القرآن نور الله للمؤمنين
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
القرآن الكريم جعله الله نوراً للمؤمنين، نوراً للمسلمين يهتدون به قبل أن تهجم عليهم الظُّلْمة، يتحركون هم على أساسه قبل أن يهجم عليهم العدو إلى عُقرِ ديارهم، سواء بفساده، أو أن يصل بقدمه وبنفسه، ألم يتحرك الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) هو في غزوة [تبوك] ليهاجم هو، وعلى مسافة طويلة جداً من المدينة نحو (750 كم) إلى تبوك ليواجه دولة عظمى في ذلك الزمن هي دولة الرومان.
أراد أن يقول لأمته: إن من ينتظرون، ويصمتون هم من سيكونون أذلاء إذا ما هجم عليهم العدو، هم من سيكونون معرّضِين لأن يُفتنوا عن دينهم، ولأن يتنازلوا ببساطة عن دينهم إذا ما هجم عليهم العدو إلى داخل ديارهم، الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ربّى المسلمين على الاهتمام، ربّى المسلمين على المبادرة، ربى المسلمين على استشعار المسئولية، على أن تكون لديهم روح وثّابة داخل كل شخص منهم، روح جهادية روح تستشعر المسئولية فتنطلق، لا تنتظر الأعداء وإن كانوا كباراً، وإن كانوا يمتلكون مختلف وسائل القوة، لا ينتظرونهم حتى يهجموا عليهم.
أولم نسمع أن الأمريكيين فعلاً دخلوا اليمن؟ وسمعنا في هذا الأسبوع ما يؤكد فعلاً أن الأمريكيين شئنا أم أبينا سيصنفون اليمن دولة إرهابية، وأنهم سيعملون على أن يكون لهم وجود هنا في اليمن، وقواعد في اليمن، أي أن يسيطروا على اليمن سيطرة مباشرة، أما الهيمنة فهي قائمة، كل الدول العربية تخضع لأمريكا في مختلف شؤونها، في المجال السياسي، وفي الاقتصادي، وفي الثقافي، وفي مختلف المجالات، لكنهم لا يكتفون بهذا، هم يريدون أن يدخلوا مباشرة إلى أعماق كل قطر إسلامي، وإذا ما دخل الأمريكيون – ونحن من عانينا كثيراً من فسادهم كيهود ونصارى، وهم من لا يزالون في بلادهم، وصل فسادهم إلى كل أسرة داخل بلادنا, وصل فسادهم داخل كل أسرة في البلاد العربية، فكيف إذا ما دخلوا هم بأنفسهم؟ – سيذلّون الناس، سيحاربون الدين من داخل البلاد، سيذلون كل إنسان سيقهرون اليمنيين، سيذلونهم، سيجعلونهم عبيداً لهم، خيرات بلادنا سينـتهبونها، سيتحكمون في كل شيء في هذه البلاد، فلا تتصوروا أن دخولهم سيكون دخولاً عادياً، ولا تنتظر أنت أن تراهم أمامك، هم سيبنون قواعد عسكرية لهم هنا وهنا وهناك، لا يسمح لليمنيين بأن يدخلوا إليها.
ونحن مَنْ تفكيرُنا سطحي؛ نريد أن نرى الأمريكي أمامنا مدججاً بسلاحه حتى نتأكد أنه هنا، هم إذا ما تواجدوا في قواعد – ولن تكون قواعدهم إلا في أماكن استراتيجية مهمة داخل اليمن – فإنهم حينئذٍ يكونون قد خنقوا اليمن وأمسكوا بزمام أمر اليمنيين.
ولنعد إلى القرآن الكريم لنعرف ماذا إذا سيعملون إذا ما تحكموا إلى هذه الدرجة؟. أليسوا هم من قال الله عنهم: أنهم دائماً يسعون في الأرض فساداً، وأنهم لا يودون لنا أي خير، وأنهم لا يحبوننا، وأنهم يعضّون علينا الأنامل من الغيظ، إنهم أعداء، فإذا ما استحكمت قبضة عدوك منك فماذا تتوقع منه إلا ضربات مخزية، ضربات مؤلمة لنفسك ولممتلكاتك، ولكل شيء عزيز عندك.
هكذا أصبحنا إلى هذه الدرجة لأننا ابتعدنا كثيرا كثيراً جداً عن القرآن الكريم، أي نحن بحاجة إلى كلام كثير وكثير وكثير حتى نتحرك أمام الخطر الذي قد وصل إلى داخل كل بيت.
كأننا نلمس بالنسبة لكم – وهو الذي نرجو إن شاء الله لأنفسنا جميعاً – أن نكون قد فهمنا مسؤوليتنا أن يكون لنا موقف وأن نكون قد حصلنا على نسبة لا بأس بها من الوعي، ولكن قد نكون مقتنعين نحن، وننسى أن يكون لنا موقف ممن ينطلقون في تثبيط الناس من داخلنا أو من أي بقعة كانوا.
أنت إذا ما انطلقت بجد في عمل معلن عمل للدين فإن القرآن الكريم هو من في توجيهاته الكثيرة يعلمنا: أنه إذا اتجهت أنت، وتظن أن بإمكانك أن تسير على هذا الخط، وتكون معرضاً عن أولئك الذين يثبطون الآخرين عن أن يقفوا معك، أو يثبطون من قد دخلوا في العمل الذي أنت فيه، فقعدت عنهم حينئذٍ سترى نفسك تسير بمفردك.
القرآن الكريم في (سورة التوبة) – وسورة التوبة هي من أجمل السور في القرآن الكريم في مجال التعبئة العامة للمسلمين في مواجهة أعدائهم – تناولت كل مواضيع المواجهة، أولئك الذين ينطلقون للتثبيط هاجمتهم مهاجمة قوية، توبيخ عنيف، سخرية منهم استهزاء بهم، تحطيم لمشاعرهم، وفعلاً الإنسان الذي يتجه إلى الحق، ويكون موقفه موقف حق لا تتوقع أن بإمكان الباطل أن يقف أمامك إلا إذا حصل تقصير من جانبك، أو أنت لم تهيئ نفسك بالشكل المناسب في أسلوبك، في تقديمك للحق بأن يكون بالشكل الذي يزهق الباطل.
نحن بعد أن رفعنا هذا [الشعار] شعار: [ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام].
من المتوقع أن تسمع من بعض الناس هنا، وهناك: يسخر من هذا الشعار، أو يتهرب من المشاركة فيه، أو يخوّف الآخرين من أن يرفعوه، فيتوقع أنه قد يحصل كذا أو قد يحصل كذا، أو ربما، أو احتمالات….، وهذا هو من ضعف الإيمان؛ لأننا نجد هذا الشخص هو من ينطلق على أساس الاحتمالات، ويترك اليقينيات، اليقين الذي يأمر بالعمل في القرآن الكريم، الخطر المتيقن العمل المتيقن جدوائيته، يترك اليقين، ويميل إلى الاحتمالات: [ربما يكون هذا الشعار يثير الدولة فيحصل شيء، ربما هذا يثير أمريكا فيحصل شيء!].
وهنا في القرآن الكريم يترك الآيات الصريحة، يترك اليقين، وهو يشاهد أيضاً اليقين من الخطر على أمته وعلى دينه، ولكن هكذا الإنسان الذي يغلط حتى مع نفسه يتجه إلى نفسه فيرسم لنفسه طريقاً معينة يظن أن فيها سلامته، وحتى نتأكد أن هذه النوعية إنما يكونون ممن لا يهمهم أمر دينهم ولا يهمهم أمر أمتهم أننا نشاهد الآن أن الأمريكيين والإسرائيليين اليهود والنصارى هم ليس فقط يرفعون شعارات الموت لنا والموت لإسلامنا، هم من ينطلقون فعلاً ليميتوا الناس، ألم يضربوا الناس في أفغانستان وفي فلسطين وفي مختلف المناطق، هم من يعملون على أن يميتونا فعلاً، هم من يعملون على أن يميتوا ديننا، وقد عملوا فعلاً على أن يميتوا ديننا في نفوسنا وفي واقع حياتنا.
حادث واحد حصل في نيويورك حادث واحد تحرك له المواطنون من اليهود والنصارى في مختلف بلدان أوروبا وضربوا المسلمين في الشوارع وهاجموهم إلى مساجدهم وإلى مراكزهم وقُتل كثير منهم وسجن كثير وأوذي كثير من المسلمين هناك، انطلقوا هم على أساس حادث واحد على مبنى واحد، أما نحن فمئات الحوادث على أمم بأكملها على عشرات المباني على عشرات المساجد على عشرات المستشفيات على عشرات المدارس في مختلف المناطق الإسلامية ولا نتحرك، أليس هذا يعني بأن أولئك أكثر اهتماماً بأمر أمتهم أكثر منا؟ هم من انطلقوا حتى في استراليا، – وأين استراليا من أمريكا؟ – وفي بريطانيا وفي فرنسا وفي ألمانيا وفي مختلف المناطق، انطلقوا لإيذاء المسلمين وضربهم بعد ذلك الحادث، حادث على مبنى واحد وليس من المحتمل أن يكون ذلك بتخطيط أي جهة لا دولة إسلامية ولا دولة عربية ولا منظمة من المنظمات داخل هذه البلدان، وإنما هو من عمل الصهيونية نفسها، فأنت عندما تشاهد أنهم يميتون أمتك ويميتون دينك فعلاً – بالفعل وليس بالقول فقط – ثم تجبن أن تقول قولا: الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل، أليس هذا يعني بأنك لم تصبح شيئاً ولم تعد شيئاً؟ وأنك في الواقع أصبحت صفراً في هذه الحياة.
أن لا أجرؤ على أن أقول قولاً الموت لهم وأنا من أراهم يذبحون أطفالنا في فلسطين وفي لبنان وفي غيرها، وأن لا أجرؤ أن أقول النصر للإسلام وأنا أراهم يهدمون قيم الإسلام ومبادئه وأسسه في نفوسنا وفي حياتنا.
من يسكت من يجبن وهو يشاهد هذا؟ إنه من ليس في نفسه ذرة من اهتمام بأمر أمته ولا بأمر دينه وليس في قلبه وعي على الرغم مما يشاهد، ماذا ننتظر بعد هذا؟ أي أحداث يمكن أن تخلق لدينا وعياً؟ أي أحداث يمكن أن نقطع في حينها أن أولئك أعداء؟ إذا كنا بعد لم نثق بالقرآن الكريم الذي قال بأنهم أعداء ثم هذه الأحداث التي تجري في الدنيا لا تكفي أن نعرف أن أولئك أعداء، فبأي أحداث بعد هذه نؤمن ونعي؟! هذه نقطة.
الشيء الثاني: أن كثيراً من الناس الذين ينطلقون لتثبيط الآخرين عن أن يرفعوا هذا الشعار على الرغم من أنه كما قلنا أكثر من مرة: إنه أقل ما يمكن أن نعمل، لا أنه كل شيء، إنه أقل ما يمكن أن نعمل ولكنا على الرغم من ذلك – وأسفنا ألا نستطيع إلا ذلك – له أثره الكبير فعلاً.
الذي ينطلق ليثبط وإن كان قد فهم فعلاً لكنه إنسان لا يهمه شيء, لا يهمه إسلامه، لا تهمه أمته، يسكت لأنه يرى أن سلامته في أن يسكت، ويرى أنه عندما يتجه إلى السكوت أنه الشخص الحكيم الذي عرف كيف يحافظ على أمنه وسلامته.
نقول: أنت غالط على نفسك، أنت تجني على نفسك من حيث لا تشعر، أنت تهيئ نفسك لأن يكون لك عدوّان مقابل عدو واحد، أنت لا تتأمل الأحداث جيداً حتى تعرف أن أولئك الذين وقفوا موقفك هم عادة الضحية الأولى أمام كل حدث يحصل، عندما نشاهد التلفزيون سواء عن أفغانستان أو عن فلسطين أو غيرها، ألستم تسمعون ونسمع جميعاً أنه كثير من أولئك ضربوا وقتلوا ودمرت بيوتهم وهم كما يقولون عزَّل، العزل هم هؤلاء الذين هم كـ [الأثوار]يعتزلون وهم من قد قرروا بأنه لا دخل لهم وأنهم سَيسلمون، هم شاهدهم هم يكونون هم الضحية وأول من يُضرب، إنهم لا يسلَمون أبداً، ضُربوا في أفغانستان وضُربوا في فلسطين.
إن من يَسْلَم حقيقة ومن هو أبعد عن الخطر حقيقة ومن ترضى نفسه حتى ولو أصابه شيء هم المجاهدون {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ}(الأعراف: من الآية165) وقال سبحانه وتعالى في آية أخرى: {كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ}(يونس: من الآية103).
المؤمنون هم من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، هم من يجاهدون في سبيل الله بكل ما يستطيعون، هؤلاء هم من يصح أن يقال لهم – بمعنى الكلمة مسلمون – والإسلام هو دين السلام لمن؟ لمن هم مسلمون حقيقة؛ لأنهم من يبنون أنفسهم ليكونوا أعزاء أقوياء، هم من يبنون أنفسهم ليستطيعوا أن يدفعوا عن أنفسهم الشر، ليدفعوا عن أنفسهم الظلم، ليدفعوا عن بلدهم الفساد، ليدفعوا عن دينهم الحرب، فهم أقرب إلى الأمن والسلام في الدنيا وفي الآخرة.
نحن نعلم أن الغرب أن أمريكا وإسرائيل تحمل من العداء لإيران أكثر مما يحملونه للفلسطينيين، ولكن هل استطاعوا أن يعملوا شيئاً بالإيرانيين؟ وهم من يمتلكون صواريخ بعيدة المدى، ويمتلكون قنابل نووية، ويمتلكون كل شيء؛ لأنهم يعرفون أن أولئك ليس من السهل أن يدخلوا معهم في حرب، ستكون حرباً منهكة جداً لهم في مختلف المجالات، كما قال الإمام على (عليه السلام) ((بقية السيف أبقى ولداً وأكثر عدداً)) إنما يأتي النقص في من يجعلون أنفسهم كما نقول [مدافخ] أولئك العزل.. ألم يقتل في أفغانستان الكثير من أولئك؟ قرى بأكملها دُمرت.
هناك الحسرة أن تدمر بيتك وأن تقتل أسرتك، وأنت لا ترى أنك قد عملت بالعدو شيئاً، ستندم على أنك اتخذت قراراً كان قراراً خاطئاً بالنسبة لك وكانت نتيجته عكسية عكس ما كنت قد رسمته لنفسك، إنهم لا يسلمون أبداً أولئك الذين يقولون لأنفسهم: [أما نحن ما لنا حاجة]. ويقولون كما يقول المنافقون عندما يرون المؤمنين ينطلقون في مواقف – مهما كانت بسيطة – عندما يرون المؤمنين ينطلقـون في مواقف ضـد دولة كبرى {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} (الأنفال: من الآية49).
ألم يقل المنافقون في ذلك العصر أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما انطلق المسلمون لمواجهة دولة الروم، ودولة الروم كما تواجه أمريكا الآن: {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} مساكين مغفلين يذبحون أنفسهم، كيف باستطاعتهم أن يؤثروا على دولة عظمى؟! لا، إن المغرورين هم أولئك، هم الذين غرّوا أنفسهم.
وجاء القرآن الكريم ليؤكد أيضاً أن من يتخذون قرارات كهذه – ليقعدوا – إنهم لن يسلموا وهم من ستنالهم العقوبة بأضعاف أضعاف من الآلام والنقص أكثر مما يعاني منه المجاهدون.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة وإذ صرفنا اليك نفرا من الجن
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 11/2/2002م
اليمن – صعدة