الصين تكثّف عمليات الإنقاذ بعد أمطار لم تشهد لها مثيلاً منذ 140 عاماً
موقع أنصار الله – متابعات – 15 محرم 1445هـ
كثّفت السلطات الصينية، اليوم الأربعاء، عمليات الإنقاذ والبحث عن المفقودين، بعد أمطار هطلت على مختلف أنحاء بكين في الأيام الماضية، كانت الأغزر التي تشهدها منذ بدء تدوين مؤشرات الطقس، قبل 140 عاما.
ولم تسلَم الصين مما اختبرته دول عدة حول العالم في الأسابيع الماضية، لجهة الظواهر المناخية الحادة التي يعزوها علماء إلى تبعات التغير المناخي.
وأدّت الأمطار والفيضانات إلى مقتل 22 شخصا على الأقل، غالبيتهم في العاصمة.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية في بكين، اليوم الأربعاء، إن العاصمة الصينية شهدت “أشدّ تساقط للأمطار منذ 140 عاما”، حينما بدأت سلطات المدينة تدوين السجلات.
وأفادت بأن “الكمية القصوى من المتساقطات المسجّلة خلال هذه العاصفة، والتي بلغت 774,8 ملم، سجّلت في خزان وانغجيايوان في تشانغبينغ”.
وأوضحت أن الكمية القياسية السابقة كانت 609 ملم، وتعود إلى العام 1891.
وأفادت محطة “سي سي تي في” الرسمية، أمس الثلاثاء، بأن الأمطار تسبّبت بوفاة 11 شخصا، وفقدان أكثر من عشرة في بكين.
وتراجعت غزارة الأمطار اليوم في بكين، وانتقل التركيز إلى محافظة خوباي، المجاورة لها.
وتظهر لقطات من الجوّ في مدينة جاوجو في خوباي، شوارع تجارية وقد استحالت أنهرا من المياه الموحلة، وأراضي زراعية على مساحات تقدّر بالكثير من الكيلومترات المربعة، وقد غمرتها المياه.
وقال ليو (34 عاما) العامل في مصنع بجاوجو، إن المياه بدأت تتسلل إلى المدينة الصناعية، اعتبارا من بعد ظهر الإثنين. وأضاف: “حاولنا في البدء وقفها، لكن الأمر أضحى مستحيلا”.
وتابع: “لم نتمكن من إخراج أي من معدات المصنع أو مواده. بقينا محتجزين في داخله حتى منتصف اليوم (الأربعاء) حين تمّ إنقاذنا”.
وحمل عمال إغاثة معهم على متن قوارب، كميات من الخبز ومياه الشرب و”النودلز” السريعة التحضير، لإيصالها إلى سكان لم يتمكنوا من الخروج من مناطق غمرتها المياه، أو فضّلوا البقاء في أماكنهم رغم ذلك.
وفي مقاطعة فانغشان بالعاصمة، والواقعة عند الحدود بين المحافظتين، غمرت المياه متنزّها بالكامل، وأطنانا من النفايات المتكدّسة أسفل جسر، بعدما جرفتها المياه من أماكن أخرى.
وقال لي (71 عاما): “لم أرَ أمرا مماثلا خلال أكثر من 40 عاما”.
وقال ضابط في الشرطة إن المقاطعة كانت “خطرة للغاية”، أمس الثلاثاء.
ورأى الصحافيون كذلك عربة عسكرية مجنزرة في طريق العودة من المناطق الأكثر تضررا في المقاطعة. وعلى الجهة المقابلة، أمكنت رؤية سيارة إسعاف وأخرى للشرطة، إضافة إلى قارب إنقاذ، في طريقها إلى مقاطعة جاوجو.
وأظهرت لقطات بثّتها القنوات التلفزيونية الحكومية، عناصر إنقاذ يستخدمون قوارب مطاطية في شوارع غمرتها المياه، بينما كان عدد من السكان يتشبثون بسقالات من الحديد، في انتظار الحصول على مساعدة.
وتضرب العاصفة دوكسوري التي كانت إعصارا قبل أن تتراجع قوتها، الصين من الجنوب الشرقي، وصولا إلى الشمال منذ الجمعة، عندما بلغت اليابسة في إقليم فوجيان الشرقي، بعد مرورها في الفليبين المجاورة.
وبدأت الأمطار الغزيرة تهطل على العاصمة ومحيطها، اعتبارا من السبت.
وناهزت كمية المتساقطات خلال 40 ساعة فقط، معدّلها لكامل تموز/ يوليو.
وحذّر الإعلام الرسمي الأسبوع الماضي من أن ما يصل إلى 130 مليون شخص، سيتأثرون بالأمطار في شمال الصين.
وأشار إلى أن الكثير من مناطق بكين ومحيطها غمرتها المياه، وتمّ إجلاء 974400 شخص من العاصمة ومحافظة خوباي، يضاف إليهم 42211 شخصا تم إجلاؤهم في شانشي الواقعة إلى الغرب.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية “شينخوا” بأن السلطات رفعت مستوى الإنذار الأحمر من الفيضانات في بكين، “بعدما تراجع جريان المياه في الأنهر الرئيسية الى ما دون مستوى الخطر”.
وفي ظل تراجع غزارة الأمطار، انتقل التركيز إلى عمليات الإغاثة. وأكدت “شينخوا” أن المئات من أفراد جمعية الصليب الأحمر، توجهوا إلى المناطق الأكثر تضررا، للقيام بعمليات رفع الأنقاض والتنظيف، وإجلاء المصابين.
وأشارت “سي سي تي في” إلى أن اثنين من القتلى، قضوا “أثناء تأدية الواجب في الإنقاذ والإغاثة”.
ولا يزال 13 شخصا في عداد المفقودين، بينما تمّ إنقاذ 14 آخرين.
إلى ذلك، وصل عدد القتلى في خوباي إلى تسعة، بينما لا يزال ستة أشخاص في عداد المفقودين. وفي محافظة لياونينغ الواقعة إلى الشمال الشرقي، قضى شخصان خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ودعا الرئيس الصيني، شي جينبينغ، أمس الثلاثاء، إلى بذل “قصارى الجهود” لإنقاذ “المفقودين أو المحاصرين”.
وحضّ نائب رئيس الوزراء، جانغ غوه كينغ، على بذل كل الجهود للعثور على المفقودين، وذلك خلال تفقده موقعا لتنسيق عمليات الإغاثة في منطقة مينتوغو ببكين، وفق الإعلام الرسمي.
وقال جانغ إن “الأولوية القصوى للعمل الراهن هي إنقاذ حياة الناس، السباق مع الوقت للبحث عن المفقودين أو المحتجزين، وخفض عدد الضحايا إلى الحد الأدنى”.
وتستعد الصين لإعصار جديد هو “خانون” الذي يقترب من سواحل البلاد الشرقية.
ويعتبر بعض العلماء أنّ الظروف المناخية القصوى التي شهدتها الصين والحرارة القياسية التي سجّلتها هذا الصيف تعود إلى التغيير المناخي.
وعانت الصين خلال الأشهر الماضية من ظواهر مناخية حادة، راوحت بين موجات الحر القياسية والأمطار الغزيرة.
وقال ما جون، مدير معهد الشؤون العامة والبيئية غير الحكومي في بكين، إنه في حين تسبّبت العاصفة بالأمطار، أدى ارتفاع حرارة المحيطات الناتج عن التغيير المناخي، إلى المناخ الحاد كذلك.
وأضاف: “عانت الصين من موجات حرّ غير مسبوقة منذ العام الماضي… هذه السنة، درجات الحرارة مرتفعة بشكل قياسي في شمال الصين”، مشيرا إلى أن “موجات الحرّ هذه مرتبطة بالاحترار المناخي، وهذا ما تميل غالبية علماء المناخ للاتفاق حوله”.