(نص + فيديو ) كلمة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات 15 ذو القعدة 1445هـ 23 مايو 2024م
كلمة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حول آخر التطورات والمستجدات 15 ذو القعدة 1445هـ 23 مايو 2024م
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
في كلمة اليوم عن مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، نتطرق أيضاً إلى الحديث عن شهداء الجمهورية الإسلامية في إيران، ونتطرق أيضاً فيما يتعلق بالشأن الداخلي إلى الحديث عن الذكرى السنوية للوحدة اليمنية، والبداية هي بالحديث فيما يتعلق بالمستجدات خلال الأسبوع المتعلقة بالعدوان الهمجي، الوحشي، الإجرامي، للعدو الإسرائيلي على قطاع غزة.
نحن في منتصف الشهر الثامن، وفي الأسبوع الثالث والثلاثين، ولمائتين وثلاثين يوماً انقضت، والعدو الإسرائيلي يراكم رصيده الإجرامي في الإبادة الجماعية، وممارسة أبشع الجرائم، مع رصيد موازٍ من الفشل والإخفاق، وقد بلغ عدد المجازر: أكثر من (ثلاثة آلاف ومائتين وخمسةٍ وعشرين مجزرة)، عدد هائل جداً! وعدد الشهداء والمفقودين والجرحى والأسرى في القطاع والضفة: حوالي (مائة وأربعين ألف ومائتين فلسطيني)، ومعظمهم من الأطفال والنساء، في هذا الأسبوع نفسه أكثر من أربعين مجزرة ارتكبها العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، أسفرت عن: أكثر من (ألف وثلاثمائة شهيد وجريح).
والعدوان الذي يشنه العدو الإسرائيلي على قطاع غزة هو يستمر لأجل القتل والتدمير، فهو لن يحقق أهدافه التي أعلنها لذلك العدوان، هناك اعتراف أمريكي واعتراف إسرائيلي باستحالة تحقيق تلك الأهداف، والتي يتشبث بها العدو الإسرائيلي كوسيلة للقتل ليس إلا فقط، كما هي حربٌ على الأطفال، الذين بلغ عدد الشهداء منهم: أكثر من (خمسة عشر ألف شهيد).
مع كل ما يفعله العدو الإسرائيلي من إبادة جماعية واضحة، يرتكب جرائمها وتُظهرها المشاهد التي تبثها القنوات الفضائية، وبعضها بالبث المباشر، يرتكب جرائم حتى أثناء البث المباشر، يتكلم الرئيس الأمريكي في هذا الأسبوع، ويوصِّف ما يحصل هناك، وما يفعله العدو الإسرائيلي: بأنه ليس بحرب إبادةٍ جماعية.
الرئيس الأمريكي لا يعتبر تلك الجرائم الشنيعة والفظيعة جداً، من القتل لأهل غزة أطفالاً ونساءً، رجالاً وكباراً وصغاراً، في منازلهم، بالقنابل الأمريكية التي تنسف أحياءً بأكملها، وتدمر وتبيد مربعات سكنية بأكملها، لا يعتبرها جرائم إبادة جماعية، لا يعتبر قتل الناس في الشوارع والطرقات جرائم إبادة جماعية، واستهداف تجمعات الجائعين على شاحنات المساعدات، التي تدخل بعدد ضئيل فيما سبق، لا يعتبر ذلك إبادةً جماعية، لا يعتبر التجويع لمئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، ومنع حتى حليب الأطفال عنهم، ودفعهم لأكل أوراق الشجر إن وجدت في بعض الحالات وبعض المناطق، واقتيات أعشاب الأرض، وتدمير المنظومة الصحية، ومنع الدواء عن المرضى وعن الجرحى، والملاحقة للمرضى بالقتل إلى أسِرَّة المستشفيات، وفصل أجهزة التنفس الصناعي عنهم، ودفن الكثير منهم وهم أحياء، وسحق المعاقين تحت جنازير الدبابات، هذا لا يعتبره الرئيس الأمريكي إبادة جماعية، ولا يعتبره حتى جريمة، تشريد مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وملاحقتهم من مكان إلى مكان، وقتلهم في مراكز الإيواء وخيم النازحين، واستهداف المخابز، والأفران، وآبار المياه، وشبكة الصرف الصحي… إلى غير ذلك من الجرائم الفظيعة، التي لم يسلم منها حتى الأطفال الخُدَّج في حضَّاناتهم في المستشفيات، ولم يسلم منها الرُّضَّع، ولا الشيوخ المسنون المرضى على أسِرَّة منازلهم، كل ذلك لا يعتبره الرئيس الأمريكي لا جُرماً ولا إبادةً جماعية!
وهذا غير غريب على أساتذة الإجرام، من الأمريكيين، الذين لهم سابقات سيئة جداً في الإبادة الجماعية نفسها، الذين أبادوا مئات الآلاف من المدنيين في اليابان، أبادوهم بالقنابل الذرية في غضون دقائق، وأبادوا نسبةً كبيرة- قد تصل إلى ثلث- من سكان فتنام، أبادوا أيضاً الكثير من المدنيين في العراق وفي أفغانستان، من غير الغريب عليهم أن يقولوا ذلك فيما يتعلق بما يفعله العدو الإسرائيلي بدعمهم، وبمشاركتهم، من جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، فيطلقون عليها توصيفات أخرى مختلفةً تماماً عن الواقع وعن الحقيقة، ليس فيها ذرةٌ من الإنصاف، هم على المسلمين وعلى الشعوب العربية أكثر حقداً، وأكثر استهتاراً بإنسانيته، وكذلك آدميتها، نظرتهم إلى الشعوب المسلمة، وفي داخل الشعوب المسلمة الشعوب العربية، هي تلك النظرة المستهترة بالكرامة الإنسانية، وشراكتهم في الإجرام الصهيوني في غزة شراكة كبيرة وأساسية، إلى درجة أنه لم يكن الإجرام الصهيوني أن يكون بذلك المستوى من حيث الإمكانيات، وليس من حيث الدافع العدائي والحاقد، لدى الإسرائيل مخزون هائل من الحقد والنزعة الإجرامية، ولكن من حيث الإمكانيات والغطاء السياسي، وكذلك الدعم في تجميد الآخرين لكي لا يتحركوا، كثير من البلدان والدول، الأمريكي مشاركته في الإجرام الصهيوني إلى درجة: أنه لم يكن ذلك الإجرام ليصل إلى مستوى ما وصل إليه، ولا ليستمر كما هو مستمرٌ الآن.
فالشراكة الأمريكية في ذلك الإجرام شراكة أساسية، والأمريكي مشتركٌ في الإجرام وفي الحصار، والميناء العائم هو عبارة عن قاعدة أمريكية، ولذلك افتضح الأمريكي عندما جلب المدرعات وأنظمة الدفاع الجوي، وظهرت كقاعدة عسكرية، وخلاصة الأمر: أن الأمريكي يريد أن يحوِّل قطاع غزة إلى سجن بكل ما تعنيه الكلمة، له بوابة واحدة بحرية عليها أمريكيون، عليها عسكريون أمريكيون، كمتنفذون على ذلك السجن، فهذه هي الحالة التي يريدها الأمريكي، وأن يتحكم بالقليل القليل من المساعدات الإنسانية التي تصل إلى قطاع غزة، وأن يوظفها بما يخدمه حتى عسكرياً ويخدم الإسرائيلي كذلك.
ومن– أيضاً- من الغرائب: ما كان يقوله الأمريكي عن توقيف شحنة من الشحن العسكرية الضخمة، التي تحمل وتحوي الكثير من القنابل التي هي لتدمير المدن وقتل المدنيين، فكان يقول: أنه قد أجَّل إرسالها، والآن يتحدثون عن وصولها إلى العدو الإسرائيلي، ليقتل بها أبناء الشعب الفلسطيني، الأمريكي حاول أن يتظاهر بشيءٍ من التعقل وكأنه حريص على حياة المدنيين، وهو الذي بقنابله ودعمه وغطائه حدث ما قد حدث، وفعل الإسرائيلي ما قد فعل منذ بداية عدوانه على قطاع غزة وإلى اليوم.
ولذلك من المهم جداً لكل شعوب العالم، وفي المقدِّمة البلدان الإسلامية في المنطقة العربية وغيرها، من المهم للجميع أن تترسخ لديهم النظرة الصحيحة والواعية، عن الدور الأمريكي العدائي والهدَّام والمستهتر بالإنسانية، وكذلك عن حقيقة السياسات والتوجهات الأمريكية العدائية، وهذا مهمٌ تجاه كل الملفات، المتعلقة بكل بلد من بلداننا العربية والإسلامية، وبقية الملفات في العالم، التوجُّه الأمريكي والسياسة الأمريكية هي عدوانية، ظالمة، غير منصفة، لا تراعي الكرامة الإنسانية، ولا مصالح الشعوب، ولا تراعي الحقوق، وكل تلك العناوين التي يتحدث عنها الغرب، وفي المقدِّمة الأمريكية، من حقوق إنسان ومن غيرها، هي مجرد هرطقة وكلام في الهواء، لا واقع له سوى التوظيف والاستغلال السياسي.
وإضافةً إلى ما فعله ويفعله العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، هو يُصَعِّد أيضاً في الضفة الغربية، وكان من أبرز جرائمه وتصعيده في الضفة الغربية: عدوانه المتكرر على جنين، في هذا الأسبوع كان هناك عدوان كبير على جنين، ارتكب فيه العدو الإسرائيلي جرائم القتل، والتجريف للمباني وللشوارع والأحياء، والاختطافات كذلك، ومختلف أنواع الجرائم، كان له أيضاً اعتداءات وتصعيد في نابلس، وطولكرم، وطوباس، ومخيم نور شمس… وأماكن أخرى، فهو مستمر في التصعيد والاعتداءات بشكلٍ يومي في الضفة، ومع ذلك أعلن ما يسمى بوزير الحرب الإسرائيلي عودة النشاط الاستيطاني إلى المستوطنات المغتصبة، التي كان العدو الإسرائيلي قد أخلاها سابقاً في الضفة الغربية، وهذا أيضاً تصعيد خطير يأتي فيه سياق محاولة العدو أن يُكَرِّس من حالة الاحتلال، وأن يسيطر على المزيد من أراضي الشعب الفلسطيني، فيما يقوم به بشكل مستمر، من احتلال، من اغتصاب، من سيطرة، من تعدٍ.
أمَّا فيما يتعلق بالقدس، فكان هناك تصعيد خطير وسيء، عندما قام المجرم (بن غفير) بتدنيس باحات المسجد الأقصى، ويتكلم من هناك بكلام عدائي ضد الشعب الفلسطيني، كلام فيه الوعيد، والتهديد، والإساءة، والاستباحة لحياة الشعب الفلسطيني، وذلك الاقتحام الذي قام به ذلك المجرم، ودنَّس به باحات المسجد الأقصى، هو تحدٍ للمسلمين جميعاً، وإساءة إلى الإسلام والمسلمين، ومن واجب الجميع أن يستفيدوا مما يحصل من أحداث في فلسطين وعدوان، ومنه الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى، في النظرة الواعية إلى حقيقة ما يفعله العدو الإسرائيلي: أن عدوانه وحربه شاملة، تستهدف المقدسات الإسلامية، والشعب الفلسطيني بكله؛ لأن العدو يتحدث، وتتحدث معه بعض وسائل الإعلام التي عميلة، من الوسط العربي وهي عميلة لأمريكا وإسرائيل، وكأن هناك فقط مواجهة بين العدو الإسرائيلي وحركة حماس.
العدوان الإسرائيلي هو يستهدف كل الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، بل في المقدمة المدنيين، الأكثر ضحية هم المدنيون، من قتل العدو الإسرائيلي منهم أكبر عدد، يستهدف الجميع تعمداً، يحقد على الكل بدون استثناء، ما يفعله حتى على مستوى اغتصاب الأراضي، والسيطرة عليها، والسيطرة على القرى، وتهجير أهلها، ونهب ممتلكاتهم، جرائم القتل، جرائم الاختطاف، جرائم التعذيب في السجون، جرائم نهب الممتلكات… كل أنواع الجرائم يمارسها ضد أبناء الشعب الفلسطيني بكل فئاتهم، هو يستهدف الجميع، وها هو أيضاً يستهدف المقدسات التي هي مقدسات لكل المسلمين، فعدوانه هو عدوانٌ شامل وعلى الأمة مسؤولية كبيرة جداً، ولا يجوز لأحدٍ ينتمي للإسلام ويحسب نفسه من العرب أن يتحدث بطريقة على النمط الإسرائيلي، بالمنطق الإسرائيلي، التي تُقدِّم صورة مجتزأة وغير مكتملة، ولا واقعية، ولا حقيقية عمَّا يفعله الإسرائيلي، وعن حجم ما يفعله العدو الإسرائيلي، وعمَّن يستهدفه العدو الإسرائيلي، مع أنه لو كانت المشكلة فقط على مستوى الاستهداف لحماس، فحماس منهم؟ من الشعب الفلسطيني، من المسلمين، من العرب، هناك مسؤولية إنسانية وإسلامية، تجاه أي مسلم يواجهه الأعداء ويستهدفه أعداء الإسلام والمسلمين.
ولذلك يجب أن يستفيق الضمير الإنساني، أمام الاستمرار من جهة العدو الإسرائيلي في الجرائم، والإبادة الجماعية، والعدوان الشامل، يجب أن يكون هناك استفاقة للضمير الإنساني بشكلٍ عام، وأن يكون التحرك في إطار خطوات عملية.
البيانات منذ بداية الشهر الأول للعدوان الإسرائيلي الهمجي، الإجرامي، ضد الشعب الفلسطيني، البيانات، الإدانات صدرت من مختلف البلدان، من مختلف المؤسسات، التي تُعبِّر عن المجتمع الدولي، أو عن الدول هنا وهناك، صدرت البيانات، المواقف، المطالبات، التنديد… إلى غير ذلك، لكنها لا تكفي، لابدَّ من خطوات عملية، استمرار العدو الإسرائيلي، وما قد بلغ إليه الحال من تراكم هائل للإجرام والظلم والطغيان ضد الشعب الفلسطيني، وحجم المعاناة الكبيرة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، هذا يستوجب أن يكون هناك تحرك عملي، وخطوات عملية، على مستوى الواقع الدولي بكله، بناءً على ما قلناه: من أن يستفيق الضمير الإنساني؛ ولذلك فينبغي أن تستمر المظاهرات التي في الجامعات الأمريكية، وفي الجامعات الأوروبية، وفي بلدانٍ أخرى، أن يستمر ذلك النشاط الطلابي؛ لأنه ينطلق من هذا المنطلق الإنساني.
من المعيب على كل البشر في كل أقطار الدنيا أن يسكتوا، أو أن يتفرجوا، على ما يفعله العدو الإسرائيلي ويرتكبه من إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وما يمارسه من أبشع الجرائم الفظيعة، التي يعتبر التفرج عليها والسكوت عنها إساءةً كبيرةً جداً للإنسانية، من يسكت عليها، وتفرج عليها، ويسكت عنها؛ فقد ضميره الإنساني، مات ضميره الإنساني بكل ما تعنيه الكلمة، وتخلَّى عن إنسانيته.
المظاهرات والاحتجاجات في الجامعات الأمريكية يؤمَّل أن تستمر- إن شاء الله- بالرغم من القمع والاضطهاد، وبالرغم من اعتقال أكثر من ثلاثة آلاف من الطلاب الجامعيين، وبينهم أيضاً مدرسون، فالاستمرارية مهمة جداً.
كذلك التظاهرات والاحتجاجات الطلابية وغير الطلابية في البلدان الأوروبية لها تأثيرها المهم، وهي تمثل عامل ضغط على الحكومات والأنظمة الأوروبية.
وفي هذا السياق، هناك إعلان– في مستجدات هذا الأسبوع- هناك إعلان من ثلاث دول أوروبية، باعترافها بالدولة الفلسطينية، ومع أنه موقفٌ ناقص؛ لأنه لا يعترف بالحق كاملاً، الحق الفلسطيني في كل فلسطين، ولكن بالرغم من ذلك، ومع أنها خطوة ناقصة، لكنها خطوة لها أهمية سياسية، وانزعج منها العدو الإسرائيلي انزعاجاً شديداً، ونأمل- إن شاء الله- أن يستمر السعي والتحرك بين بقية البلدان والدول إعلان موقف مماثل، ونتمنى لو كان موقفاً بمستوى الحقيقة والحق، بالاعتراف بالحق الفلسطيني كاملاً؛ لأنه هو الموقف المنصف، والعادل، والحق، ولكن حتى في الوسط الأوروبي لو اتجهت بقية البلدان الأوروبية لتتخذ موقفاً مماثلاً، سيكون لهذا أيضاً ضغط سياسي على العدو الإسرائيلي.
وفي واقع الحال فهناك شعور كبير بالحرج في الوسط الأوروبي، والخزي وليس فقط بالحرج، بالحرج، والخزي، والفضيحة؛ لأن الأنظمة الغربية فيما تدَّعيه من قيم ليبرالية- غير القيم الإنسانية والإسلامية، حتى على المستوى الليبرالي- تجد نفسها مفضوحة، أين هي الحرية؟ أين هي حقوق الإنسان، والديمقراطية، وحق تقرير المصير، وغير ذلك؟ العالم الغربي الذي يتحدث حتى عن حقوق القطط، وعن حقوق بقية الحيوانات، ها هو مفضوح وهو يساهم مع العدو الإسرائيلي في ارتكاب جرائم رهيبة جداً ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية يمارسها ضد الشعب الفلسطيني، وإهدار لكل الحقوق، وفي مقدِّمتها حق الحياة، حق الإنسان في الحياة الحق الأول، كلها تُهدر، فالعالم الغربي الكافر يجد نفسه في فضيحة مخزية بكل ما تعنيه الكلمة، أمام عناوينه التي يتشدق بها ويحاول أن يقدم نفسه بها كعالمٍ متحضر، أين هي الحضارة، إذا كل الحقوق أُهدرت، وإذا كانت الإنسانية تستباح بذلك المقدار ويساهمون فيه؟! فهم يجدون أنفسهم في حرجٍ كبيرٍ ومخزٍ؛ ولذلك يحاولون أن يظهروا بعضاً من المواقف، البعض من الدول لها مواقف لا بأس متقدمة، تتفوق بها حتى على بعضٍ من الدول العربية.
أمَّا فيما يتعلق ببيان المُدَّعي العام في محكمة الجنايات الدولية، الذي ساوى فيه بين الضحية والجلَّاد، فهو أيضاً يأتي في هذا السياق: سياق الحرج الكبير، المخزي، الفاضح، الذي يشعر به الغرب الكافر، فيحاول أن يُقدِّم موقفاً هنا، أو موقفاً هناك، ولكن مثل تلك المواقف التي يساوي فيها إمَّا نظام معيَّن، أو جهة معينة، أو مؤسسة معينة تحت أي عنوان كانت، يساوي فيه بين المظلومين من أبناء الشعب الفلسطيني، الذين لهم الحق في أن يدافعوا عن أنفسهم، الذين هم أصحاب الحق، والقضية العادلة الواضحة، التي لا التباس فيها، وبين المعتدي، المجرم، الغاصب، المحتل، فهي مواقف غير منصفة أبداً، بيان المُدَّعي العام في محكمة الجنايات الدولية غير منصف نهائياً، لا يرتقي إلى مستوى العدل، ولا إلى مستوى الحق، ولا إلى مستوى الحقيقة، كيف يساوي بين المجرم نتنياهو، وما يسمى بوزير الحرب الإسرائيلي، وهم مجرمون معتدون، وبين الثلاثة من قادة الشعب الفلسطيني، الذين هم أصحاب قضية عادلة، ويجاهدون في سبيل الله، وفي سبيل الدفاع عن قضيتهم العادلة، وعن مظلومية شعبهم الواضحة لدى كل العالم، والذين لم تتلطخ أيديهم بالجرائم؟! المجرم نتنياهو، والمجرمون الإسرائيليون الصهاينة هم من تلطخت أيديهم بالجرائم الفظيعة، الشنيعة، المخزية، كيف يساوي بين هذا وذاك؟! لكن هذا يأتي في ذلك السياق، يعني: لم تعد المسألة مستساغة أن يسكتوا بشكلٍ تام عمَّا يفعله الإسرائيلي؛ لأن هذا يعتبر فضيحةً كبيرةً لهم، فأرادوا إذا تحركوا في حد أدنى من المواقف أن يساووا فيه بين الضحية والجلَّاد، نحن لا ننتظر منهم أن يكونوا واقعيين، ولا منصفين، ولا من ذوي العدل، ولا من دوي الحق، هذا لا يفاجئنا بالنسبة لنا من جانبهم، نحن نعرفهم أنهم هكذا يتفرجون على المظلومية الواضحة للشعب الفلسطيني على مدى ستةٍ وسبعين عاماً وأكثر، أين كانوا لينصفوا؟! أين كان الغرب في كل هذه المراحل إلَّا داعماً للعدو الإسرائيلي.
ولكن هناك مسؤولية كبيرة على المسلمين أكثر من غيرهم، البعض من الدول العربية، والبعض من الدول الإسلامية، رحَّبت بموقف الثلاث الدول الأوروبية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، سيرحبون بما تقدم عليه الدول الأخرى من مواقف، ولكن أين هي مواقفكم أنتم؟! هل فقط في هذا المستوى: لترحبوا بما يتخذه الآخرون من مواقف؟! أين هي مواقفكم؟! لم يصل موقف بعض الدول الإسلامية، وبعض الدول في العالم العربي من المسلمين، إلى مستوى القطع الكامل لعلاقاتهم مع العدو الإسرائيلي، والمقاطعة في كل شيء: على المستوى الاقتصادي، على المستوى الدبلوماسي… وبشكلٍ كامل، لم يصل إلى هذا المستوى الذي هو من أبسط المستويات، بل لا يزال إعلام بعض الدول العربية إعلاماً مناصراً للعدو الإسرائيلي، وداعماً للعدو الإسرائيلي، وضد الشعب الفلسطيني، وضد المجاهدين في فلسطين، وغير الإعلام، أكيد هناك جوانب أخرى يحظى من خلالها العدو الإسرائيلي بالدعم من تلك الدول، من تلك الأنظمة، التي لم تتحاش ولم تستح من أن تُسَخِّر وسائلها الإعلامية لدعم العدو الإسرائيلي؛ فهناك مسؤولية كبيرة جداً على المسلمين، وعليهم أن يتجهوا بجدِّيَّة إلى القيام بخطوات عملية؛ لأنه كلما استمر العدوان الإسرائيلي واتجه إلى التصعيد وامتد إلى رفح، فهناك مسؤولية ليكون هناك خطوات إضافية، لا يكفي ما قد صدر من بيانات، وإدانات، ومواقف، واجتماعات، وقمم، تلك القمم، وتلك الاجتماعات، وتلك الحفلات، وتلك الخطابات، لا تكفي، المطلوب هو مواقف عملية، قرارات عملية، وخطوات جادة لها تأثير في الواقع، هذا هو الذي يرتقي إلى المسؤولية، وإلى الحد الأدنى من المسؤولية أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
فيما يتعلق بصمود الإخوة المجاهدين في فلسطين في قطاع غزة، فهو صمودٌ عظيم؛ ولهذا كان من المفترض في الدول العربية، وغيرها من الدول المسلمة، أن تتجه بوضوح إلى دعم الإخوة المجاهدين في قطاع غزة، أن تُقدَّم لهم الدعم الإعلامي، الدعم السياسي، حتى الدول العربية التي صنَّفت الحركات المجاهدة في قطاع غزة (حركة حماس، حركة الجهاد الإسلامي… وغيرها) ممن صنفتهم بعض الدول العربية في قوائم الإرهاب، كان من أبسط الخطوات أن تقوم تلك الدول العربية بإلغاء هذا التصنيف، كجزء من دعمها للمجاهدين في فلسطين، وأن توصِّفهم بالتوصيفات الحقيقية والمحقة والصحيحة كمجاهدين، مناضلين، مقاتلين عن حقوق شعبهم، وفي مواجهة الأعداء المجرمين الذين يرتكبون جرائم الإبادة الجماعية، المفترض أن تُقدِّم الدول العربية الدعم بكل أشكاله للإخوة المجاهدين في قطاع غزة: الدعم السياسي، والإعلامي، والمالي، تلك الدول التي تمتلك إمكانات مالية هائلة، لماذا لا تُقدِّم الدعم المالي للمجاهدين، ولكل أبناء الشعب الفلسطيني، للمدنيين أيضاً، الدعم للجميع بكل أشكال الدعم، التي هي من متطلبات ثباتهم هناك؟
فالإخوة المجاهدون في صمودهم العظيم قدَّموا صورةً حقيقية، التي تعطي الأمل عن إمكانية الوصول إلى النصر، وعن إمكانية الصمود في وجه العدو مهما كانت جرائمه، مهما كانت إمكاناته، مهما حظي به من دعمٍ غربي، ودعمٍ أمريكي وبريطاني، ولكن أين هو التعاون العربي، الذي هو مسؤولية إسلامية دينية، ومسؤولية إنسانية أخلاقية، ومسؤولية وطنية وقومية، ومسؤولية بكل الاعتبارات، أين هو الدعم للمجاهدين في فلسطين؟ هم يواجهون عشرة ألوية عسكرية، بحوزتها الإمكانات التي لا تمتلكها أي قوة عسكرية في المنطقة، مع غطاء جوي كثيف جداً، ويواجهونها ويتصدون لها بإمكانيات بسيطة جداً، ولكن بثبات عظيم، بفاعلية عالية، باستبسالٍ عظيم في سبيل الله تعالى، يجسدون فيه التوجهات الإلهية: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: الآية139]، يمتطون دبابات العدو الإسرائيلي (دبابات الميركافا) ليزرعوا عليها العبوات الناسفة، وليقوموا بتدميرها.
يستمر التصدي للعدو في شمال القطاع، وفي وسطه، وفي جنوبه، والاستبسال إلى درجة الأعمال الفدائية والبطولية، كما في جباليا وغيرها من المحاور، يواصلون القصف بالصواريخ، ويعترف الأعداء أن الانذارات قفزت لمستوى سبعة إنذارات يومياً خلال هذا الأسبوع، وهذا يُعبِّر ويشهد على مدى الإخفاق والفشل للعدو الإسرائيلي، فهو لم يصل بعد إلى التمكُّن من منع إطلاق الصواريخ من قطاع غزة إلى المغتصبات القريبة من قطاع غزة.
اعتراف وسائل الإعلام، وسائل إعلام العدو الإسرائيلي، وتصريحات لقادة عسكريين وسياسيين بالفشل، وباستحالة تحقيق الأهداف، وأن الذي هم فيه هو تخبط، وأنهم لو استمروا فيه على مدى سنوات لن يصل بهم إلى نتيجة، هناك اعترافات أمريكية أيضاً بأنه لا حسم للمعركة، والقلق الذي يشعر به الصهاينة هو قلقٌ وجودي، وهو قلقٌ يستمر ويستسع في أوساط الصهاينة؛ نتيجةً لذلك الإخفاق ولذلك الفشل، يقولون: أنهم يسقطون في الهاوية، وأنهم لا يمرُّون بمجرد أزمة؛ وإنما يعانون من عدم اليقين في استمرارهم، وبقاء كيانهم المحتل الغاصب المجرم، فالإسرائيليون يعيشون هذه المشكلة، التي هي أخطر من مسألة أزمة: عدم اطمئنانهم إلى إمكانية استمرارية وجودهم، وبقاء كيانهم المحتل الغاصب، وهذا- بحد ذاته- هو شاهد على حقيقة ما هم فيه: أنهم في تواجد غير شرعي، ولا طبيعي، ولا محق، لا يستند إلى حق، أنهم في حالة احتلال، واغتصاب، وإجرام، واعتداء، وظلم؛ ولذلك لا يعيشون الوضع الطبيعي الذي يعيشه أي شعبٍ على أرضه؛ لأنهم ليسوا في أرضهم، ولا في وطنهم، ولا في بلدهم، هم في حالة احتلال لأرض فلسطين، واغتصاب لبلدٍ هو بلد فلسطين الذي هو للشعب الفلسطيني، فهذه الحقيقة تؤرِّقهم دائماً، وشاهدٌ على حقيقة الوعد الإلهي بزوالهم المحتوم، الذي لابدّ منه، {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[الروم: الآية6].
أيضاً على المستوى الخارجي، تتسع دائرة العزلة وتزداد الفضيحة، وضع العدو الإسرائيلي في علاقاته الخارجية وضعه أمام بقية البلدان والدول، بصورته الإجرامية الفظيعة جداً، التي حاول خلال السنوات الماضية أن يغطي عليها، وأن يُنسي الذاكرة الإنسانية في مختلف البلدان تجاهها، وأن يصور صورةً زائفةً بديلةً عنها، لكنه افتضح، وظهر بصورته القبيعة، الإجرامية، السوداء، الفظيعة، المخزية، وتأثرت علاقاته بالكثير من الدول والبلدان، فهو يواجه مشكلة، ويعترف بالفشل في هذا السياق.
هذا كله يشهد أيضاً بأنه لا يليق بأي دولةٍ عربية أن يكون اتجاهها أمام كل هذا المشهد، على المستوى الدولي، وعلى المستوى العربي، وعلى مستوى حقيقة وافتضاح العدو الإسرائيلي، لا يليق بأي دولة عربية أن يكون اتجاهها في هذا التوقيت هو: السعي للدخول في صفقات تطبيع؛ لكي تحظى بالحماية الأمريكية، والحماية ممن؟ ممن تريد الحماية الأمريكية؟ تريد الأمريكي أن يحميك كنظام عربي ممن؟ هل من شعبك؟ هل من جيرانك؟ أن تعتمد على الحماية الأمريكية، فهذا هو توجه خاطئ، وسياسة خاطئة وفاشلة.
إذا كنت تريد الحماية من شعبك، فعلاقتك بشعبك، عدلك في شعبك، إنصافك لشعبك هو الذي يفيدك، هو الذي سيجعلك مقبولاً بين شعبك؛ أمَّا إذا كنت معتمداً على الحماية الأمريكية قد اعتمد عليها غيرك، استفد من تجارب الآخرين، هناك أنظمة، هناك زعماء فعلوا سابقاً كذلك، اعتمدوا على الحماية الأمريكية؛ ليأمنوا من شعوبهم، وليطمئنوا من عدم تمكن شعوبهم من مقاومة ظلمهم، وإجرامهم، وطغيانهم، وسياساتهم الخاطئة، لكنهم فشلوا في الأخير، والأمثلة كثيرة، لسنا في سياق التعداد لها.
إن كنت تريد أيضاً الحماية من جيرانك، من محيطك العربي والإسلامي، فالذي يفيدك هو تغيير سياستك العدائية؛ لأن مشكلتك فيك أنت، ليست في محيطك، ليست في جيرانك، ليست في الدول الأخرى التي تجمعك بها روابط العروبة والإسلام، غيِّر سياساتك العدائية، توجهاتك العدائية، تعامل على أساس مبدأ حسن الجوار، تعامل بالقيم الإسلامية والقيم العربية، وأنت ستجد نفسك في أمنٍ وأمان، هذا ما يحقق لك الأمن والاطمئنان.
أمَّا التورط في صفقات للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، بعد كل الذي قد حصل، وبعد كل ما قد فعل، وبعد اتضاح حقيقته إلى هذا المستوى من حالة الإجرام، والطغيان، والظلم، والإفساد، وعلى حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وحقوق الشعوب العربية والإسلامية، وعلى حساب أمن الأمة الإقليمي، وأمنها القومي، وأمنها العام، فهذا هو الخطأ بعينه، معناه: الارتهان للأمريكي، ضمن سياسته التي تقوم دائماً على الابتزاز، وعلى الاستغلال، وعلى التوظيف، وعلى الحلب، كما عبَّر ترامب سابقاً: على الحلب، سياسة الحلب والابتزاز والضغوط هي كارثة لمن يرتهن لها، ومن يتجه ليرمي بنفسه فيها، من يرمي بنفسه في أحضان الأمريكي، ويخضع نفسه، ومقدراته، وإمكاناته، وأمنه… وكل شيء يخضعه للأمريكي، للابتزاز الأمريكي، للتوظيف الأمريكي، للاستغلال البشع السيء الأمريكي، والأمريكي لا يراعي مصالح البلدان الأخرى، هو يراعي مصلحته ومصلحة الإسرائيلي، هذا المهم بالنسبة للأمريكي، لا يهمه- وقطعاً نقول على وجه القطع واليقين- لا يهمه مصلحة أي بلد عربي نهائياً، يهمه مصلحته ومصلحة العدو الإسرائيلي؛ ولذلك هو يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، من يرتهنون له ولسياساته الخاطئة، سيدفع بهم دائماً في المشاكل، يورطهم في المواقف السيئة، يسوِّد وجوههم بالمواقف المخزية الفاضحة، يتجه بهم في التنكر لكل شيء: التنكر لدينهم، لقيمهم، لأخلاقهم، لأوطانهم، لشعوبهم، لأمتهم، لكل خيرٍ يمكن أن ينتموا إليه.
في الحديث عن جبهات الإسناد التي تقف مع الشعب الفلسطيني، نبتدأ الحديث عن إيران، وعن الحادث المؤلم، الذي استشهد فيه الرئيس الإيراني السيد/ إبراهيم رئيسي، ووزير خارجيته/ حسين أمير عبد اللهيان، ومرافقيهما “رحمهم الله جميعاً”.
إيران أولاً كبلدٍ مسلم كبير، تجمعنا به روابط الأخوّة الإسلامية، فنحن نشاطره الحزن لأحزانه، وأمام هذا المصاب الجلل نحن نشاطره الحزن في ذلك، والجمهورية الإسلامية أيضاً هي التي وقفت على القضية الفلسطينية بشكلٍ مميز، وبما لا مثيل له على المستوى الرسمي من جهة أي نظامٍ عربيٍ أو إسلامي، وأيضاً في إطار موقفٍ ثابتٍ مبدئيٍ لم يتغير، لا بضغوط، ولا بإغراءات، على مدى كل السنوات الماضية.
هي أيضاً تبنَّت وتتبنى قضايا الأمة الكبرى، قضايا الأمة الإسلامية، وقضايا الشعوب المظلومة، ومن ذلك الموقف الوحيد أيضاً على المستوى الرسمي تجاه مظلومية الشعب اليمني، لم يكن هناك أي موقف رسمي قوي وواضح وصريح لمساندة الشعب اليمني في مظلوميته، تجاه العدوان الأمريكي الإسرائيلي البريطاني السعودي الإماراتي، على مدى كل السنوات الماضية كالموقف الإيراني.
بالنسبة للرئيس الإيراني الشهيد “رحمه الله”، هو كان حاملاً لذلك الموقف الإيراني، معبِّراً عنه بكل ثبات، وبكل رغبة، وبكل جرأة، يعني: يحمله روحيةً، وعقيدةً، ومبدأً، ويتجه فيه اتجاهاً كاملاً وقوياً وجريئاً وواضحاً؛ ولذلك كان صوته وموقفه واضح، حتى على مستوى القمم والمؤتمرات للدول العربية والإسلامية، كان الكثير من الزعماء يتحدثون بلهجة يراعون فيها دائماً ويحسبون حساب أمريكا، ألَّا يقولوا في كلماتهم ما قد يغضب الأمريكي، وهذا السقف نازل جداً، منخفض للغاية، يهبط بهم في كلماتهم، في مواقفهم، عن مستوى ما ينبغي أن يكونوا عليه فيما يقولون، وفيما يقررون، وفيما يعبِّرون، لكنه من بينهم كان يتميز صوته وموقفه واتجاهه بموقف متميز، موقف واضح، وجريء، وقوي، وبسقفٍ عالٍ، لا يكترث للضغوط الأمريكية والمواقف الأمريكية؛ ولذلك هو يعبِّر عن الثورة الإسلامية، بالمستوى الذي هي عليه من تبنيها للقضية الفلسطينية، بدون تأثر بالحسابات السياسية والدبلوماسية، والملفات الأخرى من ملفات اقتصادية وغيرها، هو كان مبدئياً، يتحدث بكل جرأة، ويتَّجه عملياً بكل وضوح.
هو أيضاً– بالنسبة له كشخصية من الشخصيات القيادية البارزة في الجمهورية الإسلامية- هو يعتبر قائداً إسلامياً، من القادة في العالم الإسلامي، الذين يحق للأمة الإسلامية أن تفتخر بهم، كقائد إسلامي، فيما كان يحمله من مؤهلات راقية، على المستوى الأخلاقي، والمعرفي، والعلمي، والرصيد العملي… وغير ذلك، وعن دوره الإيجابي في شعبه وبلده.
هو أيضاً نموذج كرئيس، في موقع مسؤولية بذلك المستوى كرئيس، في أدائه لمسؤولياته، وفي علاقته بشعبه، وهذا درس مهم لبقية الرؤساء، لبقية الزعماء، لبقية الحكام؛ لأنه كان يتميز بمواصفات راقية: في مستوى اهتمامه، في موقعه في المسؤولية كان يؤدي مسؤوليته بجديَّة كبيرة، باهتمام كبير، دؤوباً في عمله، في اهتمامه بمسؤولياته، وتواضعاً وقرباً من أبناء شعبه، وكان يشتغل ليل نهار، يعمل بشكلٍ جاد، وبتواضعٍ كبير، وقربٍ من أبناء شعبه، وعلاقته بشعبه علاقة قوية جداً؛ ولهذا كان حجم الخروج المليوني الشعبي الواسع في تشييعه، وما بدا على الشعب الإيراني في خروجه ذلك من الحزن، بل منذ بدايات الأخبار الأولية عن حادث الطائرة، بدأ الكثير إلى درجة خروج الآلاف من أبناء الشعب الإيراني المسلم إلى الشارع بالدعاء، والابتهال إلى الله، والتضرع إلى الله، قليلون جداً من الزعماء، والحكام، والرؤساء، والملوك، والأمراء في العالم الإسلامي، ممن لهم مثل هذه علاقة بشعوبهم، ممن يحضون بهذه المحبة والاحترام والتقدير في أوساط شعوبهم، والكثير منهم قد تدعو شعوبهم عليهم، بدلاً من أن تدعو لهم، قد تكون تدعو عليهم دائماً، وتدعو بأن يُخَلِّصها الله منهم، وأن ينقذها من شرهم، فما بدا على الشعب الإيراني من الحزن، والألم، والبكاء، والأسى الذي كان واضحاً وظاهراً، هو شاهدٌ واضح على هذه العلاقة الحميمية، وعلى هذا الدور الذي كان يقوم به لخدمة شعبه، فهو كان يُقدِّم نفسه كخادمٍ لشعبه، وكانت مصداقية ذلك مترجمةً في أفعاله، في أعماله، في مواقفه، في تصرفاته، حتى اللحظة الأخيرة من حياته؛ فهو درسٌ مهم، وهو نموذج؛ ولذلك من المهم للذين هم في موقع المسؤولية أن يستفيدوا من ذلك الدرس.
وعلى كُلٍّ، نحن نتوجه بشكلٍ مكرر أيضاً ومن جديد، بالعزاء والمواساة إلى جمهورية إيران الإسلامية قيادةً وشعباً.
فيما يتعلق بجبهة حزب الله: هي مستمرة بفاعلية، بتنامٍ في الضربات ضد العدو الإسرائيلي، ولخَّصت القناة الثانية عشر الإسرائيلية تصعيد حزب الله بقولها: [بأن عملياته وتصعيده- قالت عن تصعيد حزب الله بأنه- شهد قفزةً في العمليات إلى خمسة أضعاف ما كان عليه الوضع خلال الأشهر الماضية]، وقال أحد قادة العدو الإسرائيلي: [بأن الوضع في الشمال لا يطاق]، فالعدو يشهد بتصعيد حزب الله، وبفاعلية الضربات هناك، وأنها جبهة ساخنة، مؤثِّرة جداً على العدو.
فيما يتعلق بالجبهة العراقية: فالمقاومة العراقية نفَّذت خمس عمليات، استهدفت مواقع للعدو الصهيوني في أم الرشراش والجولان المحتل.
فيما يتعلق بجبهة اليمن: قبل أن أدخل إلى تفاصيل العمليات، أتطرق إلى الحديث- بإيجاز واختصار- عن ذكر الوحدة اليمنية.
في ظل الظروف التي عانى ويعاني منها شعبنا العزيز؛ نتيجةً للعدوان الأمريكي السعودي على بلدنا، والذي نتج عنه احتلال أجزاء واسعة من البلاد، ونتج عنه أيضاً قيام الخارج، قيام الأمريكي والسعودي والإماراتي ببناء تشكيلات معادية ضد الشعب، ضد الوطن، ضد الوحدة أيضاً، وسعى تحالف العدوان أن يزرع الفرقة إلى أنهى مستوى بين أبناء شعبنا العزيز، وهذا شيءٌ واضح، وسائله الإعلامية تشهد، أنشطته العدائية تشهد، كلها تقوم على أساس زرع الفرقة بين أبناء الشعب اليمني تحت كل العناوين: العناوين العنصرية، العناوين المذهبية، العناوين المناطقية، العناوين السياسية، العناوين الاجتماعية، يعني: لا يألو العدو جهداً في أن يعزز حالة الفرقة والخلاف بين أبناء شعبنا، وأن يعمل على أن يكون هناك عداوات شديدة بين أبناء شعبنا العزيز، الوحدة اليمنية هي تذكِّر شعبنا العزيز بما ينبغي أن يكون عليه؛ باعتبار ذلك هو الذي ينسجم أساساً مع هويته الإيمانية، والجميع من قبل الوحدة آنذاك، وعندما أتت الوحدة، كان يتلو قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران: من الآية103]، المسؤولية الإيمانية، والمصلحة الوطنية، والمصلحة الجامعة لشعبنا العزيز هي: في وحدته، ليست المشكلة أبداً في الوحدة، حتى يكون الحل في الفرقة، وفي التفرقة والاختلال؛ ولذلك هناك أسباب أخرى للمشاكل التي تؤثِّر على أبناء شعبنا العزيز، في مقدِّمتها: التدخل الخارجي، هناك دول، هناك جهات لها مشكلة، ولديها عقدة في وحدة شعبنا العزيز، تريد هذا البلد أن يكون ممزقاً، ضعيفاً، مفرقاً، مأزوماً بمشاكل في كل المجالات، مشاكل لا نهاية لها، وتعمل على ذلك، والبعض يستجيب لها بدافع الأطماع، وكذلك البعض بدافع الأحقاد، البعض لديهم أحقاد، وضغائن شديدة على بعض أبناء بلدهم، ويريدون أن يصفّوا حساباتهم بالاستناد إلى الموقف الخارجي، وإلى الدعم الخارجي، وإلى العمالة للخارج، وهكذا الدور الخارجي من جهة، وأيضاً الأطماع لدى البعض، والأحقاد لدى البعض، ومجموعهما (الأحقاد، والأطماع) لدى البعض الآخر لها تأثير فيما يحصل من المشاكل على البلد.
أمَّا الذي ينسجم مع الهوية الجامعة، الهوية الإيمانية، ويجسِّد المصلحة الحقيقية لشعبنا العزيز، فهو في وحدته، وتعاونه، ومعالجة أي مشاكل، أو مظالم؛ بالعدل، بالتصاف، والتفاهم، وعلى مبدأ الشراكة الوطنية العادلة، هذا الذي يفيد شعبنا، وهو لمصلحة بلدنا.
فيما يتعلق بجبهة اليمن في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس)، من أول الدروس في ذلك: مما له صلة بمسألة الوحدة، بمسألة الوضع الراهن في البلد، وموقف البعض الذين لديهم توجه في إطار تحالف العدوان، تبيَّن بوضوح منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، من وقف الموقف الذي يعبِّر عن الإرادة الشعبية في كل أنحاء الوطن، يعني: الإرادة الشعبية لليمنيين، في كل المحافظات اليمنية: في المحافظات الجنوبية والشرقية، في المحافظات الغربية والشمالية، في المناطق الوسطى، في كل أنحاء البلد، الموقف الشعبي هو مؤيد للشعب الفلسطيني، مناصر للشعب الفلسطيني، والسقف الذي يريده للموقف هو سقفٌ عالٍ جداً، وتبيَّن من عبَّر عن هذه الإرادة الشعبية، واتَّجه على هذا الأساس بشكلٍ عمليٍ وجاد، وبالسقف الذي في إطار الممكن فعلاً والمستطاع حقاً، وهذا هو من الدروس المهمة.
عملياتنا بفضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” مستمرة، القوات المسلحة تواصل عملياتها الصاروخية والبحرية، فعلى مستوى العمليات العسكرية:
تم- بعون الله تعالى وتوفيقه- خلال هذا الأسبوع تنفيذ (ثمان عمليات)، نُفِّذت بـ (خمسة عشر صاروخاً ومسيَّرة)، باتجاه البحر الأحمر، خليج عدن، والبحر العربي، والمحيط الهندي، وإحداها باتجاه المتوسط، وعدد السفن المستهدفة قد بلغت إلى: (مائة وتسعة عشر سفينة) مرتبطة بالعدو الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني.
أيضاً إسقاط طائرتين أمريكيتين ((MQ-9، واحدةٌ منها في أجواء محافظة مأرب، والأخرى في أجواء محافظة البيضاء، وطائرة (MQ-9) من أهم طائرات الاستطلاع المسلح الأمريكي، من أهمها، ومما تعتمد عليه أمريكا اعتماداً كبيراً في أنشطتها العدائية؛ ولذلك فإسقاط طائرتين منها خلال أسبوع، ليصل العدد خلال هذه الفترة فقط إلى (خمس طائرات)، يعتبر إنجازاً مهماً للدفاع الجوي، ونجاحاً مهماً.
في ضمن عمليات الاستهداف للسفن، كان من بين السفن التي استهدفت سفينة تتبع إحدى الشركات التي خرقت الحضر، ودخلت إلى موانئ فلسطين المحتلة، فتم استهدافها في إطار المرحلة الرابعة من التصعيد.
فاعلية العمليات العسكرية وتأثيرها على الأعداء واضح والحمد لله رب العالمين، القلق الأمريكي من المرحلة الرابعة اعترف به مسؤول دفاعي كبير، نقلت تصريحاته وسائل الإعلام، وهو يعترف بالقلق الكبير من المرحلة الرابعة، ومداها البعيد جداً.
الأمريكي يحاول أن يبذل جهده في إعاقة المرحلة الرابعة، ويشتغل بالكثير من الأحزمة والأنشطة التي يقوم بها، ينشر الكثير من الطائرات، التي يهدف من خلالها إلى اعتراض وإعاقة عمليات القصف، ويفعل الكثير، ولكنه سيفشل، نحن- بحمد الله- في عملية تطوير مستمر، وكذلك تنسيقنا مع الإخوة في العراق سيكون له أيضاً إسهام إضافي، مع الإخوة المجاهدين هناك، وفي نفس الوقت عملياتنا المباشرة من الأراضي اليمنية سيكون لها تأثير كبير بإذن الله، هناك بشائر قادمة في هذا الجانب، وستشهد- إن شاء الله- الزخم العظيم والكبير والمؤثر، كما هو الحال بالنسبة للبحر الأحمر، والبحر العربي، والمحيط الهندي، وكذلك في خليج عدن وباب المندب.
فيما تعلق أيضاً بتأثير هذه العمليات في إسقاط طائرات (MQ-9)، من الأخبار التي نُشرت: تراجع الهند عن صفقة، صفقة شراء طائرات (MQ-9) من الأمريكيين، فعندما شاهدت هذه الطائرات تسقط في أجواء اليمن، قالوا: [كيف سيمكن أن يستفيدوا منها في مواجهة الصين، أو في مواجهة باكستان، وهي تسقط في أجواء اليمن بهذا الشكل]، يعني: بوَّرت على الأمريكي وذهبت سمعتها، وسقطت هيبتها.
أيضاً في التأثير المتصاعد على الوضع الاقتصادي للأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، هو تأثير مستمر بفعل هذه العمليات في البحار؛ لأنها ارتفعت بسببها الأسعار، وتكاليف الشحن، الشحن البحري للبضائع، أكثر البضائع تُنقل عبر البحار؛ فالتأثير عليها يسبب بارتفاع كبير في الأسعار، ووصل التأثير إلى درجة أن ترتفع أسعار لحوم الضأن في بريطانيا، فالجماعة هناك يعني [خارمين] من الشاهي، وارتفعت عليهم أسعار اللحمة، ومشاكلهم الاقتصادية تدخل إلى مطابخهم، إلى منازلهم، وكذلك تطال مختلف احتياجاتهم في الحياة، والسبب يعود إلى: ارتباطهم بالأمريكي المتعنت، الذي يُصِرّ على تجويع الشعب الفلسطيني، ويصرّ على استمرار جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
كذلك فيما يتعلق بالأمريكيين، قالت مجلة أمريكية: [إن المستهلكين الأمريكيين سيشعرون بآلام تضخمية، إذا استمرت الهجمات في البحر الأحمر، كذلك يعني التضخم في الأسعار، ارتفاع الأسعار في مختلف السلع التي لها علاقة بالنقل البحري، وهي كثيرة، فالتأثير عليهم يصل إلى هذا المستوى، وهذا أيضاً يعود إلى نفس السبب: التعنت من الأمريكي، واصراره على استمرار الحصار للشعب الفلسطيني في غزة، وعلى استمرار جرائم الإبادة الجماعية.
فيما يتعلق بالأنشطة الشعبية المستمرة، فهي مستمرة بشكلٍ كبير:
- التعبئة العسكرية والتدريب قد وصل إلى مستويات جيدة: بلغ عدد المتدربين إلى (ثلاثمائة ألف وسبعة وعشرين ألفاً ومائة وخمسة).
- الأنشطة الأخرى في التعبئة، من مناورات، ومسير عسكري، وعروض: بلغت بأكثر من (ألف وخمسمائة نشاط).
- أمَّا المظاهرات، والمسيرات، والفعاليات، والندوات، فقد بلغت: (خمسمائة وسبعة وخمسين ألفاً وثلاثمائة وثمانين) ما بين مظاهرة وفعالية وندوة، أكثر من نصف مليون، يعني: عدد ضخم جداً، ولا مثيل لهذا المستوى من النشاط في أي بلد من البلدان في التضامن مع الشعب الفلسطيني.
- الوقفات النسائية، والأنشطة أيضاً من ندوات ووقفات، بلغت: (مائة وتسعة عشر ألفا وثمانمائة وثلاثة عشر).
موقفنا مستمر، وإحساسنا وشعورنا ووعينا كشعبٍ يمني بالمسؤولية تجاه مناصرة الشعب الفلسطيني لن ينقص، ولن يفتر، لا في مقابل الوقت الذي يطول، ولا في مقابل تصعيد العدو، ولن يؤثِّر عليه أو يشوش عليه ما يقوم به البعض من المتحالفين مع أمريكا، والمتأثرين بأمريكا، والمرتبطين بأمريكا وبريطانيا وإسرائيل، التفاعل الشعبي واسع، ويتمنى فعل ما هو أكثر وأكبر، هذا هو سقف الشعب اليمني: عالٍ جداً في موقفه في مناصرة الشعب الفلسطيني، يعني: ما نعمله حتى الآن هو بقدر ما نستطيع، ولكن ما يريده الشعب هو أكبر، كم كنا ولا زلنا نتمنى أن يكون هناك طرق برية تصل بالأفواج، بمئات الآلاف من أبناء شعبنا العزيز، للذهاب للاشتراك بشكلٍ مباشر في الجهاد في سبيل الله جنباً إلى جنب مع حركات المقاومة في فلسطين، ولكن الفاصل الجغرافي، والدول التي تحجز وتفصل ما بيننا وبين فلسطين لم تقبل أبداً أن تفتح طرقاً برية ليعبر منها الشعب اليمني بأمان، ويذهب إلى هناك للمشاركة.
ولذلك فيما يتعلق أيضاً بالوسائل والقدرات التي يشترك من خلالها شعبنا العزيز (القدرات الصاروخية)، هناك استمرارية في تطويرها، وهناك- بحمد الله وتوفيقه- نجاح في ذلك، ولكن مهما فعلنا، موقف الشعب وسقفه لا يزال أعلى وأكبر وأعظم، وهذه نعمة، هذا الشعب العزيز بهويته الإيمانية، بضميره الإنساني الحي، بوجدانه ومشاعره التي تترجم حقيقة إيمانه، وانتمائه للإيمان، وتجسِّد قول رسول الله “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”: ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة)).
ولذلك من أجمل ما سمعته فيما يعبِّر عن مستوى التفاعل الشعبي، لأحد الآباء العزاء، المشاركين في مسيرات ومظاهرات يوم الجمعة في ميدان السبعين، في استصراح مع إحدى القنوات الوطنية، قال وهو يتكلم من كل قلبه- أنا لم أحفظ كل تعبيره، لكن مضمون تعبيره- قال: [إن كانت تستطيع القوة الصاروخية أن تحولنا إلى صواريخ فتطلق بنا فنحن جاهزون، ونهب أنفسنا لذلك، أو كان في أجسادنا مادة يمكن أن تستفيد منها القوة الصاروخية في التصنيع للصواريخ، وكانت هذه المادة في أجسادنا، أو في دمائنا، فنحن جاهزون لأن نبذل أنفسنا لتستخرج منَّا ذلك]، هذا يُعبِّر عن حقيقة الموقف الشعبي، وتجد في ملامح الناس، في وجوههم، في محياهم، تجد في تعبيرهم الصادق، في تفاعلهم، في حضورهم إلى ميدان السبعين، وفي بقية المحافظات والمديريات، حضوراً بتفاعل جاد، برغبة، باهتمام، بألم، يحملون ويشاطرون الشعب الفلسطيني في آلامه وفي أوجاعه ما يشهد على حقيقة هذا الموقف الصادق، وهذه نعمة، وهذا توفيقٌ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
ولذلك أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج يوم الغد- إن شاء الله تعالى- في العاصمة صنعاء في ميدان السبعين، وفي بقية المحافظات، خروجاً مليونياً مشرفاً، يُعَبِّر عن ثبات شعبنا، وعن وفائه، وعن صدقه مع الله تعالى، وعن صدقه مع رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم”، وعن صدقه مع أمته بكلها، مع الشعب الفلسطيني المظلوم، مع سكان قطاع غزة، أبناء الشعب الفلسطيني المظلومين في قطاع غزة وفي رفع، مع الإخوة المجاهدين الأعزاء، المرابطين، المقاتلين في سبيل الله في مختلف محاور القتال في قطاع غزة.
أَسْألُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يَمُنَّ بِعَاجِلِ الفَرَجِ وَالنَّصر لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِي المَظلُوم، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصرِهِ، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛