للباحثين عن السلام: الطريقُ يمُـــرُّ من صنعاء
موقع أنصار الله ||مقالات || دينا الرميمة
كان لخبر الاتّفاق المبرم بين الجمهورية الإسلامية والمملكة السعوديّة على عودة العلاقات بينهما برعاية صينية ردود فعل مختلفة، فما بين راض مؤيد وآخر معارض وَساخط، وبينهم أَيْـضاً المستهجن الشامت بالسعوديّة التي يتفق الجميع على أنها قد ضاقت ذرعاً من حربها على اليمن، والتي أَدَّت إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية في مملكة النفط والحج، وَأصبحت عرضةً للابتزاز الغربي تحت مبرّر الحماية، وفقدت سمعتها ومكانتها كدولة إسلامية جامعة للأُمَّـة، وبات الإرهاب هو تهمتها كمكافأة لها نظير خدماتها لأمريكا، وأمام العالم انكشفت زيف تلك المبرّرات التي ساقتها لعدوانها على اليمن!!
فبدايةً من “الشرعية المزعومة” وإعادتها إلى صنعاء كان مبرّرها الأول، مع أن رئيسها آنذاك صرح بتفاجئه من قرار الحرب وأنه لم يعلم به إلا أثناء طريقه للهرب؛ ما جعله يفر إلى أحضانها مصدقاً أنها لأجلهم تحارب؛ فما كان إلا جعلته وشرعيته شماعة لعدوانها، ومزقتهم شر ممزق وفرقتهم إلى نخب ومليشيات متناحرة لا تملك من قرار أمرها شيئاً، وأصبح الحل والعقد بيد السفير السعوديّ وما عليهم إلا التوقيع مرغمين وصاغرين من داخل مقرات إقامتهم في فنادق الرياض!!
ثم نأتي إلى المبرّر الآخر والذي يتلخص في محاربة المد الإيراني وحماية المياه الإقليمية والمنطقة من خطر المجوس وأذيالهم “الحوثيين”، وهو مبرّر صدقه ضعاف النفوس ممن باعوا أرضهم وأنفسهم للشيطان، لكن ذلك نقضه مؤخّراً الاتّفاق المبرم بين إيران والسعوديّة بعد عداوة دامت لعقود ولها سخرت السعوديّة كامل طاقتها لتصويب عداء الأُمَّــة نحو إيران، ولم تتورع عن مد يد التطبيع لإسرائيل المستفيد الأول من عداوتها تلك!!
وقد جاء هذا الاتّفاق ليتيقن من لا يزال في قلبه مرض، من أن الحرب على اليمن لم تكن إلا خدمةً لأمريكا أولاً، وحقداً على اليمنيين وطمعاً بالأراضي اليمنية ثانياً؛ بدليل تواجدهم في المدن التي لم تطالها قذائف الحرب وَالبعيدة كُـلّ البعد عن قوات صنعاء كحضرموت وسقطرى والمهرة وإليها جلبت الأمريكي والبريطاني.
إذاً هي حرب دخلتها المملكة متوكلة على أمريكا ومتكئة على اقتصادها ومالها، وما علمت أن المتغطي بثوب أمريكا عريان وَأن المال لا يصنع النصر لمن لا يملك قضية محقة مهما جلب من القوة أعتاها وأشدها.
خلال سنوات عدوانها الثمانية، لم تجنِ السعوديّة إلا فشل مصحوب برصيدٍ لا متناهٍ من الجرائم بحق الأبرياء الذين جابهوها بكل إرادَة وقوة، وجعلوا أمرائها يعضون أصابعهم العشرين ندمًا على قرار حربهم على اليمن.
وباتوا اليوم يستجدون من يأتي لهم بالأمن ويفتح لهم طريقاً للخروج من هذه الورطة، لكنهم يبحثون عن السلام في غير موارده ويطلبونه من يد من لا يملكه، ليكون مقرهم الأخير طهران وتحت أقدام إيران عدوهم اللدود ارتموا ظناً أن قرار إنهاء الحرب بيدها وأن السلام مع اليمن بالضغط عليها هو عاقبة اتّفاقهم، وفي الوقت ذاته يتجاهلون صنعاء ويتعففون عن مد أيديهم لقادتها، ولا يزالون ينكرون بنرجسيتهم المعهودة أن صنعاء هي الوحيدة القادرة على أن تمنح السعوديّة سلاماً وأمناً إذَا ما نظرت لليمن كدولة نِــــــدٍّ ولها كامل سيادتها، وَتخلت عن نظرتها الدونية والدنيئة لها، واستجابت لكامل شروطها بدءاً من الملف الإنساني الشرط الرئيسي للسلام ضمن الاستحقاقات الوطنية التي يجب أن ينصاع إليه هذا العدوّ الجبان.