على غير عادة.. أمريكا تجر أذيال الخيبة

 منذ اتخاذ الشعب اليمني موقفه الثابت والمبدئي لنصرة الشعب الفلسطيني في غزة، بالرغم من العدوان والحصار وتباعد المسافات وحجم الإمكانات لدى العدو الصهيوني  ووقوف أغلب دول العالم معه بجيوشها واقتصادها وشعوبها ووسائل إعلامها، إلا أن ما حدث لا يمكن توقعه أبداً عند النظر بعين المقاييس المادية والحسابات العسكرية، وما تم حشده من قوات وتحالفات دولية وتكنولوجيا متطورة، تم تأمينها للكيان الصهيوني ليبيد أهل غزة، وإسكات من يعارض ذلك، ولكن ما الذي حدث وما هي نتائج المعركة ؟ ولمن الغلبة وكيف تسير مجريات المعركة؟.

وبقليل من التأمل وبالرجوع إلى واقع المعركة وتصريحات الأعداء، يتضح حجم التدخل والنصر الإلهي الذي مني به الشعب اليمني، بعد تمكنه من كسر هيبة أمريكا وإذلال جنودها وجيشها وتشويه سمعة أسلحتها وإرغامها على الاعتراف صراحة بصعوبة المعركة وسحب قطعها البحرية العملاقة والاتجاه نحو توريط الآخرين ليحارب عنها، والمضحك في الأمر أن الأمريكي لم يعد يملك حتى الحلفاء الإكفاء القادرين على تحقيق مآربه، وما استنجاده بالنظام السعودي إلا خير دليل على مدى المأزق التي وقعت فيها واشنطن.

إن تأثيرات الموقف اليمني طال جميع الأعداء من أمريكا إلى بريطانيا وصولاً إلى الكيان الصهيوني ولاحقا للنظام السعودي، وهذا التأثير لم يقتصر على المجال العسكري، بل شمل الاقتصاد والسياسة والإعلام والأمن والاستخبارات وصولاً لتقويض المخططات الغربية التي راهنوا على استمرارها لعقود من الزمن.

وفيما يلي نستعرض جانباً من تصريحات الأعداء كتأكيد على جدوى الموقف اليمني على محور الشر في مختلف المجالات.

 

معركة الهروب الكبير

دخلت الولايات المتحدة الأمريكية المعركة البحرية بكل غرور وكبرياء معتمدة على امكاناته المتقدمة، من رصد واستطلاع وقنابل وقاذفات وصواريخ وتكنلوجيا وغيرها من الإمكانات التي تمكنها لحسم المعركة، ولكنها تفاجأت بواقع مختلفا تماما عما رسمه ضباطها ومفكريها، حين عجزت عن إيقاف العمليات العسكرية اليمنية ولا الحد منها، بل زادت وتيرتها مع توسع المعركة وطول زمنها حتى بات الأمريكي نفسه يقر بالفشل وصعوبة المعركة والبحث عن خيارات أخرى.

 شبكة “سي بي إس نيوز” الأمريكية، نشرت الجمعة 12 يوليو تقريرا نقلت فيه شهادات لطيارين أمريكيين عائدين مع مجموعة حاملة الطائرات ” أيزنهاور” من البحر الأحمر، أوضحوا فيها  أن المعركة كانت “صادمة” وغير متوقعة، بل و”جنونية” بالنسبة لهم، وأنها بالفعل المواجهة البحرية الأشد منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرين إلى أن القوات المسلحة اليمنية تعمل باستمرار للتفوق على قدرات وتكتيكات القوات الأمريكية والغربية، وأن الطائرات الأمريكية كانت تضطر للتحليق والعمل لفترات طويلة ومرهقة بشكل يومي.

ونقل التقرير عن قائد سرب “رامبجير”، الطيار بنجامين أورلوف قوله: “إن معظم البحارة، بمن فيهم هو، لم يكونوا معتادين على التعرض لإطلاق النار، بالنظر إلى الاشتباكات العسكرية السابقة التي خاضتها البلاد في العقود الأخيرة”.

وأضاف أورلوف: “لقد كان الأمر مختلفًا بشكل لا يصدق، ولكي أكون صادقًا، لقد كان الأمر صادماً بعض الشيء بالنسبة للمجموعة، إنه شيء لا نفكر فيه كثيرًا حتى نواجهه”.

ورداً على سؤال عما إذا كان من الممكن وصف ما واجهوه بأنه القتال البحري الأكثر كثافة منذ الحرب العالمية الثانية، قال أورلوف إن “هذا الوصف مناسب تماماً”.

وأشار إلى أنه “بالنظر إلى قربنا من مديات العدو، واستخدامنا لضربات الدفاع عن نفس، فهذه لم تكن مواجهة بعيدة المدى، بل كانت في وجهنا مباشرة”.

وأكد التقرير أن جنود البحرية الأمريكية كانوا يشاهدون الصواريخ اليمنية على مسافة ثوان منهم قبل الاشتباك معها، في إشارة إلى سرعتها العالية.

ونقل التقرير عن المقدم المقدم تشاريتي سوما لشبكة سي بي إس نيوز قوله: “بصراحة، كان الأمر لا يصدق تماماً، لا أعتقد أن أي شخص على متن مجموعة حاملة الطائرات تلك كان يتوقع حدوث ذلك”.

وبحسب التقرير فقد أطلقت طائرات مجموعة الحاملة “ايزنهاور” أكثر من 400 صاروخ جو أرض، و55 صاروخ جو-جو، أثناء فترة تواجدها في البحر الأحمر.

وأكد التقرير أن “أشهر القتال والتمديد أدى إلى فرض ضغوط كبيرة على ما يقرب من 7000 بحار وعائلاتهم”.

إلى ذلك، نشر موقع “يو إس إن آي نيوز” التابع للمعهد البحري الأمريكي، تقريراً نقل فيه عن قائد سرب الطائرات، أورلوف، قوله “إنها كانت معارك عنيفة للغاية، واشتباكات لم نشهدها من قبل” مشيراً إلى أن الوضع “يشبه الحرب في المحيط الهادئ ضد الإمبراطورية اليابانية”.

وأضاف أورلوف: “لقد تطلب الأمر قدرًا لا يُصدق من التعاون، وتطلب قدرًا لا يُصدق من العمل على التوصل إلى تكتيكات جديدة، لتعديل الأنظمة التي لدينا بالفعل، من أجل تحسين توظيفنا”.

ونقل الموقع عن المقدم كيث جيرونيموس قوله إن القوات المسلحة اليمنية “تحاول باستمرار التفوق على قوات التحالف باستخدام أسلحة وتكتيكات جديدة، بما في ذلك أنظمة الطائرات بدون طيار والقوارب الصغيرة غير المأهولة والصواريخ”.

وأضاف: “إنهم يحاولون أشياء جديدة كل يوم هناك، وهو أمر صعب، لقد كنا نحلق على مدار الساعة”.

وقال إنه “في بعض المراحل كان يتم إطلاق الإنذارات طوال الليل، ولفترة من الوقت كانوا يطلقونها كل ليلة تقريبا” مضيفا “إنه أمر جنوني”.

 

اليمن مدرسة للبحرية الأمريكية

بعد أن فشلت البحرية الأمريكية في ردع البحرية اليمنية، انتهى بها المطاف للاستفادة من تكتيكات اليمنيين وتعميمها على القوات البحرية الأمريكية المنتشرة حول العالم.

صحيفة “ستارز آند سترايبس” التابعة للجيش الأمريكي أكدت في تقرير لها، 10 يوليو أن المهمة القتالية للبحرية الأمريكية في البحر الأحمر ستكون دروسًا للبحارة الأمريكيين في جميع أنحاء العالم.

وأكد قائد المجموعة الهجومية الأمريكية في منطقة القيادة المركزية “الأدميرال كيوان حكيم” لصحيفة “ستارز آند سترايبس” أن “تجارب البحارة الذين قضوا أشهراً في مواجهة التهديدات في البحر الأحمر على مستويات عملياتية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، سوف تكون دروسًا للجيل القادم من البحارة”، وأضاف: “عملنا بشكل متكرر مع المهندسين وموظفي الدعم في الولايات المتحدة لتبادل الأفكار حول كيفية البقاء في صدارة تكتيكات، وقدرات “الحوثيين” المتغيرة باستمرار”.

وأضاف “الأدميرال كيوان حكيم” أن أعداد وأنواع نفقات الأسلحة في البحر الأحمر غير مسبوقة، خاصة من السفن السطحية، وهذا لم يحدث من قبل.

وذكرت الصحيفة في تقريرها أن جهود البحرية الأمريكية في البحر الأحمر، وجهود بلدان أخرى مشاركة في العملية التي تقودها الولايات المتحدة لم تنجح في استعادة ثقة شركات الشحن التجارية. وأقر مسؤولون على متن حاملة الطائرات “آيزنهاور” بأن عدد رحلات سفن الحاويات عبر البحر الأحمر انخفض بشكل كبير منذ بدأت الهجمات من اليمن.

 

خطة بايدن فشلت

وعلى ذات المنوال، مضى الرئيس الأمريكي في مسيرة الفشل في أول مواجهة مباشرة مع الجيش اليمني، فقد ذكرت صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية 6 يوليو، أن خطة إدارة بايدن لمواجهة الهجمات البحرية للجيش اليمني على السفن المرتبطة بالكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة وبريطانيا فشلت، وأنه لا يمكن إنهاء تهديد “الحوثيين” من خلال النهج الحالي، مطالبة واشنطن بضرورة اتخاذ استراتيجية هجومية تتضمن إرسال قوات إلى الأرض.

ونشرت الصحيفة الأمريكية تقريراً جاء فيه أن “مشكلة الحوثيين التي عانى منها الرئيس بايدن منذ شهور لا تزال مستمرة، حيث تتعرض السفن العسكرية والتجارية على حد سواء لهجمات مسلحة متكررة في البحر الأحمر وما حوله”.

واعتبر التقرير أن “الخطة الأمريكية التدريجية (لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً) لم تنجح، بل فرضت تكاليف غير ضرورية على شركة الشحن الأمريكية والأصول العسكرية في المنطقة”، مضيفا أن “اعتراض الطائرات الفردية بدون طيار والمركبات البحرية وقصف مواقع الرادار لن ينهي التهديد الحوثي ناهيك عن هزيمته”.

 

الفشل بلغة الميدان

إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت في بداية العمليات البحرية أنها جاهزة لكل السيناريوهات لهزيمة من أسمتهم “الحوثيين”، فإن الجنرالات والمسؤولين الأمريكيين يصرحون تباعا عن فشل الخطة وضرورة البحث عن حلول أخرى لمواجهة الجيش اليمني.

تقرير صحيفة “نيويورك بوست” الأمريكية المنشور في 6 يوليو الجاري، نقل عن الأميرال المتقاعد في البحرية الأمريكية “جيمس ستافريديس”، قوله: إن “هناك حاجة إلى حملة هجومية تتكون من أربع مراحل: جمع المعلومات الاستخباراتية، وضرب مراكز القيادة والسيطرة، وضرب البنية التحتية المادية، وقطع سلسلة الإمدادات، لإنجاز المهمة”، لأنه “ليس كافياً بالنسبة لبايدن أن يلعب دور الدفاع وعليه النزول إلى الشاطئ”، ولكن بالنظر إلى هذه المتطلبات يتضح الإخفاق الأمريكي في الجانب الاستخباري فإذا لم يتمكن إلى اليوم من جمع المعلومات فلن يتمكن مستقبلاً والمعركة محتدمة، أضف إلى ذلك فإن المطالبة بضرب مراكز السيطرة يؤكد فشل الغارات الأمريكية البريطانية طيلة الأشهر الماضية.

ولتأكيد الخوف من الجيش اليمني، فقد ذكر تقرير الصحيفة أنه “يتعين على واشنطن أيضاً أن تظل على حذر من توسع لوحة اللعب الإقليمية، حيث تقع القاعدة العسكرية الأمريكية في معسكر ليمونير في جيبوتي ضمن مرمى صواريخ الحوثيين”، مشيرة إلى تهديد السيد القائد في كلمته مؤخرا بمهاجمة حاملة الطائرات الأمريكية ثيودور روزفلت بصواريخ الجيش اليمني عند وصولها إلى البحر الأحمر”، وهذا يثبت الرعب الأمريكي من تهديدات السيد القائد والتي أعقبها تخلف الولايات المتحدة الأمريكية عن إرسال ” روزفلت ” لحد الآن.

 

الهجوم على “آيزنهاور” كان جريئاً

وفي جديد الاعترافات بأهمية الضربة الموجعة التي وجهتها القوات المسلحة لحاملة الطائرات الأمريكية “آيزنهاور”، فقد وصفت صحيفة “ديلي ميرور” البريطانية في تقرير لها في 9 يوليو استهداف القوات المسلحة اليمنية لثالث أكبر حاملة طائرات في العالم بالحدث التاريخي غير المسبوق.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “ديلي ميرور”البريطانية” قالت الصحيفة: “شن الحوثيون هجوماً صاروخياً على حاملة الطائرات الأمريكية “دوايت آيزنهاور”، مما أثار ضجة واسعة في الأوساط البحرية الدولية”، مضيفة: “اعترفت البحرية الأمريكية بالهجوم، لكنها نفت قول الحوثيين بأن حاملة الطائرات “آيزنهاور” ومدمرة الصواريخ الموجهة “يو إس إس برادلي” تعرضتا لأضرار كبيرة”.

وأوضح التقرير أن “الحوثيين، الذين يسيطرون على مناطق ساحلية واسعة مطلة على البحر الأحمر، ينفذون هجماتهم على السفن من قواعد برية. ورغم نفي البحرية الأمريكية لتعرض السفن لأضرار كبيرة، إلا أن الهجوم دفع “آيزنهاور” للرسو في ميناء جدة السعودي، مما يثير تساؤلات حول مدى تأثير الهجوم على معنويات القوات الأمريكية”.

وأشار التقرير إلى أن “الحوثيين استخدموا تقنيات بسيطة لكنها فعالة في تعطيل الشحن البحري في البحر الأحمر منذ أكتوبر 2023، مما يبرز قدرتهم على تهديد القوى الكبرى بتكلفة منخفضة”.

وأشارت الصحيفة البريطانية أن “من الجدير بالذكر أن هذه الحادثة تعد فصلًا جديدًا في تاريخ الحروب البحرية، حيث تمكنت مجموعة مسلحة من تحدي قوة بحرية عظمى.

منعطف خطير

موقع “سيتريد ماريتايم نيوز” البريطاني، ذكر في تقرير له 6 يوليو الجاري أن تكتيكات الجيش اليمني البحرية تتطور وتأخذ منعطفات خطيرة وجديدة مع استخدام الزوارق المسيرة، مرجحا أن هذه الزوارق تنطلق من ما وصفه التقرير بالـ “سفن الأم” التي يصعب تحديد هويتها، الأمر الذي يعني إمكانية إطلاقها من أي مكان في البحر.

ونشر الموقع المختص بشؤون الملاحة البحرية والشحن، تقريرا، حمل عنوان “التكتيكات الحوثية تتخذ منعطفا جديدا وخطيرا”، وجاء فيه أن “هجمات قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة تستمر منذ أكثر من ستة أشهر، إلا أن التهديد الذي تشكله حركة الحوثي يبدو أنه يتزايد بدلاً من أن يتضاءل مع تزايد الهجمات وتطورها واتساع منطقة عمليات الحوثيين”. (يقصد التقرير بـ”السفن الأم” هنا، أن الجيش اليمني يطلق القوارب المسيرة من داخل سفن أكبر حجما تعمل كقاعدة انطلاق وتحكم).

ونقل التقرير عن “سكارليت سواريز”، المحللة الاستخباراتية البارزة في شركة “دراياد جلوبال”، قولها: إنه “على الرغم من الأسلحة المتطورة التي يمتلكها التحالف، فإن الضربات الانتقامية التي يشنها كانت غير فعالة إلى حد كبير”، مشيرة إلى أن من وصفتهم “الحوثيين” يفوزون في حرب الدعاية، مؤكدة- في الوقت ذاته- أنهم طوروا بنية تحتية قوية لتصنيع الأسلحة داخل اليمن.

واعتبر التقرير أن “الأمر الأكثر إثارة للقلق هو التطور الأخير في حرب الاستنزاف التي تتقدم فيها تكتيكات “الحوثيين”، مع استخدام السفن الأم لشن هجمات شوهدت لأول مرة الشهر الماضي ضد السفينة (توتور)، وحادث يوم الأحد الماضي يتعلق بسفينة الشحن (سمر ليدي) التي يبلغ وزنها 72 ألف طن”.

وبحسب التقرير، فإن “القوارب السطحية غير المأهولة تعتبر رخيصة البناء، وسريعة، ويمكنها استهداف الأقسام الضعيفة من السفينة، ويمكنها حمل حمولة أسلحة أكبر من الصواريخ أو القوارب المأهولة”.

وذكر التقرير أن “السفن الأم كانت تستخدم في الماضي للتحقق من السفن والمضايقة لها ومحاولة الصعود على متنها، ولكن الهجوم على السفينة (توتور) التي يبلغ وزنها 82400 طن، وهي سفينة شحن بضائع سائبة عمرها عامين، أودى بحياة بحار فلبيني وأغرق السفينة في النهاية، ويعتقد أنها الخسارة الثانية لسفينة والخسارة الرابعة لحياة بحار في هذا الصراع البحري”.

 

ونقل التقرير عن سواريز قولها: إن “استخدام السفن الأم للتحكم في السفن غير المأهولة ليس بالأمر الجديد، ولكن الحادث الذي وقع مع السفينة (سمر ليدي) له أهمية كبيرة بسبب عدد القوارب المستخدمة، ويبدو أن هذا يشير إلى أن الحوثيين يوسعون ويحسنون استخدامهم للسفن غير المأهولة بعد إغراق السفينة (توتور) بنجاح”.

وبحسب التقرير فإن “الهجوم على السفينة (توتور) والذي أدى إلى غرقها في 19 يونيو كان أول عملية نشر ناجحة مؤكدة لمركبة سطحية غير مأهولة”.

 

 

قد يعجبك ايضا