الانتماء الوعي للمشروع الإلهي يُحتِّم الموقف ضد الظلم والطغيان والفساد
يجب أن نعيَ أيها الإخوة الأعزاء ونحن نعيش أجواء هذه الذكرى ونستفيد من الإمام الحسين عليه السلام الدرس المطلوب في أن الانتماء الصادق والواعي لمبادئ وقيم القرآن والإسلام والمشروع الإلهي القائم على العدل يفرض ويُحتِّم الموقف ضد الظلم والطغيان والفساد، هو مسئولية، هو عبادة، هو فريضة، هو قربة، هو ضرورة لصلاح الحياة واستقرار الحياة، ويُحتِّم علينا المسئولية في السعي الجاد والعمل لإقامة العدل في الحياة، والخير في الأرض، هكذا أمرنا الله، هكذا هو ديننا وأساس ديننا، يقول الله سبحانه وتعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ) لا مكان في الإسلام للاستكانة والخضوع للظالمين، لا مكان للكسل والتنصل عن المسئولية، لا مكان للاستسلام لهيمنة المتجبرين والفاسدين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) بكل ما تعنيه العبارة من موقف، وعمل، واستمرار، وتكرار، ولله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) في آية أخرى (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) فالقسط مسئوليتكم، والقسط أساسٌ في دينكم، والقسط هو صلاحٌ لحياتكم، وبناءٌ لواقعكم (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) لأن القسط لا يتحقق في واقع الحياة، والعدل لا يقوم في واقع الحياة، إلا حينما تسعى الأمة لإقامته ولو واجهت الظالمين، ولو وقفت بوجه المستكبرين، وهكذا تحرك الإمام الحسين (عليه السلام) بكل المبادئ والقيم اللازمة للقيام بهذه المسئولية،
صحيح هذه المسئولية لا يمكن أن تتحرك الأمة بها إلا من خلال تلك القيم وتلك المبادئ التي هي إنسانية، وهي قرآنية، وهي إلهية، في مقدمة هذه القيم العزة والإباء، لأن الأمة التي تُذعن للظالمين، وتخنَع للمستكبرين، وتستسلم للطغاة، وتستسلم لهيمنتهم، وتقبل بالإذلال والهوان، إنها أمةٌ فقدت قيمة من أهم قيم الإيمان، وهي العزة والإباء (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) هكذا يقول الله سبحانه وتعالى، وهذه القيمة ترجمها الإمام الحسين عليه السلام في يوم العاشر من محرم، وقد وقف مخيّراً بين خيارين ) بين الذلّة وبين السِلّة) فنادى عليه السلام ( هيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون( هذه قيمة من القيم التي تبني الأمة لتكون في مستوى المسئولية لإقامة القسط، والوقوف بوجه الظلم والظالمين، والطغاة والفاسدين.
وهكذا تحرك الإمام الحسين عليه السلام بالقيم وبالمبادئ، ونادى ليذكّر الأمة بما قاله جده المصطفى محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) (من رأى سلطاناً جائراً مُستحلاً لحُرم الله، ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يُغيّر عليه بفعلٍ ولا قولٍ كان حقاً على الله أن يُدخله مُدخله) وأين مُدخل سلاطين الجور؟ وأين مصيرهم عند الله؟ إنه جهنم، جهنم التي توعّدهم الله بها، ومعهم سيحشر الله سبحانه وتعالى كل الذين سكتوا وساعدوهم وأعانوهم بسكوتهم وتنصُّلهم عن المسئولية، وخنوعهم، وخضوعهم، واستسلامهم، فكان المستفيد من تنصُّلهم عن المسئولية، ومن سكوتهم وخضوعهم هم سلاطين الجور، وهم ملوك الطغيان، وهم زعماء الباطل والظلال، إن هذا النص النبوي الذي نادى به الحسين عليه السلام في أوساط أمة جده ليذكّرها بالمسئولية، في ضرورة التغيير، وفي ضرورة الوقوف بوجه السلطان الجائر كفريضة وكمسئولية، وكمبدأ أساسٍ في دين الله إذا ترسخت ثقافته للأمة مبدأً وعقيدةً وإيماناً، ورؤيةً تتحرك على أساسها فهي ضمانةٌ لانعتاقها وتحررها من سيطرة الظالمين.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
ذكرى عاشوراء 1435 هـ