حربُ المصطلحات
موقع أنصار الله ||مقالات ||د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
يمكنُ اعتبارُ حرب المصطلحات من ضمن حروب هذا العصر التي يستخدمها العدوّ ضد الأُمَّــة الإسلامية والعربية؛ لتغيير المفاهيم لدى أفرادها، وقد رأينا في المواجهات القائمة بين الفلسطينيين واليهود استخداماً مكثّـفاً لهذه الحرب؛ فقد عمل اليهود أثناءَ المعركة على إثارة الفُرقة بين الفلسطينيين، من خلال المصطلحات.
ففي الوقت الذي ينظُرُ الجميعُ إلى ما يحدث في فلسطين على أنه استهدافٌ صهيوني للفلسطينيين؛ لقتلهم واغتصاب أرضهم وحقوقهم المعنوية والمادية، يحاولُ الإعلامُ الموالي لأمريكا و”إسرائيل” إقناعَ الناس بأن الاستهدافَ يقتصرُ على حركة الجهاد الإسلامي فقط، وأن “إسرائيل” لا تستهدفُ الفلسطينيين من المكونات الأُخرى، وكأن أعضاءَ الجهاد ليسوا من نفسِ الأرض ومن نفس الجنس.
ومن جهةٍ أُخرى، يحاولُ الاحتلالُ إضفاءَ تهمةِ “الإرهاب” على كُـلّ من يقاومه أَو يقف أمامه، وكأنهم يرتكبون جريمة ويجب على الجميعِ مقاطعتُهم وعدم التعاطف مع قضيتهم التي هي قضية كُـلّ الفلسطينيين، كما يطلقون على المجاهد “مقاتِل” وعلى الشهيد “قتيل”؛ والهدف من ذلك هو تغييرُ المصطلحات المرتبطة بالدين وبالقضايا الوطنية؛ حتى تتفكك الأُمَّــة وتغيِّر أولوياتها.
وعلى المستويات الأُخرى، نجد أن قوى الاستكبار بقيادة أمريكا تعملُ على تمريرِ الكثيرِ من القضايا الأخلاقية على المستوى الشخصي أَو على المستوى المجتمعي عن طريق تغييرِ المصطلحات المتعارَف عليها؛ فنجد أنهم يطلقون على المتحوِّلين جنسياً مصطلح (مثليين) في محاولةٍ منهم لنشر الفساد الأخلاقي وتبرير فعلهم الشائن، الذي تجرِّمُه الدياناتُ السماوية وأخلاقيات المجتمعات المختلفة، كما يطلقون على الأفعال التي تخالفُ قِيَمَ المجتمع مصطلحاتٍ جَذَّابَةً لشرعنة تلك الأفعال، تحت شعار الحرية!؛ ولدفع الناس للقبول بهذه الأفعال التي هي في الأصل مذمومة، فيحولون العميل إلى متعاون، والخائن إلى حليف، والمنحرِف إلى حُرٍّ!، وهكذا؛ ونتيجةً لذلك يتم تمرير الفعل أَو تجريمه.
ومن خلال ما سبق، نستشعرُ خطورةَ حرب المصطلحات، ويجب على أفراد الأُمَّــة أن يركِّزوا على المصطلحات التي يتم تسريبُها اليهم عن طريق الإعلام أَو عن طريق وسائل أُخرى.
ومن الضروري العودة إلى القرآن لمعرفة المصطلحات الحقيقة؛ حتى نتمكّنَ من معرفة العدوّ وأوصافه ومعرفة الفعل المجرم والشائن، ونتأكّـدَ من الفعل الذي يتوافقُ مع القيم الدينية والإنسانية؛ لأَنَّ القرآنَ الكريم قدَّمَ المصطلح الحقيقي لكل فعلٍ إيجابي أَو سلبي.