نص كلمة السيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي في الذكرى السنوية للصرخة 1434هـ
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلوات الله وسلامه على خاتم أنبياءه ورسله محمد بن عبد الله وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
أيها الإخوة الأعزاء .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرّت بنا هذه الذكرى المهمة والعزيزة، الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين، في ظل وضعٍ قائمٍ في منطقتنا العربية، وعلى مستوى عالمنا الإسلامي معروف، مليء بالتحديات والأخطار الكبيرة، فعلى مستوى الوضع في بلدنا اليمن شهدت هذه المرحلة الأخيرة وجود قواعد عسكرية أمريكية تُنتهك بها سيادة البلد، وتعزز من حالة الإستعمار للبلد، وتعزز من حالة السيطرة الأمريكية على القرار السياسي في البلد، ويترتب عليها الكثير من الأخطار والنتائج السلبية، على مستوى إنعدام الأمن فمنذ تعزز الحضور الأمريكي العسكري والإستخباراتي في البلد تدهور الأمن لدرجة كبيرة، وأصبح الكل يشعر بالتهديد والخطر، لم يسلم حتى ضباط الجيش، حتى ضباط القوى الأمنية في البلد، مثلما نلحظ حتى على مستوى أيضاً القوات الجوية، الكل يُستهدفون الشعب، المؤسسات العسكرية والأمنية، إنعدام الأمن حالةً متزايدةً بارزةً ونتيجةً حتميةً للحضور الأمريكي العسكري والإستخباراتي المتزايد، وتزايد النشاط الإستخباراتي الأمريكي في البلد، بكل مجالاته، النشاط الإستخباراتي الأمريكي لا يقف فقط عند جمع المعلومات.. لا . أنشطة متعددة، جمع المعلومات إنما يتم بهدف القيام بأنشطة عدائية تخريبية تستهدف الشعب اليمني، أضف إلى ذلك جمع المعلومات يصب كله في ظل الإستهداف الشامل لبلدنا على المستوى السياسي، والعسكري، والإقتصادي وما إلى ذلك.
النشاط الإستخباراتي في اليمن وصل الآن إلى مرحلة خطيرة جداً، فحسب بعض المعلومات أن العناصر الإستخباراتية المجندة في صنعاء لوحدها بلغ عدد ثلاثة آلآف عنصر في صنعاء لوحدها، تمكنت أمريكا في المرحلة الأخيرة من تجنيدهم في الإستخبارات الأمريكية وتفعليهم للقيام بأنشطة إستخباراتية متنوعة، هذا على مستوى العاصمة صنعاء فقط.
وهكذا نلحظ في الوضع العام في بلدنا حالةً لا يمكن أن تنال رضا أي إنسان فاهم، واعٍ، تدهور إقتصادي، تدهور أمني، تخلخل كبير وتمزق للنسيج الإجتماعي، إستهداف واضح للقيم والأخلاق والمبادئ، حالة رهيبة وجهد مكثف من التزييف للوعي، وعملية تدجين ومحاولات كثيرة لفرض حالة التقبّل للهيمنة والسيطرة الأمريكية على البلد، هذا على مستوى البلد.
على المستوى العام في المنطقة العربية وفي معظم العالم الإسلامي هناك الكثير من الأخطار والتحديات والمآسي، فاستهداف سوريا، سوريا المقاومة، سوريا الحُرّة، سوريا التي كانت القلعة القوية والحصينة أمام الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة، ومثّلت داعماً أساسياً ورئيسياً للمقاومة الفلسطينية واللبنانية تستمر حالة الإستهداف التي بدأت منذ أكثر من عامين وتتوَّج الآن بتهديدات باستهدافٍ مباشرٍ وتدخلٍ أمريكي، والقيام بعدوان مباشر.
هناك أيضاً في ظل هذه المرحلة مرت بنا ذكرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي اعتمدت عليها أمريكا كذريعةٍ تمثّل خدعةً كبرى واستعملتها كمبرر لاستهداف العالم العربي والإسلامي، وللسيطرة عليه واستحكام قبضتها عليه، هكذا أيضاً تستمر المؤامرة الكبرى، مؤامرة العصر، مؤامرة الفتنة الطائفية حيث يستمر العمل ليل نهار بكل الوسائل والأساليب، وعلى المستوى الثقافي والتعبوي والإعلامي، نشاط مكثف وجهد مستمر في محاولة دءوبة لإثارة الفتنة الطائفية بين أبناء الأمة الإسلامية، شهدنا أيضاً في هذه المرحلة عملية الإلتفاف على الثورات الشعبية، وهذا ملحوظ ومعروف، الثورات الشعبية التي مثَّلت الأمل لكثيرٍ من أبناء شعوب أمتنا العربية والإسلامية، في عملية التغيير المنشودة والمأمولة والتي يتحتم القيام بها لإنقاذ أمتنا الإسلامية والعربية من الوضع المأساوي والمُهين الذي تعيشه، هذه الثورات الشعبية واجهة حالة التكالب الدولي والإقليمي للإلتفاف عليها، ومحاولة الإنحراف بها، عن مسارها والحيلولة دون تحقق أهدافها.
الوضع العربي العام، إنعدام المشروع، حالة التفكك، وحالة التفرّق، حالة الإرتهان على مستوى الأنظمة العربية، التطورات أيضاً السلبية في فلسطين المحتلة، واستمرار حالة التخاذل الرسمي والشعبي، إضافةً إلى الخطر المتزايد على الأقصى الشريف، كل هذه الأحداث التي يشهدها عالمنا العربي، وأمتنا الإسلامية، تمثّل دليلاً قاطعاً وشاهداً واضحاً على ضرورة أن يكون للأمة مشروعٌ عمليٌ نهضويٌ يبنيها لتكون في مستوى مواجهة الأخطار والتحديات، ولحمايتها والدفاع عن دينها وحريتها وأرضها وعرضها ومقدراتها واستقلالها، ولذلك بدافع الشعور بالمسئولية أمام الله ومن واقع أمتنا الإسلامية في منطقتنا العربية وغيرها، من خلال الواقع المأساوي المثقل بالجراح والآلام والمعاناة.
تحرك السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه بالمشروع القرآني النهضوي الحُرّ، متحسساً آلام الأمة حاملاً همها وتطلعاتها وآمالها، وبالألم والأمل وبالمسئولية وبالإستناد إلى القيم والأخلاق التي ينتمي إليها هذا الرجل كمسلمٍ انطلق بهذا المشروع العظيم، مشروعٍ نهضويٍ بنَّاء لمواجهة التحديات والأخطار، وكان عنوان هذا المشروع كان عنوانه هو الصرخة في وجه المستكبرين هتاف الحرية، وشعار البراءة، وتحرك متوكلاً على الله، معتمداً عليه، في ظل هذا المشروع في إطار هذا المشروع الواضح الحق العادل، لم يتحرك أشراً ولا بطراً ولا غروراً ولا كبرياءً ولا عبثاً ولا لهثاً وراء أي أهداف أو أطماع أو مكاسب شخصية أبداً.
فالمشروع الذي تحرك به هو منطلقٌ من هذه الأسس بدافع الشعور بالمسئولية أولاً، ومن واقعٍ واضح يحتِّم على الأمة أن يكون لها مشروع في مواجهة تحديات وأخطار كبيرة وحقيقية، ولا يمكن لأحد أن يجحدها أو ينكرها، وهكذا هو المشروع، مشروع المسيرة القرآنية بشعاره، بالمقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، بنشر الوعي بكل ما تضمنه هذا المشروع، ليتحرك في مسارٍ نهضوي يهدف إلى العمل على الحفاظ على استقلال الأمة وكرامتها، والحفاظ على مقدراتها، ومواجهة أعدائها، ومواجهة الأخطار الكبرى عليها، لم يكن عملاً استفزازياً موجهاً ضد أي أحدٍ من داخل الأمة، ولم يكن المقصود به استهداف أي جهة، ولم يكن من منطلق طائفي ولا مناطقي أبداً ولذلك كان ينبغي أن تكون النظرة إليه والموقف منه من الجميع نظرةً إيجابيةً وموقفاً سليماً، المشروع هو للأمة، من أجل الأمة، للدفاع عن الأمة، لبناء الأمة في مواجهة أعدائها، وهو ضد أعدائها الحقيقيين الواضحين الذين ألحقوا بها الذل والهوان واستباحوا فيها كل شيء، الدم والمال والعرض والأرض والشرف، وداسوا على الكرامة، ولم يتحاشوا من فعل أي شيء بالأمة مهما كان بالغ الأذى ومهما كان بالغ السوء، ومهما كان في منتهى الشر ومنتهى القسوة ومنتهى الطغيان، وكان المؤسف هو ما وُوجِه به هذا المشروع ومنذ البداية، ويمكننا أن نصنف الموقف العام من هذا المشروع على النحو التالي :
كان هناك الكثير الذي تعاملوا مع هذا المشروع بالتقبّل وبدافع الشعور بالمسئولية من الأحرار والواعين الذين كان يحدوهم دائماً الشعور بالمسئولية، وكان يحدوهم أيضاً الضمير، الضمير الحُرّ والحي الذي كان دائماً يجعلهم مستاءين من الواقع العام الذي لا يمكن أن يرتضيه أي حُرّ أي مسلم، أي إنسان بقي على فطرته، فكان هناك فعلاً من تفاعل مع هذا المشروع وتقبّله وناصره وانطلق في إطاره، كمشروعٍ للأمة كل الأمة، ولمصلحة الأمة كل الأمة.
كان هناك أيضاً من لم يتقبّل هذا المشروع نتيجةً لعدم الفهم لجدوائيته وأهميته وفائدته، وهذا الصنف من الناس الكثير منهم لم يعط لنفسه الفرصة للإطلاع الكافي على الخلفية الثقافية لهذا المشروع، الخلفية الثقافية والفكرية لهذا المشروع، وكان البعض متسرعاً عندما أدى موقفه الرافض لهذا المشروع، أو المعرض عنه غير المبالي، به ولو أن البعض سمح لنفسه، ودفع بنفسه وأعطاها الفرصة اللازمة للتأمل والتفهم والإطلاع الكافي، بالتأكيد أن أي منصف كان سيتفاعل إيجابياً مع هذا المشروع، البعض لم يتقبّل هذا المشروع نتيجةً لليأس والإحباط والهزيمة النفسية التي استحكمت وتعمَّقت في نفوس الكثير من أبناء الأمة للأسف نتيجة أمور كثيرة، النشاط التثقيفي غير المجدي غير الفاعل، غير النافع، النشاط التعليمي التثقيفي الذي لم يَصُبّ في الإتجاه الصحيح لبناء الأمة بناءً صحيحاً، بناءً سليماً، بناءً يجعلها في مستوى المسئولية، وفي مستوى مواجهة التحديات والأخطار، نتيجةً للحرب الإعلامية والتظليلية التي تسعى إلى تدجين الأمة وتعزيز حالة الذل والهوان والإستسلام والخضوع، الجهود الكبيرة التي تبذل بكل الوسائل وكل الأساليب لتركيع الأمة وإبقائها في حالة الخضوع المطلق لأعدائها، جعل الكثير يعيش في واقع حالة اليأس حالة الإحباط فقد أمله حتى بالله، وفقد أمله في أمته وفي دينه وفي مبادئه، ويعيش البعض حالة الهزيمة النفسية التي كبَّلَته وأقعدته فلم يرفع رأسه إلى الأعلى، ولم يجد عند نفسه أي اندفاع لتحمل المسئولية، ولإتخاذ الموقف، البعض أو مثل هذا النوع يمكن أن يعالج واقعه النفسي إذا كان لديه توجه لذلك، إذا كان لديه توجه ليعالج واقعه النفسي، فهناك من الأحداث والمتغيرات والوقائع ما يمكن أن يعزز الأمل، ما يمكن أن يعيد الثقة بالله سبحانه وتعالى.
ومن خلال أيضاً الجانب الثقافي، الثقافة القرآنية كفيلة حقاً بأن تعزز الأمل بالله والثقة به، وأن تُخرج الإنسان تماماً من حالة اليأس والإحباط، إضافةً إلى الإستفادة من الوقائع، ما حصل في لبنان، ما حصل في فلسطين، ما تحقق على يد الحركات المقاومة والمجاهدة من نتائج كبيرة، كله يمكن أن يعالج حالة اليأس والإحباط ويخلِّص البعض من هزيمتهم النفسية التي أقعدتهم وأذلتهم، وجعلتهم على هامش مسرح الأحداث، ليس لهم موقف، ليس لهم قضية، ليس لهم هَمّ، إنما ينتظرون ما سيحصل، هناك قوى أخرى كان لها موقف مختلف ليس فقط عدم التقبّل لهذا المشروع، أو التجاهل لهذا المشروع، بل العداء لهذا المشروع، التحرك العدائي على كل المستويات، إعلامياً وثقافياً وأمنياً وعسكرياً لمواجهة هذا المشروع، وفي محاولة لفرض حالة الصمت وحالة الإستسلام على الأمة، في محاولة أن لا يكون هناك أي صوت حُرّ، ولا أي في مواجهة حالة الهيمنة والسيطرة الأمريكية والإسرائيلية على شعبنا وعلى أمتنا بكلها، وهذا هو الموقف الأكثر سلبيةً، موقف غير مبرر أبداً، كان يفترض مهما كان هناك من خلافات على المستوى السياسي والمذهبي أن تبقى الأسس التي لا يمكن لأحد أن يجاهر برفضها أو انتقادها، أو الخروج عليها، كان يفترض أن تبقى منطلق للجميع ومرجعاً للجميع، القرآن الكريم، نحن كأمة مسلمة كان بالإمكان أن نرجع إلى القرآن الكريم جميعاً، القوى التي تحاول أن تفرض حالة الصمت والإستسلام وتحاول أن تقف بوجه أي تحركٍ جاد ومسئول، كان يمكن أن نتحاكم جميعاً إلى القرآن الكريم، كان يمكن أيضاً ومن الأشياء الثابتة التي لا يمكن الجحود بها ضرورة أن يكون شعبنا مستقلاً وأن تكون أمتنا مستقلة وحُرّةً لها قرارها وسيادتها، كان يمكن أن يكون هذا قاعدة ننطلق منها جميعاً لمناقشة هذا الموقف.
أيضاً الخطر الواضح على الجميع بلا استثناء، كان يمكن أن يشَكِّل قاسماً مشتركاً ولكن كان هناك تجاهل لكل القواسم المشتركة ولكل الأسس التي كان يفترض أن تكون منطلقاً للجميع، لا استقلال البلد، لا الأسس الثقافية والفكرية والتي يمكن أن يكون أساسها وأسها القرآن الكريم، ولا مسألة الخطر الداهم على الجميع، كل هذا تجاهلوه واتجهوا ليس لديهم أي خيار بديل، أي خيار ولا أي بديل ولا أي مشروع ولا أي فكرة، سوى أنهم يريدون أن نسكت.! أن نسكت فحسب. هل هناك مشروع لديهم لدفع الخطر الحقيقي عن شعبنا وأمتنا.؟ هل هناك أي بديل مشرِّف يمكن الرهان عليه.؟ . لا. المطلوب هو أمرٌ واحد هو الصمت والإستسلام والسكوت وأن تبقى ساحتنا على مستوى شعبنا وبلدنا اليمني وأمتنا من حولنا في المنطقة العربية وغيرها ساحةً مفتوحةً للأعداء يفعلون فيها ما يشاءون ويريدون، ويفرضون كل ما يشاءونه ويريدونه من مؤامراتهم ومكائدهم في ما يَصُبّ في مصلحتهم ويضرب الأمة، هذا هو المطلوب.! أن يكون اليمن كما هي المنطقة العربية، كما هو حال معظم العالم الإسلامي، ساحة مستباحة مفتوحة للعدو بدون أي موقف بدون أي صوتٍ حُرّ، بدون أي توجُّه يعارض أو يمانع أو يناهض الهيمنة الغربية الأمريكية الإسرائيلية على بلدنا وعلى أمتنا وعلى شعوب منطقتنا، كان هذا هو المطلوب، يعني موقف غير مبَرَر، غير سليم، غير صحيح، ولا يستند إلى مبادئ ولا إلى حقائق أبداً، موقف يَصُبّ فقط وفقط في مصلحة الأعداء.
وُوجِهَ هذا المشروع عدائياً من بعض القوى في مقدمتها السلطة وحاولت التودد والاسترضاء لأمريكا، التودد إلى أمريكا واسترضائها بهجمتها التي لم تكن حتى في مستوى محدود، كانت فعلاً حالةً عدائية مفرطة، وطغياناً كبيراً وواضحاً، وعدواناً ظالماً وإجرامياً، استبيح فيه كل من يتحركون في إطار هذا المشروع، لم تُرع لهم حرمة انتمائهم للإسلام، والمسلم دمه حرام، وماله حرام، وعرضه حرام، كل هذه الحرمات انتهكت لماذا.؟ طالما أنك تقول الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل أصبحت المسألة عندهم كافية في أن تُقتل، في أن يُدمَّر منزلك، في أن تُقتل أسرتك في أن يُنتهب مالك، في أن يُستباح عرضك، كافٍ لديهم، حرمة الوطن أننا أبناء وطنٍ واحد، ويفترض أن تجمعنا القواسم المشتركة والتعايش السلمي، كل هذه ذهبت أدراج الرياح، فلا احترموك كمسلم ولا راعوا حرمتك كمواطن، وهم دائماً ينادون بالوطن والوطنية ليل نهار، وأدبياتهم طافحة وممتلئة بهذه العبارات والشعارات، ولكن سرعان ما استُرخِص المواطن، وسرعان ما استُرخص البلد بكله، فأي قيمة، أي شرف، أي كرامة أبقوها للمواطن وللوطن، الوطن باعوا استقلاله فتحوه للأجانب ليستبيحوه كيف ما شاءوا وأرادوا.
في البداية السجون، ثم الفصل من الوظائف والطرد منها، وتكثفت وتزايدت حالة الإعتقالات، وصولاً إلى الحروب العدوانية الهمجية على مراحل ست، وجولات ست شهيرة ومعروفة، إضافة إلى ما تخللها ولا يزال حتى الآن من حروب متفرقة هنا وهناك، هذه الحالة العدائية في استهداف هذا المشروع ليس لها إلا هدف واحد، يَصُبُّ فقط وفقط في مصلحة العدو، وترمي إلى فرض حالة الإستسلام والصمت على الجميع كي لا يتحرك أحد، ولا يتخذ أحد أي موقف أبداً.
نحن أيها الإخوة الأعزاء عندما نعود إلى أصل هذا المشروع في منطلقه في مساره في أهدافه، نراه مشروعاً عادلاً محقاً، لا نرى هناك أي مبرر لأن يواجَه بتلك العدائية، نحن نتفهم موقف البعض ممن لم يتقبلوا هذا المشروع لعدم فهمهم لجدوائيته أو لعوامل نفسيه عائده إلى خوفهم أو ما شابه، لكن ما لا يمكن أن يُقبل وما ليس منطقياً ولا منصفاً هو الموقف العدائي، الموقف العدائي الشديد من البعض للأسف وقفوا بكل شدة بكل قسوة نفس الموقف الذي كان يفترض منهم في مواجهة أعداء الأمة وجهوه إلى الداخل، عداوةً شديدة، وحقداً شديداً، وتأليباً وتحريضاً لا يتوقف أبداً ويستخدم كل العناوين كل الوسائل التي يمكن أن تساعد على حالة التحريض والعداوة والبغضاء، نحن بغض النظر عن تفاصيل هذا المشروع، عندما نعود إلى واقعنا كمسلمين، كعرب، كيمنيين، نجد أننا مستهدفون وهناك أخطار كبيرة وحقيقية معلومة ومعروفة، بلدنا مستباح، دماؤنا مستباح، وليس هناك من يمكن أن يتحرك بالنيابة عنا هذا الخطر، الطائرات الأمريكية التي تتحرك بالضربات الجوية وتتنقل من محافظة إلى أخرى لتقتل هناك، ثم تقتل هناك، هل أحد يتخذ موقف على المستوى الرسمي .؟ . ليس هناك ولا في الحد الأدنى حتى على مستوى الشجب والتنديد أو الاستنكار ما هناك أي موقف أصلا.! تركوا البلد مستباح، يقتل الأمريكيون من شاءوا، متى شاءوا، أينما شاءوا، وليس هناك حتى مستوى الإعتراض بأبسط المستويات، تنديد أو شجب أو استنكار هذا على المستوى الرسمي، بل هناك قوى ترحب وتحاول بالتودد، أن تتودد أكثر من خلال أن تشجع الأمريكيين على القيام بما هو أكثر، لم يكفهم ما وصل البلد إليه. هذا الإستهداف وهذه المخاطر الحقيقية على حياتنا، على هويتنا، على أرضنا، على عرضنا، على مقدراتنا، على أمننا، على وجودنا الحضاري، هل يمكن أن ننظر إليها منظر المتفرج.؟ هل هذا موقف سليم.؟ أو يكفي أن نتجاهلها لتصل بنا أينما وصلت.؟ هذا ليس موقفاً لا حكيماً ولا سليماً ولا ينسجم مع الفطرة بحال.
ثم عندما نعود إلى مسألة أخرى، هي أنَّا مسلمون وانتماؤنا للإسلام هو انتماء إلى مبادئ وانتماء إلى قيم إلى منظومة متكاملة من المبادئ والقيم والأخلاق، يفرض علينا هذا الإنتماء أن نكون أمةً حُرّةً وعزيزةً لها كرامة ولها إرادة ولها قرار، لا يمكن أبداً أن ينسجم بحال من الأحوال الإنتماء إلى مبادئ الإسلام وقيم الإسلام وأخلاق الإسلام مع الرضا بالهوان والإذلال والإستعباد والقهر. لا يمكن أبداً أن نرتضي لأنفسنا أن نكون أمةً مستباحة، نُقتل، نُهان، نُذل، نُستعبد، نُقهر، دون أن يكون لنا موقف ودون أن يكون لنا أي صوت، ودون أن نتحرك أي تحرك لدفع هذا الشر وهذا السوء عن أنفسنا، هذا غير مقبول عند الله سبحانه وتعالى.
انتماؤنا للإسلام يُحتِّم علينا ويفرض علينا أن نتحرك بمسئولية، نحن الأمة التي من أهم القيم التي تنتمي إليها العدل، العدل (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) هكذا يخاطبنا الله، وهكذا يريد لنا أن نكون، لا أن نكون نحن الأمة التي ترضى من الظلم والضيم بما لا ترضى به أي أمة من الأمم الأخرى على الأرض، نحن الأمة التي أراد الله لها أن تكون أمة العدل، وأن تقيم العدل في واقعها وتنطلق تحمل العدل كمشروع تنشره في أقطار الأرض، فكيف نقبل لأنفسنا أن نكون الأمة التي تُظلم وتتقبل أن تُظلم وتُهان، وتصمت وتسكت وتستسلم ولديها كل المقومات وكل المقدرات التي تستطيع من خلالها أن تدفع عن نفسها الظلم والضيم والهوان والذل، ولكن أصحاب ثقافة العجز وثقافة الإستسلام والمدجِنون للأمة هم الذين يشتغلون في المسار غير الصحيح، نحن الأمة الذين بانتمائنا للإيمان يخاطبنا الله ويقدِّم لنا قيمةً من أهم القيم على الإطلاق، قيمةً تحقق للإنسان كرامته، وآدميته حينما يقول الله سبحانه وتعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) بهذه القيم، بهذه المبادئ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ) المبادئ والقيم الإلهية العظيمة، يُحتِّم علينا هذا أن نتحرك في إطار المسئولية فلا نقبل أبداً بالضيم والقهر والإذلال والإستعباد والهوان، فيكون لنا موقف ولذلك نحن نقول من العدل من الإنصاف أن مشروعاً ينطلق من هذا المنطلق لا ينبغي أن يوجَّه اللوم لأهله، من يتحرك من هذا المنطلق في هذا المسار على هذا الأساس لماذا يوجه إليه اللوم والنقد غير البناء.؟ والحالة الفظيعة من العداء والبغضاء.؟ ويُنادى بالحرب عليه.؟ ويُهتف بالعداوة لها له ليل نهار لماذا.؟ . لأنه يتبنى موقفاً منطلقاً من هذا المنطلق من واقع الشعور بالمسئولية لمواجهة أخطار حقيقية، موقف ينسجم مع الإنتماء للمنظومة الإسلامية من القيم والمبادئ والأخلاق، ليس من الإنصاف ولا من العدل أن يوجه اللوم لمن يصرخ في وجه الظالمين والمستكبرين، بل الموقف الصحيح، الموقف العادل هو أن يوجَّه اللوم والعتاب والنقد لمن يتحرك في الإتجاه الآخر في مسار العمالة والإرتهان للأعداء، ولذلك نحن ننادي الآخرين أن يراجعوا مواقفهم وحساباتهم ومن منطلق المسئولية أمام الله سبحانه وتعالى، وأن يُعطوا لأنفسهم الفرصة اللازمة للتأمل والتفهم، ليس هناك مبرر لمواجهة هذا المشروع بكل هذه العدائية، وبكل هذا الحقد لدرجة أن الكثير تستباح دماؤهم حتى في مناطق متعددة، في بعض المناطق هناك مشاكل لماذا.؟ البعض قُتل واستبيح دمه لماذا..؟ قالوا هتف بالشعار، يعني من يهتف بهذا الشعار حكمه الإعدام.! بأي شرع.؟ بأي شريعة .؟ بأي قانون.؟ بأي دستور .؟ في أي نظام.؟ في أي ملَّة.؟ يمكن أن يقال هكذا من يهتف بالشعار يستباح دمه ويُقتل، يُقتل حتى بدمٍ بارد. هذا ظلم هذا خطأ.
نحن نؤكد أن من أخطر ما يعاني منه شعبنا وتعاني منه أمتنا الإسلامية في منطقتنا العربية وفي كثير من أقطار العالم الإسلامي هو حالة التدجين، الدور السلبي الذي تمارسه بعض القوى في تدجين الأمة، وفرض حالة الإستسلام، وتَقَبُّل حالة الهيمنة من جانب الأعداء واستساغتها بما لذلك من عواقب سيئة على الناس في دنياهم وفي آخرتهم هذا هو الخطأ، المخطئ حقاً والذي يسيء إلى أبناء دينه وإلى أمته وإلى نفسه، من يمارس دور التدجين، هو الدور الهدام غير المقبول غير المنسجم لا مع هوية الأمة ولا مع مصلحة الأمة، لا ينسجم هذا الدور التدجيني لا مع مصلحة الأمة ولا مع هوية الأمة.
أمّا هذا المسار الممانع، هذا المسار النهضوي، هذا المسار الحُرّ، الذي ينسجم مع هوية الأمة وينسجم مع مصلحة الأمة، فهو المسار السليم والصحيح، ومن له مشروع في هذا السياق فليأت به ولنتناقش عليه.
نحن أيها الإخوة الأعزاء نرى أن من المهم أن نتحدث ببعض النقاط عن قيمة وأهمية هذا المشروع، أهمية الشعار ومشروع المسيرة القرآنية.
أولاً : على مستوى المنعة الداخلية للأمة وللفرد وحمايتها من السقوط في مستنقع العمالة والإرتهان، وبناء واقعٍ محصَّن من الإختراق، وعصيٍّ على الهيمنة في مقابل من يحاولون تهيئة المجال وإيجاد بيئة خصبة وقابلة للعمالة والخيانة والهيمنة والسيطرة لمصلحة الأعداء لدرجة عجيبة، تصبح العمالة فيها محط افتخار وتنافس، وسلعة رائجة في سوق النفاق، فالمكسب الأول من مكاسب الشعار، والمشروع القرآني الذي الشعار هو عنوانه وإلا فهو مشروع شامل ومتكامل وبَنَّاء ونهضوي يبني الأمة لتكون في مستوى مواجهة التحديات والأخطار.
الشعار والمقاطعة من مكاسبها الأولية هو هذا المكسب توفر حالة من المنعة الداخلية، حالة من السخط والعداء للأعداء تحمي الداخل الشعبي لشعبنا ولأمتنا، تحميه من العمالة، عندما يكون هناك بيئة هكذا بيئة معادية للأعداء لها موقف معروف منهم، تصبح مسألة العمالة والخيانة مسألة خطيرة ويحسب العملاء والخونة ألف ألف حساب قبل أن يتورطوا في ذلك، لكن إذا كان هناك واقع مهيأ ليس هناك أي نشاط عدائي ولا أي موقف يكون حينئذ مشجعاً للكثير من ضعيفي الإيمان، من الذين ليس لديهم ضمير ولا إنسانية ولا مبدأ ولا وطنية ولا أي شيء آخر، كل عوامل المنعة مفقودة لديهم يمكن أن يستغلوا الفرصة عندما يجدون بيئة متهيئة وقابلة، فيدخلوا في العمالة ولا يتحاشون من أي شيء ويتسابقون فيها، هذا مكسب مهم، مكسب مهم للغاية، وسيأتي أيضا التأكيد على أهمية هذه النقطة.
ثانياً : الوعي بمؤامرات الأعداء ومكائدهم،لأنه ضمن هذا المشروع هناك مساحة واسعة من الأنشطة الثقافية والتوعوية لكشف مؤامرات الأعداء ومكائدهم والتي من خلالها تُضرب الأمة، وتُمثل ثغرةً كبيرةً يعتمدون عليها في استهداف الأمة، ونحن نشاهد النتائج السلبية للقصور في الوعي على المستوى الشعبي العام في شعوب منطقتنا العربية، كلما تناقص الوعي وتقاصر الفهم وضعف الإدراك بحقيقة ومستوى المخاطر والمؤامرات، كلما ساعد هذا على نجاح كثير من المؤامرات والمكائد، وكلما تنامت حالة الوعي والفهم، كلما أعاقت الكثير الكثير من مخططات الأعداء ومؤامراتهم فلا تنجح بل يكون مصيرها الفشل، وهذا جانب مهم يُغفله الآخرون الذين لهم مسار معاكس لتزييف الوعي لأن معركة الوعي هي المعركة الأولى في المواجهة مع العدو وإذا لم يتحرك فيها الناس بمسئولية وهِمّة وإدراك لمستوى أهميتها فستكون هناك الكثير من النتائج السلبية وسيستطيع العدو أن يتقدَّم في خطوات كثيرة إلى الأمام لصالحه لضرب الأمة وإذلالها.
من المكاسب المهمة لهذا المشروع الحفاظ على القيم وتنميتها، هذا المشروع هو مشروع يستند إلى قيم ويعتمد عليها أساساً لكي نتحرك في مواجهة هذه التحديات والأخطار نحتاج إلى أن نرسي ونعزز إيماننا بتلك المبادئ المهمة والعظيمة وأن نعزز في أنفسنا وفي واقعنا تلك القيم المهمة، منها العزة والكرامة والشرف والحرية وما إلى ذلك، في مقابل مسار الهدم للقيم الملازم لمسار العمالة، الذين يتحركون في مسار العمالة هم يستهدفون في الأمة كل القِيم التي تمثل حصانةً ومنعةً للأمة، يحاولون بدلاً من قِيم العزة والحرية والكرامة أن يُرسِّخوا ويفرضوا التقبّل بحالة الذل، وحالة الهوان، وحالة الإنحطاط التي تجرد الإنسان العربي المسلم من كل قيمه وتفرّغه من كل مبادئه وأخلاقه فيكون أشبه شيء بالحيوان الذي يتقبل كل الإذلال وكل الهوان وكل القهر، فلذلك هذا المشروع يترافق معه إرساء هذه القيم وتنميتها وبناء الواقع النفسي والتربوي على أساسها في مواجهة المسار الهدّام الذي يسعى لتجريد الأمة من تلك القِيم.
هذا المشروع أيضاً يهدف إلى بناء الأمة في مواجهة التحديات، بناءها على المستوى أولاً على مستوى الوعي ومن ثم في كل مسارات حياتها، على المستوى السياسي، على المستوى الإقتصادي، على المستوى الثقافي، على مستوى أن يكون لها هدف حضاري، ولا تبقى أمة بدون هدف ولا مشروع، يقنعها الآخرون بأن تبقى أمةً ذليلةً مستسلمة هينةً تقبل بوصاية الآخرين عليها فيما يضربها هي وليس فيما يبنيها، ليست وصاية فيما يبني إنما وصاية في يعزز من حالة الذل والهوان والسقوط، إنما تحقق حتى نعود إلى النقطة الأولى أهمية هذا المشروع في حصانة الأمة من الداخل والمنعة الداخلية للأمة، ما تحقق للأعداء لحد الآن في بلدنا من مكاسب من خلال تمكنهم من إرساء قواعد عسكرية في البلد، قواعد عسكرية أمريكية في البلد، بكل ما يمثل هذا من انتهاك لسيادة اليمن، ومخاطر على أمنه وعلى استقلاله، وكفى بها مخاطر، وهي مخاطر قبل كل ذلك على الدين، على القيم، على الأخلاق، على الهوية لهذا الشعب المسلم، ما تحقق كان عن طريق مسار العمالة.! يعني لم تحتج أمريكا إلى الدخول بالقوة إلى فتح جبهة حرب في اليمن لتتمكن بالتالي من أن تفرض لها وجوداً عسكرياً واستخباراتياً في مناطق استراتيجية في بلدنا .. لا . لم تحتج، كان عن طريق مسار العمالة، هذا مما يكشف أهمية هذا المشروع لتحصين الحالة الداخلية باعتبارها تُمثل أكبر ثغرةٍ على الأمة، فبالغطاء السياسي من أصحاب السبت من حكومة السبت وفتحهم للبلد وإهدارهم لدماء أهله، وتضييعهم لاستقلاله لم يحتج الأمريكي إلى أي مشاكل في سبيل أن يصل إلى ما وصل إليه، وأن يتحقق له ما قد تحقق.. أبداً قدموا له استقلال البلد وكرامة الشعب، والقرار السياسي والسيادي بالمجان مقابل وظائف ومناصب وهمية منزوعة الصلاحية وفاقدة القرار والإرادة، جعلوا من أبناء البلد دروعاً بشرية مهمتها حراسة وحماية الوجود الأجنبي في البلد، الآن الأمريكيون في القواعد التي يتواجدون فيها في بلدنا سواءً في قاعدة العند أو في غيرها محميون بالإنسان اليمني، ويقدم لهم فداءً، الحكومة تُقدم الإنسان اليمني كجندي أو كعنصر أمن ليكون مِترساً وفداءً بحياته لهذا المحتل الأجنبي الذي جاء عسكرياً وأمنياً إلى بلدنا ليتمكن من خلال ذلك من استحكام قبضته وسيطرته على بلدنا، على شعبنا، على قرارنا، على سيادتنا.
نريد القول بأن ما وصلت إليه أمريكا وتحقق لها من مكاسب على مستوى بلدنا ثم على مستوى المنطقة العربية ما كان ليكون لولا مسار العمالة القائم على قدم وساق، ما كان ليكون، ما كان هناك أي قاعدة عسكرية أمريكية في البلد، وهل كانت أمريكا ستستطيع بالقوة العسكرية أن تقتحم الشعب اليمني، وأن تفتح حرباً عسكرية شاملة على الشعب اليمني لتفرض لها وجوداً عسكريا..؟ . كلا . لا تجرؤ على ذلك، هي لا تجرؤ على ذلك، أن تدخل بحرب شاملة على الشعب اليمني، لكن ما تحقق لها كان نتيجة لمسار العمالة الذي رحَّب وفتح البلد وأباح، أباح البلد والشعب، وفتح المجال للأجانب أن يفعلوا كلما يشاءون ويريدون ضمن صفقات سياسية رخيصة ليست في مستوى هذا الثمن الباهظ، الشعب، البلد، الإستقلال، الحرية، الهوية الدينية للشعب اليمني والقِيم، منظومة القِيم والأخلاق التي كان عليها الشعب اليمني على مسار التاريخ، ولذلك ندرك أهمية أن يكون هنالك مشروع يحمي الأمة، يحفظ لها عزتها، يحفظ للأمة توجهها الصحيح الذي لا يقبل بهيمنة الأعداء وسيطرتهم ولا يقبل بهذا الإسترخاص الذي يباع فيه الإنسان اليمني وتُسترخص حياته، ويُسترخص أمنه، وتُسترخص مقدراته، ولا يكون حتى في مستوى محترم الدم في الشريعة الإسلامية هناك حيوانات محترمة الدم، اليوم ليس للإنسان اليمني وزن عند الأمريكيين حتى في مستوى وزن الحمار في الشريعة الإسلامية، الحمار في الشريعة الإسلامية محترم الدم، الإنسان اليمني في السياسة الأمريكية والنهج العدائي الأمريكي مُهدر الدم ومُستباح الدم، وساعدت حكومة العمالة والإرتهان للخارج على أن يكون الإنسان اليمني رخيصاً لهذه الدرجة، أن يُقتل بكل بساطة دون أي موقف ولا أي حساب ولا أي مسائلة، ولا المستوى البسيط ولا الحد الأدنى من المواقف المتواضعة، ندرك أهمية أن يكون للأمة هكذا مشروع، يحفظ لها عزتها، كرامتها، مسارها النهضوي البنّاء، لحماية نفسها والدفاع عن نفسها.
ثم هذا المشروع كان بالإمكان الاستفادة منه لدفع الخطر كلياً عن الشعب اليمني، نحن على ثقة أنه لو تبنى الشعب اليمني بالشكل المطلوب، مع أن شريحة واسعة وكبيرة من أبناء الشعب اليمني تتبنى هذا المشروع الحُرّ والنهضوي، لكن لو كان التحرك في أوساط الشعب اليمني بشكلٍ كبير وفاعل نحن على ثقة أنه كان بإمكان هذا المشروع أن يدفع عن الشعب اليمني هذا الإستهداف الأمريكي الكبير والخطر الحقيقي لعدَّلت أمريكا منطقها، وغيّرت موقفها، وغيّرت سياستها، لو تحرك الشعب اليمني بزخم جماهيري كبير على النحو الذي خرج به في أوج ثورته الشعبية لتحققت بالتأكيد نتائج إيجابية، فعلاً لو تحرك الشعب اليمني لو وقف الشعب اليمني وقفةً واحدة في أسبوع واحد بالزخم الجماهيري الكبير الذي تحرك به في أوج ثورته الشعبية لاستطاع أن يغير الموقف الأمريكي تماماً، ولغيرت أمريكا منطقها تجاه اليمن، ولاعتبرت اليمن ليس فيه إرهابيين ولحاولت أن تتلطف تجاه الشعب اليمني، الأمريكيون والواقع يشهد حريصون على تفادي سخط الشعوب ولذلك يغازلونها في الوقت الذي يقتلونها ويمتهنون كرامتها ويستهدفونها، يغازلونها بعناوين مخادعة، عنوان الديمقراطية، عنوان الحرية، عنوان حقوق الإنسان، وغيرها من العناوين الأخرى، لماذا يغازلون الشعوب بهذه العناوين.؟ لأنهم يحرصون على تفادي سخطها، هذه مسألة أكيدة، بل هم يخصصون أموال كبيرة بالمليارات يصرفونها في سبيل تحسين صورة أمريكا لدى الشعوب حتى تستطيع وتتمكن من السيطرة على الشعوب بأقل كلفة، هذه مسألة مهمة جداً لدى الأمريكيين، أقل كلفة على المستوى الإقتصادي، على المستوى العسكري، على المستويات الأخرى، وهذه مسألة واضحة وأكيدة.
ثم نؤكد على أهمية التحرك الشعبي، نحن كشعب يمني وكشعوب عربية وإسلامية، يجب أن نتحرك وأن لا نراهن بأي حالٍ من الأحوال على الأنظمة الرسمية التي معظمها أصبح يعمل ويشتغل ويتحرك في إطار المشروع الأمريكي الإسرائيلي نفسه، لضرب الشعوب وإذلال الشعوب، وتعزيز حالة السيطرة الأجنبية على البلدان العربية والإسلامية، هذا هو حال معظم وأكثر الأنظمة العربية لا يمكن الرهان عليها، ونحن قلنا في مقامات ومناسبات أخرى أنه حتى لو أخلصت الأنظمة العربية هي لن تستطيع بمفردها أن تدفع عن الأمة هذا الخطر الكبير، وأنه لا بد وحتى لو أخلصت الأنظمة العربية وتحركت وكانت مواقفها إيجابية وأرادت أن تدفع عن نفسها وشعوبها الخطر وأن تحافظ على استقلال بلدانها وكرامة شعوبها لن تستطيع أن تستغني عن دور الشعوب، دور الشعوب حتمي وضروري، هو ضرورة وهو مسئولية، الشعوب إذا لم تتحرك هي لحماية نفسها بنفسها، ولتحمل هي المشاريع العملية الحقيقية البنّاءة التي تبنيها لدفع الخطر عن نفسها وتعزز من حالة الدفاع في مواجهة الخطر فهي متضررة، إذا لم تتحرك في هذا الإتجاه فالخطر كبير والضرر فضيع والعواقب سيئة، لا يمكن أبداً أن تتوقع الأمة لنفسها الخير والعز والشرف في الوقت الذي تبقى فيه هامدةً خاضعة مستكينةً مستسلمةً ليس لها موقف وليس لها مشروع، لا يمكن بهذا أن تدفع عن نفسها لا الشر ولا الخطر ولا الضرر.
تحرك الشعوب هو حتميةٌ وهو ضرورةٌ وهو مسئولية، مسئولية أمام الله، أمام أجيالنا اللاحقة، وأمام التاريخ وهو أيضاً لمصلحتنا كشعوب أن نتحرك لندفع عن أنفسنا الشر والخطر والضرر والإستهداف الكبير الذي هو استهداف شامل، شامل لكل شيء لهويتنا، لقيمنا، لأرضنا، لعرضنا، لمقدراتنا، لوجودنا الحضاري، استهداف شامل، والتحرك الشعبي هو مجدٍ وفعّال، ومؤثر، وله النتائج الكبيرة والإيجابية، لا ينبغي لأحد أن يُصدق دعاة الإستسلام، وأصحاب ثقافة العجز واليأس ولا المرتهنين للعمالة، لا ينبغي لأحد أبداً أن يصدقهم، التحرك الشعبي مثمر وفاعل وله نتائجه المؤكدة، وهناك شواهد واضحة من الواقع في فلسطين من خلال حركات المقاومة وما تحقق على يديها، وهي مقاومة خرجت من الشعب نفسه، ونشأت من أوساط الشعب نفسه، المقاومة في لبنان وحزب الله الذي يُمثل أعظم نموذج يمكن أن تحتذي حذوه الشعوب، ويُمكن أن يكون حجةً لله على الشعوب ليعيد لها الأمل ويعزز فيها الثقة بالله وبنفسها وبمقدراتها وإمكانياتها ومقومات النهضة والقوة لديها.
النموذج الشعبي الفاعل نرى شواهده في فلسطين، في لبنان، في العراق، وحتى على مدى التاريخ في مواجهة كل احتلال وفي مواجهة كل خطر أجنبي، كان الدور الفعّال دائماً هو للشعوب، وكانت الشعوب هي المنتصرة في نهاية المطاف، وهي التي تحقق لنفسها الإستقلال وتبني واقعها لتكون هي من يُقرر في مستقبلها، ويبني واقعها، ويتحكم في مصيرها، بدلاً من أن يكون مصيرها مرهوناً بيد الآخرين من أعدائها.
ونحن نرى أنه لا مبرر أبداً لكل الذين يتجاهلون هذه الأخطار، وهذا الواقع ليس لهم أي مبرر، من يخرج هذه المسألة من دائرة الإهتمام تماماً ثم يأتي لينتقدك وليسخر منك، وليهزأ بك أو ليعاديك عندما يرى لك موقفاً، أو يسمع لك صوتاً، أو يرى لك مشروعاً، ينشغل دائماً بالنقد لك بالسخرية منك، بالإستهزاء بك، بالعداء لك، ليس لهم أي مبرر أبداً، هم في الموقف الخطأ والذي له نتائجه السلبية عليهم هم أولاً، وما أعظم خسارتهم، لأنهم يخسرون، يتعبون، يبذلون الأموال، يقدمون الكثير، قرابين قتلى وهم يعتدون في سبيل تركيع الأمة، وفرض حالة الإستسلام والصمت، هم يتكبدون خسائر كبيرة، وللأسف ضياع، ضياع وخسرانٌ مبين، كان من المفترض بدلاً من أن يوجهوا طاقاتهم كلها على المستوى الإعلامي، على المستوى الأمني، على المستوى العسكري لفرض حالة الإستسلام لخدمة العدو الخارجي والأجنبي كان الذي يُشرِّفهم وينسجم مع انتمائهم للإسلام ومع الوطنية التي يتشدقون بها، ويتغنون بها أن يوجِّهوا تلك الطاقات والقدرات والإمكانات في سبيل الحفاظ على حريتهم وحرية أمتهم، وكرامتهم وكرامة أمتهم، فأمتهم إذا فقدت الكرامة لن يكون لهم كرامه، أمتهم إذا فقدت العزة لن يكون لهم عزة، وأمتهم إذا فقدت استقلالها سيكونون هم مجرد عبيد صاغرين أذلاّء، لا احترام لهم ولا وزن لهم حتى عند من قدَّموا له كل الخدمات، هذه هي الحقيقة.
إنني أنصح كل من لهم موقف عدائي وكاره وساخط ضد هذا المشروع وهذا المسار النهضوي بشعاره، بثقافته بأنشطته، أنصحهم لله وللتاريخ وللإنسانية أن يراجعوا مواقفهم وحساباتهم، وكما قلت سابقاً من منطلق المسئولية أمام الله، نحن شعب واحد لمصلحتنا جميعاً ولمصلحة شعبنا ولمصلحة أمتنا أن نكون شعباً حُرّاً كريماً عزيزاً، وأن يكون بلدنا مستقلاً، وليس من مصلحتنا جميعاً أن يكون بلدنا فاقداً لاستقلاله، وشعبنا فاقداً لكرامته، وإنساننا مُهدر الدم ومُستباح الكرامة.
والله المستعان
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
——————————————————————————————-
لمشاهدة رابط الفيديوا الخاص بالكلمة