الحصارُ الجريمةُ الصامتة
موقع أنصار الله ||مقالات ||مرتضى الجرموزي
فرض الحصار وتشديد الخناق والتجويع في المعارك العسكرية هي سياسة خبيثة يستخدمها طرفا الصراع كسلاح فتاك قد تؤتي ثمارها سلباً أَو إيجاباً، قد ينجح طرف ما أَو يفشل بهذه المعركة، وقد تكون سلاح ذو حدين لك أَو عليك، وهي بمثابة سياسة قذرة وخبيثة يتفنن بها صاحب المبادرة بالهجوم على طرف آخر يسعى من خلالها للضغط على الخصم للموافقة أَو التسليم والقبول بالشروط، لكنها وكما تحدثنا قد تكون انعكاسية نتائجها ضدك فتوقعك بشراك الهزيمة وتقبل أنت الهزيمة وشروط المُحاصَر.
اليوم ومع الحرب العسكرية الشرسة التي يشنها العدوّ الصهيوني يُمعن في ذات الوقت بفرض الحصار الخانق على غزة.
وبكل خبث ووقاحة يستفحل بشره وبجرائم الحصار المتعمد على الأهالي بقطاع غزة بمنهجية شيطانية مقيتة بحقدٍ دفين تعودُ جذورُه -كما ذكرها الله سبحانه وتعالى- إلى استمرارية معركة الخير والشر ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردونكم عن دينكم إن استطاعوا.
وها نحن نرى أحفادَ القردة والخنازير وشذاذ الآفاق وعديمي الرجولة وأخلاقها، بكل حقد وشيطنة يمعنون في القتل والتدمير بحق المدنيين في غزة نراهم وبكل وحشية وحيوانية يتلذذون بحصارهم وتجويعهم.
يشدّدون الخناقَ عليهم حصاراً لهم وتجويعاً كأدَاة خبيثة قذرة يستخدمها العدوّ الصهيوني؛ بهَدفِ إضعاف الأهالي والمقاومة حتى يرفعوا له يد الطاعة والاستسلام ليكون بذلك حقّق أهداف سعى لها منذُ قدومه إلى أرض فلسطين من دويلات وجنسيات عالمية يستوطن ويحتل الأرض والمقدسات العربية والإسلامية.
لنعرف جميعاً أن الحصار جريمة تضاهي القتل والتدمير.
فبالقتل قد يتخلص المجرم من الضحية مثلاً لكنه بالحصار يتلذذ مع معاناتك يتلذذ ويستمتع وأنت تناشد الأُمَّــة للدفاع عنك لرفع الحصار المُثقل عن كاهلك بلا فائدة وبلا أمل مرجو من أُمَّـة خنعت ورضت بعيش الهوان والذل لحكام الجور والتطبيع على حساب قضايا الأُمَّــة ومعاناة شعب فلسطين وغزة في ظل حرب الإبادة والتجويع والحصار الخانق الذي يعانيه الغزيون لما يزيد عن مئة وخمسين يوماً.
ورغم ما يعانيه أهالي غزة وقساوة وخبث الجرائم التي تُرتكب بحقهم لم نر موقفاً عربياً جريئاً وقوياً كما كان يؤمل خَاصَّة من تلك الجيوش العربية المهولة والأسود الضارية على أبناء وشعوب الأُمَّــة، لكنها أمام العدوّ الصهيوني بدت وكأنها نعاج وحيوانات أليفة لا قيمة ولا وزن لها في ميازين الرجولة وشرف الأخلاق، باستثناء اليمن وحزب الله والمقاومة الإسلامية في العراق، حَيثُ كان لهم حضور كبير وعمليات نوعية ضد أهداف ومواقع صهيونية وأمريكية في الأراضي المحتلّة وسط وشمال وشرق فلسطين أَو في البحرَينِ الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، وقد شكَّلت تلك العمليات قاصمةَ ظهر للاقتصاد الصهيوني؛ ما جعله يتلقى الخسائر الفادحة ليبحث عن ممرات آمنة لوصول السلع والسلاح إلى الأراضي المحتلّة، وكان له ما أراد عن طريق قطعانه وأدواته في دويلة الإمارات والتي استحدثت جسراً برياً من دبي إلى فلسطين المحتلّة يمر عبر السعوديّة والأردن لتكون بمثابة المشاركة العربية المباشرة لقتل وتدمير غزة مع العدوّ الصهيوني وذلك في سبيل الشيطان الأكبر في واشنطن.