القرآن الكريم المصدر الأهم لمعرفة الله

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

وشيء آخر مما يساعد على أن نعرف الله سبحانه وتعالى بالشكل الذي نحصل من ورائه على تعزيز لثقتنا به سبحانه وتعالى هو: حديثه في القرآن الكريم عن ذاته سبحانه وتعالى في الثناء على ذاته، وعن ما ذكره من مخلوقاته الكثيرة باعتبارها مظاهر من مظاهر ملكوته، وأنه هو من له الْمُلك، هو رب العالمين، هو من له الملك، ونفاذ الأمر في العالمين.

منها: ما ذكره سبحانه وتعالى في أول [سورة الحديد]: بِسم الله الرَّحمنِ الِّرحيْم {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(الحديد1). سبح لله: نزهه، وشهد بن‍زاهته وقدسيته، نزاهته عن كل ما لا يليق به، نزاهته عن كل عيب ونقص، نزاهته عما لا يليق بكماله، فكل ما في السماوات والأرض يشهد بنزاهة الله، سواءً من كان ينطق بذلك، أو من كان في نفسه شاهداً على ذلك.

هو العزيز: المَنِيع الذي لا يُقهر، لا يُغلَب ولا يُغالَب، هو غالب على أمره، هو العزيز الذي يَمنح مِن عزته من اعتزّ به، يمنح مِن عزَّتِه أولياءَه، فيصبحون كما قال عنهم: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (المائدة: من الآية54).

الحكيم في ما يصدر منه، الحكيم في تدبيره، الحكيم في هدايته، الحكيم في تشريعه، الحكيم في تدبيره لشؤون خلقه.

{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(الحديد2) هو مَلِك السماوات والأرض، مَلِكُها ومَالِكُها.قد يكون الإنسان في هذه الدنيا ملكاً فيَحدُث انقلاب فيصبح مطروداً منفياً فيَملِك غيرُه، أمَّا الله سبحانه وتعالى فهو الملك، هو المالك، هو الملك ذو المُلك الدائم في سلطانه {يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(الحديد: من الآية2)، كل شيء يريده هو قادرٌ عليه، {هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، ليس هناك أشمل من هذه العبارة، ولا أوضح منها في: أنه لا أحد يستطيع أن يحول بينه وبين ما يريد أن ينفذه، فهو قادر وهو قاهر في نفس الوقت.

{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (الحديد:3) ثَناءٌ على الله، وبيان لكماله المطلق سبحانه وتعالى. {هُوَ الْأَوَّلُ} عبارة: {الْأَوَّلُ} تعني: لا شيء قبله، لا أولَ لأوَّلِيَّته، ليس هناك شيء سبقه أبداً في الوجود، {هُوَ الْأَوَّلُ} وهذه العبارة أفضل بكثير من عبارة [المتكلمين] التي يرددونها:[القديم] فيسمون الله قديماً، وهذا – في ما أعتقد – لم تَرِد في القرآن الكريم ولا مرة واحدة: أن يصف نفسه، وأن يجعلها من أسمائه [القديم]؛ لأن كلمة:[قديم] ليست مما يصح أن يُمدَح الله بها سبحانه وتعالى؛ لما فيها من إيهام وهو: أنها تُوهِم العمق الزمني، توهم العمق الزمني، كلمة: قديم، وهي في نفس الوقت إنما تعني..تعني ماذا؟ أنه لم يسبقه عدم، [قديم]: لم يسبقه عدم،لم يكن محدثا ثم وجد.

بينما كلمة: {الأول} هي أهم بكثير، فهي لا تُوهِمُ هذا الإيهَام، وهي تتجه إلى نفس المطلوب بِدَايةً، دون ترتيب مُقَدِّمات، الله هو الأول فلا شيء قبله، وهذا هو المطلوب: أن نثبت أن كل من سواه..أن كل من سواه هو مخلوق له سبحانه وتعالى.

{وَ}هو {الْآخِرُ} بعد فناء الأشياء، {وَ}هو {الظَّاهِرُ}، الظاهر لعباده، الظاهر لمخلوقاته، ليس غائباً كما يقول [المتكلمون]! فيقولون: [قياساً للغائب على الشاهد]، يعرف هذا من قرأ في كتب [علم الكلام] وهذه العبارة القاصرة التي ترسخ غياب الله في ذهنية الإنسان، وفعلاً الإنسان الذي يتأمل سيجد كم كان لهذه من آثار سيئة جداً، ترسيخ في شعور الإنسان غياب الله بهذه العبارات: [من باب قياس الغائب على الشاهد] وهكذا يكررونها.

ولهذا لما جعلوا الله غائباً اتجهوا ليـبحثوا عن وجوده هو، عن هل هو موجود أو لا، فيأتوا إلى ترتيب مقدمات معينة، تبدأ بالحديث عن [أن هذه الأشياء وجدناها مُحدَثة؛ لكونها ملازمة لعلامات الحدوث، إذاً فهي مُحدَثة، إذاً هناك من هو مُحْدِثٌ لها، إذاً هناك مُحدِث]، وعلى هذا النحو يتحركون فيجعلون الله سبحانه وتعالى بالنسبة لنا بحاجة إلى أن نستدل على وجوده بأي شيء من مخلوقاته، بينما هو يصف نفسه سبحانه وتعالى بأنه: {الظَّاهِرُ}، هو أظهر من مخلوقاته، هو أظهر من مخلوقاته، هو من غَرَزَ في نفوس عباده معرفته، المعرفة الجملية، لم يغب اسمه عن ذهنية البشرية.

والقرآن الكريم أكد هذه، وهو يذكر لنا كيف كان الأنبياء يدعون أممهم إلى الله، وكيف كانت تلك الأمم إنما تنازع في ما يتعلق بالوحدانية، أنها غير مستعدة أن تتخلى عن الآلهة الأخرى، لينفرد الله هو وحده بعبادتهم له، وينازعوا الأنبياء في أنه بعد لم يثبت لديهم أو أنهم يريدون أن يثبت لديهم بأنهم رسلٌ من الله، ليس هناك إشكالية حول وجود الله، حتى ولا عند الكافرين {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} (الزخرف:9) {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}(الزخرف: من الآية87) ولئن سألتَ مَن؟ سألت الكافرين.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

معرفة الله – عظمة الله – الدرس السادس

ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ: 23/1/2002م

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا