابحون فكل شعوب المنطقة التي تنشد السلام والاستقرار والوحدة بينها والتوحد في مواجهة الأخطار اليهودية والصليبية ، وكل الساعين إلى إطفاء نير الاحتراب والحروب الأمريكية الصهيونية هم رابحون أيضاً.
يبقى القول أنه وما دامت الحرب على الشعب اليمني التي تشنها دول تحالف العدوان بقيادة السعودية وأمريكا كانت بذريعة مواجهة إيران ، وما دامت السعودية قد اتفقت مع إيران ، يجب أن تتوقف هذه الحرب ، فقد سقطت الدعوى وهي ساقطة منذ اليوم الأول ، وعلى المعتدين أن يسحبوا جيوشهم ويكفوا عن تدخلاتهم ، وكما اشترطت السعودية على إيران الالتزام بعدم التدخل في شؤونها ، فإن عليها الكف عن التدخل في شؤون اليمن. ستقف الحرب على اليمن اليوم أو غداً، وستتوقف كل الحروب التي تجند فيها السعوديون والإماراتيون وغيرهم ومعهم ألوف المرتزقة ضد اليمن وضد شعوب المنطقة ، وستقف آلة العربدة وستنطفئ حروب أمريكا حتماً، أيها الأعراب جميعا آن الأوان أن تتحرروا من أمريكا وعليكم أن تتحرروا قبل أن تساقوا كرها إلى الحروب الكبيرة التي ستقضي عليكم قبل غيركم.