“حكومة الإنقاذ اليمنية”.. هل تنقذ الوطن؟

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
في خطوة جديدة تعكس الواقع الميداني والسياسي اليمني، أبصرت حكومة الإنقاذ الوطني النور بناءً على قرار صدر عن المجلس السياسي الأعلى الذي كلّف عبد العزيز بن حبتور برئاسة الحكومة التي تتألف من واحدٍ وأربعين وزيراً بينهم سبع من دون حقائب “وزير دولة”.
الحكومة الجديدة التي عكست واقعاً من التفاهم والديمقراطيّة بين القوى المناهضة للعدوان حيث حصل المؤتمر الشعبيّ على وزارات الخارجية والداخلية والتخطيط والاتصالات والشؤون الاجتماعية، أما حركة أنصار الله فكان منْ نصيبها وزارات الدفاع والمال والإعلام والصحة، في حين لم يغب حلفاء الطرفين من هذه الحكومة التي تمّت بالمناصفة بين الطرفين وحلفائهما ولاسيّما الحراك الجنوبي.
الناحية القانونيّة
رغم أن هذه الحكومة تستمد شرعيتها من شرعية المجلس السياسي الذي حصدها شعبياً بتاريخ 21 أغسطس/ آب 2016 حيث سُجّل أوسع حضور شعبي في تاريخ اليمن الحديث عندما خرج الملايين إلى ساحة “السبعين” في العاصمة صنعاء، إلّا أنّها في الوقت عينه تعد واحدة من الأشكال القانونية المعترف بها في مواثيق الأمم المتحدة حيث يسمح الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة بتشكيل “حكومة إنقاذ وطني” في الدول التي تعاني من الاضطرابات السياسية والحروب.
وبين مؤيد ومعارض تنوّعت ردود الأفعال على تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني ففي حين وجد البعض أن خطوة تشكيل الحكومة لها أهميةٌ كبيرة في تعزيز الموقف الداخلي وخدمة الشعب رغم الوضع الاقتصادي الصعب، إضافةً إلى تحصينها للجبهة الداخلية، اعتبر آخرون أن قرار تشكيل حكومة جديدة في صنعاء يشكل عراقيل جديدة وإضافية لمسار السلام، كما أنّه لا يخدم مصلحة اليمنيين في هذه الأوضاع الحرجة.
اليوم، باتت في اليمن حكومتان، الأولى حكومة إنقاذ وطني تنتظر ثقة البرلمان إلا أنّها مطالبة بإعداد برنامج وطني يعمل على مواكبة ما تحقق في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي، ومواجهة متطلبات المرحلة الجديدة، وأخرى حكومة “غرف الفنادق” تشكّلت بناءً على قرار الرئيس المستقيل عبد ربّه منصور هادي من قصره في الرياض، دون أن تنال ثقة البرلمان، وذلك بعد خلاف مع رئيس حكومته السابق خالد بحاح.
رغم أنه من المستبعد أن تحصل الحكومة الجديدة على الدعم الدولي لأسباب واضحة لسنا في وارد ذكرها، إلا أنها تستند إلى إجماع داخلي يتنوّع بين الدستور والزخم الشعبي والجماهيري، إضافةً إلى قرار سياسي واضح يتقاطع مع مواثيق الأمم المتحدة، ولكن ما هي أهداف هذه الحكومة؟ وما هي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها؟
أبعاد ودلالات
بانتظار نيل الحكومة العتيدة لثقة المجلس النيابي لتصبح مبسوطة اليد في مواجهة التحديات التي تنتظرها بدءاً من سد الفراغات السياسية ومواجهة التحديات الاقتصادية والإجتماعية خلال هذه المرحلة، وصولاً إلى ملاحقة جرائم العدوان وتجاوزاته بحق اليمنيين، لا بد من الإشارة إلى النقاط التالية:
أولاً: تعدّ التحديات العسكرية والاقتصادية والسياسية وإدارة الخدمات المتاحة للمجتمع في كل مناطق الجمهورية اليمنية من أبرز الأولويات التي تنتظر حكومة الإنقاذ برئاسة الدكتور عبد العزيز بن حبتور. فرغم الدعم السياسي الواسع لحبتور إلا أن التحديات التي تنتظر حكومته لاسيّما في ظل الأوضاع الاقتصادية والأمنية القائمة ليست بالأمر السهل.
ثانياً: بعد تشكيل المجلس السياسي الأعلى، ولاحقاً انعقاد المجلس اليمني، يكتمل اليوم الثالوث السياسي في اليمن مع سد الفراغ القائم في السلطة التنفيذية، فضلاً عن تعزيز اللحمة الوطنية، لاسيّما أن حكومة الإنقاذ الوطني تمثيل للأبعاد الجغرافية والديموغرافية والسياسية لليمن. حكومة الانقاذ الوطني تساهم في اعادة فتح القنوات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية مع الخارج، وهذا ما يحتاجه اليمنيون اليوم أكثر من أي وقت مضى.
ثالثاً: الحكومة تدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، فإضافة إلى التحديات الآنفة الذكر، تقطع هذه الخطوة الطريق على مشروع الأقاليم الست حيث عمدت حكومة الرياض خلال الأسابيع الماضية للبدء بترتيبات العمل بنظام اقاليم الدولة الاتحادية. الحكومة الجديدة تحمي البلاد من خطر التقسيم، لاسيّما أن الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة ينتمي إلى مدينة عدن التي تشهد أوضاعاً أمنيةً صعبة. والدكتور حبتور شخصية وطنية جنوبية وهو اكاديمي ونائب وزير سابق للتربية والتعاليم، ومحافظ عدن، أي أنه يمتلك خبرات واسعة تؤهله لقيادة البلاد في هذه الظروف الصعبة.
رابعاً: لا شكّ في أن “حكومة الإنقاذ” تعدّ مقدّمة طبيعية لحكومة الوحدة الوطنية حيث تسلّم الحكومة الحالية السلطة لحكومة الوحدة الوطنية في حال وقف العدوان، وتوصّل الأطراف اليمنية إلى اتفاق وطني، وبالتالي تكون هذه الحكومة قد حالت دون الفراغ التنفيذي في اليمن. اليوم، باتت القوى اليمنية قادرة على السير بالبلد في ظل العدوان، وذلك، بعد نجاحها في إمتصاص الضربات وترتيب الاوراق الداخلية بما يتلائم مع المرحلة.
لن تمرّ التغييرات الجديدة دون ردّ فعل من قبل السعودية وهادي حيث سيعمد الأخير إلى ترتيب أوراقه من جديد وقد بدا الأمر واضحاً مع وصوله إلى عدن بعد أكثر من سنة على مغادرتها إلى فنادق الرياض، ولكن يمكننا القول اليوم إن الشعب اليمني طوى اليوم حقبة ضبابية ناهزت العامين وبات يمتلك اليوم حكومة إنقاذ قادرة على إنقاذ الجمهورية رغم كافّة التحديات.

قد يعجبك ايضا