القوات اليمنية تعصف بقوة الردع الأمريكية في باب المندب
تواصل القوات المسلحة اليمنية تنفيذ عملياتها العسكرية الرائدة لنصرة غزة، مقدمة بذلك دروسًا قاسية للقوات البحرية الأمريكية والبريطانية. تجسد هذه العمليات عجز القوتين العظميين عن اكتشاف الصواريخ والطائرات بدون طيار اليمنية، ناهيك عن التصدي لها أو تعطيل أهدافها.
ليس من الغريب أن تقف البحرية اليمنية مع القضايا الإنسانية العادلة، حيث تجاوزت “إسرائيل” في عدوانها وغطرستها كافة القيم والمبادئ الإنسانية، وهي ترتكب جرائمها في غزة ورفح، تاركةً العديد من الأبرياء مشردين. فيما المنظمات الحقوقية والدولية لا تحرك ساكنًا، وتكتفي ببعض القرارات الخجولة التي لا تدين ما يحدث، بل تدعو العدو إلى مفاوضات سلام لا أكثر.
دعوات السلام التي تعلنها “إسرائيل” ليست سوى مسكنات موضعية تهدف إلى إلهاء الأصوات الإنسانية وضغوط الشارع العالمي الذي يندد بالجرائم الصهيونية في غزة ويتألم للصمت الدولي المريب على تلك الانتهاكات الفظيعة.
لقد رفع اليمن، قيادةً وشعبًا، شعار “لستم وحدكم”، وهو شعار يحمل معان عميقة جسدتها الأفعال، كما يتحدث قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابات الجماهيرية كل يوم خميس، ويليه الزخم الجماهيري كل يوم جمعة، الذي يعكس قوة وإرادة الشعب، محدثًا زلزالًا في هيبة أمريكا وبريطانيا.
ويدرك الكيان الصهيوني جيدًا ما تعنيه قدرات اليمن على مواجهة الهيمنة الأمريكية، بل إخضاعها وكسر هيبتها، حيث أجبرتها على تحويل أغلب القطع العسكرية عن مسار المواجهة.
وتُظهر القوات البحرية اليمنية واقعًا عسكريًا استثنائيًا، تواصل مع الصواريخ والطائرات بدون طيار والغواصات في نقاط استراتيجية على البحر الأحمر، تمنع أي سفينة متجهة نحو “إسرائيل” أو لها صلة بها من الاقتراب، عبر عمليات منسقة ودقيقة في مواجهة ما يسمى بتحالف “حارس الازدهار”، الذي يجمع كافة إمكانيات أمريكا وبريطانيا، إن لم يكن العالم بأسره لحماية مرور السفن.
اليمن يقلب المعادلة
وفي تقرير حديث لموقع “Anti War” الأمريكي، أشار إلى تأثير برنامج الطائرات بدون طيار الذي طوره الجيش اليمني، حيث لم يغير مجرى الحرب محليًا فحسب، بل أعاد تشكيل مكانة اليمن على الساحة العالمية. وأبرز التقرير نجاح الجيش اليمني في تقويض قوة الردع الأمريكية وما أسمته بتحالفها الدولي بعد أن فشلت واشنطن في التصدي للهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار.
وأشار الموقع إلى أن “الحوثيين” قد نفذوا 53 هجومًا ضد “إسرائيل” منذ السابع من أكتوبر، وكان أبرزها في 19 يوليو عندما قطعت طائرة بدون طيار مسافة 1600 ميل من الأراضي اليمنية، مما قوض الدفاعات الجوية الإسرائيلية قبل أن تصطدم بإحدى الأبراج الشاهقة في “تل أبيب”.
كما انتقد التحليل الأمريكي فشل الولايات المتحدة و”إسرائيل” في تحقيق تفوقهما الاستخباراتي في الوقت الذي طورت فيه اليمن أسطولًا من الطائرات بدون طيار قادرة على تعكير صفو الهيمنة الأمريكية على مفاصل القرار العالمي، فرغم حجم الترسانة العسكرية العالية، استطاع اليمنيون إغلاق أحد أكثر الممرات المائية حيوية في وجهها دون أي اعتبار لما يطلق عليه العالم “أمريكا العظمى”.
تراجعت عجزا
في سياق متصل، أعلنت ألمانيا عن تراجعها عن نشر فرقاطة “هامبورغ”، معترفة بعجزها عن التصدي لصواريخ اليمن، وهو ما ورد ضمن اعتذار وزارة الدفاع الألمانية في 19 أغسطس الجاري. وبينما زعمت الوزارة أن سبب عدم إرسال الفرقاطة إلى البحر الأحمر يتعلق بضرورة احتفاظها بالاستعداد لإجلاء المواطنين الألمان من لبنان، أكدت التقارير على أن الفرقطات تفتقر للرادارات المناسبة لاكتشاف الصواريخ الحديثة المضادة للسفن.
ميناء أسدود يفقد 63% من أرباحه
وعلى صعيد الأثر الاقتصادي الناتج عن منع مرور السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بالعدو عبر البحر الأحمر، أفادت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية العبرية بفقدان ميناء “أسدود” 63% من أرباحه خلال الربع الثاني من العام الجاري. نتيجة للتداعيات التي تسببت بها الحرب وبالتالي الحظر الذي فرضته قوات الجيش اليمني.
تشير التقارير إلى تراجع واضح في جميع مجالات النشاط في الميناء، حيث انخفض إجمالي ربحه إلى 17.5 مليون “شيكل”، مقارنة بـ 47 مليون “شيكل” في الفترة نفسها من العام الماضي.
كما تحذر التقارير من خسائر مرفأ “أسدود” في القطاع الخاص بالنقل، حيث انخفض عدد الحاويات المحملة والمفرغة في النصف الأول من هذا العام بنسبة 9%، بما يعادل 31 ألف حاوية.
وفيما يتعلق بأثر الوضع الاقتصادي على الشحن البحري، أكدت شركة “ميرسك” أنها فرضت زيادات جديدة في رسوم الشحن نتيجة الأوضاع الراهنة في البحر الأحمر. حيث أعلنت الشركة عن تراجع كبير في الأرباح بسبب الهجمات المستمرة التي تستهدف السفن الإسرائيلية، مؤكدة أن صافي أرباحها قد انخفض بنسبة 45% في الربع الثاني من العام.
الخسائر بالأرقام
ولمزيد من التفاصيل، نشرت صحيفة “كالكاليست” العبرية، أمس الثلاثاء ، تقريراً جاء فيه أن “خسائر مرفأ “أسدود” زادت بسبب الأضرار التي سببتها الحرب، والسبب الرئيسي هو تراجع جميع مجالات النشاط، وخاصة السفن التي تحمل السيارات والبضائع العامة”.
وبحسب التقرير فقد “انخفض إجمالي ربح الميناء في الربع الثاني من هذا العام إلى 17.5 مليون شيكل، بالمقارنة مع 47 مليون شيكل في الفترة نفسها من العام الماضي، وهو انخفاض قدره 63%، وخسارة قدرها 20 مليون شيكل”.
وأضاف أن “هذه خسارة كبيرة مقارنة بالربع الأول من العام، عندما خسر المرفأ 7 ملايين شيكل”.
وأشار إلى أنه “خلال النصف الأول من عام 2024، سجل الميناء خسارة بقيمة 29 مليون شيكل، مقارنة بربح قدره 71 مليون شيكل في النصف المقابل من عام 2023”.
وذكر التقرير أن “الخسائر التشغيلية في الربع الثاني من عام 2024 بلغت 13 مليون شيكل”.
وأوضح أن حجم الحاويات المحملة والمفرغة في الميناء في النصف الأول من هذا العام انخفض بنسية 9% وبمقدار 31 ألف حاوية، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي وذلك بسبب “التحويلات في طرق الشحن”، في إشارة إلى منع قوات الجيش اليمني السفن من الوصول إلى “إسرائيل” عبر البحر الأحمر.
وأوضح أن “الأضرار التي لحقت بقطاع السيارات في الميناء تمثلت في انخفاض بنحو 50٪، ففي النصف الأول من عام 2024، تم تفريغ حوالي 39000 مركبة في الميناء، مقارنة بحوالي 79000 مركبة في الفترة نفسها من العام الماضي”.
وقال التقرير إن “قطاع السيارات تأثر بشكل خاص بالتحويلات في طرق الشحن، ويرجع ذلك أساساً إلى الحرب، وتعطيل ووقف مرور بعض السفن عبر قناة السويس”، في إشارة إلى الحظر الذي فرضته قوات صنعاء على السفن المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر.
وأضاف أن “بعض السفن لم تصل إلى إسرائيل على الإطلاق، وبعضها تحول إلى التحميل والتفريغ في موانئ الخليج والجنوب، وقد أدى إغلاق ميناء إيلات بسبب التهديد الحوثي إلى تحويل النشاط إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، لكن هذا لم يساعد بالضرورة ميناء أسدود، فعلى سبيل المثال، أصدرت وزارة النقل الإيطالية تعليمات للسفن التي تصل إلى إسرائيل بعدم تفريغ حمولتها جنوب تل أبيب، بسبب الخوف من الحرب، وتوقفت هذه السفن عن زيارة ميناء أشدود لعدة أشهر”.
وبحسب التقرير فقد “أظهر قطاع البضائع السائبة انخفاضاً بحوالي 1%، وانخفض حجم البضائع العامة بنسبة 20٪ في الأشهر الستة الأولى، ويعزى الانخفاض أساساً إلى واردات المعادن والأخشاب، التي تشكل عنصراً رئيسياً في قطاع البضائع العامة”.
أما شركة “ميرسك” الناقلة إلى موانئ العدو الإسرائيلي، فقد أعلنت عن فرضها زيادة جديدة في رسوم الشحن.
وقالت الشركة في تقرير إن الزيادات المستمرة للرسوم تأتي بسبب الوضع الراهن في البحر الأحمر، في إشارة إلى الحصار اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية.
ومؤخراً، شهدت شركة ميرسك للشحن العالمي، تراجعاً كبيراً في الأرباح، نتيجة هجمات قوات صنعاء المساندة لغزة.
ووفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية “فرانس بس”، فقد أعلنت “ميرسك” الأربعاء الماضي عن انخفاض صافي أرباحها بنسبة 45 % في الربع الثاني، وذلك بسبب “اضطرابات سلسلة التوريد بسبب أزمة البحر الأحمر”.
وبلغت الأرباح خلال الربع الثاني من هذا العام 833 مليون دولار، وهو انخفاض كبير بالمقارنة مع 1.487 مليار دولار تم تسجيلها خلال نفس الفترة من العام الماضي، “انخفضت الأرباح التشغيلية أيضاً بنسبة 26%”، بحسب الوكالة الفرنسية.
وقبل أيام، أكد موقع “Marine Link” المتخصص في النقل البحري، هبوط أسهم شركة ميرسك للشحن العالمي، بنسبة 2% نتيجة استمرار هجمات قوات صنعاء، والتي تستهدف السفن المرتبطة بمواني فلسطين المحتلة.