القرآن يقدم معايير لتقويم مواقف الزعماء
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
نحن نقول: إن من نعم الله العظيمة علينا هو القرآن الكريم، الذي استطاع أن يكشف الحقائق كلها ماثلة أمامنا حتى أصبحنا نستطيع أن نعرف زعماءنا هل هم مؤهلون لأن يفكوا عن هذه الأمة هذه المعاناة التي تعيشها، أم أنهم جزء من هذا الواقع الذي تعاني منه الأمة، إنه القرآن الكريم الذي يجب أن نعود إليه، وأنك أيضاً أنت في أي شعب كنت من أبناء هذه الأمة إذا كنت من تخاف مثل تلك الخطب المليئة بالتهديد فإنك أيضاً ممن يرى كل شيء غير الله عصاً غليظة، ممن يرى القشات عصاً غليظة. إن الله لا يريد لعباده أن يكونوا هكذا، يريد لعباده المؤمنين أن يكونوا من هذه النوعية: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} فيما بينهم, رحماء فيما بينهم، {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}(المائدة: من الآية54)، فعندما نسمع خطابات من تلك النوعية التي توجه نحونا بعبارة مهددة تستخدم من أقسى العبارات التي كنا نتمنى أن نسمع مثلها من هؤلاء الزعماء لنقف في صفهم, و نؤيدهم ونصفق لهم لو أطلقوها في مواجهة أمريكا، لو سمعنا مرة واحدة من زعيم من زعمائنا يقول: إنه يحب أن نقف في وجه أمريكا لنضربها بيد من حديد .. أليست هذه كلمة كانت ستجعل الجميع يصفقون معهم؟ لكنها وجهت في غير مكانها، وجهت إلى غير أهلها.نحن نقول أيضاً: نحن ممن لا يخاف مثل تلك الخطب, فلا اليد الحديدية, ولا العصا الغليظة يمكن أن تخيفنا أبداً. لأن الله سبحانه أوجب علينا أن لا نخاف غيره، أوجب علينا أن لا نخشى سواه، وذكر لنا أن كل من يخشون سواه أنهم ليسوا مؤمنين، ليسوا متقين، ليسوا جديرين بعزة ولا بحرية ولا بكرامة..هم أيضاً يتحدثون عن
الحرية أليس كذلك: نحن يجب أن نحافظ على منجزاتنا ومكتسباتنا وحريتنا وعبارات من هذه، أيّ حرية بقيت للعرب في وضعية كهذه؟ من هو ذلك العربي – زعيماً كان أو مواطناً عادياً – يستطيع أن يقول أن العرب يتمتعون بذرة من الحرية؟ أي ذرة بقيت من الحرية لأي عربي, زعيمٍ أو مواطنٍ وهو تحت أقدام, والجميع تحت أقدام من ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، هل هناك حرية؟ إن الحرية لا تأتي من خلال العبارات، الحرية تتمثل في عبوديتنا لله سبحانه وتعالى، العبودية التي تجعلنا أعزاء على الكافرين وأذلاء على المؤمنين، هناك الحرية,الحرية التي تجعلنا نضرب أمريكا وإسرائيل بيد من حديد، التي تجعلنا ننظر إلى أمريكا وإسرائيل قشة وليس عصاً غليظة.نحن نقول: أنه يوم كنا نتحدث ويكون في عباراتنا ما هو عبارات قد تبدو قاسية لديهم هم قد يخافون أنها قد تؤدي إلى إضرار بهم مثلاً فواجهوها بعبارات مهددة .. أليست خطاباتنا كلها موجهة ضد أمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهم وعملائهم؟ هذا هو كلامنا أم أننا نهدد الناس ونهدد الشعوب حتى يقال: بأن أولئك قد يؤدوا إلى إضرار بأمن الوطن، وأن هؤلاء قد تكون أعمالهم اختلالات أمنية. يجب أن يضربوا بيد من حديد!. الكل في اليمن, الأحزاب, الخطباء, الناس بدءوا يثورون ضد أمريكا وإسرائيل, بدءوا يسخطون، بدءوا يهتفون بالشعارات، بدءوا يتحدثون عن الجهاد. إن السياسة الحكيمة لزعيم في شعب كهذا هو أن يسير مسيرة شعبه، أن يتوجه هو ليقف نفس الموقف من أمريكا وإسرائيل، حينها أليس من الطبيعي أن يحظى بتأييد الناس؟ أليس من الطبيعي أن يحظى بالولاء؟ أليس من الطبيعي أن يحظى بشعبية واسعة في أوساطهم؟ لو انطلق يقف من أمريكا وإسرائيل المواقف التي نريد أن نقفها نحن والتي أصبح الخطباء يتحدثون بها في مساجدهم، والناس يهتفون بها كل جمعة، وفي كل مناسبة، والصحف تكتب عنها.. أليس ذلك هو الموقف الحكيم؟. لكن العصا الغليظة هي التي جعلت أعصابهم ترتجف، وجعلت فرائصهم ترتعد، فلا يمكن.. لا يمكن أن يقفوا في يوم من الأيام موقفاً قوياً ما داموا يرون أمريكا عصاً غليظة, عصاً غليظة على من؟ على الشعوب؟ إذا كانت عصاً غليظة على الشعوب فإن من أقل واجباتكم أن تدعوا الشعوب لتواجه تلك العصا الغليظة دعوها تواجه وأنتم اجلسوا.حزب الله أليس مجموعة من الشعب – أم أنه سلطة – استطاع هو أن يذيق أمريكا وإسرائيل الأمرين، استطاع أن يجعل الإسرائيليين ترتجف قلوبهم من ذكر [حزب الله]، اسم [حزب الله] أصبحت ترتجف منه أفئدتهم، أصبحت ترتعد منه فرائصهم؟.
دعوا الشعوب تواجه، أما أن تكونوا أنتم من وصل بكم الأمر إلى هذه الحالة من الضعف, إلى هذه الحالة من الوهن، تريدون أن تفرضوا هذه الحالة على الشعوب، و أصبحتم ترون أن كل الناس يرون الآخرين بأعينكم، وينظرون بنظرتكم!، لا, دعوا الشعوب أن تواجه، وكثّر الله خيركم أن تدعوا الناس يواجهون أولئك.وكنا نقول هذه سابقاً.. كنا نقول نتمنى من هذه الدولة أن تتركنا نحن والوهابيين أول ما دخلوا اليمن، أما عندما نرى أنهم من أفسحوا المجال للوهابيين ليدخلوا، من مكّنوهم من وزارة التربية والتعليم والأوقاف ومن المساجد وغيرها، من مكنوهم ثم متى ما تحدث أحد ضدهم، أو خطب خطيب ضدهم، أو حصلت مشكلة في جامع معهم انطلقوا ليسجنوا الزيدي, ويطلقوا الوهابي. الوهابي كان يستطيع أن يتصل مباشرة بـ[علي محسن]، والزيدي لا يستطيع أن يتصل بأحد، لا يجيبه أحد حتى المحافظ، حتى إذا ملأوا الشعب من أولئك الناس وجعلونا نقف عاجزين أمامهم؛ إذا بهم يقولون عنهم إرهابيين؛ ليخرج هؤلاء وسنأتي بنوعية أفضل! جاءوا بالأمريكيين، أزالوا الوهابيين وجاءوا بالأمريكيين!. نحن نقول من جديد كما قلنا سابقاً: دعونا نحن والأمريكيين، دعوا الشعب اليمني هو سيتصرف مع أمريكا، ولن ينالكم سوء، ولن يمسكم سوء، أما أن تفرضوا على الشعب اليمني، ويفرض الآخرون على الشعب في السعودية، ويفرض الآخرون على الشعب في مصر.. وهكذا في كل شعب يفرضون موقفهم وضعفهم ووَهَنَهم على الشعوب فإن هذه من أعظم الجرائم عند الله سبحانه وتعالى، ومن أعظم الخيانة للشعوب وللدين وللأمة.من أقل المطالب التي يجب أن تستجيب لها عندما يقول لك الناس: دعنا نحن والآخرين، ولا عليك من هذا، أما أن نراك تقف في صفهم, وتقف معهم، أما أن نرى الجيش – الذي يقول دائماً أنه للحفاظ على أمن الوطن وحريته واستقلاله وسلامته – نراهم هم من قد يتحولون في يوم من الأيام – شاءوا أم أبوا – ليتحركوا من أجل الحفاظ على أمن أمريكا، من أجل الحفاظ على أمن اليهود والنصارى.. هل أصبح ذلك الجيش لمصلحة اليمن أم أصبح في الواقع من يحاول أن يحافظ على أمن أمريكا؟.فعلاً نحن كنا من قبل فترة نطالب.. هناك في المناسبات من يطلقون الرصاص، والرصاص الآن أصبحت تتساقط على رؤوس الناس، قتل فلان وقتلت فلانة، وجرح الكثير، امنعوا هؤلاء.. هل هذا إرهاب؟ أم أنه ليس إرهاباً؛ لأنه ليس داخلاً في إطار التعريف الأمريكي للإرهاب؟. إنه إرهاب لنا اليمنيين نحن في مساجدنا, في مدارسنا, في بيوتنا, في أسواقنا, في مزارعنا، في المناسبات, في الأعراس يطلقون الكثير من الأعْيِرَة النارية فتتساقط الرصاص، امنعوا هؤلاء، هذا شيء يرعبنا، المتقطعون في الطرقات يرهبوننا، النهابون يرهبوننا، لماذا لم تحاولوا أن تعملوا موقفاً واحداً للحفاظ على أمننا نحن اليمنيين؟ لكنكم قد تتحركون بأطقمكم من أجل الحفاظ على يهودي صحفي يتحرك على طول اليمن وعرضه! لو تحرك واحد من علمائنا هل يمكن أن يحظى بمرافقة جندي واحد؟. لو سقطت آلاف الرصاص فوق رؤوسنا فقتلت كثيراً من الناس هل سيسمعون صراخ الناس [أوقفوا أولئك الذين يستخدمون الأعيرة النارية في المناسبات]. [في الغدير] هناك من يشيِّعون ذلك اليوم بدون أن يطلقوا أعيرة نارية، بعد أن عرف الجميع أن الرصاص تعود من جديد فتتساقط فتجرح هذا وتقتل هذا.. أولئك انطلقوا وأطلقوا آلاف الطلقات، وتساقطت وقتل شخص وجرح نحو أحد عشر شخصاً.. هل تحركوا ليؤمِّنوا الناس؟ لا يتحركون أبداً ليؤمنوا الناس، لكنهم سيتحركون ليؤمنوا الأمريكيين. ومَنْ هو المحتاج إلى الأمن؟ الناس المساكين أم أمريكا التي لديها الأسلحة؟ أمريكا التي تبعد عن اليمن آلاف الأميال؟!.ما الذي يضرهم هنا؟ ما الذي يعرض مصالحهم للخطر؟ لا شيء.. لكنا نحن من لم نتذوق طعم الأمن في أسفارنا، في أسواقنا من متقطعين، من نهابين، من رصاص تتساقط, وهكذا، ولا تقبل شكاوينا!. نحن نقول أن الأمن هو مسئولية الدولة، ولا يجوز – ونحن نفهم أنه لا يجوز – لشخص أن يقول: أنه حريص على أمن البلد إذا كان قد سمح للأمريكيين بالدخول إلى اليمن..إذا كنت حريصاً على مصلحة اليمن, وعلى أمن اليمن، وإذا كان يهمك أمن اليمن, ونرى منطقك صادقاً وصحيحاً فادفع الشر الخطير عن اليمن، ادفع الخطر الجسيم على أمن اليمن، إنه الأمريكيون ودخولهم، إنه إعلان الوقوف معهم في مكافحة ما يسمى الإرهاب.نحن – أيها الإخوة – إذا ما سمعنا أي كلمة لأي زعيم من زعمائنا فلنعرضها على الواقع، ولنعرضها على القرآن، وستعرف منطق ذلك الزعيم، لا يجوز أن تكون أنت ممن يؤثر فيك خطاب زعيم من هؤلاء الزعماء إلا إذا كان منطقه وفق القرآن، إذا كان منطقه وفق القرآن حينئذٍ يمكن أن نقول ..
ككلمة البشير – عندما اجتمع زعماء العالم الإسلامي في الدوحة – جاء بكلمة جميلة، جاء بكلمة قوية، نحن نردد هذه الفقرة منها تقريباً في كل المناسبات، وفي كل المحاضرات، يوم قال: [نحن في مواثيق منظمة المؤتمر الإسلامي كنا ألغينا الجهاد، وقلنا نحن سنستخدم كلمة سلام, ونتعايش مع الآخرين، وهم يقولون أنهم يريدون أن تعيش البشرية كلها في ظل أمن وسلام، فلا وجدنا سلاماً ولا أمناً ولا وجدنا مصداقية لمن يرفعون هذه], ثم قال: [يجب أن نعود من جديد إلى الجهاد لنجاهد في سبيل الله]، وقرأ آيات في الجهاد.
هذا هو المنطق الصحيح لزعيم عربي كهذا, أما من يخوفك من أمريكا، أما أن ينطلق أحد منهم يُخَوِّفك من أمريكا، فارجع إلى القرآن الكريم، ينطلق أحد منهم يريد أن يتحدث معك عن تبرير موقفه، وهو موقف يساعد أمريكا في مكافحة الإرهاب، من منطلق الحفاظ على أمن الوطن ومصلحته وتنميته! فارجع إلى القرآن الكريم، وارجع إلى الدنيا هذه وإلى أحداثها، وإلى البلدان التي دخلتها أمريكا، والشركات الأمريكية والبريطانية، ارجع وستجد الواقع وتجد الصحيح، لتعرف هل هذا الكلام صحيحاً أم لا.وهكذا يجب أن نعود إلى القرآن الكريم، وأن نعود إلى تاريخنا، وأن يكون إحياؤنا لهذه المناسبات في هذه الوضعية التي الأمة تعيش فيها هو كلام مَنْ يستلهم العبر والدروس ليصحح فهمه، ليصحح نظرته، ليقوي إيمانه، ليعزز من موقفه، لينطلق الجميع انطلاقة واحدة، يخلعون من فوق أبدانهم تلك الأسباب التي أدت بالحسين إلى أن يقتل، الأسباب وتلك الإنحرافات, وتلك النظرات, وذلك الضلال.. ليس فقط من عاشوراء أو من قبل عاشوراء، إنها مسيرة تسير في الناس إلى يومنا هذا. يجب أن نرفض ذلك، وسنرى كيف سيكون الواقع، وسنرى في الأخير كيف يمكن أن نتحدث عن كربلاء، وعن عاشوراء.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إلى ما فيه رضاه، وأن يبصرنا، وأن يجعلنا من عباده المؤمنين الذين قال عنهم: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}(المائدة: من الآية54) {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: من الآية250). اللهم إنا نسألك أن ترحم سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين، وأن تجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. والعن يزيد ومعاوية، وكل من سار على طريقة يزيد، وكل من سار على نهج يزيد, وكل من تعامل مع المسلمين معاملة يزيد، في كل الأزمنة، إلعنهم لعناً وبيلاً. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة دروس من وحي عاشوراء
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 10/1/1423 ه
الموافق: 23/3/2002م
اليمن – صعدة