في الاتجاه المعاكس لمسار التطبيع: التحرك اليمني يقود معركة التحرر ورفض الهيمنة
أمام إصرار العدو الصهيوني الغاصب على ممارسة جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني منذ 323 يوما بشراكة أمريكية ودعم غربي، وما يرافق ذلك من تجدد لمعاناة الشعب الفلسطيني وتعاظم مظلوميته، يكشف تقرير حديث أصدره مكتب إحصاء الكيان الإسرائيلي عن ارتفاع التبادل التجاري بين “إسرائيل” و5 دول عربية خلال النصف الأول من العام الجاري، ووفقا للتقرير، فإن إجمالي حجم التبادل التجاري بين الكيان والإمارات ومصر والأردن والبحرين والمغرب بلغ 367 مليون دولار في شهر يونيو الماضي وحده.
وبحسب البيانات الرسمية للكيان، تصدر الإمارات تلك الدول في يونيو بنحو 272 مليون دولار وهو ما يمثل زيادة 5% في الفترة المقابلة قبل سنة.
وفيما بلغ حجم التجارة بين الكيان والبحرين لهذا العام 16.8 مليون دولار، بزيادة قياسية بلغت 740% مقارنة بالسنة الماضية، تحتل مصر المركز الثاني بـ 35 مليون دولار بزيادة 29% عن السنة الماضية، وبحسب رصد قام به موقع “عربي بوست” تحولت 5 موانئ مصرية إلى منافذ إمداد رئيسية لنشاط 19 سفينة، تنقل بضائع وبشكل دوري منتظم منها وإلى موانئ للاحتلال الإسرائيلي خلال فترة العدوان على غزة، ولأشهر عدة مضت، ويقول الموقع في التقرير إن نتائج التتبع أثبتت أن المسار البحري لهذه السفن اقتصر على التنقل ذهاباً وإياباً بين موانئ الكيان ومصر.
واحتلت الأردن المركز الثالث بين هذه الدول العربية بـ 35 مليون دولار ما يمثل تراجعًا بنسبة 14% مقارنة بيونيو 2023م. ويزداد حجم التبادل التجاري بين المغرب وإسرائيل 124% في يونيو الماضي إلى 8.5 ملايين دولار في هذا العام.
مواقف مخزية
وفي الاتجاه المعاكس لهذه المواقف المخزية، أشاد قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في كلمته إلى الجماهير اليمنية الخميس، حول آخر تطورات العدوان الاسرائيلي على غزة والمستجدات الإقليمية، بقرار الرئيس الكولومبي منع تصدير الفحم من بلاده للعدو الإسرائيلي لتجنب المساهمة في مأساة الشعب الفلسطيني، بينهما أنظمة عربية تصدر الفواكه والمواد الغذائية للعدو. كما أشاد السيد القائد بالعملية الاستشهادية في “تل أبيب” يافا المحتلة، مؤكدا أن عودة هذه العمليات هي خطوة موفقة ولها أهميتها الكبيرة.
وعلى صعيد ذاته، أوضح أن الغارات المعادية على شعبنا بلغت هذا الأسبوع 5 غارات على محافظة الحديدة، وهي غارات ينفذها النظام الأمريكي في ردة فعل مساندة للكيان الصهيوني نتيجة قرار البحرية اليمنية بمنع مرور السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى “إسرائيل” من البحر الأحمر، ناهيك عن أن الولايات المتحدة الأمريكية شريك لما يجري في غزة وستكون شريكا في العدوان على أي بلد عربي وإسلامي.
لافتا، بذلك، انتباه العالمين العربي والإسلامي والإنسانية جمعاء إلى أن “نتنياهو” لم يحظ بالحفاوة والتصفيق في الكونجرس على جرائمه بل عاد بالمزيد من الدعم العسكري والسياسي ليزيد من جرائمه، بيَّن أن في بعض الأنظمة العربية هناك من يعاقب بالسجن والتغريم والتعذيب والنفي بسبب تعاطف مع الشعب الفلسطيني ومجاهديه.
مبيّنا: ليس من اللائق أن تخلو الساحة الإسلامية والعربية من الخروج الشعبي المتضامن مع الشعب الفلسطيني بينما يستمر التفاعل في بلدان غير إسلامية، مضيفا إن الدافع للخروج الشعبي في البلدان البعيدة هو دافع إنساني، بينما شعوبنا يربطها مع الشعب الفلسطيني انتماء إسلامي وقيم مشتركة وأمن قومي.
وأكد: يفترض أن تكون شعوبنا أكثر اهتماما وتفاعلا وأكثر وعيا وإحساسا بالمسؤولية الإنسانية والدينية والأخلاقية.. مبينا أن التفاعل الكبير في بلدنا يتجلى بحجم الخروج الأسبوعي المليوني وكثافة الأنشطة التي هي بمئات الآلاف.
وقال قائد الثورة، إن تحرك الشعب المغربي مستمر وعلى نقيض الموقف الرسمي الذي هو عميل وخائن ومتواطئ مع العدو الإسرائيلي، مشيرا إلى أن النظام المغربي رفع من مستوى تعاونه الاقتصادي مع العدو الإسرائيلي، وهذا شيء مؤسف جدا.
مشيرا إلى أن حجم المسؤولية والواجب الديني والأخلاقي على المسلمين يكبر بحجم المظلومية الطويلة للشعب الفلسطيني والتخاذل، مشيرا إلى أن المسؤولية على علماء الدين والمتنورين كبيرة لتبصير الأمة وتوعيتها بخطورة التخاذل عن نصرة الشعب الفلسطيني.
جبهات الاسناد
وفي السياق، يترقب الكيان الصهيوني بخوف شديد عملية الرد الآتية حتماً من حزب الله للانتقام للقائد الجهادي السيد فؤاد شكر، والرد الإيراني على جريمة الاغتيال للقائد الإسلامي الكبير المجاهد الشهيد إسماعيل هنية، والرد اليمني على قصف ميناء الحديدة.
ويتجلى رعب ذلك الكيان الغاصب في تعليق أكثر شركات الطيران رحلاتها الجوية من وإلى الأراضي المحتلة، وما يطرأ على الوضع الاقتصادي للعدو من تأثر كبير بفعل الحصار الذي تفرضه عليه البحرية اليمنية بمنع مرور السفن المتجهة إلى موانئ الكيان في الأراضي المحتلة، ويأتي خوف العدو الصهيوني إدراكا منه بحتمية أن الرد سيكون موجعا ومؤثرا، وأن ما يؤجله هو التخطيط الاحترافي في اختيار الأهداف والدقيق في الاصابة.
معادلة رعب ثمن فيها قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، استمرار جبهة حزب الله الساخنة باعتراف العدو الإسرائيلي بخسائره البشرية والتأثير الكبير لها، وأشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية نفذت الأسبوع الماضي 21 عملية بصواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيرة وزوارق بحرية، مبينا أن عدد السفن المستهدفة لارتباطها بالعدو الإسرائيلي ولانتهاكها لقرار الحظر بلغ 182 سفينة.
رصيد المواقف
ومن سجل المواقف المشرفة، يسرد السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أن في بلدنا بلغت المسيرات والمظاهرات والفعاليات منذ بداية العدوان على غزة وإلى اليوم 652175، مشيرا إلى أن مخرجات التعبئة في التدريب بلغت أكثر من 432000 ونأمل إن شاء الله أن يكون هناك إقبال أكثر.
وأشار إلى أن العروض العسكرية والمسير العسكري والمناورات بلغت 2292، مؤكدا أن الخروج الأسبوعي مستمر في العاصمة والمحافظات، وفي الأرياف أيضاً وفي مختلف الأحوال بمثل ما كانت في شدة الصيف.
ولفت إلى أن المسيرات والمظاهرات تخرج حتى مع هطول الأمطار، والمشاهد في صنعاء وذمار تعبر عن الثبات والعزم على المواصلة.
وأكد أن التحرك والاستجابة لله سبحانه وتعالى، لما فيه حياة الأمة وكرامتها وقوتها يترتب عليه الخير الكبير في الدنيا والآخرة، مؤكدا أن الشعب اليمني هو في موقف الشرف وبياض الوجه، وعندما تأتي الأجيال اللاحقة لا يكون قد تلطخ بعار التخاذل كحال كثير من الشعوب.
مع القائد
وهي المواقف الذي تلتحم فيها إرادة اليمنيين مع توجهات قائدهم، في مثل هذا اليوم من كل اسبوع، بما تشهده العاصمة صنعاء وباقي ساحات العزة والكرامة في المحافظات، رغم غزارة الأمطار، في مسيرات يمانية حاشدة نصرةً لفلسطين تحت شعار “مع غزة والأقصى.. جهاد وثبات حتى النصر“، واستمرار القرار اليمني في نصرة غزة على الساحة العسكرية.
ومن رسائل المشاركين في ميدان السبعين تحت الأمطار الغزيرة، إلى أهلنا وإخواننا المجاهدين في غزة يقول: محمد عشيش: إننا بثقافتنا القرآنية قد استبشرنا بنزول الغيث، هذه الأمطار لا تزيدينا إلا ثباتاً واستبشاراً بأننا في طريق نصرة غزة مؤكدين لإخواننا في غزة “ لستم وحدکم“، نحن معكم.
ويأتي هذا امتداد لمشاركة عسكرية فعلية تمثلت في تصعيد نوعي فريد يتجلى تحديدا فيما تم استهدافه في قلب الكيان الجغرافي والاستراتيجي فيما يسمى ب”تل أبيب“ التي تشكل القاعدة الاجتماعية والسياسية والإدارية والمالية للكيان واستهدافها يعني تجاوز كل خطوط الدفاع الإقليمية. وصول المسيرة اليمنية إلى يافا هو تطور نوعي لاسيما وأن اليمن يعيش ظروفا اقتصادية صعبة في ظل عدوان وحصار.
التصعيد الذي عبر عنه القلم العربي الحر (عبدالباري عطوان) بقوله على صفحته في منصة x: هذا يوم تاريخي بكل معنى الكلمة يعكس انتصارا عربيا غير مسبوق للجيش العربي اليمني يزلزل الكيان ويصنع التاريخ ويفرح الأبطال وحاضنتهم في غز ة لأول مرة منذ76عاما توصل طائرة متقدمة عربية وتضرب تل ابيب (يافا).. مئات الملايين في الوطن العربي والاسلامي يحتفلوا بهذا الانتصار العظيم.
تساؤلات مُلحة
بقراءة متأملة لما أوحت إليه كلمة قائد الثورة في خضم الأزمات المتصاعدة والمعاناة المستمرة للشعب الفلسطيني، يبقى الصراع من أجل العدالة الإنسانية والتحرر الوطني معركة دائمة تتجاوز حدود الجغرافيا والهوية. ومع ارتفاع صرخات الظلم التي يواجهها الفلسطينيون، تتضح الإشارة جلية إلى ما تتكشف من فضائح جديدة حول التعاون الاقتصادي بين بعض الأنظمة العربية المطبعة والكيان الصهيوني الغاصب.
ويثير الموقف تساؤلات مُلحة حول الأولويات الاستراتيجية لهذه الدول ومدى التزامها بمواقف شعوبها. تتزايد الأسرار والخفايا التي تخفيها أنظمة التطبيع، بينما يبقى الشارع العربي في حالة من الغضب المتصاعد. هل نحن أمام خيانة لا تبرير اقتصادي لها؟ أم هي دعوة ملحة لإعادة تقييم الأولويات والقيم التي ينبغي أن تجمع الأمتين العربية والإسلامية؟ وخصوصاً في ظل تصاعد مآسي الإبادة ضد الفلسطينيين، يتضح للجميع أن القضية الفلسطينية ليست مجرد مسألة محلية، بل هي شعلة الأمل التي يجب أن نتوحد حولها في مواجهة تحديات الهجمة الصهيونية. فما الذي ينتظرنا في ظل هذه المتغيرات الجذرية؟
تعزيز الوعي
في هذا السياق، يشير قائد الثورة إلى دور المواطن العربي المسلم، من المحيط إلى الخليج، كقوة مكثفة ومهمة للعمل على تعزيز الوعي العربي والإسلامي بأهمية العمل المشترك. خاصة بين الشباب، إذ ينبغي أن يصبحوا عوامل تغيير فعالة، تدشن حملات تضامن أكبر مع القضية الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، يرتفع الصوت الإنساني الذي يدعو العلماء والمثقفين وقيادات الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لتحمل مسؤولية التصدي لهذا الخمول.
لافتا إلى أن المسيرات المليونية، سواء في اليمن أو في دول المحور، تجعل من الضروري التعبير عن نوع من الوحدة التي يفتقر لها العالم العربي والإسلامي، وتؤكد أن التكاتف والتضامن الذي يظهره الشعب العربي المسلم في المغرب وباقي أرجاء العالم يُبرز الحاجة الماسة لتوحيد الأمتين العربية والإسلامية في مواجهة التحديات الصعبة التي يفرضها الكيان الصهيوني المتعنت وبدعمه غير المحدود من القوى الغربية. لنُتح الفرصة أمام الشباب العربي ليبدأوا في إشعال حركات التحرر من الفقر والذل الذي تفرضه عليهم الأنظمة الخانعة. لقد حان الوقت لتحويل معاناتهم إلى دافع للقوة والتضامن العربي الإسلامي ضد الأعداء المشتركين.
رؤى جديدة
ونوه بأن التحولات الجارية في السياسة الأمريكية وتغير المواقف الدولية تجاه فلسطين تعد في مثابة نافذة جديدة لشعوب الأمتين العربية والإسلامية للنظر في سبل جديدة للتعامل مع الأزمات. كما أن الانتصارات التي يحققها الجيش اليمني، تمنح العالم الاسلامي رؤى جديدة للاستفادة من النضال الفلسطيني ضمن سياق أعرض من التحالفات العربية الإسلامية. وإذا لم يكن بهذه الطموح، فإنها تُشكل على الأقل بداية جديدة للتعاون الأممي ضد الانتهاكات الإسرائيلية، ودعوة ملحة إلى الوحدة العربية والإسلامية استراتيجية يتحمل الجميع مسؤوليتها لمواجهة الأخطار المحيطة بالأمتين.
وتستمر كلمة قائد الثورة في الإشارة إلى حقيقة قدرة الشباب العربي على إحداث التأثير من خلال وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الوعي والمعلومات حول القضايا الراهنة، حيث يمكن استخدام هذه المنصات لتعزيز الحركات الجماهيرية وزيادة التفاعل مع المجتمعات المؤيدة للعدالة. تتصاعد أصوات الأجيال الشابة التي تسعى لتحدي الفساد والظلم، مما ينذر بقوة جديدة تنبثق من التحركات الثقافية والاجتماعية.
بغض النظر عن التحديات التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية، ستظل قضية فلسطين هي القلب النابض للشعوب العربية والإسلامية. يتجلى التزام الشعوب في رغبتها القوية لاستمرار في الجهاد والثبات، مما يكسب الأمل قوة وتأثيراً أكبر في سياق الانتصار لقضايا المسلمين المشتركة.