ابن سلمان: نقترِبُ كُـلَّ يوم من “إسرائيل”.. ونتنياهو: التطبيعُ مع السعوديّة في الأشهر المقبلة وسنتجاوز الفلسطينيين

||صحافة||

تصريحاتُ ولي العهد السعوديّ، الأميرِ محمد بن سلمان، التي أدلى بها لقناة “فوكس نيوز” الأمريكية، وتم بَثُّها فجرَ الخميس الفائت، لم تكن مفاجئةً للأوساط العربية وخَاصَّة الفلسطينية.

وليُّ العهد السعوديّ في المقابلة النادرة مع القناة أكّـد أن المملكة “تقترب كُـلّ يوم” من التطبيع مع إسرائيل، لكن معاملة الفلسطينيين تظل قضيةً “مهمةً للغاية” يتعيَّنُ حَلُّها.

وذكرت القناة، أن السعوديّة ناقشت اتّفاقاً كَبيراً مع الولايات المتحدة، تقوم بموجبه بتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، مقابل اتّفاقية دفاع أمريكية والمساعدة في تطوير برنامج الرياض النووي المدني، حسبما نقلت المقابلة.

موعدُ بَثِّ المقابلة، الذي جاء بعد وقت قصير من لقاء الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مع رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، أثناء وجودهما في نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ إذ “أثار بايدن مخاوفَ بشأن معاملة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة للفلسطينيين، وحَثَّ نتنياهو على اتِّخاذ خطوات لتحسين الظروف في الضفة الغربية، في وقت يتصاعد فيه العنف في الأراضي المحتلّة”.

إلى ذلك، يرى مراقبون أن أيَّ تقدم بشأن تطبيع العلاقة السعوديّة سيكون على حساب القضية الفلسطينية مع وجود الحكومة الأكثر تطرُّفًا وقومية في تاريخ “إسرائيل”، حَيثُ سُئل الزعيم الفعلي للمملكة، خلال المقابلة عما سيتطلبه تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، فأجاب بأن “إدارة بايدن تدعم حدوث ذلك”.

في السياق، أوضحت تقارير أن ابن سلمان أجرى مقابلات قليلة للغاية مع وسائل الإعلام الغربية، لا سِـيَّـما منذ مقتل الصحفي السعوديّ المعارض، جمال خاشقجي، في عام 2018م، في عملية تم على إثرها توجيه أصابع الاتّهام لولي العهد.

ورأت التقارير أنه “في السنوات الخمس التي تلت ذلك (مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي)، تخلت المملكة عن أي وضعٍ منبوذ كان يلتصق بها، مع تحول التركيز إلى المبادرات الدبلوماسية الكبرى والتقدم في رؤية 2030م، وهي خطة الأمير واسعة النطاق لإصلاح الاقتصاد وتوفير فرص العمل للشباب وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن عائدات النفط”.

وعرجّت على موقف ابن سلمان من إيران وإمْكَانية حصولها على سلاح نووي، إذ أعرب عن قلقِه من هذه الخطوة، وقال إن بلاده “ستسعى للحصول على سلاح نووي أَيْـضاً إذَا حدث ذلك”.

رغم الإصلاحات الاجتماعية بعيدة المدى التي قام بها الأمير، لكنه في المقابل أثبت أنه أقل تسامحا مع المعارضة من أسلافه، حتى مع السعوديّين الذين يتحدثون ضد سياساته على حسابات مجهولة على وسائل التواصل الاجتماعي.

مع ذلك، كانت لولي العهد علاقات أكثر دفئا بكثير مع الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي حمى المملكة من تداعيات مقتل خاشقجي، ووصفها بأنها “مشترٍ رئيسي للأسلحة الأمريكية”.

 

نتنياهو: التطبيع مع السعوديّة سيتمّ في الأشهر المقبلة

في السياق، قال رئيسُ وزراء العدوّ الصهيوني بنيامين نتنياهو “لدينا فرصة محدودة للتوصل إلى اتّفاق للتطبيع مع السعوديّة في الأشهر المقبلة”.

ويأتي تصريحُ نتنياهو لشبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، بعد إعلان ولي العهد السعوديّ قبل أَيَّـام عبر الشبكة نفسها، عن الاقتراب كُـلّ يوم أكثر فأكثر من تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.

وَأَضَـافَ نتنياهو “سبب عدم توقيع اتّفاق السلام مع الدول العربية منذ أكثر من ربع قرن هو أنهم أرادوا دائماً إشراك الفلسطينيين.. وُلدت اتّفاقيات “أبراهام” من حقيقة أننا تجاوزنا الفلسطينيين لأول مرة منذ 25 عاماً وتحدثنا مباشرة مع الإمارات العربية المتحدة”.

وردًّا على سؤال بشأن الخشية من معارضة داخلية من أطراف الائتلاف للاتّفاق إذَا كان يتضمّن تسهيلات للفلسطينيين، أجاب نتنياهو: “المشكلة لن تأتي من الائتلاف، هذا اتّفاق سيغيّر المنطقة وحتى العالم، وعندما يتمّ التوصل إلى سياسة تحظى بموافقة واسعة النطاق فسيتعيّن عليهم الانضمام إليها”.

 

ما كان يجري تحتَ الطاولة السعوديّة بدأ يعلو على السطح:

بدوره، أكّـد القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، سهيل الناطور، أن تصريح ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان بانخراط الرياض في التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي لم يكن مفاجئًا، حيثُ إن ما كان يجري تحت الطاولة السعوديّة بدأ يعلو على السطح.

وأشَارَ سهيل الناطور إلى أن ما سمَّاها “المصالحات الإبراهيمية” لم تكن لها مقدمات ومبرّرات في السعوديّة كما كان لها في سائر الدول، وخلف كلها كان عامل السياسة الداخلية الأمريكي في الصراع ما بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي وكذلك تقبل الصهاينة للسياسة الأميركية، ولذلك كانت الأمور محصورة في هذه الصفة.

وأضاف: “لكن الأمور مع السعوديّة تسارعت مؤخّراً، أولاً: لكثرة الكلام والتسريبات عن وجود المفاوضات، حَيثُ كان هناك من حاول إرباك الصورة، ثانياً: بدأت إشارات تحت شعارات دولية أن هناك مؤتمرًا دوليًّا لليونسكو حضر فيه وفدٌ إسرائيليّ، ثالثاً: افتعال أن هناك طائرةً تحمل إسرائيليين وتنزل”.

ولفت إلى أن، “هذه الإرهاصات كانت تقول بأن هناك شيئًا يجري من تحت الطاولة بدأ يعلو على السطح.. ولذلك ربما الكثيرون ممن يتابعون التفاصيل السياسية بالعمق لا يجدون مفاجئةً في موقف الأمير محمد بن سلمان”.

وَشدّد على أنَّ “التبجح الإسرائيلي يعني أن الإسرائيليين وهذا الحكومة خَاصَّة تعتقد أنها قد انتهت من القضية الفلسطينية وأن الفلسطينيين لم يعد لديهم من القوة ما يستطيعوا أن يطلبوا شيئاً لتحقيقه، ولذلك عليهم أن يقبلوا بما يقدم”.

وبيَّن أن “الشيء الذي يقدمونه ليس للفلسطينيين بل هو للعرب كاملا.. بأن فلسطين التاريخية باتت الدولة اليهودية وعليهم أن يعترفوا بيهودية الدولة.. ويهودية الدولة يعني لا دور للفلسطينيين.. وحتى أبناء الـ48 أن لا يبقوا على الأرض هناك”.

وقال: “الخطر الأكبر على الصراع هو مصير الفلسطينيين والأرض الفلسطينية؟ وهل يمكن لنظام سعوديّ -أيًّا كان- أن يعترفَ بيهودية الدولة وأَلا يكون للفلسطينيين إلا القليل من المساعدات؟”.

وَأَضَـافَ أن “الإشكالية الخَاصَّة التي ستعقد الأمور وسيقال فيما بعد حصل أنه قد حصلت اختراقات فيها هي المطلب النووي السعوديّ، وفي هذا الإطار سوف يبرز وكأن هناك رفضا إسرائيليا كاملا لأي مفاعلات نووية.. ثم سيقدم كتنازل”.

 

التطبيعُ السعوديّ مع الاحتلال بدأ مع ولاية محمد بن سلمان:

من جهته، قال الكاتبُ المحلل السياسي، د. وائل المناعمة: إن “الإدارة السعوديّة بدأت ومنذ قيادة ولي العهد محمد بن سلمان ومنذ عهد ترامب خطوات التطبيع مع العدوّ الصهيوني، حَيثُ ينوي بن سلمان تحقيق إنجازات شخصية”.

وأشَارَ وائل المناعمة أن “الإدارة السعوديّة بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان صارت بطريق التطبيع منذ توليه السلطة في المملكة العربية السعوديّة”، مبينا: “في كُـلّ مرة كانت هناك تسريبات من قبل الجانب الإسرائيلي أن هناك لقاءاتٍ على هامش اجتماعات دولية في عدة عواصم بين النظام السعوديّ وإما ضباط في الموساد أَو مسؤولين إسرائيليين”.

وَبيَّن أن “هذه كانت إرهاصات وكانت البدايات حقيقية لتطبيع العلاقة منذ عهد ترامب، حَيثُ بدأت في عام 2020، إذ كان هناك ضغط من الإدارة الأمريكية أن توقع المملكة السعوديّة اتّفاقية تطبيع، لكن كان هناك محاذير معينة تقف أمام هذا التطبيع”.

وأضاف: “عندما ذهبت الإمارات والبحرين والمغرب ثم السودان في حينها إلى التطبيع رفضت المملكة العربية السعوديّة التوقيع العلني لاشتراطات؛ لأَنَّها تقود مبادرة تاريخية ما زال إرثها حاضرًا منذ قمة بيروت في 2002م، التي أعلنها الأمير عبدالله في حينه”.

وشدّد على أن ذلك يأتي بينما يريد الأمير محمد بن سلمان تحقيق “إنجازات شخصية” ويريد أن يسوق لهذا التطبيق، حيثُ إنه وفي اللقاء مع فوكس نيوز قال بشكل واضح “نريد تحسينات للفلسطينيين”.. ولم يذكر لا إيقافَ الاستيطان ولا الدولة على حدود الـ67 وَلا قضية القدس.

ونوّه إلى أنَّ “الإدارة الأمريكية الحالية إنما تستكمل المِلف من الإدارة السابقة، وواضح أننا اقتربنا أكثر؛ لأَنَّ نتنياهو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قال إننا نسير بسرعة نحو تطبيع العلاقات مع السعوديّة وبكل بجاحة قال سنتجاوز الفلسطينيين”.

وقال وائل المناعمة: “نحن أمام تحدٍّ تاريخي، حَيثُ هذه الهرولة غير المبرّرة وغير المسبوقة أمام التطبيع مع أعتى وأكثر الحكومات الصهيونية تطرُّفًا في تاريخ دولة الاحتلال، الذين أداروا ظهورهم لكل الاتّفاقات الدولية بما فيها اتّفاق أوسلو الذي ظلم الفلسطينيين ولم يعطِهم شيئا”.

وشدّد على أنَّ “الموقف الفلسطيني هو باتّجاهين.. الموقف الرسمي الذي يقوده الرئيس محمود عباس واضح أن هناك مباحثات ليست سرية قادها حسين الشيخ وماجد فرج؛ مِن أجل مكاسب مادية بالدرجة الأولى من وراء هذا التطبيع.. منها زيادة المنحة السعوديّة للسلطة الفلسطينية أَو بعض الامتيَازات التي يمكن أن تحصل عليها جراء هذا التطبيع.. والسعوديّة جاهزة لدفع هذا الثمن”.

وَأَضَـافَ “بينما الموقف الرسمي الجماهيري والشعبي وفصائل المقاومة، وحتى الشعوب العربية والإسلامية كلها تقف ضد التطبيع”.

وخَلُصَ إلى القول: “التطبيعُ لم يجرّ سوى مزيد من الذل والعار والهزيمة للشعوب العربية، فتجربة الشعوب العربية مع التطبيع هي الصفر الكبير، وستحول هذه الخطوة الأسواق العربية إلى أسواق لبيع البضائع الصهيونية على حساب الفلسطينيين، الذين تسرق أراضيهم ومزروعاتهم ومصانعهم”.

 

حماس: مسارٌ يحقّق مصالح الاحتلال وتهديد حقيقيّ للقضية الفلسطينية:

بدوره، علّق الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، على خطاب رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلا: إن “نتنياهو مارس حالة من الاستقواء غير المسبوق ضد شعبنا الفلسطيني في خطابه، نتيجة اتّفاقات التطبيع التي تمت، أَو تلك التي يجري الإعداد لها”.

وأكّـد قاسم أن “ذكر نتنياهو للآثار الإيجابية للتطبيع على الكيان الصهيوني، يؤكّـد أن هذا المسار يحقّق مصالح الاحتلال فقط، ويشكل تهديداً حقيقيًّا للقضية الفلسطينية”.

وأشَارَ الناطق باسم حماس إلى أن “الاحتلال سيواصل استغلال مسار التطبيع لتصعيد عدوانه على شعبنا؛ بهَدفِ تصفية الوجود الفلسطيني، ويحاول تطبيق أحلام اليمين الصهيوني مستنداً على تطبيع”.

ودعا قاسم القوى الحية في الأُمَّــة إلى تصعيد مقاومتها للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وتعزيز دعوات مقاطعته.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com